أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حكيمة لعلا - يوميات الحجر (15) وجها لوجه- الجزء 1















المزيد.....

يوميات الحجر (15) وجها لوجه- الجزء 1


حكيمة لعلا
دكتورة باحثة في علم الاجتماع جامعة الحسن الثاني الدار البضاء المغرب

(Hakima Laala)


الحوار المتمدن-العدد: 6550 - 2020 / 4 / 30 - 02:25
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن الإعلان عن تمديد زمن الحجر الصحي الإجباري، والحديث المتزايد عن أولئك الذين لا يحترمون الحجر الصحي، بطريقة رسمية أو غير رسمية، أنتج الكثير من العنف والكراهية اتجاههم . أصبح هؤلاء هدفا لجملة من المدونين على الصفحات الاجتماعية، فهم يوصفون كفئة متهاونة، غير مسؤولة ومعرقلة لعمل الدولة والسلطات. هناك من وصفهم بالخطر أو قنبلة موقوتة ويجب محاربتهم وهناك من طلب إبادتهم .إن هاته الفئات الموصومة بولادتها في أحياء مشتبه فيها بسكنها الغير اللائق ولباسها وخطابها البعيدين عن المركز، زاد وصمها وقدحها، أصبحت كبش فداء ممكن للحفاظ على الأمن الاجتماعي. بعيدا عن الصفحات الاجتماعية التي لا تلتجئ لها الفئات الفقيرة، تعبر هاته الأخيرة بطريقة مباشرة في أجوبتها عن أسئلة الصحافة، أو عبر الهواتف لتعلن صعوبة الاختيار بين الفيروس والفقر، بين الموت بالفيروس أو الموت من الجوع، إنهم واعون بالخطر، ولكن الخيار يبقي مستعص عليهم. إن هاته الفئات تظل سجينة الصراع اليومي للبقاء ، سجينة إحساسها الدائم غير الآمن.
إن السؤال المحوري إذا ما أردنا نقاش يسمى حاليا : (ظاهرة العصيان للفئات المهمشة)، علينا مناقشتها انطلاقا من الفعل الفردي الإرادي المتحكم فيه ومن الفعل الاضطراري والغير المتحكم فيه لأنه محدد مسبقا بالثقافي والاقتصادي ، انطلاقا من الحالات سوسيواجتماعية للفئات الهشة ومن الفقر المتجذر في البنية المغربية، ومن هنا نطرح السؤال حول الحيز المخول لهم لأخذ قرار الامتثال للحجر الصحي الإجباري أو رفضه. هل لهم فعلا حق الفعل أو غير الفعل في قراراتهم، في ذواتهم وفي واقعهم اليومي؟ ماهي حرية الاختيار عند ناس الهامش؟ هل هناك أسباب موضوعية للوضع الذي هي عليه هاته الفئات المهمشة ؟ أم نحن في إطار خلق كيتوهات guettos بالمغرب ؟
كما نعرف قرر المغرب يوم الخامس عشر من شهر أبريل تمديد فترة الحجر الصحي الإجباري الذي كان من المقرر أن ينتهي يوم العشرين من نفس الشهر ورغم يقين الكثير من المغاربة أن هذا التمديد سيتم، وأن المغرب سينهج سياسية احترازية أكثر شدة، إلا أن الخبر خلق تعبا نفسيا وقلقا زائدا عند جلهم. إن التمديد في مدة الحجر الصحي رغم النتائج الايجابية في مواجهة الجائحة يعني توغلها كذلك في شرائح المجتمع . كما أن النتائج التي تبين الارتفاع المتزايد للمصابين في عدد المعافين و الانخفاض القوي في عدد الوفيات لم تخلق طمأنينة للمغاربة، بل القرار أربك جلهم . أعزي هذا القرار من طرف المغاربة إلى اكتشاف بؤر عائلية وكذلك بؤر في أماكن عمل أو شركات للصناعة.
أعلن المغرب عن طريق مديرية الأوبئة ومكافحة الأمراض بوزارة الصحة المغربية في اليوم السابق على تمديد فترة الحجر الصحي الإجباري لمدة أربع أسابيع أخرى. في هاته الفترة لم يكن عدد المصابين يتجاوز 2024 مصاب منذ انتشار الجائحة، كما أن الاتجاه الإحصائي للمصابين بدأ يعلن نتائج ايجابية تدعو للتفاؤل والارتياح وخلق الأمل في نهاية الجائحة، إلا أن الجديد في الأمر والذي خلق جزعا وردود أفعال قوية على صفحات التواصل الاجتماعي هو تكاثر البؤر الجماعية، إذ أن عدد الحالات المكتشفة في الساعات الأخيرة والتي هي 136، من بينها عدد كبير ظهر في الوحدات التجارية والصناعية وكذلك في الوسط العائلي ويرتفع عددها إلى 114 حالة. أعلنت المديرية للأوبئة انه لحد ذلك التاريخ كان عدد الوفيات 127 حالة مقابل 229 حالة شفاء وأن النتائج تعلن أن منحى الحالي للمعالجة يسير إلى الاستشفاء أكثر منه إلى الوفاة ، مؤكدة أن الإستراتيجية المتبعة في هذا الإطار هو الانضباط والسرعة، فبمجرد ظهور حالة إصابة مؤكدة يتم تتبع المخالطين والحجر عليهم والقيام كذلك بالفحص عند ظهور علامات المرض وأنه في إطار هذا التتبع تم اكتشاف 979 حالة جديدة. صرحت المديرية أيضا أن المغرب أصبح يتوفر على 11 مختبرا بعدما كان يشتغل بثلاثة فقط.
بحلول شهر رمضان أصدرت وزارة الداخلية بلاغا تعلن فيه أنه ابتداء من أول رمضان سيمنع التجول بالسيارات أو المشي ابتداء من الساعة السابعة مساء إلى حدود الساعة الخامسة صباحا .كما أعلن البلاغ أن الترخيصات التي سلمتها السلطات أو سلمها المشغلون، هي غير صالحة وملغية في هذه المدة الزمنية، فقط يمكن للأشخاص الذين يمارسون مهن في القطاعات الحيوية يمكنهم التنقل خلال هاته المدة. أكد البلاغ أن كل المخالفين لهدا القرار سيقدمون للمحاكمة في إطار المتابعة القانونية الجاري بها العمل في إطار مرسوم القانون الخاص بحالة الطوارئ الخاصة بالحجر الصحي الإجباري والخاص بمقتضيات الفصل الرابع. أولت هاته التصريحات من طرف بعض الفئات بأنها إيجابية معتمدة في ذلك على انخفاض عدد الموتى ، فحين عبرت فئات أخرى عن هلعها وتدمرها بسبب الاتجاه الجديد للانتشار، والذي سرع تزايد انتشار الجائحة، في حين ظهرت فئة أخرى تعبر من خلال تعليقاتها عن عدوانية بالغة اتجاه من اعتبرتهم السبب المباشر في تفاقم الوضع وطالبت هذة الفئة باتخاد أقسى العقوبات في حقهم. من التعليقات التي عبرت عن هاته الكراهية خطاب موجه لملك البلاد من خلال تدوينة تقول: ( أرجو من جلالة الملك منح الضوء الأخضر لكافة الأجهزة الأمنية من أجل دحر كل مخالف للقانون و نأمل باستدعاء الجيش و المدفعية الثقيلة لقصف الأحياء الشعبية التي لا تلتزم بالحجر إذا دعت الضرورة ذلك، كما على الدولة فرض حظر عام لمدة أسبوع على مدار الساعة 24/24 تستأنف فيها الحركة ليومين على الوضع الحالي و يستأنف الحظر مرة أخرى و هكذا لمدة شهر و هكذا سنحد من الفيروس،تحياتي لكافة الأجهزة الأمنية والعسكرية و المدنية الساهرة على أمن الوطن و المواطنين حفظكم الله ورعاكم جميعا).
بهذا التصريح تجاوز المدون سقف العنف والعدوانية، إلا أنه ليس الوحيد، هناك تدوينات و و تعليقات أخرى حول القرار المتعلق بالحجر في رمضان تعبر عن الحنق والحقد والكراهية المتراكم والذي يظهر للوجود في هاته الفترة من الحجر ليعري جانبا من النظرة السائدة حول فئات الحواشي والهوامش. نذكر على سبيل المثال لا الحصر جملة من المطالب أو التوجيهات للتحكم أكثر في (المخالفين)، (استعملوا الدرون –طائرة بدون طيار- لمراقبة الأحياء التي لاتحترم الحجر حتى تتأكدوا من حسن الاستمرار وبدون مخاطرة)، هناك أيضا خطابات تمجد السلطة وتقصف بالشتم الغير المنضبطين: ( إن المسؤولين يقومون بعمل جيد ولكنهم يواجهون بوزبال)، هناك أيضا نوع من الوشاية في حق هؤلاء:(احضروا من فضلكم لحي الألفة، أرى مجموعات في الخارج والساعة تسير للساعة التاسعة ليلا.) ،(إن السلطات تعمل كل ما تستطيع ولكنها تواجه حيوانات مفترسة .هؤلاء ليس عندهم احترام أو تقدير لمجهوداتها، ليس لهم أدنى حس بالمسؤولية، لو كانوا كذلك لما أهدروا وقت رجال السلطة في عملية الفر والكر. إن الأمر مؤسف ساعدوهم بالبقاء في بيوتكم.)، (من فضلكم كونوا رحماء برجال السلطة الذين يغامرون بحياتهم من أجلنا)، و من بين هؤلاء من طالب بالتشديد أكثر في المراقبة: (لازالت المراقبة ضعيفة)، هناك أيضا من يقوم بوصم هؤلاء واتهامهم بالانحراف والممارسات اللاأخلاقية: (أين يذهبون هؤلاء؟ إن الجوامع مغلقة، إنهم يذهبون لشم وتدخين "الشيشا". أطلب من السلطات أن تراقب الخمارات المغلقة فما هي حاليا إلا مكان للقاءات السرية لتدخين الشيشا)، في إحدى الصفحات علق أحد المدونين على صورة لأشخاص مجتمعين في الفضاء العمومي بأنه يجب مساعدتهم قائلا: (أعطوهم ما يأكلون واطلبوا منهم من بعد ذلك العودة لبيوتهم)، إن كان محتوى هذه التدوينة هو الجواب نفسه الذي يكرره الباعة المتجولون: (أصحاب الفراشات)، كلما طلبت منهم السلطات المكوث في البيت جاءت التعليقات على صاحب التعليق حاملة في طياتها الكثير من القدح والمغالطات، أكدت كل هاته الردود أن هؤلاء نالوا كل المساعدات وأنهم فقط حيوانات لا تفهم، ثم انهال السب والقذف والشتم واتهام هؤلاء بالقنابل الموقوتة التي ستؤدي بالمغرب إلى الخراب. إن هذا العنف بدا يأخذ نوعا من الشرعية الاجتماعية كوسيلة لتدبير تواجد فئات خارج الحجر الصحي الاضطراري، ومن هنا وجب مناقشة الحيز المخول لهم لاختيار نمط حياتهم وسلوكياتهم كفئة هشة اقتصاديا واجتماعيا. ما هي الشروط السوسيو اقتصادية واجتماعية التي تخول للفرد للتغلب على الفعل الاضطراري والانتقال للفعل الإرادي في تدبير وضعه؟
إنه عكس هاته الصور النمطية التي تنم عن جهل بنيوي عند فئة من المغاربة للمجتمع المغربي، وعكس الشائع و المشاع في إدراكنا للمجتمع المغربي وبالأساس لواقع الإنسان المغربي الذي يعيش في حالة فقر أو حالة هشاشة، يظل في عمقه من إنتاج ضمير جمعي مشبع بتمثلات الفئة التي لا تعي واقع المجتمع المغربي الاقتصادي والاجتماعي على حقيقته. إن هاته الفئة تحدد نظرتها من رغبتها في الانسحاب من المسؤولية المشتركة في تدبير الواقع الآني للجائحة ، إن رغبتها في إقصاء المخالف لوضعها وتحميله المسؤولية هي مقاربة مكتسبة من خطاب مغلوط حول واقع الإنسان الفقير ماديا ومعنويا، هي تراه يعيش وضعا اقتصاديا كفيلا بأن يوفر له الحاجيات اليومية، وأن تصرفه أثناء الحجر الصحي ناتج عن فوضويته وليس عن حاجته، ومن هنا تنتج خطابا عدوانيا اتجاهه وتراه خطرا على حياتها.



#حكيمة_لعلا (هاشتاغ)       Hakima__Laala#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات الحجر (14) وجها لوجه - الجزء 4
- يوميات الحجر (14) وجها لوجه - الجزء 3
- يوميات الحجر (14 ) وجها لوجه- الجزء 1
- يوميات الحجر (14) وجها لوجه - الجزء 2
- يوميات الحجر (13) وجها لوجه
- يوميات الحجر (12) وجها لوجه- الجزء 3
- يوميات الحجر (12) وجها لوجه- الجزء 2
- يوميات الحجر (12) وجها لوجه- الجزء 1
- يوميات الحجر الصحي (11) وجها لوجه
- يوميات الحجر (10) وجها لوجه
- يوميات الحجر (9) وجها لوجه
- يوميات الحجر (8) وجها لوجه
- يوميات الحجر (7) وجها لوجه
- يوميات الحجر (5- 6) وجها لوجه
- يوميات الحجر (4) وجها لوجه
- يوميات الحجر (3) وجها لوجه
- يوميات الحجر (2) وجها لوجه
- يوميات الحجر (1) وجها لوجه
- -أنا- و -أنا-  في محك القرار


المزيد.....




- حادثة طعن دامية في حي سكني بأمريكا تسفر عن 4 قتلى و7 جرحى
- صواريخ -حزب الله- تضرب صباحا مستوطنتين إسرائيليتن وتسهتدف مس ...
- عباس يمنح الثقة للتشكيلة الجديدة للحكومة
- من شولا كوهين إلى إم كامل، كيف تجمع إسرائيل معلوماتها من لبن ...
- فيديو:البحرية الكولومبية تصادر 3 أطنان من الكوكايين في البحر ...
- شجار جماعي عنيف في مطار باريس إثر ترحيل ناشط كردي إلى تركيا ...
- شاهد: محققون على متن سفينة دالي التي أسقطت جسر بالتيمور
- لافروف: لن يكون من الضروري الاعتراف بشرعية زيلينسكي كرئيس بع ...
- القاهرة.. مائدة إفطار تضم آلاف المصريين
- زيلينسكي: قواتنا ليست جاهزة للدفاع عن نفسها ضد أي هجوم روسي ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حكيمة لعلا - يوميات الحجر (15) وجها لوجه- الجزء 1