أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الحسين بوخرطة - المقومات الجديدة للمشروع التحديثي المغربي














المزيد.....

المقومات الجديدة للمشروع التحديثي المغربي


الحسين بوخرطة

الحوار المتمدن-العدد: 6550 - 2020 / 4 / 29 - 05:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن ما أثاره رئيس الحكومة السابق السيد عبد الإله ابن كيران من ملاحظات ومواقف في شأن المصادقة على القانون الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين، والتي تم تجميعها في كتيب من طرف الأستاذ بلال التليدي تحت عنوان "موقف عبد الإله ابن كيران من فرنسة التعليم" لا يمكن تصنيفه إلا في إطار التفاعل السياسي في التعاطي مع إشكالية الحداثة والتقليد في بلادنا. لقد اعتبر ابن كيران تصويت الأمانة العامة لحزبه وبرلمانييه بالموافقة على هذا المشروع والامتناع على المادتين 2 و31 منه، بمثابة خطإ جسيم يمس في العمق الأسس التي اعتمدها حزبه في نشأته وتشكيله، مركزا في مناقشته موضوع "فرنسة التعليم" على خمس مواقف وحجج اعتبرها حقائق ثابتة، دفعته إلى إعلان كون تمرير هذا القانون لم يحترم مؤسسات الدولة، موجها عبارتين ثقيلتين لأعضاء حزبه، مقرا من خلال الأولى أن السياسية كانت دائما مقرونة بالضغوطات، والثانية أنه حين يتعلق الأمر بالأمور الكبيرة، كالشرف والمبادئ والرجولة، فهذه الحالات لا يقبل فيها التنازل ولو كان الثمن القتل".
مهما كان لهذا التصعيد من أسباب ودوافع، يبقى الاعتراف أن الأهم بالنسبة للشعب المغربي هو خلق الظروف المواتية للتقدم في بناء مشروع الدولة الوطنية التي تجعل من المصلحة أو المنفعة العامة الشعار المؤطر لكينونتها وأنشطتها. فالدولة، كما يقول المفكر الهرم عبد الله العروي، هي المسؤولة على عقلنة المجتمع، مبرزا في هذا الصدد أن التأمل في الوضعية الخاصة بالمغرب أبانت أن الدولة في سياساتها العامة، خصوصا في العقود الأخيرة، كانت أكثر تقدما من المجتمع، ناهيك عن لعبها في التاريخ دورا تأسيسيا مكونا للنويات (جمع نواة) الاجتماعية الأساسية كالأسرة والمدرسة والإدارة.... فهي بذلك، يقول العروي، الأقدر على إحداث التغيير. إن بلادنا، يصيف نفس المفكر، تعيش بنظام تعليمي تابع للدولة، وعلى هذه الأخيرة أن تراعي موضوعيا مصلحة الأمة المغربية، لكونها القوة المؤثرة وصاحبة القرار في ذلك. وباستحضار هذا المعطى، لا يمكن اعتبار مرور القانون الإطار الخاص بالتربية والتكوين بالمجلس الوزاري إلا تعبيرا عن سلطة تقديرية لهذا المجلس، الذي يرأسه جلالة الملك، تم استعمالها بدافع الرفع من مستوى النفع والمصلحة للشعب المغربي. بنفس المنطق تم إلغاء الوصاية في الزواج بالنسبة للمرأة وتم تقنين الإقرار بالنبوة لإثبات النسب وأمور أخرى في قانون مدونة الأسرة بعدما كان غير مسموح بذلك لقرون خلت.
إن تتبع طبيعة تدخلات الدولة والتمعن في تجربتها أبرز حقيقة ابتعادها بشكل واضح عن استغلال التقليد سياسيا، وتسعى بلا شك، بصفتها الممثلة للسلطة الجماعية (الحامية لمصلحة المواطنين)، إلى تيسير ترسيخ قيم الحداثة الرافضة للولاء في المجال العام، وإلى غربلة التقاليد وتحويلها إلى رافد لإبراز الخصوصية الهوياتية المغربية (المجال الخاص). وهنا لا يمكن أن لا نذكر باعتراف عبد الله العروي في هذا الباب كون استثماره الشخصي في الآداب الفرنسي وسبر أغوار كتابات المفكرين والفلاسفة والعلماء باللغة الفرنسية كان بمثابة الرافعة القوية التي جعلته أكثر نباهة ونباغة في التعاطي مع الفكر العربي وثقافته ومشاريعه النهضوية التنويرية. لقد تخوف المناضلان المرحومان علال الفاسي وعبد الله كنون من سفره إلى السربون (الخوف من اللاعودة)، لكنه أقر لهم منذ البادية أنه سيعود لوطنه أكثر نفعا ومصلحة وعلما وفكرا.
إن التطورات التي عرفها المغرب تفرض اليوم بكل موضوعية القطع مع إرث معارضة النظام القائم الذي ورثناه من الثقافة الفرنسية، وتجميع القوى لتحويل المجالين السياسي والثقافي إلى فضاء عام للنقاش المفتوح لترسيخ ثقافة التجديد والابتكار والإبداع والمراهنة والتجريب في المجالات العامة التي تهم الحياة المادية للمواطنين. إن الحداثة ليست قيمة يجب أن نتشبث بها، بل هي تجربة في التاريخ توجت بنتائج مبهرة في عدد من المجتمعات يجب أن ننفتح عليها والاستفادة بقوة من مزاياها. علينا أن نستنبط الدروس من دول الصين واليابان والهند، كنماذج، الذين حافظوا على تقاليد مجالات مجتمعاتهم الخاصة (داخل البيت)، وانفتحوا على الحداثة بأبعادها المعرفية والمادية (خارج البيت)، وتوجوا اليوم من أكبر المستفيدين منها كونيا.
خلاصة
إذا كان تيار كارل شميث وهيدجر وليو شتراوس يرى أن المصالحة بين الدين والحداثة غربيا (خصوصا في زمن ما بعد الحداثة) مرتبطة "فقط بالتوجيه الديني نحو نقطة مرجعية متعالية يمكن إخراج الحداثة المعطوبة من طريقها المسدود"، فإن العروي يرى أن شفاء الإسلام من الأمراض التي يعاني منها لا يمكن أن يتحقق إلا بالعودة إلى الأصول النقية الأولى، أي الانطلاق من راموز النبي إبراهيم عليه السلام. لقد أشار هذا المفكر أن الإسلام هو مولد الثقافة الهللنستية، شأنه في ذلك شأن المسيحية واليهودية وحضارات منطقة البحر الأبيض المتوسط. فهذا الينبوع الروحي الصافي، أي الإسلام الإبراهيمي، اعتبره العروي الأساس الذي مكن الغرب من الإصلاح بنشأة مسيحية جديدة في الغرب الجرماني. وهو الأساس الذي كان وراء عدم اعتناق العرب المسيحية واليهودية إلى أن بعث فيهم نبي منهم وهو محمد (ص). كما يرى العروي أن هاجس وحدة البحر الأبيض المتوسط جد ممكنة نظرا لكون بلدان الضفتين يشتركون في السجلين الإبراهيمي والهللينستي.



#الحسين_بوخرطة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أي روابط للثقافة بالتنمية زمن ما بعد الكورونا
- الجابري، جعيط، العروي وأركون ومشروع تحديث التراث


المزيد.....




- بسبب متلازمة -نادرة-.. تبرئة رجل من تهمة -القيادة تحت تأثير ...
- تعويض لاعبات جمباز أمريكيات ضحايا اعتداء جنسي بقيمة 139 مليو ...
- 11 مرة خلال سنة واحدة.. فرنسا تعتذر عن كثرة استخدامها لـ-الف ...
- لازاريني يتوجه إلى روسيا للاجتماع مع ممثلي مجموعة -بريكس-
- -كجنون البقر-.. مخاوف من انتشار -زومبي الغزلان- إلى البشر
- هل تسبب اللقاحات أمراض المناعة الذاتية؟
- عقار رخيص وشائع الاستخدام قد يحمل سر مكافحة الشيخوخة
- أردوغان: نتنياهو هو هتلر العصر الحديث
- أنطونوف: واشنطن لم تعد تخفي هدفها الحقيقي من وراء فرض القيود ...
- عبد اللهيان: العقوبات ضدنا خطوة متسرعة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الحسين بوخرطة - المقومات الجديدة للمشروع التحديثي المغربي