أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - كريم محمد الجمال - أدب المقاومة و أزمة الواقع الثقافي العربي















المزيد.....

أدب المقاومة و أزمة الواقع الثقافي العربي


كريم محمد الجمال
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 6547 - 2020 / 4 / 26 - 00:46
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


الحكم على أي مجتمع من حيث التقدم والتخلف يتم من خلال عدة مقاييس ومعايير ، ويأتي في مقدمتها السلوك الاجتماعي والحضاري وأهم النقاط الكاشفة عن ذلك هو الواقع الثقافي .والمتابع الجيد لواقعنا الثقافي العربي سيجد حالة من التراجع علي عدة مستويات ، ولا بد من الربط بين التراجع الاجتماعي والانحدار الثقافي ووضع تلك القاعدة كأساس لفهم وتحليل الواقع الاجتماعي واستخلاص أسباب التراجع . وبنظرة متأنية متفحصة نجد أن المجتمعات التي تزدهر فيها النواحي الثقافيةهي مجتمعات تفتخر بتراثها وتعتز بهويتها وثقافتها ،وينعكس ذلك في سلوكيات الأفراد داخل المجتمع بل وأيضا في تعاملات الدولة مع الدول الأخرى .
ولكن يبقي السؤال لماذا تعتبر الثقافة والاهتمام بها علي هذا القدر من الأهمية كما تقدم ؟ الإجابة بوضوح أن الإنتاج الثقافي والفكري هو مساهمة تلك الأمة وهذا المجتمع في التراث والوجدان الإنساني العالمي ، ويكون هذا الإنتاج وهذا الإسهام من خيرة عقول هذه الأمة وهذا المجتمع ؛ وبناء على ذلك يتحدد مدي تأثير هذا الإنتاج الفكري علي الساحة الإنسانية ولا يشمل الجوانب الأدبية فقط بل الجوانب العلمية والفنية وكل ما يتصل بالإنتاج العقلي المعبر عن هذا المجتمع والذي يتصل بدائرة الإبداع الفكري الإنساني علي اعتبار بأن المعرفة الإنسانية وحدة واحدة متكاملة .وتتبوأ كل أمة من الأمم مكانتها ونفوذها علي المستوي العالمي من خلال ما أنجزته عقول أبنائها وتأثرت به الشعوب الأخري سلباً أو إيجاباً ، وهكذا تتحدد متسلسلة هرمية في الغالب يكون علي قمتها منتجو المعرفة و بالاسفل المستهلكين التابعين ليس ثقافيا وفكريا فقط وإنما في أغلب جوانب الحياة .ولكن يبقي الإنتاج الثقافي هو معيارنا في الحكم علي النواحي الأخري وبالأخص الاجتماعية منها لأن الثقافة تضع ضوابط المجتمع وقواعد الثواب والعقاب ومحددات الحرية وما يترتب على ذلك من علاقة الناس ببعض وبالدولة وبباقي الكيانات في المجتمع .

أهمية الثقافة أنها تعبر المجتمع فهي كالمرآة كاشفة له بعيوبه ، ينظر من خلالها المثقف نظرة مستقبلية لأحلام الناس مستشرفاً الأحداث ومتنبأ بها عن طريق تحليل التاريخ وربطه بالواقع .وهذه المهمة الوظيفية لايؤديها إلا المثقف لا يمكن للرجل العادي أو رجل السلطة أن يقوم بذلك لأنه لا يملك الادوات والملكات للاستنتاج .ولهذا لابد للمثقف أن يبتعد تماما عن السلطة ووظائفها وارتباطاتها وأيدلوجياتها وحساباتها .فالمثقف يجب أن يرتبط فقط بحساباته الشخصية وإبداعه فقط قيمة الحرية التي تولد الإبداع والفكر وتتحول إلى ثقافة عندما تصبح سلوكيات وممارسات عامة .و كما أسلفت يجب أن يكون المثقف علي يسار للسلطة فهو لسان حال جماهير الشعب، فالسلطة قيد ، والثقافة إبداع وحرية .والمثقف أو المبدع الذي يتماهي مع السلطة يصبح أحد أدواتها وأبواقها لا يمكن له أن يعبر عن إرادة الشعب ومصالحه التي تحتكرها السلطة بوصفها آداة قمعية تنظيمية تخدم مصالح فئة دون الأخري .ولهذا يعتبر التوازن بين مصالح السلطة والمجتمع هو مقياس بل بالأحري هو آداة للحكم الرشيد الذي يستطيع فيه أفراد المجتمع أن يكون لهم وجود وكيان فردي مستقل يكون في النهاية الإطار العام لهذا المجتمع وليسوا مجرد أفراد أو أعداد تابعين للسلطة مراكز تأثيرها .وهذا التوازن الاجتماعي لا يتحقق إلا بدرجة كبيرة من والوعي ولا يمكن اكتساب هذا الوعي إلا من خلال المثقف وعبر الثقافة .

في واقعنا العربي المرير سنجد النخب الثقافية مريضة بالتبعية للغرب أو السلطة أو المال وبالتالي درجة تعبيرها عن الواقع الاجتماعي الشعبي ضعيفة ومضمحلة ، ومن هنا يقل دور الثقافة والمثقفين في رسم آفاق المستقبل لأنهم بنوا فرضياتهم بشكل خاطيء ومنقوص والمقدمات تدل علي النتائج وبالتالي ستكون النتائج غير دقيقة وغير منطقية كما هو الحال الواضح للجميع .
وأول أمراضنا الثقافية التي يجب التخلص منها هي عدم نقل الواقع الاجتماعي بصورته الحقيقية وتشخيص المشاكل وأولها عدم استقلالنا الوطني. وفي اعتقادي أن قضية المقاومة هي القضية الأساسية والمحورية في الحالة الثقافية العربية حاليا ولسنوات ماضية وغيابها أو تغييبها عن عمد هو الذي يؤدي إلى فقدان الإنتاج الثقافي والفكري العربي للمصداقية والتأثير ويفتح الباب أمام التأثر بالأجنبي واتباعه فكريا وثقافيا وسياسيا واجتماعيا واقتصاديا.وهذه الحالة من الانفصال بين المثقف والمبدع العربي وبين الجماهير جعلت من المثقف يفقد مهمته الوظيفية في المجتمع لأن دوره نقل المفاهيم الثقافية إلي الأوساط الشعبية وبفقدان هذه الوظيفة الهامة وهذا الدور الحيوي بانعزال النخب الثقافية عن الواقع وعن الجماهير أو ارتضائها بأدوار تخدم السلطة والمال أو التبعية للأجنبي .فاضخت الثقافة العربية لا تقدم شيء وبالتالي فقدت أهميتها وأضحي المثقف والمبدع العربي بلا قيمة ولا دور في المجتمع باستثناء محاولات فردية غير مؤسسية.
فكما تقدم يتضح أن نقطة البدء في مشروع ثقافي عربي هو انتهاء التبعية الثقافية ليتحول المجتمع العربي إلي منتج ومبدع ويشارك في دائرة الفعل الإنساني يؤثر ويتأثر . وبداية هذا الدور بإحياء هويته الثقافية المتفردة تكون عبر أدب المقاومة فهي كانت ولازالت الهم الأساسي والحل الشامل لمشاكل وطننا العربي التابع والغير مستقل لمجموعات تصادر حريته وقراره وتستأثر بثروته وتمنع وحدته التاريخية والجغرافية .
إن المقاومة لكي تستمر لابد لها من بيئة حاضنة ، وتلك البيئة لابد لكي تتشكل وتنتظم من وعي وفعل ثقافي متجدد ومتجذر في الأصالة الثقافية العربية ومتفرد بها لكي يتم صياغتها في مفاهيم معاصرة ومستحدثة علي واقعنا العربي .هذه البيئة الحاضنة للمقاومة وهذا الوعي المنشود يحتاج مجهود كبير ومستمر وجرعات من التوعية بكافة وسائل التعبير عبر الإعلام والتعليم والمؤسسات الدينية والتعليمية والحكومية والمجتمع المدني وعبر وسائل التواصل الاجتماعي وكل مؤثر داخل دائرة التأثير الخاصة به .فالمجموعات ذات المصالح والداعية للجمود والركود بل والعمالة لصالح الأجنبي لن تسمح لهذه الفعاليات الثقافية المقاومة بالعمل والازدهار بل إنها ستحاربها وتقف في طريقها .
وكما أوضحت أن الثقافة المقاومة ستتخذ أشكالا مختلفة كما يقول الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ( أن الثورة ليست بندقية ثائر فحسب ، بل هي معول فلاح ومشرط طبيب وقلم كاتب وريشة فنان ).
وهذه هي قيمة الثقافة أن أثرها ممتد علي الفكر والفعل البشري . ويظهر الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش بقيمته ووعيه بتلك القضية وأهمية الأدب المقاوم والثقافة المقاومة في صياغة عقول ووجدان الأمة لكي يزرع فيها مفاهيم المقاومة وأهمها الوحدة الثقافية التي تعبر عن تلك المقاومة بقوله في قصيدة مديح الظل العالي :
يا سيد الكينونة المتحولة
يا سيد الجمرة
يا سيد الشعلة
ما أوسع الثورة
ما أضيق الرحلة
ما أكبر الفكرة
ما أصغر الدولة

وللحديث بقية مع نماذج من الأدب العربي المقاوم



#كريم_محمد_الجمال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الماركسية مذهباً خامساً في الإسلام ؟ (٣٣)
- الماركسية مذهباً خامساً في الإسلام ؟ (٢٣)
- الماركسية مذهباً خامساً في الإسلام ؟
- الحصار الفكري للوهابية
- الأمير الأحمر
- المنطقة العربية بين المدنية والثيوقراطية
- المرأة العربية
- الخلافة بين النص والاجتهاد


المزيد.....




- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - كريم محمد الجمال - أدب المقاومة و أزمة الواقع الثقافي العربي