أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود السلمان - ظاهرة الانتحار: تحليل ترانسندنتالي














المزيد.....

ظاهرة الانتحار: تحليل ترانسندنتالي


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 6546 - 2020 / 4 / 25 - 14:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لابد لكل فعل ثمة فاعل، لا يوجد فعل قط بدون فاعل؛ في اللغة العربية وتحت مظلة (الإعراب) يوجد هناك فاعل يطلق عليه "مستتر"- الشيء الذي يوجد خلف ستار ما، حتى لو كان شخص مثلاً، لا يرُى بالعين، إنْ لم يكن الجدار من زجاج- كذلك فأنّ الفاعل، اذا قام بفعلٍ ما سوف يظهر فعله، وينكشف للعين الباصرة: للشخص (= الملأ). المستتر، المتخفي ويبان من خلال عمله، الفعل الذي قام به، مباشر أم غير مباشر: فعل حسن، فعل سيء، خيرًا، شرًا. إذن، لدينا قضية ونقيضها، جريمة انتحار، إنسان يقتل نفسه عمدًا. الاسباب الموجبة: ضغوطات نفسية كبيرة، يعجز مرتكبها عن حلها، فيلجئ الى طريقة أخرى، هي الاقرب الى مخيلته، ويعتبرها صحيحة من وجهة نظره، نقيض هذه القضية: السلام، الهدوء، الامان. إذن هي قضية بثلاث مرادفات، من الباب الاول هي حسنة، خيرة، لا تنتمي الى فصيلة العنف. النتيجة ثمة سبب ومسبب. السبب، وقد نوهنا عليه، بقولنا الضغوطات النفسية، ادت بالتالي الى ارتكاب جريمة، ازهاق نفس، نفس محترمة بذاتها ولها قيمة انسانية عليا.
وبعد أن عرفنا الفاعل الثاني وليس الاول، لأنّ القضية متعلقة بفاعلين اثنين وليس بفاعل واحد، الاثنين اشتركا معًا، بقضية (جريمة) واحدة، وهي هنا معقدة، ومعقدة جدًا، الثاني الفاعل اصبح خارج اطار البحث، عنوان الموضوع، كونه ليس المسؤول المباشر، فالأسباب فوق مستواه، وأنْ لم يحسبها –الفاعل- جريمة، بل ينظر لها على اعتبار انها الخلاص، وخلاص نهائي من قسوة تلك الضغوطات، التي ما عاد يمتلك القوة الكافية لتكبح جماحها، فاختصرها بالطريقة التي اختارها هو نفسه: الانتحار.
وإذن نطوي قضية الفاعل الثاني، وأن كانت جريمة يحاسب عليها القانون ولا يستهان بها، وهي قطعاً، تناقض الاخلاق. لكنها جريمة خارجية، ونعني بـ "خارجية" الفاعل الثاني اجرم بحق نفسه، اذ لم يزهق روح انسان غيره. لا يوجد مطالب بأخذ حقه.
وطي هذه الصفحة صار واجبًا قانونيًا من هذه الناحية، لكنه ليس بقانوني من ناحية أخرى، قضية الفاعل الاول، وتترتب عليها واجبات اخلاقية ايضًا، بعد الواجبات القانونية، وهي الاهم.
الفاعل المستتر اصبح ظاهرًا، وإن كان امبيريا، فليس بحثنا في هذه القضية بحثا فيمومينا (ما وراء الظاهرة) لأن الظاهرة (=الجريمة) اتضحت للعيان، بعد التحقيق المستفيض مع الفاعل الثاني، وغلق صفحته. فنحوّل القضية الى الفاعل الاول وهو الذي يتحمل الاعباء القانونية والاخلاقية على حدٍ سواء. يقول سبينوز في كتابه "علم الاخلاق" (إن الذي يريد الانتقام من أهانه بأن يبادله الكره انما هو يعيش بكل تأكيد عيشا شقيا. اما الذي يسعى، على العكس من ذلك الى قهر الكراهية بالحب، فلا شك في أن كفاحه يتم في كنف البهجة والاطمئنان، وأنه يسهل عليه مقاومة شخص واحد أو اشخاص كثيرين على حد سواء، وأنه في حاجة اقل من غيره الى اقبال الدهر عليه".
فمن هذا الباب تقع اعباء القضية وملابساتها، بالكامل، على عاتق الفاعل الاول، والسؤال هنا: من هو الفاعل الاول؟.
وحتى لا نذهب بعيدًا، فالذي يتسبب بأذية الآخرين، بأذيتهم روحيًا، أو معنويًا، أو مادياً، أو اقتصادياً، هو من يتحمل مغبة ذلك، ويخضع لكل الاعباء التي وقعت على الآخرين جراء حكمه، أنْ كان حاكمًا، وأنْ كان سلطاناً أو اميرًا أو وزيرًا، فما يقع على رعيته من خير فالخير يعود له، وأن كان شراً، فالشر يعود عليه، وبأسبابه. وبعد هذا البرهان، فالنتيجة، يجب محاكمة الفاعل الاخير، ومعاقبته، بما تسبب، بقصد أم بغير قصد، بعجز، أم بسوء ادارة، يعاقب بحسب القانون الوضعي الساري المفعول.
والحل الموجب، وكي لا تتكرر مثل هذه الظواهر المنافية للأخلاق، وحتى نقطع دابرها، هو: إصلاح السلطان (=الحاكم). وللفلاسفة، والعلماء والمفكرين، ورجال الدين، والمصلحين، كل هؤلاء لهم دور بارز في إصلاح الحاكم. واذا عجز كل هؤلاء وبان ضعفهم، ولم يزد السلطان إلاّ تمادياً وغرورًا، فما على الرعية الا استبداله، وبالطريقة التي يرونها صحيحة.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كورونا الفتاوى تقتُل فيلسوف الاشراق
- تائهون بأحلامٍ منفية
- كوفيد - 19 : تحليل ترانسنتدالي
- السعداوي: الأنثى هي الأصل 1/ 2
- السعداوي: الأنثى هي الأصل 2/ 2
- صراع الدين والعلم 2 / 2
- صراع الدين والعلم 1/ 2
- أنهم يحرقون سرڤيتوس!
- مفهوم(البغاء) عند نوال السعداوي1/2
- مفهوم(البغاء) عند نوال السعداوي1/1
- بحث في الدين (2)
- مبحث في الدين (1)
- ماهي قيمة الانسان اذا لم يسمو بطابع وجوده؟
- ابن الفلاح الذي صار الاب الثاني للفلسفة المثالية الحديثة
- من هو الاسكافي الاعجوبة الذي اصبح من عظماء الانسانية
- مزقت شراعه رياح الشك حتى أرسى على شاطئ الايمان*
- مفهوم السعادة لدى الخيام *
- عمر الخيام متصوفاً(1)
- عمر الخيام متصوفاً(2)
- هل يصح الجمع بين الدين والعلم باسكال فعل ذلك!؟


المزيد.....




- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...
- الأحزاب الدينية تهدد بالانسحاب من ائتلاف نتنياهو بسبب قانون ...
- 45 ألف فلسطيني يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى ...
- استعدادا لذبحها أمام الأقصى.. ما هي قصة ظهور البقرة الحمراء ...
- -ارجعوا إلى المسيحية-! بعد تراكم الغرامات.. ترامب يدعو أنصار ...
- 45 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
- الأتراك يشدون الرحال إلى المسجد الأقصى في رمضان


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود السلمان - ظاهرة الانتحار: تحليل ترانسندنتالي