أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أنس جهاد - كورونا وإختبار السيادة الفلسطيني















المزيد.....

كورونا وإختبار السيادة الفلسطيني


أنس جهاد

الحوار المتمدن-العدد: 6545 - 2020 / 4 / 24 - 16:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أوسلو واستحالة السيادة الفلسطينية

تعرف السيادة كمفهوم سياسي بأنها حق الدولة في ممارسة سلطاتها، وهي بالمفهوم القانوني الحق الحصري للدولة في إنفاذ سياستها التشريعية دون تدخل من جهاتٍ اخرى، وعلى ضوء هذان المفهومان يمكن القول بأنّ السيادة هي واقع تنتهجه الدولة الوطنية في التعبير عن وجودها.
إذا ما كنّا بصدد الحديث عن السلطة الفلسطينية وتوصيفاتها القانونية والسياسية، يتوجّب علينا بدايةً تتبع نشأتها وواقعها المعاش بالعودة الى العام 1994 وعقب توقيع "إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي" (اوسلو 1993)، بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الصهيوني، أعلن الرئيس ياسر عرفات عن تأسيس السلطة الفلسطينية على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزّة، على أنّها الهيئة المؤقتة للحكم الذاتي الفلسطيني، إلى حين التوصل إلى صيغة الحل النهائي للصراع عبر المفاوضات المباشرة بين الطرفين، حيث أناط الاتفاق بالسلطة الفلسطينية المسؤولية الأمنية والمدنية عن أجزاء معيّنة من الضفة والقطاع حسب التصنيف الجيو-سياسي الذي قُسّمت بموجبه أراضي السلطة إلى ثلاثة تصنيفات رئيسيّة (أ، ب، ج)، تمارس السلطة صلاحياتها الأمنيّة في مناطق (أ)، ويتولّى الكيان المهام الأمنيّة في مناطق (ب) و(ج)، على ان تلحق المسؤولية الإداريّة المرتبطة بحياة سكان تلك المناطق بإستثناء المناطق (ج) بالسلطة. وأكد الاتفاق على سيطرة الكيان الأمنيّة على المعابر والحدود المشتركة بين الطرفين وبين فلسطين والدول المجاورة. وهكذا ارتسمت معالم السيادة الفلسطينية حتى يومنا الحالي.
وعليه فقد ولد جسم السلطة الفلسطينية معتلاً ومقيّداً بالأساس، ولم ينشأ هذا الوجود على منطق السيادة السياسيّة الكاملة كمقوم أساسي لوجود الدولة، وبمراجعة قانونيّة لصيغة الاتفاق والبروتوكولات ناظمة العلاقة بين الطرفين، لا نجد أنّ أيّاً من بنود الاتفاق قد أشارت إلى منح السلطة سيادة الدولة.
إواقعياً يشكّل الوصف السابق خلاصة ما أنتجته الاتفاقيات المبرمة بين الطرفين حول المسألة السيادية للسلطة، ومع عدم فاعلية ما خاضته الأخيرة دولياً خلال الأعوام الأخيرة الماضية؛ فهي تشكّل المرجع الأساسي لفهم التحديّات القائمة أمام الجهود الفلسطينية المبذولة لمواجهة الجائحة الصحية لفيروس ((nCov-19 المستجد ومنع تفشيه محلياً.
مع وصول العدوى الى دولة الكيان، شرعت الحكومة الفلسطينية بإتخاذ التدابير الوقائيّة لمنع تفشي الوباء في مناطق السلطة، وهنا وقبل الدخول في عمق اختلالات المسألة السيادية للسلطة؛ نشير ضرورةً إلى أنّ نفاذ تلكَ الإجراءات قد اقتصر فعلياً على الضفة الغربية الغربية دون القطاع، بسبب حالة الإستلاب السيادي التي اوجدها الإنقسام الفلسطيني/الفلسطيني، وعوضاً عن التخطيط الوطني لمواجهة الأزمة حلّت برقيات التضامن بين الأطراف المنقسمة، لِيطلّوا بنا على أكبر اعتلالات السيادة الفلسطينية المزعومة.
بالنظر الى واقع الضفة؛ تسيطر السلطة على المراكز السكنيّة الرئيسية (قلقيلية، طولكرم، جنين، نابلس، رام الله، أريحا، بيت لحم، الخليل، الخ..)، وعلى الرغم من انتشارها وتمركزها داخل هذه المدن؛ إلّا أنّ مساحات واسعة -تحيط وتفصل تلك المدن عن بعضها وعن القرى المجاورة لها- تخضع للسيطرة الإسرائيليّة، لكون الأغلبية العظمى منها تندرج تحت التصنيف (ج). وبفعل ذلك يتنامى العجز العملياتي للسلطة عن ممارسة نشاطها ذو الطابع السيادي في تلك المناطق، خاصّة إجراءات الإغلاق التي اتخذتها السلطة منذ منتصف الشهر الماضي في مدن الضفة وقراها. وعلى مستوى ثاني، كان تواجد وأداء السلطة في المدن الرئيسيّة أقوى وأنجع منه في القرى المحيطة، وكشف ذلك عن الحدود اللوجستيّة والإداريّة والمؤسساتيّة للسلطة الفلسطينيّة التي انخرطت ومنذ ولادتها في برامج لا نهائية من بناء وتعزيز للمؤسسات.

غياب السيادة عن الحدود، سيادة أم جهاز إدارة ذاتية هش؟!

تعتبر المعابر والحدود ثغرة اخرى تستوجب الوقوف عليها في إطار مواجهة الجائحة، بالتحديد المعابر الفاصلة بين مدن السيطرة الفلسطينية والمدن المقابلة لها داخل الخط الأخضر، اذا ما سلمنا جدلاً بسيطرة السلطة على منفذ اراضيها الى الأردن، وهذا علاوةً عن الشريط الحدودي المتهاوي امنياً والمتمثل بجدار الفصل العنصري.
بالرجوع الى اعلان الناطق الرسمي بإسم الحكومة الفلسطينية إثر تسجيل اولى حالات الاصابة بالفيروس في بيت لحم، نجد ان مصدر العدوى الأول هو الوفد السياحي الكوري الذي تبين إصابة بعض أفراده لاحقا لمغادرته المنطقة، وأثبتت المتابعة الامنية للوفد انه قد عبر دولة الاحتلال وصولاً الى المدينة، كما زار خلال تواجده في المنطقة عدداً من المدن الفلسطينية دون ان تستوقفه ايةَ جهاتٍ فلسطينية مختصة، ولم تنتهِ الامور الى هذا الحد بل وتبعَ ذلك إكتشاف المصدر الثانِ للعدوى وهو الوفد اليوناني الذي زار المنطقة، ومن المهم ذكره في هذا السياق ان تاريخ زيارة الوفد الثاني جاء بعد اكتشاف مصدر الإصابة الأول، وهنا يثار التساؤل حول امتناع السلطة عن ممارسة سيادتها بإغلاق المنافذ المشتركة مع دولة الاحتلال مع توافر تلك المعلومات؟ ولماذا الانتظار الى ان يقر الاحتلال ذلك؟

بؤر سرطانية في رئة السيادة الفلسطينية المزعومة: الإستيطان والعمالة الفلسطينية في الداخل.

يشكّل الإنتشار الاستيطاني في الضفة الغربية أكبر مستحيلات السيادة الفلسطينية، لا سيما وأن هذا التواجد يبقي مساحاتٍ شاسعة من الضفة خارج السيطرة الفلسطينية، كما يشكل اختراقاً حدوديا اخر تعجز السلطة عن فك معضلاته نظراً لتشابكهِ مع الاحياء الفلسطينية، ولتداخله في الحركة التجارية والعمالية في بعض الأحياء السكنية الملاصقة لوجود المستوطنين، وفي مسألة العمالة الفلسطينية لدى الاحتلال تجدر الاشارة الى ان هذه الظاهرة باتت تشكل التحدي الاضخم امام السلطة الفلسطينية في مواجهة خطر انتشار الفيروس، فبعد ان اتخذت السلطة الفلسطينية اجراءاتها بإغلاق المدن وبمنع التنقل بينها وما تلا ذلك من اجراءات حظر التجول، أصبح من الممكن الحديث عن نجاح جزئي للسلطة في محاصرة المناطق الموبوءة من البلاد، ولكن ذلك القول سرعان ما يغزوه الشك عند التفكير بخطأ السلطة وتعاملها مع المسألة العمالية، وذلك ما تجلى بالتغطية الرسمية لإستئنافهم أعمالهم على ان يبقوا داخل الخط الأخضر لمدة تتراوح بين 30-90 يوما، الا ان هذه الخطة -التي مصدرها الإحتلال وليس السلطة- قد هوت بالفعل! وأصدر الإحتلال تعليماته بترحيل العمال الى الضفة تحت طائلة المسؤولية، وفي المقابل اختُزلت جهوزية السلطة لمثل هذا القرار بمطالبة العمال بالإلتزام بالتعليمات الصحية وهو ما دون مستوى التصرف السيادي، مما ترك جهود السلطة ومنذ اللحظة الاولى عرضة لخطر الإنهيار.

مواطنون في قبضة الإحتلال والوباء، سيادة فلسطينية أم سيادة الإستجداء؟

مسألة اخرى وأخيرة في هذا السياق تكشف انعدام الدور السيادي للسلطة الفلسطينية كدولة، وهي مسألة الأسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية ودور السلطة في الدفاع عنهم وتحييد الخطر الذي يتربصهم جراء الجائحة الصحية، حيث اقتصر ذلك الدور على المناشدة والخطاب واستجداء عطف المجتمع الدولي لإجبار الكيان على اتخاذ الاجراءات الوقائية بإطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين منعا لوقوع الكارثة الصحية بحقهم، وهو ما عبرت السلطة من خلاله عن عجزها عن التصرف حيال قضاياها الجوهرية وزيف سيادتها.

خلاصة

في الختام يمكن القول بأن الجائحة الصحية التي تعصف بالبلاد قد تسقط عن السلطة الفلسطينية قناع المؤسسة وقناع الدولة الوطنية وغيرها من الاقنعة التي يتلهى بها المستوى الرسمي الفلسطيني؛ وبإنفصام تامٍ عن الواقع، وقد تسنح الفرصة لإعادة ضبط البوصلة والمسار نحو مقوم الدولة الأساسي، الأمة والتمثيل الوطني الحقيقي حتى انتزاع السيادة الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.



#أنس_جهاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة اللادستوريات وتشكيل الجنايات الكبرى
- النقض الفلسطينية تؤيد تفسير قضائي يترك العمال في مهب الفصل ا ...


المزيد.....




- لافروف يتحدث عن المقترحات الدولية حول المساعدة في التحقيق به ...
- لتجنب الخرف.. احذر 3 عوامل تؤثر على -نقطة ضعف- الدماغ
- ماذا نعرف عن المشتبه بهم في هجوم موسكو؟
- البابا فرنسيس يغسل ويقبل أقدام 12 سجينة في طقس -خميس العهد- ...
- لجنة التحقيق الروسية: تلقينا أدلة على وجود صلات بين إرهابيي ...
- لجنة التحقيق الروسية.. ثبوت التورط الأوكراني بهجوم كروكوس
- الجزائر تعين قنصلين جديدين في وجدة والدار البيضاء المغربيتين ...
- استمرار غارات الاحتلال والاشتباكات بمحيط مجمع الشفاء لليوم ا ...
- حماس تطالب بآلية تنفيذية دولية لضمان إدخال المساعدات لغزة
- لم يتمالك دموعه.. غزي مصاب يناشد لإخراج والده المحاصر قرب -ا ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أنس جهاد - كورونا وإختبار السيادة الفلسطيني