أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - أيمن نور - النقض والحرق والسجن والموت















المزيد.....



النقض والحرق والسجن والموت


أيمن نور

الحوار المتمدن-العدد: 1581 - 2006 / 6 / 14 - 10:43
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


النقض والحرق والسجن والموت ننشر هذا الاسبوع صفحات جديدة وطازجة من مذكرات زعيم الغد سجين الضمير والحرية أيمن نور هذا الفصل الجديد من كتابه يضم مذكراته عن الاسبوع الماضى بداية من الاربعاء ١٣ مايو حيث صدرت فى الصحف المصرية حيثيات رفض النقض مروراً بالخميس والجمعة والسبت والاحد والاثنين حيث يروى نور فى مذكراته احداثاً ساخنة واحياناً ساخرة وفى معظم الاحيان مبكية ومحزنة عن تحالف الظلم والسجن والموت »الغد« لم أجد عنواناً لهذا الفصل من مذكراتى افضل من رباعية »النقض والحرق والسجن والموت« ففى هذا الاسبوع صدرت حيثيات حكم النقض وكانت عنواناً وحيداً فى ملف مذكرات هذا الاسبوع وحسبت حتى فجر الجمعة انى لن اكتب عن غيرها حتى توالت الاحداث التى جعلتها ـ اى حيثيات النقض ـ تأخذ حجمها ولا تتجاوز بضعة سطور تشغلنى لدراسات اخرى اكثر استنفاراً لرغبتى في التعليق عليها وهى ليست بعيدة عن الواقع وهو النقض والسجن بل هى الواقع بذاته لانها تتصل بأكبر حقيقة في هذا الوجود وهي الموت ففى فصل سابق من هذه المذكرات التى حتى الآن هى بدون عنوان أخير وبدون خاتمة ـ حيث لا يعلمها إلا الله ـ كتبت عن ذلك الرجل الذى مات بين يدى فى مارس الماضى وهو »زيزو« واسمه الحقيقى عبد العزيز اما سنه فقد توقف الرجل عن العد والرصد بعد ان أكمل التسعين عاماً وبعد ان بلغ وزنه ٥٣ كيلو جراماً فقط إلا ان زيزو الترزى الافرنجى المعروف في وسط البلد فجأة ومنذ قرابة العام القوا القبض عليه بتهمة الوساطة فى رشوة خاصة بشقيق الدكتور رفعت المحجوب ولأن زيزو فى هذه السن لا يملك ان يهرب كما فعل شقيق المحجوب فقد أودعوه السجن كى يقضى فيه ما كان متبقياً من عمره الطويل وكان الرجل من الظرفاء الى اقصى درجات السخرية فكان فجأة يقترب منى ويسألنى هوه عبد الناصر مات مش معقول احياناً كان يطلب منى ان اطلب له اكياس »شيبسى« وكنت اظن الرجل يأكلها فكنت اقدم له طعاماً غيرها إلا أنه كان يصر على الشيبسى حتى سألته قبل وفاته بأيام لماذا تصر على الشيبسى إذا به يصارحنى انه لا يأكلها لكن يبحث داخلها عن الربع جنيها الهدية حيث يمكن ان يجمع قرابة الـ٠٢ جنيه بهذه الطريقة لإنه كان يحمل هم ثمن التاكسى الذى سيستقله يوم الافراج عنه إلا أن الله وفر على زيزو التاكسى حيث فارق الحياة على يدى فى مارس الماضى تاركاً ذكرى طيبة احياها هذا الاسبوع مودع جديد وصل الى السجن ولم يقض إلا ساعات قليلة وفارق امام عينى الحياة وهو ما سأعرض لحكايته فى يومياتى هذا الاسبوع فى ايام الجمعة والسبت والاحد في هذا الفصل الحى من المذكرات الذى هو ثلاثية جديدة حول النقص والسجن والموت ولنبدأ بالنقض ،، بسم الله وبسم الشعب حيثيات البراءة امام الله والتاريخ »براءة من الله ورسوله« أول التوبه ـ صدق الله العظيم عادة تصدر الاحكام وتتصدرها عبارة باسم الشعب كما تتصدر القوانين والقرارات الجمهورية هذه العبارة التى لم تأت من فراغ وليست معدومة الدلالة ولا الاتصال الذى ينبغى ان يربط بينها وبين مضمون الحكم أو القانون الذى يستمد شرعيته من هذه العبارة واذا كانت محكمة النقض قد افاضت بما اسمته حيثيات تأييد الحكم ضدى والذى نشرته صحف الثلاثاء الماضى والذي لم يتجاوز كونه ترديداً لما سبق ان قالته بالنص محكمة أول درجة وقبلها قرار الاتهام من النائب العام وقبله مؤتمره الصحفى فور القبض على، وقبل هذا كله مذكرة التحريات الكاذبة والملفقة بمعرفة ضابط التزوير عادل ياسين فأننى اليوم استهل سطورى ليس بالرد على هذه الحيثيات فهذه المهمة سنتركها للتاريخ كما اننا رددنا على نفس هذا الكلام فى صورتية الاولى والثانية باستفاضة ، لكن ردنا على هذه الحيثيات سيكون بحيثيات البراءة من الله ورسوله وشعب مصر الذى صدر هذا الحكم باسمه باسم الشعب كم بأسمك ترتكب جرائم؟ الاربعاء ١٣ مايو ٦٠٠٢ كل الصحف نشرت الحيثيات واجتهدت ففى الزمن الردئ الحق يهمس والظلم يزأر فى مثل هذا الزمن تجد للظلم الف صوت بينما الحق يكاد لا يجد من يسمعه لكنه مصدق حتى لو لم يصل صوته هذا الشعب الذى كم ترتكب باسمه الجرائم يشم رائحة الحقيقة يتلمس فى اشد لحظات الظلام الدامس ملامحها يتشبث من وجودها ويصمت منتظراً اللحظة التى تشرق فيها الشمس معلناً انه كان دائماً رغم صمته ممسكاً برأس الحقيقة شعب غريب رغم كل ما أصابه وألم ّبه هو دائماً يقرأ الاحداث مرتين مرة كما تملى عليه ومرة كما يفهمها هو بحسه ومدركاته الفطرية المتراكمة عبر سنوات طويلة من القهر والزيف والتلفيق ربما يحنى الشعب رأسه احياناً للريح القوية حتى تمر العاصفة وكى لا تنكسر رقبته لكنه يفعل هذا دائماً وهو يلعن ظالميه ربما يحسبون يوماً انه استسلم بينما الحقيقة انه يستعد للانتفاض الحقيقة فى مصر قد ينجح الظالمون فى دفنها وإحكام إهاله التراب على جثتها والحوائط والابواب حول تربتها لكنها سرعان ما تذهل الجميع وهى تطل برأسها من قبرها ومن بين كل هذا التراب دائماً أقول وأؤمن انه سيجئ اليوم الذى تطل فيه الحقيقة على الناس لتصادف ما بداخلهم ولتؤكد انهم كانوا دائماً على حق عندما كانوا متشككين مرتابين من تلك الحقائق المكذوبة التى يروج لها عبر اعلام وصحف لا تدرك كم باتت فاقدة للحد الادنى من المصداقية والموضوعية حيثيات البراءة اذا كان الشعب هو مصدر وملهم كل السلطات والذى تصدر باسمه التشريعات والاحكام القضائية لنا أن نطرح فكرة جديدة تخيلية وهى رد الشئ لصاحبه والتوكيل للأصل الذى يمارس ولو لمرة واحدة حقه فى ا ن يصدر ما يتفق مع قناعاته ومشاعره من تشريعات واحكام اقصد هل لنا ان ندعوا لمحاكمة شعبية يكون الحكم فيها والقاضى هو الناس هم الشعب؟ اسباب للبراءة هل لنا ان نتصور ما يمكن ان تنتهى إليه حيثيات ذلك الحكم الذى سيصدر بالفعل باسم الشعب وبيده هذا الحكم هو البراءة من الله ورسوله ومن الناس التى تعلم علم اليقين اننى : ١ ـ لم أزور كل الاستفتاءات التى ظلت ومازالت تخرج علينا بالخمس تسعات بينما كل مواطن فى مصر يعرف بل حتى القرده فى حديقة الحيوان بالجيزة يعرفون كما نعرف انها مزورة ٢ ـ لم أزور كل الانتخابات البرلمانية ومجلس الشورى والمحليات عبر ربع قرن لم نر فيه انتخابات واحدة نزيهة بصدق بعد آخر انتخابات اجراها ممدوح سالم فى عهد السادات لم أغلق ابواب اللجان لأزور ارادة الناخبين لم أفرض ارادتى لربع قرن على الناس واختار لهم وبالنيابة عنهم من يمثلهم ومن يحكمهم لم أغتال ارادة الناس حتى عندما يسقطون نواب الحكومة وينجحون مستقلين فأغتال ارادة الناخبين واضم هؤلاء لحزبى ٣ ـ لم أزور استفتاء تعديل الدستور فى مايو الماضى ولم اضرب الناخبين واهتك عرض المتظاهرات والمتظاهرين يوم ٥٢ مايو ٥٠٠٢ ، لم أفرض التعديل وافرض التصويت ٤ ـ لم أفكر ان احكم هذا الوطن ٤٢ عاماً ثم أورثه لابنى لم اختزل الـ٢٧ مليونا فى شخصين هما انا وابنى ٥ ـ لم اغتال حرية من منحونى ثقتهم أو هكذا يفترض ـ لم أعد بما اعرف انى لن انفذ لم اقطع عهداً وانقضه لم أقل شيئاً وافعل عكسه لم أول شرار الناس امور كل الناس ٦ ـ لم أحكم بالطوارئ والغى القانون الطبيعى الذى اختاره الناس لأكثر من ربع قرن هى كل سنوات حكمى ٧ ـ لم أشيع الفساد والاستبداد وسيادة قيم الفشل والاحباط ولم أضرب عرض الحائط واعاند ارادة الناس ومشاعرهم ٨ ـ لم اشتبك مع الكتاب والمثقفين والقضاه والمحامين والصحفيين والاطباء واساتذة الجامعات وقادة الاحزاب والتيارات والاتجاهات السياسية وكأنى اضع الكل فى خندق وأنا ورجالى فى خندق ٩ ـ لم اقايض الاصلاحات بالمصالح الاقليمية ولم اقدم التنازلات لشراء الوقت والبقاء للبقاء ٠١ ـ لم اسمح لابنائى بشراء ديون مصر، ولم ابيع مصر إلا للمصريين وليس حفنة منهم من اصحاب المصالح والمنافع لم افرق فى العدل بين من احب ومن اكره فلم اترك من تسبب فى قتل الآلاف يهرب ثم اقدمه لمحكمة الجنح وأنا فى ذات الوقت اسجن من لم يفعل غير انه صدقنى فنافسنى فقررت ان اسجنه والغى حقوقه بل وأكتم انفاسه وامنع عنه ما يتمتع به غيره من القتله ومن سرقوا هذا الوطن ويمرحون فى جناباته احراراً يضيفون لارصدتهم ويخصمون من رصيد هذا الوطن وامواله وسمعته هذه فقط نماذج من حيثيات حكم الشعب الذى يتوقعه وينتظر ان يصدره أو يسطره التاريخ الموت فى السجن كمداً وقذفا اليوم الخميس ١ يونيو ٦٠٠٢ أحاول أن اريح جبينى على سطور الغد متعبٌٌ أنا كسفينة لا تسمح لها الانواء والعواصف ان تستقر، أن تهدأ لم تصل سطورى المصادرة الاسبوع الماضى فأحس زملائى صنعاً بنشر خطابى لابنائى بديلاً عن مقالى الممنوع من الوصول اليكم الشئ الوحيد وسط كل الاحداث السيئة المتعاقبة والمتلاحقة الذى يقطع انى مازلت احتمل هذه المأساه والملهاه ومازلت حياً هو رغبتى وقدرتى على الاستمرار فى الكتابة فإذا كان ديكارت يقول»أنا أفكر فأنا موجود« فأنا أقول» أنا اكتب اذا انا غالباً موجود« كالسفينة المتعبة اعود اليكم بعد تعطل قهرى عن الكتابة بفعل احداث الاسابيع الماضية التى هبت خلالها رياح عاتية وامواج عالية، كادت ان تعصف بما تبقى من حقوق الابحار فى ظل اصرار على تجريد السفينة من المجداف والشراع من المرسى ووصول كلماتى اليكم التى امتنع النائب العام عن البت فى شأنها رغم النصوص الواضحة والحقوق الثابتة طالباً منى أن اطلب حقى المدون فى الدستور منذ ٥٣ سنة وفى لائحة السجون منذ ٥٤ سنة عبر دعوى قضائية كالسفينة الهاربة ستظل كلماتى تولد داخل سجنى قيصريا وتصل اليكم فى مغامرة اسبوعية اكروباتية ، لحين صدور حكم دعوى النسب التى أوصى باللجوء اليها قرار النائب العام لاثبات انى منتسباً لذلك الصنف المسمى»إنسان« لينطبق على نص المادة ٧٤ من الدستور التى تقول يحق لكل انسان التعبير عن رأيه بالكتابة والنشر اسابيع وربما شهوراً قادمة سأظل أحمل كلماتى فى صدرى اخبئها فى جفون كل حرف اكتبه فى كل نقطة حبر اسفحها على ورق ربما يصل اليكم أو يصادر ويعدم كما تعدم المخدرات أو الحيوانات النافقة بمرض جنون البشر وليس ا لسجن الموت الطويل ليس لدى ورق ولا قلم لكنى من شدة الحر ومرارة الألم يا أصدقائى لم أنم والحارس يرقبنى على بعد قدم فكيف لى أن أنم؟ فى الليل الطويل السجن ساكن مقفر موحش صمت مخيم مقيد مصنوع من مئات الانفس المقيدة بالسلاسل، كان الزفرات مربوطة كأن الاحلام مكبلة لا احد يعرف من كان هنا قبلى، ومن يجئ بعدى الجدران صامته لا تتكلم ، كخشبة المسرح التى يتغير فوقها كل شئ وهى كما هى تمتص دموع الممثلين ودعوات وزفرات ولعنات المظلومين، اسمع فى ليل السجن اصداء تضرعات مجهولة لأناس قبلي، وصلوات بعيدة كل شئ هنا مسجون، الكلمات، الاقلام، الاوراق ، السطور المصادرة وكأنها قضبان اضافية تحاول الكلمات ان تطل برأسها منها كل شئ هنا صامت لا يجرؤ على الكلام محبوس مخنوق وكأنه حشرجة تأوهات قلوب حزينة الليل هنا طويل طويل لا ينتهى كالعمى المصباح الذى اشعله فوق رأسى لأكتب يدفع الظلام ليهرب من بين قضبان الباب والنافذة كأنه لص ما جاءه النهار ففر بنفسه تاركاً احلامى واوراقى واقلامى وأفكارى فى الليل روحى لا تستسلم للسجن وعيناى لا تتسلم للنوم جسدى هو المسجون فقط وهذا شئ يسعدنى ويعذبنى من اصعب الاشياء أن تكتب بحماس وأن تفقد مع كل نقطة أو فصله أو جملة جديدة جانباً من هذا الحماس لأنك لا تعرف هل ستصل هذه السطور لمن كتبت من اجلهم؟ وكيف؟ ومتى ؟ أم انها لن ترى النور ابداً احياناً اشعر ان هناك علاقة وثيقة بين الظلام والظلم فالحروف المكونة لكلمة الظلم هى ذاتها حروف كلمة الظلام واظن ان الظلام هو الذى يأتى بالظالمين لذا فأنا أسعى ان اغتال هذا الظلام الطويل بقلمى بأن افلت من الرقابة واكتب، وحتى ولو قعت فيها وسمعت اجهزة اللاسلكى تتناقل الخبر ابتلع ما اكتبه ثم اطلق سراحه فى اللحظة المناسبة تلك اللحظة التى اسمع فيها الفجر وهو يدق بابى وهو يغرد معى ترنيمة الحرية صادفت الموت مرتين أقاوم الليل الطويل والظلام الكثيف والحر المشتعل اليوم الخميس فجر الجمعة ٢ يونيو ٦٠٠٢ كانت الساعة الثانية والنصف بعد منتصف الليل سمعت فجأة اصوات الابواب الحديدية تفتح ووقع اقدام تتحرك سألت حارسى وأنا اطوى اوراقى واخفى اقلامى ماذا يحدث ؟ قال ان الرجل الذى وصل فى الزنزانة المقابلة لى سكره تجاوز الـ٠٠٥وهو وصل السجن اليوم ليقضى عقوبة السجن لمدة عام فى جناية تبديد إلا أن حالته متدهورة حاولت ان اطل على الرجل وهو محمد مهنى فى العقد الخامس تقريباً كانت انفاس الرجل تلهث كأنه قادم من مكان بعيد جرياً وربما كأنه ذاهب لمكان بعيد وحيداً بعيداً عن اهله وذويه دون ان يمر عليه اليوم الأول فى سجن مزرعة طره العمومى سالته الرجل عن نوع الانسولين الذى يحتاجه فقدم لى حقنة تصادف انها من ذلك النوع الذى احقن به نفسى وسلمت للطبيب ما لدى من زجاجات الانسولين التى لم يقض عليها بعد صيف مايو ويونيو وقبل ان تصل سيارة الاسعاف التى طلبها الطبيب وتحديداً منذ عشر دقائق فى حدود الثالثة صباحا أو فجر الجمعة سمعت من مكان نومى الزخره الاخيرة سمعت حشرجة الموت نظرت الى الوافد الجديد اذ به فارقنا وفارق الحياة كلها ولعله اسرع من دخل وخرج من هذا السجن فقد اصدر لمحمد مهنى اسرع قرار عقوبة لكنه عفو نهائى هذه هى الحالة الثانية حيث مات عبد العزيز الشهير بزيزو بين يدى فى شهر مارس الماضى ولا احد يعلم من غداً اعتذر انى سأتوقف عن الكتابة لأول مرة مختاراً لأقرأ سورة يس على روح الراحل الذى لم اتمكن من معرفته إلا فى لحظات حياته الاخيرة واعود غداً الجمعة لمواصلة المقال ٠٠٠،٢٩٥،٢ دقيقة عابرة يا نظيف؟ عندما كنت ازور السودان الشقيق والتقى ببعض الاصدقاء والمسئولين هناك كنت اداعبهم مازحاً وساخراً من الخلل الهيكلى لدى اخواننا السودانيين فى حساب الوقت فكنت اقول لهم ان وحدة الزمن الوحيدة فى السودان هى الدقيقة وكان يعمل معى سكرتير لمدة عشر سنوات وحتى دخولى السجن هيثم عوض من شمال السودان فاذا طلبت منه اداء اى عمل أو أسندت اليه اى مهمه كان رده المهذب جداً هو دقيقة واحياناً فى مزيد من الدقة والتحديد يقول : دقيقة واحدة وعادة كانت تمتد هذه الدقيقة الواحدة أو الدجيجة بالسودانى الى ساعة واحدة وربما بضع ساعات واعاد لذاكرتى هذا الخلل فى تقدير المسافات الزمنية ما قاله مؤخراً فى شرم الشيخ وبعدها رئيس وزراء مصر احمد نظيف عندما وصف ما أسماه بأزمة سجن أيمن نور بانها ازمة عابرة للقارات ولا عابرة للشوارع والاشارات بل يقصد انها محدودة »دجيجة« بالسودانى وهذا ما حملنى لترجمة هذه ا لازمة من خلال حسبة بسيطة وهى ٥٢١ شهراً ٠٣ يوماً ٤٢ ساعة فى ٠٦ دقيقة  ٢ مليون وخمسمائة انين وتسعون الف دقيقة» « وبحسبة بسيطة وبعد خصم ما مضى وهو ٠٠٠٢٩٥٢ دقيقة يصبح المتبقى عندنا إن شاء الله لولينا عمر»٠٠٨٢٣٣٢« دقيقة اى ٠٢ مليون وثلثمائة واثنين وثلاثين الف دقيقة بالفعل مدة عابرة » « وأنا اعذر الدكتور نظيف لانه يراها كذلك لانه لم ولن يعرف ماذا تعنى دقيقة المظلوم كم ثمن وقيمة هذه الدقيقة التى يقضيها المظلوم رهن الاعتقال والظلم والشعور بمرارة ان تدفع ثمناً من حريتك يا دكتور نظيف هل تذكر حديث الرسول عن السيدة التى دخلت النار فى هرة »قطة« حبستها؟ وليس انسانا مظلوما لم يسطو على بنك ولم يتربح مليماً من عمله العام بل انفق حياته كلها دفاعاً عما يعتقد بصحته ولم يفعل جريمة واحدة لم يشكل تنظيماً سرياً ولا جماعة مسلحة بل سار على القانون ووفقاً للشرعية حاول ان يمارس حقه ليشعر انه انسان ومواطن مكتمل الحقوق حتى ولو لدقيقة واحدة فإذا به يدفع ثمناً لهذا الحلم المشروع ٢ مليون وخمسمائة وتسعون دقيقة من الظلم والعسف والتنكيل والتشويه والاغتيال السياسى والمعنوى له ولأسرته ولحياته ثم نقول عابرة يا دكتور نظيف عابرة على من؟ يمكن ان تكون للدقيقة اكثر من معنى لكن هناك امور لها معنى واحد فالحرية تبقى دائماً حرية والطغيان يصبح دائماً طغياناً والعدل يبقى دائماً عدلاً والظلم يبقى دائماً ظلماً لكن مهما طال ليل الظلم والسجن ومهما بلغت قسوته قد يختفى فى دقيقة بين غمضة عين اظن ان الدكتور نظيف لا يمكن ان يعرف كم هى طويلة وعسيرة تلك الساعات التى قضيتها مستيقظاً منذ فجر اليوم الجمعة وحتى الآن حتى خرج الراحل محمد مهنى ليودع في الثلاجة الوحيدة الموجودة بسجن ليمان طره المجاور لسجن المزرعة الذى نوجد فيه لا يعرف كم لم تكن عابرة هذه الدقائق والساعات التى لا يدركها إلا من ذاقها وتعذب بها ووقف خلال هذه الساعات ان الراحل من الاسكندرية وحضر منها الى سجن استئناف القاهرة ومنه الى سجن طره المزرعة حيث صدر العفو الآلهى عنه كما عرفت انه كان ينزف بشدة من قدميه اثر بتر لاصابع قدمه اليسرى وأحد اصابع قدمه اليمنى بفعل ما يسمى بالقدم السكرى رحمه الله على من مات ورحمة الله على من سبقه ويرحمنا الله من بعدهم رحمة واسعة بفضله الذى لا حدود له وستره الذى لا كاشف له لا حول ولا قوة إلا بالله وحسبنا الله ونعم الوكيل وحسبنا الله ونعم الوكيل وحسبنا الله ونعم الوكيل صلاة الفجر ودعاء الموت الجمعة: بسم الله الرحمن الرحيم قال المولى فى سورة البقرة»الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وإنا اليه راجعون اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون «صدق الله العظيم وقال فى سورة الانبياء»وأيوب اذ نادى ربه انى مسنى الضر وانت ارحم الراحمين فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر«صدق الله العظيم صليت الفجر فى جماعة كنت اشعر ان روح مهنى مازالت معى فالباب الحديد الذى يجمع بين غرفتى وغرفته لم يفتح بعد مازلت اشعر ان روحه فى المكان لم تغادرها بعد ترد علينا ونحن نقول امين فى نهاية فاتحة الكتاب دعوات المسجونين والمخبرين فى جماعة فجر هذا اليوم كانت اشبه ما تكون بخليط بديع الصنع من الدعاء والتهجد والدموع كانت دموعنا وزفراتنا وتنهداتنا تصعد امامى وأنا اصلى وصورة الرجل الذى لم اعرفه بعد لا تتحرك من امام عينى اللهم عافه واعف عنه وأغفر له وأكرم نزله اكرمه يا رب فلم يكرمه غيرك ارحمه وهو من لم يرحمه غيرك انت يا ربى خلقته وسجنه غيرك فحررته ولا يملك غيرك ان يفعلها ، لقد قبضوا عليه فقبضت انت روحه اللهم حرم جسده على النار ولا تحرمنا يا رب اجره ولا تفتنا بعده اللهم اجعله لمن قلت عنه في كتابك العزيز »والسابقون السابقون اولئك المقربون فى جنات النعيم ، ثلة من الأولين وقليل من الأخرين، على سرر موضونه، متكئين عليها متقابلين يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب واباريق وكأس من معين، لا يصدقون عنها ولا ينزفون« صدق الله العظيم »يا أيتها النفس المطمئنة ارجعى الى ربك راضية مرضية فادخلى فى عبادى وادخلى جنتى« صدق الله العظيم أطلال السجن وراديو الأحبة الا هذا اليوم السبت ٢ يونيو ٦٠٠٢ والسجن كل الايام والاشياء والاشخاص يشبهون بعضهم وغيرهم كالمقابر كل ما تحتها يشبه بعضه وغيره فلا فارق بين شاب وشيخ بين من له مثل عليه ومن لم يكن فى حياته مثل أو هدف ـ الكل عظاماً نخرة ـ الكلمات هنا خرساء والايام مسخا مكرره الا ما رحم ربك تلقيت منذ ايام اول زيارة لأولادى عقب صدور حكم النقض كانت الزيارة بالغة الحساسية والدقة فكل منا يحمل جرحاً عميقاً والماً بلا حدود والكل يريد ان يبدو قوياً واثقاً من نصر قريب بعدالة مؤجلة لم يكن امامى سوى مزيد من التماسك الذى تحليت به منذ لحظة الحكم بشكل أدهش من سجنونى وراقبونى الذين توقعوا هياجاً وثورة وغضباً مكتوماً أو متفجراً عقب سماع الحكم ورغم مرور ايام على هذه الحالة التى اظن ان الله تعالى هو الذى هدانى وساعدنى ان اصل اليها بالصبر والصلاة والقرآن الكريم إلا ان كل هذا التماسك ظننت انه قد ينهار فى تلك الزيارة الحرجة فى تلك اللحظة التى سيسقط فيها ابنى نور وابنى شادى فى حضني قلت لهم فى اللحظة الاولى من اللقاء عبارة أبو عمار الشهيرة يا جبل ما يهزك ريح وقلت لهم ابيكم ليس كثيباً من الرمال لتبدده حفنة هواء لكنه جبل فى العواصف وعليكم ان تكونوا مثله قدم لى اولادى وزوجتى هدية كانت معها فى محاولة لتغيير المناخ وكانت هى راديو رائع متقدم الى درجة لم يصافنى مثلها من قبل انتهزت الفرصة لاشغلهم بالحديث عن الراديو وطريقة تشغيله وامكانية الوصول الى تثبيت قنوات الاخبار واستعادتها فى موعد النشرات إلا ان شادى لم يكن منشغلاً بالموضوع رغم حبه لكل ما له علاقة بالالتكرونيات الرقمية وفجأة وجدته يجلس الى جوارى ويلتصق جسده النحيل بجسدى ، يضع رأسه على كتفى ثم لحظات ووجدته على غير عادته يغط فى نوم عميق وهادى لم أصدق ان هذا هو شادى ابنى الاصغر الذى تنام الدنيا كلها من حوله وهو يظل مستيقظاً تمالكت مشاعرى واكملت الحوار مع نور ووالدته حول الراديو بينما كان كل عقلي وقلبى يتحرك مع صعود وهبوط انفاس شادى الهادئة والتى كادت ان تحطم كل ما كنت استجمعه من قوة وصمود عقب انتهاء الزيارة وعودتى الى مكان نومى ساكناً هادئاً هدوء ما قبل العاصفة، ظللت امسك بجهاز الراديو احتضنه اشم فيه رائحة نور وشادى وجميلة ابنتى وزوجتى وامى احياناً كان المكلفين بمرافقتى من الضباط حولى لكنى لم اكن معهم كنت احملق فى وجوههم واستمع لتعليقاتهم عن الزيارة وغيرها لكنى لا أرى ولا اسمع إلا صوت نور وانفاس شادى واثقب غور النظارة السوداء التى تخفى بها جميلة عيونها وما تحمله من آلام واحزان وربما دموع متحجرة لا أعرف عدد الدقائق التى قضيتها وانا اقلب جهاز الراديو بين يدى وكأننى اتفحصه بينما كنت اروى به بعض ظمأى وشوقى لمن حملاه لى للتخفيف عنى ولاغتيال به بعضاً من الوقت الذي اتوقف فيه عن القراءة والكتابة كانت الدموع متحجرة فى مقلتى لكنى كنت اشعر بهما وهم يروغان يميناً ويساراً فأردت ان انصرف عنهما واهرب بمحاولة تشغيل راديو الاحباب حاولت وكررت المحاولة حتى انطلق بعد صمت وعناد حاملاً صوت ام كلثوم فى اطلالها وهى تقول اعطني حريتى اطلق يديه اننى اعطيت ما استبقيت شيئا آه من قيدك ادمى معصمنى لم ابقيه؟ وما ابقى عليا واحتفاظى بعهود لم تصنها والى ما الامر والدنيا لديا بالطبع لم تكن هذه هى المرة الاولى التى اسمع فيها الاطلال ولا حتى هذه الابيات تحديداً لكن اعتقد انى لم انفعل يوماً ما بشئ من الغناء أو الشعر قدر انفعالى بأول ما نطق به راديو الحبايب الذى هدم كل الجبال والكثبان التى حاولت ان ابنيها واحصن نفسى بها والتى انهارت فى لحظة شوق للحرية والم من قيدها ومرارة اسرها ولعنة فراق احضان نور وبعاد انفاس شادى وغياب عيون جميلة حزينة خلف النظارة السوداء العفو الآلهى والعفو الجمهورى الاحد ٤ يونيو بالقطع هى مصادفة ان ذلك اليوم الذى عفا الله فيه عن ذلك المسجون الذى عرفت لاحقاً انه من سكان منطقة المعادى محمد مهنى هو ذات اليوم الذى سبب الله الاسباب وحمل الرئيس الراحل انور السادات ان يصدر فيه قراراً بالعفو عن استاذنا الراحل الاستاذ مصطفى امين وذلك فى عام ٤٧٩١ وكانت الراحلة ام كلثوم هى حمامة السلام التى قامت بالوساطة بين السادات ومصطفى أمين خلال عام ٣٧٩١وقبل حرب اكتوبر إلا ان السادات وعدها انه سيصدر العفو عنه بعد الحرب ـ إن شاء الله ـ وقال لأم كلثوم انا اعرف ان مصطفى ظلم بشدة وانه دفع ثمناً لجريمة لم يرتكبها، إلا أن التوقيت الآن ربما لا يكون مناسباً ونقلت ام كثلوم هذا الوعد الرئاسى للاستاذ مصطفى امين فى سجن طره إلا ان مصطفى أمين لم يكن واثقاً اصلاً ان السادات سيحارب فى عام ٣٧٩١ أو بعده مما جعله مستبعد الفكرة ويعتبر هذا الوعد هو من ذلك الصنف الذى سبق وأن بلغه به هيكل قبل صدور الحكم ضده حيث قال له ان الرئيس يحبك ولكن هناك ممن هم حوله يكرهونك جداً ويخشون من خروجك وهذا يعنى انك لن تحصل على البراءة بل سيصدر الحكم ضدك والرئيس يعدك انه فور صدور الحكم سيتم نقلك الى اى مستشفى خاصة »الكاتب« مثلاً وستظل هناك بعض الوقت وسيصدر بعدها وخلال اسابيع قراراً بالعفو الصحى عنك وتعود الى عملك وهذه الاسابيع ظلت حتى مات الرئيس عبد الناصر ولم يخرج الكاتب الكبير مصطفى امين إلا فى شهر يونيو ٤٧٩١ بذلك القرار الجمهورى الذى توسطت فيه ام كلثوم بينما كان السادات يتأهب لمرحلة جديدة فى عصر جديد وبعد ٢٣ عاماً من ذلك اليوم جاءت واقعة العفو الآلهى الذى صدر فى ذات يوم العفو الرئاسى ليفيد لذاكراتنا ثنائية السجن والعفو والموت فكل اطراف هذه القضية عدا الاستاذ هيكل أطال الله عمره خرجوا من الحياة واصبحوا فى ذمة الله الرئيس عبد الناصر وبعده السادات وبعده أم كلثوم وفى النهاية الاستاذ مصطفى أمين رحمة الله علي الجميع الاحياء والاموات الظلم نكسة كل عهد الاثنين ٥ يونيو منذ ٩٣ عاماً كانت مصر تواجه نكسة حقيقية تجسدت فى كل ما حدث من خروقات لحقوق الانسان وظلم وتلفيق وتنكيل وتعذيب انتهى بالنتيجة الطبيعية وهو ما حدث يوم ٥ يونيو منذ ٩٣ عاماً اى فى عام ٧٦٩١ فى هذا التاريخ كانت مصر تضع فى السجون من هم مع عبد الناصر ومن هم ضده المؤمنين بالثورة واعداء الثورة الشيوعيين والاخوان والليبراليين من انصار الوفد وخصومه بل ان بعض رجال الثورة انفسهم طالتهم يد الظلم الذى كان ولابد ان ينتهى بنكسه بحجم هذا الظلم فى مساء يوم ٤ يونيو ٧٦٩١ وقبل النكسة ربما بساعات قليلة وقف احد طغاة السخرية وهو حمزة البسيونى يخطب فى المسجونين فى السجن الحربى من المعتقلين السايسيين يقول لهم انا القانون أنا الدولة انا القضاء والقاضى انا محييكم ومميتكم انا الحانوتى والطب الشرعى انا لا استلم مسجون أو معتقل بإيصال من يموت هنا هو المسئول، لن أرحم احد منكم القانون هو ما أرى والعدل هو ما أفعل ولو سمع الرئيس كلامى لقتلتكم جميعاً وسبحان الله لم تمض إلا ساعات وانقلب السحر على الساحر وبعد النكسة بساعات أفاق الرئيس عبد الناصر وكان اول قراراته هو عزل حمزة البسيونى بل دخل هذا الآله من وجهة نظره ـ السجن حيث كان بعض من اعتقلهم وظل هكذا محاصراً بين لعنة الله علي ما فعله من خرق للقانون وللحقوق ولعنة السلطة التى تطهرت منه ولعنة التاريخ التى ربطت اسمه بهذه الجرائم البشعة لم يسمع احد توسلات هذا الحمزه ولم يقبل احد عذره انه كان ينفذ تعليمات اسياده وتوجيهات قياداته لم يضع حمزة على صدره نيشاناً لمخالفته القانونية لم يبق طويلاً هو القانون والقانون هو وهو النيابة والقضاء والقدر فقد تدخل القدر ليقدم لنا درساً نادراً أو بالاصح ليقدم درساً لكل من يتصور انه ينفذ التعليمات ولا علاقة له بشرعيتها من عدمه هذا الدرس جاء فى اوضح صورة فى عام ١٧٩١ وتحديداً فى منطقة قويسنا حيث شهدت مصر اية من ايات العدل السماوى عندما غاصت اسياخ الحديد المسلح التى كانت تحملها احدى السيارات النقل فى لحم البسيونى فى حادثة بشعة ردت لكل مظلوم ثقته فى عدالة السماء التى ربما تأتي متأخرة لكنها حتماً آتية لا محالة أما الدرس الأخر انه ليس هناك حاكم مهما بلغ من الجبروت والقوى يملك ان يسجن الوطن له يميناً ويساراً ليبراليين وشيوعيين واخوان وغيرهم فالأوطان لا تسجن وذا حدث هذا فهذه مقدمات نكسة أو كارثة وليس ٥ يونيو ٧٦٩١ علينا ببعيد وما ٦ أكتوبر ١٨٩١ علينا ببعيد قد يسامح الله الحاكم ان أقلت مذنب من العقاب لكنه ابدأ لن يسامحه إذا عاقب بريئا ان يظلم برئ ان يلفق لبرئ كى يقضى ساعة واحدة فى السجن فساعة السجن بألف يوم ويوم السجن بألف شهر وعام السجن بعهد بأكمله لكن هل هناك من يتعلم شيئاً من التاريخ؟ لا أظن الحرق اخيراً ما كان لى ان اختتم يومياتى هذا الاسبوع دون التعرض لذلك الحادث الوقح الذى اعرف مسبقاً انه سيقيد ضد مجهول وربما يعلق على شماعة الماس الكهربى وليس هناك ما يمنع ان تتبين الحقيقة المدهشة انى قررت فجر الخميس من سجنى وقمت بالاشتراك مع مجهولين باضرام النار فى هذا المكان الذى انفقت عمرى احلم به وأحرم ابنائى كى انفق كل مليم اكسبه من عملى على استكماله انهم لم يكتفوا بالاعتداء على حريتى بقيدها ظلماً وعدواناً وتلفيقاً ولم يشف غليلهم انتزاعى من مقعدى البرلمانى بالتزوير والارهاب ولم يرضهم ان افقد اسرتى وبيتى وأولادى وعملى وحزبى وسمعتى وكرامتى وقبلها حريتى انهم مصرون على الإجهاز على كل ما تبقى على حقى فى التنفس على حقى فى الكتابة على حقى فيما أقره الدستور واللائحة من حقوق بسيطة وواضحة مثل حقى فى سلامة جسدى من استعمال القسوة والعنف والتعذيب وحقى فى الدفاع عن نفسى امام القضاء وحق اهل بيتى فى الحضور يا سادة انهم يحرقون كل الجسور ان اختيار يوم الخميس ٨١ مايو ليكون يوم نظر النقض الخاص بى وحرمان محامينى أو جانب منهم من حضور الجلسة بدعوى محاكمة القضاة هو حرق لكل ما تبقى من جسور الثقة ان اختيار الخميس التالى لأبلاغى بقرار النيابة العامة بحفظ شكاوى وبلاغات قدمتها ضد لواءات استعملوا القسوة معى واحدثوا جروحاً بجسدى إلا أن النيابة رفضت مجرد استدعاء الطب الشرعى وهي ترى الجروح نازعة امامها أن ما حدث الخميس الاخير من اضرام للنيران فى مجمعى الثقافى هو حرق لتاريخى واغتيال لآخر زهرة تركتها قبل ان يذج بى ظلماً فى هذا السجن املاً ان تتفتح من حولها زهوراً كثيرة ان حرق هذا المكان يعنى بساطة حرق قطعة عزيزة من تاريخ حركة التغيير والاصلاح فى مصر التى انطلقت منذ سنوات من هذا الموقع الذى شهد كل ما شهد نعم حاولوا من قبل ان يشعلوا النار فى هذا المكان لكنى قلت يومها ليس مهما ان يقطفوا او يحرقوا ورده اذا كان بأمكاننا ان نزرع مكانها شجرة أو نخلة وقد جعلنا ودفعنا من جيوبنا ومواردنا المحددة ما اتاح لنا اصلاح ما افسدوه واليوم وللأسف لم يعد بمقدورى ان اعيد حتى زراعة هذه الوردة لأن يداى مقيدتان لكنى احسب ان هناك فى مصر من سيحمل هذا العبء ومن سيرفض هذا المنطق »البلطجى« وهذا المسلك الاجرامى يا كل شرفاء الوطن واحراره واحبابه وبشبابه تعاونوا معاً ليعود هذا المكان سريعاً سليماً معافاً رمزاً للتنوير ومنارة للحرية السجين الراحل محمد مهنى: لا اعرف من نعزيه فيك لكننى اعرف انك الوحيد الذى يمكن ان تهنى يا مهنى لقد عفا الله عنك ، وبفضله سيلهم اهلك الصبر والسلوان السفير ناجى الغطريفى : أنت لها د عمر سيد الاهل:يصلنى كل ما تفعل من جهد وعطاء واتمنى ان اراك قريباً م وائل نوارة: المراسلة نصف المقابلة شباب وابطال الغد: انا فخور بكم ممتن لانكم تصنعون الغد وهو لكم إن شاء الله عمرو عبد السميع: وصلتنى مساء الاربعاء الماضى مشاطرتك الرقيقة فى صديق عزيز لدى طلعت السادات: فعلاً الرجال مواقف وانت رجل المستشار هشام البسطويسي: سلامة قلب مصر محمود مراد: قرأت ندوتك المنشورة فى اهرام الخميس وشعرت بقدر من الخلط الذى اتمنى الا يكون متعمداً بين ضرورة الدفاع عن الحق فى محاكمة عادلة والحق فى احترام الناس لهذه العدالة عندما تقوم الدكتور سرور: مازلت بالانتظار مصطفى بكرى: مازلت انتظر زيارتك لجنة حقوق الانسان: شكراً على زيارتكم الاولى والثانية فقط انتظر ما وعدتم به» « د عصام العريان: كانت بيننا اسوار ونحن خارج الاسوار وجمعنا اليوم سور واحد لكن مازالت تفصل بيننا رغبة من يهابون ان يكون بيننا حوار د أحمد أبو المجد: لم تعد لدينا الرغبة فى الاستعانة من خرق حقوق الانسان الذى نتعرض له لكننا فقط فى حاجة ان نجد سبيلاً للاستغاثة من خرق المجلس القومى لحقوق الانسان واعراضه عن مجرد سماع شكوانا وحسبنا الله ونعم الوكيل اسمعونا يا دكتور أو اغيثونا باختيار من يسمع وهذه هى برقيتى الاخيرة النائب العام: ماهى يا سيدى معايير الحفظ والاحالة فى هذا الوطن



#أيمن_نور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخطايا السبع لنظام مبارك
- حكاية أطول يوم في حياتي عندما تقرر علاجي بالتعذيب البدني وال ...
- نحن لا نضرب ودعاً .. سيناريو تنفيذ مخطط التوريث
- قمة الكسوف السياسي !!
- رد أيمن نور على المتحدث باسم رئاسة الجمهورية


المزيد.....




- وزير المهجرين اللبناني: لبنان سيستأنف تسيير قوافل إعادة النا ...
- تقرير حقوقي يرسم صورة قاتمة لوضع الأسرى الفلسطينيين بسجون ال ...
- لا أهلا ولا سهلا بالفاشية “ميلوني” صديقة الكيان الصهيوني وعد ...
- الخارجية الروسية: حرية التعبير في أوكرانيا تدهورت إلى مستوى ...
- الألعاب الأولمبية 2024: منظمات غير حكومية تندد بـ -التطهير ا ...
- لبنان: موجة عنف ضد اللاجئين السوريين بعد اغتيال مسؤول حزبي م ...
- الأمم المتحدة: -لم يطرأ تغيير ملموس- على حجم المساعدات لغزة ...
- مع مرور عام على الصراع في السودان.. الأمم المتحدة?في مصر تدع ...
- مؤسسات فلسطينية: عدد الأسرى في سجون الاحتلال يصل لـ9500
- أخيرا.. قضية تعذيب في أبو غريب أمام القضاء بالولايات المتحدة ...


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - أيمن نور - النقض والحرق والسجن والموت