أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بسام العيسمي - الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانيا الجزء الثالث















المزيد.....

الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانيا الجزء الثالث


بسام العيسمي

الحوار المتمدن-العدد: 1581 - 2006 / 6 / 14 - 08:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الجزء الثالث
الديمقراطية خيارا وطنياً و إنسانيا لمجتمعنا
معوقاتها......وشروط الانتقال إليها

إن خطاب جزء كبير من المعارضة العربية والسورية أحزاب وهيئات ومنظرين,ومفكرين يأخذ الشكل النظري في تناوله للديمقراطية كمفهوم معزولا عن شروطه التاريخية،عن شروطه التاريخية،بحيث يصورّها على أنها الباب الرئيسي للجنة على الأرض , ما أن نفتحه حتى تشرع أمامنا جميع الأبواب ، وتحل جميع المشاكل ونتغلب على كل الصعوبات 0 وأنها البلسم الشافي , والوصفة الطبية ما أن نبتلعها اليوم حتى يغادرنا مرضنا , وعجزنا في اليوم التالي 0 ونصبح بقدرة قادر أصحاء وأقوياء 0
يصورونها على أنها عصا موسى , أو المارد في مصباح علاء الدين 0
لازال العقل العربي حتى الآن خطاباً انفعالياً إطلاقياً يحمله ما لا يستطيع حمله من حتميات وأمان وتصورات , تصل إلى درجة الأسطورة 0 فحتى وقت قريب كان عقلنا مستلب لحتميات دخل فيها وخضع لها , ولمنطقها , ولم يدخل إليها 0 حتى أصبح أسيراً لحرفية الشعار بشكل سكوني ثابتاً ومجرداً معزولاً عن الواقع وتفاعلاته المتغيرة 0أخرجها عن نطاق الزمان والمكان 0 وأضفى عليها قدسية لذاتها حتى أصبحت شبه مسلّمة إيمانية , وسورها بخطوط حمراء لا يمكن الاقتراب منها أو المساس بها 0
لو أنه ادخلها لعقله , وخضعت لشروط هذا الأخير ولمنطقه ومحاكمته ولممكنه وخياراته ولم يدخل عقله فيها , لكان باستطاعته أن يربطها بالواقع ومتغيراته ويخضعها للنقد والتجريب والمناقشة والتصويب بشكل دائم وتطوري وجدلي مرن ومتغير على إيقاع مصالح الشعوب وشروط الزمان والمكان 0
وعلى سبيل المثال الوحدة العربية الشاملة بين أقطار الوطن نظر إليها كحتمية ثابتة واحتلت حيزاً هاماً من الخطاب القومي العربي في القرن الماضي ,وألهبت حماس الناس وأجّجت عواطفهم نراها اليوم تبخرت , وتلاشت , وضاقت مساحة الحلم , إلى الحد الذي أصبحنا فيه الآن نبحث العراق 000 أو وحدة السودان 000 أو الصومال 000 أليس هذا محزناً ؟ ؟
وما ينطبق على الوحدة ينطبق وينسحب على الحرية والتنمية , والبحث العلمي , والاشتراكية , وغير ذلك من أهداف وشعارات وطموحات وآمال 0
لأنه لم يجر التأسيس لهذا الخطاب على صعيد الواقع الفعلي , ولم نفكك شموليته بإخضاعه دائماً للتحليل والتركيب , الذي يراعي مستوى تطوّر أو تخلف البنى الداخلية لمجتمعنا 0 هل هي قابلة للتفاعل الخلاق مع هذا الخطاب , أم تحتاج لتحديث على مستوى الواقع العلمي , والمعرفي , مع الأخذ بعين الاعتبار شروط الزمان والمكان , والحالة الثقافية , والاجتماعية , والاقتصادية , والتنموية , والذهنية لهذا الشعب 0 وما اختزلته ذاكرته من تجارب الماضي وارثه الثقافي المتوارث من جيل إلى جيل 0
بصورة أخرى يجب أن نخرج من خطاب المعجزة المسّور بإطار المفهوم والمحكوم بالنقلة النوعية السوبرمانية , والمرسوم بإطار الرغبة , والمكّون بقلم العاطفة والمحلق في الفضاء على أعمدة التمنّي 0
إن الوعي الديمقراطي حتى الآن لم يتجذر في بنية العقل العربي , ولم يدخل مساماته , بقدر ما كان ردّة فعل على آثار السياسات التسلطية والقمعية , وقوانين الطوارئ, والتضييق على الحريات العامة , وحرية التعبير , وإسكات صوت المجتمع , بالمنع والعسف الذي تمارسه الأنظمة الشمولية بمواجهة شعوبها 0 إضافة إلى الصدمة القوية التي تولدت ونتجت عن سقوط الاتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية برمتها , والتي كانت تؤمن بدور النخبة الاستثنائي المتحكمّة والموجّهة لمسارات السياسة والاقتصاد والاجتماع , والنشاط الفكري بإطار أيديولوجية قسرية , لا تسمح بحق الاختلاف , وتعمل على تأطير المجتمع عبر بوابة واحدة , وبلون واحد 0
فالتيار الماركسي والقومي انطلقا برؤيتهما لإحداث التغيير عبر الشرعية الثورية 0 انسجاماً مع فهمهم لسياق تطور الدول والشعوب وما يحدثه هذا التطور على مساحة الزمن من حالة تناقض ما بين القاعدة أو البنية التحتية المتقدمة , والبنية السياسية الفوقية الطامحة لهذا التقدم والمتخلفة التي تفترض العمل الآرادوي أو الثوري لإزالة هذا التناقض بين البنيتين لتساوق البنية الفوقية مع التحتية وإعادة تطابقهم القسري معاً 0 وهذا لا يتم إلاّ عبر الثورة 0 أو عبر الحركة الانقلابية المؤسس لها نظرياً بالشرعية الثورية فتتبناها القوى السياسية 0 وتختزل المجتمع بؤرية إقصائية للآخر , اعتقاداً منهم بأنهم يملكون الحقيقة كاملة , وهم على صواب , وغيرهم على خطأ 0
إ ن هذا الفهم متنافراً مع مفهوم الديمقراطية الذي يتّسع مداه في مجتمعنا اليوم ومتناقضاً معها ويعتبرونها لعدم الرغبة فيها بأنها ديمقراطية برجوازية شكلية ومزيفة لا تصلح لمجتمعنا 0 وطرحوا عنها بدائل بمفهومها الغربي 0 كالديمقراطية الشعبية 0 أو الديمقراطية الاجتماعية التي تفرض بمنطقهم من خلال المشروعية الثورية التي قادتنا إلى أنظمة شمولية تتحطم بكل شيء وشعوب لا حول لها ولا قوة 0
كما أن الخطاب الديني أيضا هو خطاباً إقصائياً وماضوياً لا يؤمن بالديمقراطية 0 وإن كانت بعض التيارات الدينية وفرّت مساحة لها حديثاً في خطابها واد بياتها لكن هذا الخطاب لازال مبهماً وعائماً يتناول الديمقراطية بمفهوم تبسيطي غير واضح 0 لا يرى فيها سوى حكم الأكثرية فقط 0 فإذا ما وصلوا إلى السلطة عبر انتخابات ديمقراطية سيحوّلون شرعيتهم من شرعية انتخابية إلى شرعية ألاهية تعطيهم الحق بفعل أي شيء يبقيهم في السلطة إلى الأبد ,
دون مراعاة لحق الأقلية ومصادرة حقها في أن تصبح مستقبلاً أكثرية 0 وبذلك تصبح الديمقراطية لديهم واقعاً حالة استبداد وطغيان 0
أن الديمقراطية لا يمكن أن تكون إلاّ في إطار التعددية سواء كانت ثقافية , أم سياسية , أم دينية , أم فكرية 0
ومجتمعنا لازال يرفض مسألة التعددية من موقع ترى منه النخبة نفسها أنها تمثّل الحالة المثلى للمجتمع ورأيها هو الأصوب 0 وكل تيار يعطي الحق لنفسه باحتكار الوطن والحقيقة والشعب من موقع المسؤولية المفترضة الذي ينوطها به كونه هو الصح وغيره الخطأ وبذلك يعمل لإزاحة خصومه أو ممن يختلفون معه سياسياً بأسلوب غير سياسي , أي بأسلوب أمني 0 ويتصوّر أن مكامن القوة هي بتوّحيد الشعب وبتطابقه ضمن نسق عسكري متماثل لا خلاف بين أفراده 0 أو كسترا واحده وجوقة واحدة تعزف نفس السيمفونية لكلّ له دوره المرسوم والمحدد سلفاً 0
وليست مكامن القوة بنظرهم في التنوع الثري للمجتمع , تنوع الرؤى والتصورات واختلاف المصالح والميول والرغبات التي تتصارع فيما بينها عبر حوار ديمقراطي وطني ينتج توافقات وخيارات تعّبر وبشكل حركي عن مصلحة جموع الشعب بكافة ألوانه وتعبيراته وتحفظ مصلحة الوطن 0
وسنداً لهذه الرؤية الإقصائية تدخل التيارات السياسية فيما بينها بعلاقة عداوة وتناحر وليس بعلاقة حوار وتنافس وكلّ منهما , تدّعي لنفسها تحمّل المسؤولية التاريخية والأخلاقية والوجدانية اتجاه الشعب بتخليصه من معاناته عبر إلغاء الآخر سياسياً وإقصائه والإجهاز عليه 0 في سياق فهم نخبوي يعتبر أن الفعل السياسي لا يمكن أن يوجد إلاّ إذا كان يعّبر عن إرادة الأمة 0 ومغادرة لدائرة الوطن والوطنية 0
يتوضّح لنا ذلك إن السلطة وعبر التاريخ العربي قديمه وحديثه لم تنتقل غالباً من جماعة إلى جماعة , أو من حزب إلى حزب آخر , أو من شخص إلى شخص إلا بقوة القوة وبمنطق الشرعية الثورية , وإقصاء الآخر قسراً , ولم تغادر السلطة شخصاً أو جماعة ألا بقوة الضعف وليس عبر صناديق الاقتراع حيث تكال فيه الاتهامات للطرف الخاسر مثل تفريطه بمصالح الأمة 0 وخيانة الشعب 0 أما المنتصر يصوّر نفسه بأنه منقذ الأمة وأملها ومعلي شأنها , والمخلص للشعب من نير الاستبداد , والحافظ لكرامته 0 وإن العناية الإلهية هي التي ساقته لإنهاء الظلم , وإقامة العدل والحكم بالقسط 0
إن بنية العقل العربي لاتزال طاردة للرأي الآخر ومثقلة بالثوابت فالقوميون لهم ثوابتهم ,والماركسيون لهم ثوابتهم , والإسلاميون لهم ثوابتهم , وكل منهم يُلغي الآخر وبذلك يتعطّل العقل لعدم وجود مساحة يعمل عليها 0
مما جعل الخطاب لهذه التيارات أقصى ما يمكنه الإقرار به هو التعددية السياسية فقط وليست تعددية الرأي والاعتقاد والمصالح والثقافات 0
يتبع ...............
المحامي
بســـام العيسمي



#بسام_العيسمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا 2
- الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا معوقاتها وشرو ...
- الفساد و ظاهرة اللامبالاة
- المرأة.. بين مطرقة التشريع وسندان المجتمع الذكوري


المزيد.....




- شاهد..قرية تبتلعها الرمال بعد أن -تخلى- عنها سكانها في سلطنة ...
- الأمن الروسي يعتقل 143 متورطا في تصنيع الأسلحة والاتجار بها ...
- وزارة الخارجية الروسية تصر على تحميل أوكرانيا مسؤولية هجوم م ...
- الحرب على غزة| وضع صحي كارثي في غزة وأيرلندا تنظم إلى دعوى ا ...
- ضغوط برلمانية على الحكومة البريطانية لحظر بيع الأسلحة لإسرائ ...
- استمرار الغارات على غزة وتبادل للقصف على الحدود بين لبنان وإ ...
- تسونامي سياسي يجتاح السنغال!!
- سيمونيان لمراسل غربي: ببساطة.. نحن لسنا أنتم ولا نكن لكم قدر ...
- قائد الجيش اللبناني يعزّي السفير الروسي بضحايا هجوم -كروكوس- ...
- مصر تعلن موعد تشغيل المفاعلات النووية


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بسام العيسمي - الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانيا الجزء الثالث