أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام جاسم - سهد التهجير /4















المزيد.....

سهد التهجير /4


حسام جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 6543 - 2020 / 4 / 22 - 00:21
المحور: الادب والفن
    


الخروج عراة من منطقة( التهميش و العدم ) يترتب علية النسيان و البحث عن الستر الجديد
يجب أن تغادر هذه البقعة من ذاكرة العائلة و يكتشفوا مناطق الطبقة المتوسطة
عليهم حجز وظيفة و بحث عن سكن ملائم يجمع شتات قلوبهم و يغدق عليهم بالتعويض و التعايش السلمي

- ما هذا ؟ ( قال الاب )

- انها مؤسسة التين الصالح . (قالت الأم )

- انها قذرة جدا .

- لكنها توفر أيواء دائم لمن لا أوراق ثبوتية لهم .

- و ما المقابل ؟

- الانتماء لها و قتال أعداءها و إنزال سيل المديح حولها .

- انها تشبه الملهى .

- انها اطهر بقعة في هذا البلد .

- لا يوجد اطهر مني و انا عاري لأجل الكتب .

- انت سبب النكبة .

- و هل النكبة لاحت في الأفق منذ ظهوري ام انها موجودة قبل وجودي ؟

- لا تنفع الفلسفة الان وضعنا الحالي يحتاج مواجهات قوية و ثبات أمام القادم المجهول .

استمر رفع العربة لمنتصف الظهيرة و اختفت الشمس خلف الكتب المتعبة

قادتهما الاقدام نحو بيت أهل الأم فهو الأقرب نحو الإيواء و الاقرب بعد الخروج منطقة ( التهميش و العدم )
طرقت الأم الباب الحديدي المشابه لأبواب المدارس يمتاز بزخرفة حديدية عالية و خطوط افقية فنية رصاصية اللون لا يغلق الا بخيوط مشدات الشعر
زاد الطرق حتى تهاوى الباب فاتحا فاهه لهم ابتلعهم العديد من الأطفال لأبناء اخوانها و اخواتها و سحبوا الكتب و تهاوى الورق يسحب بينهم و تمزق بعضه و بعضه قاموا باللعب به و التبول فوقه
حاول احد الاطفال مضغ صورة كارل ماركس لكنه بصقها خارجا و لم يستسغ طعمها
و حاول مع لوحة سلفادور دالي في مقدمة احد الكتب فهضمها لجمال طعمها
توزعت الكتب كالحلوى بين أطفال الخال و الخالة
وقفا طفلا الاب و الأم ينظران بصدمة نحو اطفال الاقارب و هلوستهم .

اتت صرخات عالية من رجل ضخم البنية طويل الجبهة
قائلاً : اتركوا أشياءهم و اذهبوا لغرفتكم
تفرق الأطفال خوفا منه و اختفوا .
احتضن الام و هي تبكي

- هل علمت بما حصل لنا

- انها كارثة

- انها هزيمة ساحقة
و ضحك الاثنان
رفع الاب شفتيه نحو اليسار مستهزأ بما دار أمامه .

جلست العائلة في غرفة جديده كانت سابقا مجمع لإدارة الدواجن و الثيران و الأبقار الحلوب
تم تنظيفها لإيواء العائلة

- آلم اقل لك عائلتي بيت عز و كرم .

- نعم صحيح .

- و اخي ( عسفان بن حبان ) خير الأكرمين .

- نعم صحيح .

- اين اهلك من هذا العز و اكل الوز ?!!!.

- نعم صحيح .

- اه يا حالي و بيت الذكريات الغالي .

- نعم صحيح .

- و ما الصحيح ؟

- نعم صحيح .

- لله دري في زوج الهنا .

- صحيح .

تركته الأم و ذهبت لتسلم على زوجة الأخ ( حمواله بنت قاقوه ) و الأخت ( صهوهو الغرازيه ) و أطفالهم الكثيرة
تتعانق الوجوه بجهة الخد الأيمن لتنتقل الى الايسر
قبلات متسارعة طابور طويل من القبلات .
بعدها تبدأ الاستجوابات من نساء البيت نحو الأم عن مشاريعها التنموية لأجل الحمل و زيادة النسل الأبوي
و حياتها الجنسية مع الزواج
تتهرب الأم عن هكذا مناقشات شخصية لا تعطي الحقائق المرضية للمجتمع ذو الطابع الأسري
قانون ننجب دون اسماءنا مع اسم الطفل لا زال يشابه قانون الطمع الذكوري على أسماء الأراضي و الأطفال في منطقة ( التهميش و العدم )
لا فرق بالعقول بين كم كيلومتر فاصله بين الطبقة المتوسطة و الطبقة المهمشة المعدومة .

استحمام دافئ في حمام مظلم يغلق بمقبض حديد تموج شعر الأم بالصابون و أصبحت رائحة الطفلين تمتد نحو الاب و تخلصت العائلة من رائحة الحمير .

- هل يمكننا ممارسة الواجبات الليلية ؟

- و ما هي الواجبات ؟

- النوم على ذراع قوي يلين لكِ .

- هههه قمة الاستحمار تصبح على خير .

أغلقت الأم جفونها أمام الاب الثائر جنسيا
لم تفتحها الا على صراخ الطفلين و الاب يكسر أواني الطعام و يصرخ كالثور الهائج بلا سبب مقنع
تثاقلت رموشها على النهوض هل يمكن أن يأتي الصباح بهذه السرعة ؟!!!

- ما هذا بحق التل المقدس .

- هل أصبحتِ مؤمنة فجأة بتل التبول المقدس؟!!!

- لماذا تصرخ في وجه الأطفال ؟

- لم أجد المشط الخاص بي انا في دوامة أهلك و انتِ في قمة السيطرة
اصبحت لا اعرف مصيري .

- هذا المشط العفن يحدث كل هذه الضوضاء قبل تناول الفطور !!!!

اخذت أطفالها و دخلت الغرفة لإعداد الطعام الجاهز دون طبخ و نفخ و تركت الاب يلهث غضبا .

تنقطع أصوات الأم و الاب ليبدأ صراع (حمواله بنت قاقوه ) و ( صهوهو الغرازيه ) يتصارعن على كل شيء
من تبدأ بتحضير الفطور قبل من ؟
أيهما تذهب للتسوق و تعود للبيت بسرعه ؟
ايهما تستحم قبل الأخرى؟
و هكذا صراعات وهمية صغيرة للسلطة في البيت
يتعالى الصراخ لتسحب احداهن شعر الأخرى و تقوم بعضها و بعصها
يتكور الجسدان تبدأ الشتائم بينهما
و تضع الحرب أوزارها بين العائلتين داخل البيت الواحد .
بعد انتهاء الحرب تستمر المقاطعة الاقتصادية لا أحد يساعد أحد
لا تبادل تجاري و لا سلام عابر
تمنع الزيارات الدبلوماسية داخل غرفهن الخاصة
و تلتزم كل منهما أبناءها داخل غرفتها و تمنعهم من دخول غرفة العدو الآخر
و تطل الشائعات عن طريق الأطفال و نساء الجيران لتقوم الحرب مرة أخرى بدافع اخذ الحق و عودة الامور لنصابها .

صراع داخلي بين نساء الطبقات المتوسطة لا يطوقه الابداع و لا العمل الكريم
تحدي يفشل كل مرة لكنه يتكرر رغم فشله بإصرار
انه فراغ الجوف في نساء الطبقات المتوسطة اللواتي لا يعملن الا بأمر الذكور .

الابداع يتشوه داخل النفس البشرية ليظهر على شكل آخر عند كبته
يتطور ليصبح صراع سلطوي بين النساء لا على النظام الذكوري بل على انفسهن و على تحطيم بعضهن لنصرة الكائن المسيطر أرضيا و سماويا
و هذا عكس ما شاهدناه في نساء منطقة (التهميش و العدم ) حيث تتشارك النساء مع بعضهن لنصرة العمل و المشاركة في إنتاج القوت .

عدم المشاركة في إنتاج القوت لنصف المجتمع يعني موت الحضارة بل تنعدم الحقوق الاصلية للنساء و تصبح محرمه عليهن فيما بعد
و اكبر هذه الخدع هو الحمل و الإنجاب المتكرر دون امتلاك لما ينتج
تُخدع النساء بملكية الحمل و الحنان و الأسرة و الصحون لكنها تتنازل عن الإنتاج الإبداعي الاقتصادي لصالح الذكور في الطبقات المتوسطة
و تخدع أكثر حينما تدرك انها لا تملك لما حمله جسدها بل يمحى اسمها منه و يدرج إلى النظام الاقتصادي الأبوي الحاكم
و هذا الخداع براق ملون بالإخلاص و الثقة و الصرف المالي ببعض الفتات المالي من قبل الرجل كي تصبح النساء ملكات منزل لا ملكات إنتاج
ملكات حمل و ولادة ( بأسماء النسب الاقتصادي المنبوذات منه ) لا ملكات ابداع اقتصادي مستقل .

أدركت بعض النساء خطورة اندثار نصف مجتمع لا يشارك اقتصادياً بل يتم اطعامه بالفتات الفائض من رؤوس الإنتاج
لذلك رفعن شعار لا زواج و لا حمل الا بالاستقلال الاقتصادي الإبداعي المنسوب للمصدر الاصلي و هو المرأة
وجدت تحركات نساء الطبقات المتوسطة ( الواعية بخطر مسك الرجال برؤوس الإنتاج ) حركات مضادة مناهضة لهن تتمثل بسلطة الاب و الأخ داخل الأسرة اذا كانت غير متزوجة او سلطة الزوج داخل بيت الزوجية اذا كانت متزوجة
تصل لحد القتل و التمثيل بالجثث لبث الرعب في الحركات النسائية الفردية
بل تقوم الحركات المضادة بجمع نساء يتحدثن عن فوائد النظام الأبوي الاقتصادي بأنه الحامي لهن و يقدم لمجتمعهن التطور الانمائي و الربح السريع .
الا ان العند سمه اخذ الحقوق والحريات منذ نشوء الأرض
فقاومت الفئات النسوية مع الفئات العمالية و الأقليات الجنسية و الدينية لتحقيق مجتمع اقتصادي متحضر لا يفرق بين الشعب طبقيا
و قامت الأم بالتظاهر في ساحات مدينتها تضامنا مع النساء الثائرات و العبور فوق الجسر الفاصل بين الطبقة المتوسطة و طبقة الأثرياء
يفصل بين مدن الطبقات المتوسطة و طبقات الأثرياء ممن ينتمون للسلطة الحاكمة سياسيا و دينيا جسر طويل فوق نهر شاسع و قنوات ري عملاقة تحجز الضوضاء الحقوقية عن بيوت الأثرياء فلا يسمعون سوى صوتهم و صفقات التدرج بالسلطة و السلاح بينهم
لا يسمح للطبقات المتوسطة من عبور الجسر الممتد نحو أعمق نقطه من أراضي الوطن و ثرواته حيث تتوزع بيوتهم حول الأنهر و ممتلكاتهم لا تصنع بأيديهم بل تشترى من الخارج بأموال الطبقات الدنيا
و يرثونها بحكم الاله الحاكم تحت مسمى( شريعة النور )
حتى مقابرهم تزهو بطبقات المرمر و السيلكيا اللامعة
لا توجد مأذن تقلق نومهم و صراخ متكرر لخمس مرات يحذرهم من العقاب و يعدهم بثواب غائب لا تلمسة أيديهم
لا يصدق الأثرياء لعبة الطاعة و الوعيد بالثواب من قوى غيبية غير ملموسة العطايا و البغايا
تم إعطاء التقديس لمدن الطبقات المتوسطة كي يسهل حكمها و تغييب عقل ساكنيها بالإيمان الزائف .

لا ايمان دون طعام و شراب نظيف

سقطت الأم بجروح خطيرة في أعلى الصدر و أسفل الفخذ برصاص الملثمين و قوى التقديس الحامية لبيوت الأثرياء و الحاكمين باسم شريعة النور
لم تؤمن الطبقات المضطهدة بنفع شريعة النور و اساليبها القديمة الفاشلة في تكوين مجتمع متماسك عادل
قامت النساء بحمل الأم على الأكتاف لأقرب نقطة صحية متنقلة بالتبرع الحر من صيدليات الطبقات المتوسطة
لا تشترك طبقة الأثرياء بالتبرعات الا في صفقات السلاح و المناصب يقوموا بالتبرع بنساء عائلاتهم لإتمام الصفقة في غرف النوم المريح .

صراع طويل و سيطول أكثر لا شيء قادر ان يمنع تدفق الحق و الصدق و العدل

- اين كنتِ ؟

- في المظاهرات النسائية .

- هههه و لماذا لم تأخذني (حمواله بنت قاقوه ) و (صهوهو الغرازيه ) معكِ ؟

- لا حقوق لهن يدافعن عنها سوى حقوق الاكل و مسابقات الطبخ و غسل الملابس
لا قدرة لي في اجبارهن على النزول لتظاهرات لا يعترفن بها .

- و انت ِ ؟

- عندما تتحقق مكاسب الثورة سيفهمن الحق من الزيف .

- و هل الامل موجود لتحرير الوطن ؟

- فوق تصور خيالك و خيالي .

- نغمة التحدي تطل من العيون انني أراها .

- هههههه بل كسر الخوف .

- و الاسرة و الأطفال و البيت ؟!!!

- لا شأن لي بها انها ليست ملكية خاصة لي بل لك
لا شيء بإسمي سوى اسمي .
و تعال هنا كيف يمكن أن نحرر الوطن و لا نحرر الأسرة
لا يتحرر الوطن الا بأسرة قائمة على الصدق و المسؤولية من الطرفين .

- نعم صحيح و لكن ......

- هل ستذهب معي الاحد القادم لمسيرات الفخر و الكرامة ؟

- بكل تأكيد .



#حسام_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أغلق الباب بقوة !!!!
- التجرد من الحواس
- سهد التهجير /3
- سهد التهجير /2
- سهد التهجير /1
- سعادة الخيال المعاصر
- الإنتاج الوطني و مقاومة الاستعمار
- باعدت بين ساقيها !!!
- أنه الفستان (عن قصة حقيقية بتصرف ادبي )
- على هامش انتفاضة تشرين الاصيله/1
- أسئلة الأطفال البديهية و سياسة القتل / 2
- أسئلة الأطفال البديهية و سياسة القتل
- طقطقة الكعب العالي
- الممتلكات العامه ليست عامه
- الإبداع بين تشوية السمعة و الدعوات الأصولية/5
- النقاب و الهوية الانسانية
- الإبداع بين تشوية السمعة و الدعوات الأصولية /4
- الابداع بين تشوية السمعة و الدعوات الاصولية /3
- احاديث دينية في سن السادسة
- الشمس تحدق في الزقاق


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام جاسم - سهد التهجير /4