أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ثائر دوري - تلفيقات فكرية سورية















المزيد.....

تلفيقات فكرية سورية


ثائر دوري

الحوار المتمدن-العدد: 1581 - 2006 / 6 / 14 - 08:44
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


التلفيقة الفكرية الأكثر شيوعاً في أوساط اليسار السوري المتجه نحو الليبرالية،هي تلفيقة تخص المقاومة العراقية،فمن جهة أولى يجعلونها ظاهرة لا وجود لها إلا في خيالات المتحدثين عنها،و من جهة ثانية يجعلونها كلية القدرة و الوجود ليحملوها مسؤولية كل ما يجري في العراق.
اخترع اليسار الليبرالي السوري هذه التلفيقة العجيبة منذ أن برزت ظاهرة المقاومة العراقية،فهو من جهة يرفض الاعتراف بظاهرة اسمها "المقاومة العراقية". فيرون كل ما يجري على أرض العراق أحداثاً خالية من المعنى و الأهداف. فالمشهد العراقي بالنسبة لهم مجرد قتل و سلب و نهب و دمار. و قد عبر عن ذلك أبلغ تعبير أحد الأخوة الذين شاركوا في مؤتمر بيروت لدعم المقاومة الذي عقد في الثلاثين من شهر آذار 2006 ضمن نقاشات لجنة دعم المقاومة العراقية،فقد افتتح مداخلته بسؤال استنكاري:
- نريد أن نعرف من هي هذه المقاومة حتى ندعمها ؟
يشير السؤال إلى رفض الإقرار بوجود مقاومة،فصاحبه يستنكر عقد اجتماع لدعم شيء غير موجود. فرغم دخول المقاومة عامها الرابع و رغم أنها أصبحت أحد طرفي المعادلة الأساسية في العراق ( مقاومة مقابل احتلال )،مع ملاحظة وجود صراعات و معادلات ثانوية ذات طابع طائفي – عشائري –دول الجوار........الخ. لكن يبقى التقابل الرئيسي في العراق هو بين المقاومة و بين الاحتلال. مع ذلك فهذا الأخ يريد أن يتثبت من وجود مقاومة قبل أن يدعمها. و بالطبع هذا حقه. أحد الأخوة همس لي ساخراً :
- في المرة القادمة عندما نأتي من الأنبار سنجلب له معنا ورقة من دائرة النفوس المدني تبين له اسم المقاومة و المقاومين و اسم أبيها و أمها و تاريخ ميلادها.....
و لتكتمل المفارقة،أو التلفيقة،فإن هؤلاء الذين يرفضون الإقرار بوجود مقاومة.يفعلون عكس ذلك في مناسبات أخرى فينتقلون إلى الطرف النقيض للتجاهل و الإنكار،فيجعلون المقاومة كلية القدرة ليحملوها مسؤولية كل ما يجري في العراق من قتل و تدمير و سرقة و نهب،فتراهم يهاجمون هذه المقاومة كلما سمعوا أن مفخخة انفجرت في سوق شعبي،أو كلما نقلت لهم وكالات الأنباء أخبار الرؤوس المقطوعة........الخ. فيحملون على الفور المقاومة العراقية مسؤولية ما يجري. ليقولوا بعدها انظروا:
- هذه مقاومتكم التي تقتل الأطفال و تدمر المساجد و تذبح على الهوية.................
و يتأرجح اليسار السوري الليبرالي بين طرفي هذه التلفيقة،كما ذكرنا. فمرة يعتبر أن المقاومة لا وجود لها على الإطلاق،و مرة يعتبرها مسؤولة مسؤولية كاملة عن كل صغيرة و كبيرة تجري في العراق.
و لإنجاز هذه التلفيقة الفكرية يجب أن ينتقي المرء من الوقائع ما يلائم رغباته و يغض الطرف عن أمور أساسية من قبيل أن العراق بلد محتل،و أن المحتل الأمريكي أعلن جهارا و نهاراً أنه يتبنى خيار فينيكس ( العنقاء ) و هي خطة تقوم على قتل كل من يشك بانتمائه أو دعمه للمقاومة و أدى تطبيقها في فيتنام إلى اغتيال ما يقارب أربعين ألف شخص على الشبهة تبين فيما بعد أن أكثرهم لا علاقة لهم بالفيتكونغ. كما أنه أعلن بعدها تبنيه لخيار سلفادور،الذي يعني فرق موت جوالة. كما يتجاهلون أن العراق ساحة مفتوحة للصراع و قد دخلته كل مخابرات العالم. و هناك جيش ضخم من المرتوقة يضم عشرين ألف مرتزق لا عمل لهم سوى إنجاز المهمات القذرة من قتل و تفخيخ و اغتيال و تدمير. يتم تجاهل كل هذه الحقائق الأساسية لتحميل المقاومة وزر ما يجري من قتل و دمار.
و من جهة أخرى عندما ينكرون وجود مقاومة يتجاهلون أزمة أمريكا في العراق و تعثر مخططاتها و الخراب الذي تعيشه واشنطن على صعيد انحدار مكانتها العالمية و استجدائها الدعم ممن سبق و عاملتهم بعنجهية عشية العدوان على العراق على الجانب الآخر للأطلسي،و يتجاهلون تمرد أمريكا اللاتينية،التي أعلن زعيم ثوارها فيدل كاسترو علناً أن أمريكا ليست بوارد مهاجمتهم لأنها غارقة في العراق،كما يتجاهلون علو صوت إيران و عودة الروح إلى مقاومة أفغانستان.و كل ذلك بفضل المقاومة العراقية. يفعلون هذا كي يثبتوا لأنفسهم أنه لا توجد مقاومة و لا هم يحزنون. و كي يخطبوا في المنابر.
- نريد أن نعرف من هي هذه المقاومة العراقية. قبل أن ندعمها.
التلفيقة الثانية تخص حزب الله و هي أيضا عجيبة غريبة. فكي يلتفوا على حقيقة أن تجربة حزب الله داخل الساحة اللبنانية كانت منزهة عن الأخطاء، فهو لم يتورط في صراع أهلي و لم يستخدم سلاحه في وجه فريق داخلي و عناصره مثال في الانضباط و الأخلاقية،كما أنه أنجز أول تحرير لأرض عربية،و هي بروفة للتحرير الشامل القادم،بدون اتفاقيات مذلة على نمط كامب ديفيد،التي أرجعت سيناء و أخذت مصر. كي يغطوا على كل الميزات السابقة. يصمتون قليلاً و يدعونك تكمل كلامك و ابتسامة سخرية على وجههم. و بعد أن تنتهي يتنحنحون،ثم يرمون الجوكر الذي يحملونه كي ينهوا النقاش فوراً لصالحهم،فيقولون:
- و لكنه حزب طائفي.
إن المرء الذي يمتلك شجاعة قول كلام كهذا يجب أن يكون مصاباً بعمى سياسي كامل ، فلا يرى أن التركيبة اللبنانية كلها طائفية. و أنه لا يوجد زعيم سياسي لبناني واحد يدعي أنه يمثل فرداً من خارج طائفته. فآل الحريري و كرامي و جنبلاط و الجميل.......الخ كل منهم يمثل طائفته و يتحدث باسمها فقط. حتى أن بعض رموز الأحزاب العلمانية هم رموز طائفية في نفس الوقت كحال المرحوم كمال جنبلاط،أو أصحاب رؤوس أموال كبيرة. هذا هو الواقع اللبناني. و هو واقع مريض لا يلبي طموحات بناء دولة حديثة. لكن الوحيد الذي يلام على هذا الواقع بنظرهم هو حزب الله. رغم أنه لم يشارك بصناعته إنما ذنبه أنه ولد داخل هذا الجو الطائفي و رغم أنه حمل مشروعاً وطنياً مقاوماً للتغيير. لكن ظروفاً معقدة أبقته أسير هذه التركيبة الطائفية.
أما الموقف من حماس فلا يحتاج إلى تلفيقة فكرية. فهم ضدها جملة و تفصيلاً بذريعة الخوف من الدولة الدينية.
إن ما يجمع هذه المواقف الثلاثة هو مناصبة قوى المقاومة العداء بذرائع مختلفة. و يمكن أن نجد جذر ذلك في فهم العالم. فإذا تبنيت أطروحات من قبيل أن العالم المعاصر يتجه نحو فضاء السلام و الحرية و التعدد والديمقراطية،و أن المجتمع الدولي (الاسم المهذب لأمريكا) سأم من الدكتاتورية و الفوضى في الشرق الأوسط لأنها تفرخ له الإرهاب الذي ضربه في 11 ايلول. لذلك فمشروعه الآن هو إقامة أنظمة ديمقراطية. إذا انطلقت من مقدمات كهذه و اعتبرتها مسلمات تعفي صاحبها من إثبات صحتها،و لا تحتاج لاختبار على أرض الواقع فإنك حكماً ستناصب العداء كل من يعيق المشروع الدولي الديمقراطي (الأمريكي) في المنطقة. و حكماً ستجد نفسك في خندق معاد لكل أشكال مقاومة هذا المشروع. لأنه حسب مقدماتك السابقة فهذه المقاومة تعرقل تقدم الديمقراطية و حقوق الإنسان..........الخ. ثم ستختلق ما يكفي من الأسباب لتناصب قوى المقاومة العداء،حتى و إن وصل بك الأمر لتكرههم لأن حذاء أمينهم العام متسخ......!!!
اليأس و العجز عن التغيير يدخل الإنسان في متاهات فكرية لا نهاية لها. فكلما اشتد عطش السائرين في الصحراء و تضاءل أملهم بالحصول على الماء كثرت رؤيتهم لسرابه.



#ثائر_دوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تيمور الشرقية قصة نفطية نموذجية
- خرافة الاستعمار الجيد
- العدوان الإمبريالي على العرب بين -القوة الناعمة -و -القوة ال ...
- مصر على مفترق طرق التغيير
- التدمير المنهجي للزراعة في العالم من العراق إلى الهند
- حكاية الذئب الأمريكي الذي يجب أن يغير طبعه
- قديم بملابس جديدة . جديد بملابس قديمة
- العطب الأخلاقي للحضارة المعاصرة
- صورة بالأشعة السينية للنظام العالمي القائم
- معادلة حلبجة الجديدة
- الحروب الإبادية كطريقة حياة في االعصور الحديثة
- مضيق هرمز
- شرارة واحدة كافية لتشعل السهل
- عرض لكتاب - التنصير الأمريكي في بلاد الشام -1834 – 1914 -
- الوجوه المتعددة للمثقف الكولونيالي في رواية (( موسم الهجرة إ ...
- الفقراء فئران تجارب أغنياء الحضارة المعاصرة !!
- في العالم المعاصر الصحة تعني المرض
- جحيم بغداد اليومي
- الإعلام بين السل و انفلونزا الطيور
- صدام الهويات المصطنع


المزيد.....




- -الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق ...
- الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب
- لماذا يقامر الأميركيون بكل ما لديهم في اللعبة الجيوسياسية في ...
- وسائل الإعلام: الصين تحقق تقدما كبيرا في تطوير محركات الليزر ...
- هل يساعد تقييد السعرات الحرارية على العيش عمرا مديدا؟
- Xiaomi تعلن عن تلفاز ذكي بمواصفات مميزة
- ألعاب أميركية صينية حول أوكرانيا
- الشيوخ الأميركي يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان ...
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ثائر دوري - تلفيقات فكرية سورية