أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية (حساء الوطواط) ح13















المزيد.....

رواية (حساء الوطواط) ح13


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6543 - 2020 / 4 / 21 - 12:21
المحور: الادب والفن
    


ثلاثة أيام كافية لميمي حتى تقرأ وتشاهد عشرات الوثائق ومئات الصور التي أمكنها أت تطلع عليها بعدما نجحت في فتح البعض من الملفات على جهازها المحمول، لم تجد بالحقيقة كل ما كانت تبحث عنه من وثائق تتعلق بزوجها المرحوم سلام، فقط وجدت صور له مع الكنغ ومع الحجي أبو إيمان، هناك صور ملتقطة لا تعرف بالتحديد أين ألتقطت ولماذا تظهر فيها رضاب وأخرون في جلسات فيما يبدو أنها جلسات عمل، أيضا هناك عشرات من صور الصكوك ووصولات الأمانة متبادلة بين أشخاص تعرفهم، لكن هنام مجموعة أخرى من الصكوك المتبادلة بين شخص ورد أسمه في عقد تأسيس شركة التجهيزات المنزلية العائدة للحاج أبو إيمان وشركائه والظاهر أنها لامرأة، تشابهت تواقيعها مع تواقيع العقد، إنها (س ل م)، الغريب أن التوقيع أيضا ليس بالغريب عنها وشاهدته أكثر من مرة ولكن لا تعرفه تحيدا لأي يعود فهو كما يبدو أشبه بحروف إنكليزيه أو ما شابه.
صور أخرى لرضاب في عمان وحسابها الجاري في البنك العربي الفرع الرئيس وقوائم بالأرصدة والسحب وصور أخرى لصكوك مسحوبة وأخرى مودعة، لم يلفت أنتباهها أن هذه الحسابات ليست باسم رضاب ولا شاهدت التوقيع المميز لها، الغريب أن الملف مكتوب عليه أسم حسابات (س ل م)، لقلة خبرتها أو تركيز أنتباهها على ما يخص قضية سلام لم يمنحها الدقة في متابعة وربط التسميات وأنها تعود جميعها إلى صاحبة الصور المرافقة لملف الصكوك والحسابات.
حاولت الأتصال أكثر من مرة بالكنغ لكن لم يأت الرد في كل الأحوال أما أن يكون الجهاز مغلق أو لا يرد، أرسلت عدة رسائل وأيضا دون جدوى، جربت أن تتصل بالحجي أبو إيمان كذلك الحال مشابه تماما لحال رفيقه، أخيرا أتصلت بصلاح لتسأله عما إذا كان يعرف (س ل م) فهي شريكة في عقد الشركة ولديها حسابات في البنوك الأردنية، رد عليها بجواب صاعق مع ضحكة طويلة هزت كيانها من العمق، يا صديقتي يبدو أنك لا تجيدين دور المحقق ولك الحق... فأنت سيدة طيبة أكثر مما ينبغي... أفتحي عينيك جيدا إنها شريكتهم في النصب والتجارة عابرة الحدود وكنت أظن أنك أذكى مما تخبريني عنه... إنها هي تلك الصامتة دوما والصارمة كأنها أفعى تتصيد فرائسها بدقة... رضاب.
يا للغباء... كيف فات عني كل ذلك وأنا كنت أظن قد عرفت الكثير وبيدي الكثير، ما هذا الكرم يا رب قد فتحت لي عيني عن أسرار لم أتوقع حدوثها يوما... كم أنا بلهاء ساذجة؟ هل يعقل أني حقيقة في وسط عش الدبابير دون أن يسلعني واحدا منهم؟ بل أنا مجرد سجينه هنا كي أكون تحت العين والمراقبة وبذلك يكون كل شيء متاحا لهم دون خوف مما لا يرغبون به، توقعت كل شيء من هذه العصابة عدا أن تكون تلك الفتاة المتأنقة المنضبطة التي لا تسمح بأي عبث أو خلل في العمل تكون عمودا من أعمدة الموت والمتاجرة بأرواح الناس، كم أنت بارعة في تقمص دور الضحية الخائفة يا ست (رضاب).
ترغب ميمي الآن أن تجري في كل شوارع بغداد وتوزع على المارة وكل المحلات وكل من يتحرك فيها صور ووثائق وأسرار هذه العصابة التي قتلت زوجها، كما قتلت غيره العشرات حينما تواطؤا على سرقة أموال الشعب والتستر مع تجار الموت من خارج العراق، أو إيمان زعيمها وهو الذي حمل بندقيته وأتباعه لكي يهجم على شباب أعزل خرجوا يطالبون بوطن، يهرب اليوم ويختفي من الوباء، كلهم حتى هذا البدين القذر الذي أستمتع طويلا بالغنائم التي سلبها من رجل وثق به وسلمه رقبته ثم بعد أن ذبحه أستولى على ما بقى من إرثه... زوجته الثكلى وأرملته التي لم ترى من زوجها إلا أيام من عمر طويل... يا للروعة حينما تكون فتاة مظلومة بريئة المظهر والسلوك يد العصابة الضاربة وهي تعلم أنها ضحية من ضحايا رفاق رفاقها في العصابة... من يفجر المفخخات ويقتل على الهوية بالتأكيد لن يكون أقل شرفا ممن يسرق بلده لمصلحة غيره ويقتل زينة شباب بلده لأنهم يبحثون عن حياة وعن إنسانية.... من يسمع مني لو ذهبت إلى القضاء وسئلت القانون لوجدت الثلاثة على منصة العدالة.... عندها من العدل أن يحكموا بالإعدام ضدي لأنني أزعجت الوضع....... وتكلمت بما لا يحق لي وإن كنت أنا ضحية من مئات الألاف من الضحايا اليومية لهذه العدالة المنكوحة بخصيان السياسة وغلمان الدين الجديد.... دين 2003.
من يسمعني يا ناس.. يا ناس ؟.... أكاد أجن لأني كنت غبية لحد الثمالة، إنها رهبة الخوف حين تستولي على العيون وتغلق بوابة العقل فنسير كحصان عربة (الربل) يرى شيئا أمامه إنما تحركه أوامر الحوذي وسوطه وفي أخر النهار حين لا يحتاج المخلوق لعيونه تنزع عن عينيه تلك القطع الجلدية ليرى ظلاما محيطا ويرى علفه الموضوع أمامه، أنا هكذا ركبني الخوف أغلقت عيني طول السنين التي مضت وأنا أجرى بسوط الخوف أتحسس الطريق بأصابعي، حتى أدمنت تلك الأصابع جمر الواقع فمات فيها الإحساس وتحولت إلى دمية للمتعة والخدمة لهذا القذر الذي يدعي أنه (الكنغ)،.. ملك النذالة والخيانة والغدر ليقدمني يوميا كوجبة شهية لغطرسته وابتذاله.
من العيب أن تقتل إنسانا حتى لو كان مذنبا... القتل عادة بشرية سيئة تعلمها من الشيطان ولم يسمع كلمة الله أن لا تقتلوا النفس... نعم الحق مطلوب ولكن إحياء النفس حق أعظم... كيف قتلتم الناس... سلام زوجي ليس بالتأكيد أول وأخر مقتول... كيف تبررون لأنفسكم أن تفعلوا كل ذلك وأمام عين الله ثم تذهبوا لتسترضوه وكأنهم دراويش رسل تقوى... لا أفهم كيف لفتاة قتل أباها وأخاها بيد ذئاب بشرية تشترك بقتل إنسان برئ لا علاقة له بكل ما تحمل نفسها من غضب... قد لا تكون أصلا حكاية مقتل أبيها وأخيها صحيحة... صلاح سأل الناس الذين يسكنون بالجوار وأغلبهم سكن هذه المنطقة حديثا ومنهم رضاب ... قد تكون قصت عليهم حكاية وهمية لتكسب تعاطف الناس... لا يبدو في عيونها أنها رأت الموت يوما ما يطرق بابها...إنها كتلة من الحجر الأصم لا مشاعر ولا حتى إحساس أنثى لديها.... أعادت نفسها لتنظر في صور رضاب عميقا..... وتقرأ في عيونها صرامة لا تجدها إلا في سيماء القتلة والمجرمين.
سألعب معكم لعبة عزرائيل بكل تفاصيلها إلى أصغر تفصيل ممكن أن يحرك قوانين اللعبة... لن أدع لكم حرية الخيار في أبتلاع غصات الموت... سأطعمكم الردى لقمة بعد لقمة.. حتى أني لم أعد أهتم بكل شيء حتى لو أنقلب الموت معكم ضدي..... تموتون تبقون أحياء تعيشون على طعمه... لا يهم بعد ذلك حتى أني مسحت من ذاكرتي فكرة العودة مجددا لحياة ثانية.. ما نفعي بها ... لا أريد أن أعود.. كل شيء متوقف على كمية الموت الذي ستنالونه جميعكم ... وأولكم الحرباء تلك القابعة تحت هرم الطغيان.. كأنها من تلك الساحرات اللائي يحركن العالم بعصا الشر ذات الوميض الأزرق... ههههههه... وعد.... سأكون أنا الموت الذي لا يموت حتى تنتهوا تماما وأجمع رمادكم لأذريه مع الريح القادمة.
مهلا.... يا أنت كيف تقولين كل ذلك أين أسلحتك التي ستحاربين بها...ليس لديك إلا أوراق وصور قد لا تسعفك أكثر من إثارة زوبعة في فنجان مملوء حد الفيضان بالوهم... لا تكوني كالمجنونة... العقل ثم العقل ... أنت بحاجة إلى قبطان ماهر يقود سفينتك على الأقل حتى تبلغي منتصف البحر عندها لا يمكن العودة للشواطئ أما الموت معا أو قرارا أخر... تعلمي أولا كيف تضعين الخطط وتقرأين خرائط الملاحة... هذا جنون ... أمهلي نفسك قليلا من الروية حتى لا تحترقي بنار الموت فاللعبة لا يمكن المجازفة بها هكذا... أنت أمام عاصفة وأعصار لا يهدأ ... هل تؤمنين بلحظ... لم تشاهديه في حياتك ولا مرة واحدة هذا يعني أنه ليس موجودا في قاموس حياتك... أهدأي أولا وأستعيني بمن يصدقك.
ليس هناك أفضل من حل بيدي... أترك كل شيء الآن خلف ظهري وأبدأ من جديد كيف لي أن أعيد كتابة تاريخ نفسي؟ فقد ولدت أمس كما لم أولد من قبل... كأس من الليمون الدافئ وقليلا من اللحم المشوي بطريقتي تعيد لي أنفاسي المضطربة بأحلامها الخرقاء.... ضحكت بعمق وهي تتطلع من شباك غرفتها المطل على الشارع العام وترى الناس يملئون الطرق بشكل لا يمكن أن تعتقد أن الحكومة قد أمرتهم بمنع التجوال... سيارات ... عربات التك تك .. دراجات هوائية ونارية والكثير الذي يوحي أن الناس هنا ليس بينهم وبين القانون من علاقة إيجابية... هذا هو اليوم الثالث من منع التجوال... قد يحضر فجأة هذا البدين المقزز دون أن يمنعه مانع فهو من جيوب السلطة وعصا من عصيها التي تسوق الناس لما تريد.
حملت الهاتف وعادت إلى الشرفة تنظر رد من الطرف الأخر.. ما زال الصباح في أوله قد يكون نائما أو ربما يخاف أن يصاب بالكورونا من خلال الهاتف... لا يهم لتتصل مرة أخرى بعريس الغفلة الحاج أبو كفر .... إنه يرن... لعله سيرد.... ما من جواب أيضا... لا بد أن يكون صلاح خدمة في الخدمة الآن... الووو صباح الخير صديقي... هل أزعجتك بهذا الوقت؟.... هل أزعجتك بهذا الصباح؟ ... لا أبدا أزعجني يوم أمس كان هاتفك مغلق وظننت أنك على ما يرام فقد حاولت كثيرا أن أمر لأراك فقد حمت قريبا منك... لعلي أفهم بما تفكرين.... لماذا لم تطرق بابي فأنا لا أحب الكسل كما لا أحب الجلوس وحدي صامتة بين حيطان وسقف مغلق... تعال أحتاجك كثيرا فقد أوشكت على الجنون قريبا... قضيت يوم أمس أكلم نفسي ونفسي تكلمني... حتى تكلمت أيضا مع الجدران ومع أثاث الشقة ... تعال أرجوك.... تم صديقتي توقعي في أي دقيقة أن يرن الجرس.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تنجح الفلسفة في تنوير العقل الديني التاريخي ج1
- الحب والموت بين وجودنا الأول ووجودنا الراهن
- الترتيل بين الفهم والمفهوم.
- رسالتي المتمردة إلى حضرة الكل
- العبد والعبودية في الفهم الديني... القرآن الكريم أنموذجا.
- العنف ضد المرأة في مجتمعات الفضيلة
- رواية (حساء الوطواط) ح12
- تخاريف عراقية في زمن الكورونا
- رواية (حساء الوطواط) ح11
- رواية (حساء الوطواط) ح10
- رواية (حساء الوطواط) ح9
- هل ساهم الإعلام الفوضوي في نشر وباء الكورونا؟
- رواية (حساء الوطواط) ح8
- رواية (حساء الوطواط) ح7
- رواية (حساء الوطواط) ح6
- رواية (حساء الوطواط) ح5
- رواية (حساء الوطواط) ح4
- رواية (حساء الوطواط) ح3
- رواية (حساء الوطواط) ح2
- رواية (حساء الوطواط) ح1


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية (حساء الوطواط) ح13