أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - أياد الزهيري - شذرات في الشخصيه العراقيه : المبالغه ١٣














المزيد.....

شذرات في الشخصيه العراقيه : المبالغه ١٣


أياد الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 6541 - 2020 / 4 / 19 - 02:15
المحور: المجتمع المدني
    


يمكنني تعريف المبالغه بشكل مختصر ؛ بأنه الغلو في التقيم الى درجة الأفراط. أي الأبتعاد عن وضع الشيء في موضعه الحقيقي , والمبالغه تصح في طرفيها العلوي والسفلي ,فهي أما نبالغ في القيمه الأيجابيه , وذلك بوضع صفات وميزات هي لم تستحقها , وأساساً هي لا تتصف بها , وأما تًقيم بطريقه تبخس حقها , وتحط من قيمتها الحقيقيه . طبعاً هذا السلوك تجده في التجاره ,كما تجده بالسياسه , وتجده في الشعر , كما تجده في الدين, حتى أصبحت المبالغه تقريباً في كل مظاهر حياتنا , وطبعاً لا شك هناك دوافع نفسيه وأجتماعيه وراء هذا السلوك الشائع في أوساطنا سواء على مستوى الفرد أم المجتمع. المبالغه في مجتمعنا تمتد جذورها الى أيام الجاهليه , وخير من مارسها شعراءها ,فمثلاً ترى عمرو بن كلثوم يفخر بعشيرته بشكل مبالغ فيه ,حتى يصل الى الغلو فيقول :
أذا بلغ الفطام لنا رضيعُ تخر له الجبابر ساجدينا
فالرجل خرج من الأعتدال الى الغلو الخارج عن المقبول والمألوف . أنها المبالغه في الأصل العشائري ,الذي أنعكس شعراً تتربى عليه الأجيال جيلاً عن جيل . هذه المبالغه هي التي ألتفَتَ اليها الأسلام وأعتبرها شيئاً ممقوتاً , حيث هي أساس التطرف للمتبنيات والسلوك الخاص والعام ,لذى يقول القرآن الكريم (وكذلك جعلناكم أمةً وسطا) . ولكن وبسبب أنحراف المسار عن التربيه الأسلاميه لأسباب ليس هنا موضع شرحها أستمر سلوك الغلو قولاً وفعلاً , فمثلاً نرى المتنبي واصفاً نفسه بقوله
أنا الذي نظر الأعمى الى أدبي وأسمعت كلماتي من به صممُ
وصف غايه في الغلو في تقدير الذات , أنه تضخم الذات وأعتبارها المركز وقلب العالم. طبعاً الشعر العربي ساهم مساهمه كبيره وخطيره في أنتفاخ الشخصيه العربيه عامةً والعراقيه خاصه , بسبب هذا اللون من الشعر , وسبب من أسباب الغطرسه في الشخصيه العراقيه بما يبثه فيها من روح العظمه الفارغه والخيلاء .
للمبالغه أسباب كما لها وظائف . من أسباب المبالغه هو النزوع للوجاهه وأشباع الغرور , كما أن من أسبابها الشعور بالنقص بسبب الفشل في جوانب أخرى , أي هي حاله تعويضيه كأستجابه لمعالجة مشاعر الخيبه في النفس الأنسانيه. كما أن لها وظيفه , ومنها خداع العدو والتظاهر أمامه بالقوه, كما يمكن أستثمارها في الشأن التجاري وتصوير البضاعه على أحسن وجه , كذلك يمكن أستعمالها في حجز مكانه أجتماعيه مرموقه في عين المجتمع, ولكن في العموم أرى أن للمبالغه أثار سلبيه كثيره ولها نتائج وخيمه , حيث تبعدنا عن تقيم الأمور بشكل موضوعي مما يسقطنا في كثير من الأخطاء في كل المسارات والحقول , فمثلاً المبالغه بالدين يسقطنا بالغلو والتطرف , والمبالغه في الأختلاف يؤدي الى الحقد والكراهيه , والمبالغه في الطعام يؤدي الى السمنه والمرض , والمبالغه في المدح يسقطنا في النفاق والتملق , والمبالغه بالضيافه يؤدي الى التبذير والأسراف , والمبالغه في حب قومك يؤدي الى الشوفينيه والتعصب . كما من السهل لمس مظاهر الغلو المفرط بحب بعض الأشخاص الى حد التقديس وربما الى التأليه . وبالغ البعض في تملقه وتزلفه لصدام حتى جعلوا منه العراق والعراق هو , وخلقوا منه دكتاتورياً بلغ الى حد الشعور بجنون العظمه , وبالغ البعض ببعض الساده حتى جعلوا من بصاقهم دواء , والبعض بالغ بالحزب حتى جعلوا منه اله كمال قال شاعر البعث شفيق الكمالي في مدح الحزب
آمنت بالبعث ربً لا شريك له وبالعروبة ديناً ما له ثاني
هذه المبالغه لا تقف عند الشعر بل في كل ممارساتنا الأجتماعيه , فكلنا يعرف المثل العراقي المشهور (لو طخه , لو يكسر مخه), حتى في حالات الوفاة فترى الكثير ممن يطلق الرصاص والتي تسمى بالعراضه , والتي طالما ذهب ضحيتها الكثير بالرصاصات الطائشه والتي تتكرر دائماً بالأعراس وحتى في أنتصارات كرة القدم . كما مبالغاتنا في الأفراح والأحزان في مد الموائد الكبيره والتي طالما تكلف صاحبها الى الأستعانه بالاقراض من الآخرين لكي يخرج بالوجه الأبيض أمام الأخرين .أن المبالغه عندنا بلغت كل أوجه الحياة حتى بالأنجاب والسعي لتكوين الأسره الكبيره لأجل الحصول على الجاه والمركز الأجتماعي المرموق من خلال كثرة ما يجلب من بنين وبنات , حتى أن المبالغه فرضت لمساتها على البناء , فترى الكثير الذين يبالغون حتى في بناء الدور السكنيه الكبيره والشاهقه والزائده عن الحاجه , حتى لترى أغلب الدور الثاني بالبيت غير مسكون, كما نلاحظ المبالغه في الحزن , حيث كانت المرأه تلبس السواد لسنوات عديده وربما طول العمر عند موت عزيز لها , كما هناك مبالغه عند الغيض من أحد فقد نبالغ في خطأ أقترفه , وقد يكون غير مقصود مما يستدعي الموضوع الكثير من الوساطات لنيل الرضا وقبول الأعتذار , والآن أستغل الموضوع بشكل غير أخلاقي بحيث يبالغ في الفصول العشائريه حتى في الأخطاء الغير متعمده . كما أن من نتائج المبالغه هو ظاهرة التعميم في وصف الأشياء , فقد تعمم النتائج من ظاهره واحده , وهذا خلاف المنطق والعقل , واليوم تجد أصدق تجلي للمبالغه هو في ظاهرة الكذب التي أستشرت بشكل لا يصدق في مجتمعنا. يتضح لنا أن المبالغه ظاهره تكون وراءها أسباب نفسيه وأجتماعيه , ولكنها أضرت في جوانب كثيره في حياتنا ومن أهمها هو أبتعادنا عن الموضوعيه في تقيم الأحداث وقياس أثر العلاقات , وأتخاذ المواقف أزاء التطورات بشكل عام مما أثر على رؤيتنا وأتخاذنا لمواقف كلفتنا الكثير شخصياً ووطنياً , حتى أن هذه الظاهره أخسرتنا الكثير على كل الأصعده والمواقف . فمثلاً أننا يمكن أن نعزوا الكثير من المواقف المتشنجه على الصعيد الشخصي والسياسي سببها يعود الى ظاهرة المبالغه التي أدمنا ممارستها, كما من المهم الأشاره الى أن ظاهرة المبالغه تعتبر ظاهره مستهجنه في المجتمعات المتحضره , حتى أن المبالغ ينظر له بستهجان وأستخفاف لأنهم يعتبرونه تصرف ينم عن جهل , وأنعكاس لحاله مرضيه تعتري صاحبها.



#أياد_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شذرات في الشخصيه العراقيه : المبالغه 13
- شذرات في الشخصيه العراقيه: الوصوليه 12
- شذرات في الشخصيه العراقيه ١١
- أحزاب تخشبت فماتت
- مفارقات بين عالِمين
- شذرات في الشخصيه العراقيه 10
- شذرات في الشخصيه العراقيه 9
- شذرات في الشخصيه العراقيه ٨
- شذرات في الشخصيه العراقيه ٧
- شذرات في الشخصيه العراقيه ٦
- شذرات في الشخصيه العراقيه ٥
- شذرات في الشخصيه العراقيه ٤
- شذرات في الشخصيه العراقيه ٣
- شذرات في الشخصيه العراقيه ٢
- شذرات في تحولات الشخصيه العراقيه ١
- الأقليم بين الأستقلال والأستغلال
- رب ضاره نافعه
- لماذا لا تكون لهم حميه كحمية فرنسيس بيكون؟
- هل تحولت المظاهرات من السلميه الى السلبيه
- السعوديه والإمارات اليد المروانيه


المزيد.....




- مفوض حقوق الإنسان يشعر -بالذعر- من تقارير المقابر الجماعية ف ...
- مسؤول أميركي يحذر: خطر المجاعة مرتفع للغاية في غزة
- اعتقال أكثر من 100 متظاهر خارج منزل تشاك شومر في مدينة نيويو ...
- مسؤولان أمميان يدعوان بريطانيا لإعادة النظر في خطة نقل لاجئي ...
- مفوض أوروبي يطالب بدعم أونروا بسبب الأوضاع في غزة
- ضابط المخابرات الأوكراني السابق بروزوروف يتوقع اعتقالات جديد ...
- الأرجنتين تطلب من الإنتربول اعتقال وزير داخلية إيران
- -الأونروا- تدعو إلى تحقيق في الهجمات ضد موظفيها ومبانيها في ...
- الولايات المتحدة: اعتقال أكثر من 130 شخصا خلال احتجاجات مؤيد ...
- مسؤول أميركي: خطر المجاعة -شديد جدا- في غزة خصوصا في الشمال ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - أياد الزهيري - شذرات في الشخصيه العراقيه : المبالغه ١٣