أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - خليل عيسى - مجيء العقاب وسُبُل الخلاص في زمن الوباء














المزيد.....

مجيء العقاب وسُبُل الخلاص في زمن الوباء


خليل عيسى

الحوار المتمدن-العدد: 6541 - 2020 / 4 / 18 - 19:29
المحور: ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات
    


سيارات تجوب منطقة القبّة في طرابلس تدعو المسلمين إلى التوبة.

مطران وقساوسة من الروم الأرثوذكس يرفضون إقفال كنائس أمام المصلّين.

مؤمنون موارنة يطلبون إيصال تراب مار شربل الى مستشفى رفيق الحريري.

قدّاس في عجلتون يتوقّف بعد رفض حاضرين التناول باليد حسب التوصيات الأخيرة لقرار المطارنة الموارنة.

مؤمنون مسلمون من أهل السنّة في بيروت والبقاع وطرابلس يتحدّون قرار دار الفتوى إقفال المساجد فيقيمون صلاة جماعة.

في كلّ مكان بتنا نرى ما يمكن وصفه برفض جزء من الجمهور المتديّن لقرارات سلطته الدينية بإقفال أمكنة التجمّعات التي تحدث فيها شعائر جماعية. لا يزال هذا الجزء صغيرًا، لكنّه مرشّح للازدياد إذا ما ارتفعت حدّة الإحساس بالقلق.

تختلف طرق التعبير الشعائرية بحسب الاختلاف التفاضلي بين أساليب التديّن ومسالكها المعمّرة وخطوط التوتّر التي تشقّها داخلياً في المؤسسات الدينية المختلفة كما سياقاتها الخارجية، أي بين هؤلاء الفاعلين وسلطتهم السياسية.

«صلاة جماعة» لمؤمنين يصطفّون على الأرصفة في أفقر مدينة على البحر الأبيض المتوسّط إسمها طرابلس، هي آخر تعبير ممكن عن البؤس النفسي لفقراء مسلمين لم يبقَ لديهم سوى اللجوء لهذه العِدّة الخلاصية، ألا وهي تعبُّد أكثر مقابل ما يرونه تكالباً ضدّهم من «أهل الدنيا»، قوامه تقاعس لممثّليهم الدينيّين والدنيويّين الرسميّين. لا يحدث هذا في مكّة نفسها مثلاً، وهي المركز التاريخي والروحي للإسلام، حيث أمرت الحكومة السعودية بوقف العمرة مؤقتاً لكنّها أمرت في المقابل بصرف مساعدات هائلة للقائمين فيها سواء كانوا بإقامة أم من دونها.

وإذا كانت «العودة إلى الدين» أو الأيديولوجيا السلفية في الإسلام السنّي هي الراية التي يرفعها مناهضو السلطة الرسمية للخروج عليها في أوقات الأزمات، وهنا لا نعني السلفية بالمعنى السياسي حصراً، قائلين بأنّ «مصيبة الكورونا» هي «عقاب من الله» ممّا يستلزم مزيداً من الضبط الجسدي والفكري للمؤمنين، فإنّ هذا النمط من الإحياء السلفي لم يكن يوماً حكراً على الإسلام. اللوثرية بكونها ثورة العودة إلى الاصول هي مثال آخر بين أمثلة عدّة في تاريخ المسيحية.

يفسح هذا المجال للكلام عن التعامل الأداتيّ للسلطة الدينية مع تديّن الناس وأولويّاتها السياسية. فنرى مثلاً أنّ النظام الإيراني الثيوقراطي أبقى على فتح المراقد في مدينة قُم لأشهر بعد ظهور الوباء في الصين ممّا ساهم بنشر الوباء في ايران وخارجها عبر الحجّاج المتوافدين من البلدان المحيطة وإليها. وفي المقابل، فإنّ بابا الفاتيكان وهو أعلى سلطة مسيحية في الكنيسة الكاثوليكية، بدأ يبثّ صلواته وقداديسه من خلف الشاشة. يعني ذلك أنّه كما أنّ الاختلاف التفاضلي بين المؤمنين من الأديان يلعب دوراً في خلق تمظهرات التديّن، فإنّ هناك اختلافات بين درجات التقدّم النسبي التي تحقّقها المؤسسة الدينية، على الاقلّ الشريحة المهيمنة فيها، على سلّم عَلمَنة فهمها لهذا العالم.

في لبنان، لعبت الكنيسة المارونية دور الكنيسة «القوميّة» للموارنة في تماهيها مع الوطنية اللبنانية ضدّ الأيديولوجيا العربية والتيارات السياسية العلمانية، وقد كان للقديس شربل دور في ذلك. لذا، فإنّ الكلام على أنّ كل مرضى مستشفى رفيق الحريري، أي مسلمين ومسيحيين، «يطالبون بتراب القديس شربل»، هي عملية تروم في اللاوعي الماروني، الإثبات بأنّه دليل آخر على تفوّق المسيحيّة على الإسلام، في حين أنّ المسلم الذي يقبل هذا يعتبر بأنّه يثبت بذلك تسامحه الدينيّ المتفوّق.

أمّا في الحالة المسيحية الأرثوذكسية، فيتمّ تصوير الكورونا على أنّها جائحة تثبت بأنّ الربّ «يمتحننا في إيماننا»، ممّا يوافق مصلحة تيار سلفي أرثوذكسي يناهض فهماً مهيمناً في الكنيسة الأرثوذكسية اللبنانية لا يرى العقل متضارباً مع المسيحية الأرثوذكسية.

ترى مثل هذه الدعوات الخلاصية في الكورونا نذائر دنيوية لعالمٍ أخروي تلاقي مصالح دنيوية تلتحم بالصراعات الفقهية- السياسية المؤسسية التي تهدف إلى السيطرة على من يحقّ له الكلام الأوحد عن الخلاص باسم هذه المؤسّسة. ومن المرجّح أن ترى دعوات كهذه صدىً أكبر في بلادٍ ومدنٍ لا شبكات أمان لها وذلك عند شريحة متزايدة من العموم يرون أنّ الجوع يهدّدهم قبل الكورونا ومعها، لينقلب الوباء سبباً لثورات مجاعة تتمظهر بسلفيات دينية مستجدّة تكون الطريق الوحيد للتعبير عن آلام الناس، هذا إن لم يجد أهل الانتفاضة في لبنان طريقاً بديلاً لكلّ ذلك.



#خليل_عيسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا ما نُحبَط، لا ما نُحبَط: استعادة المبادرة الثوريّة
- أين اختفى شعار «كلّن يعني كلّن»؟
- رحلة الوعي المزدوج
- الخارج والداخل في ثورة تشرين
- طرابلس أو الوطنية اللبنانية الجديدة
- إنقلاب خميني وفكر ياسين الحافظ بعد أربعين عاماً
- في دعوة رياض الترك إلى انطلاقة ثورية جديدة
- حول تبرير الخطف عند نخبة الإسلام السياسي الحاكم
- إيران والوصفة السلفادورية في العراق
- بورجوازية حزب الله و-السلسلة-
- سقوط القمّة العربيّة الإيراني
- السياسة اللبنانية والعَبَث المتعدد بالمرأة
- نسبيّة-حزب الله-وطريق التحول العراقي
- في نقد نقّاد الترامبية
- نحو إمبرياليّة أميركيّة بجناحين نوويين
- الكسل الفكري السوري بين الضلالة والهدى
- احتضار لبنان بين ثلاثة نماذج
- النرجسيّة السورية بين السوداويّة والخيانة الموضوعيّة
- في نقد الاستراتيجيّة الإعلاميّة السعودية تجاه العراق
- من أجل فهم عربي مطابِق ل -حرب تمّوز-


المزيد.....




- ما هي صفقة الصواريخ التي أرسلتها أمريكا لأوكرانيا سرا بعد أش ...
- الرئيس الموريتاني يترشح لولاية رئاسية ثانية وأخيرة -تلبية لن ...
- واشنطن تستأنف مساعداتها العسكرية لأوكرانيا بعد شهور من التوق ...
- شهداء بقصف إسرائيلي 3 منازل في رفح واحتدام المعارك وسط غزة
- إعلام إسرائيلي: مجلسا الحرب والكابينت يناقشان اليوم بنود صفق ...
- روسيا تعلن عن اتفاق مع أوكرانيا لتبادل أطفال
- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...


المزيد.....

- جائحة الرأسمالية، فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية / اريك توسان
- الرواسب الثقافية وأساليب التعامل مع المرض في صعيد مصر فيروس ... / الفنجري أحمد محمد محمد
- التعاون الدولي في زمن -كوفيد-19- / محمد أوبالاك


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - خليل عيسى - مجيء العقاب وسُبُل الخلاص في زمن الوباء