أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جيهان خليفة - الإله يروى سيرة














المزيد.....

الإله يروى سيرة


جيهان خليفة
كاتبة صحفية

(Gehan Khalifa)


الحوار المتمدن-العدد: 6540 - 2020 / 4 / 17 - 13:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هل يمكن أن نكتب سيرة الله ؟ وهل يحق لنا النظر إليه كشخصية أدبية مفعمة بالدرما المليئة بالأحداث ؟
تساؤلات قد تبدو للوهلة الأولى صدمة على أذهان البعض ، ولكن جاك مايلز فى رائعتة (( سيرة الله )) يضعنا أمام هذه الشخصية العميقة جدا والمتناقضة جدا ليبدو لنا وكأننا نراه للمرة الإولى .
لقد إعتدنا على قراءة الكتب المقدسة عموما والتوراة خصوصا قراءة تنظر للنص بشكل كلى حيث نرى كل جملة فيه على أنها شرح لأى جملة أخرى ، وكل قول يصح على الله فى موضع يصح عليه فى كل المواضع ، ولكن بعيدا عن هذه القراءة يأتى لنا مايلز ليفند النص التوراتى بحرفية أديب فنان واسع الإطلاع والمعرفة فبقلمه المتجاوز اللامحدود يأخذنا فى رحلة ممتعة إلى الأعماق السرية للعقل الإلهى متنقلا بنا من سفر إلى أخر لنكتشف أننا أمام دراما حقيقية تتصاعد أحداثها فترة وتخفو فترة ثم تعاود لتتصاعد وتتأزم لنجد أنفسنا أخيرا أمام شخصية الله بكل ما فيها من غنى وخصوبة وقسوة وتعقد بل وتردد فالإله المتردد الحائر يحاول أن يجد نفسه فينا ربما كان ذلك سبب خلقه لنا !
يقول مايلز : فى المعتقد الدينى خلق الله الإنسان على صورته سواء ذكر أو أنثى ولقد جهد أجدادنا قرون طويلة كى يبلغوا الكمال على صورة إلههم ، فمحاكاة الله مقولة أساسية فى الإيمان اليهودى مثل محاكاة المسيح أوالإله الذى تجسد بهيئة البشر المقولة الأساسية فى الإيمان المسيحى . لقد تناقلت المسيحية واليهودية معرفتهما بالله من جيل إلى جيل بطرق شتى سواء بالزهد والتصوف والاهوت للخاصة أما الأكثرية فهناك كتاب للمؤمنيين وغير المؤمنيين ممكن فتحه وقرأته .
من أين جاءت فكرة الله الرصينة فى أذهان الجميع ؟
تساؤل يطرحه مايلز ليأتيه الجواب لابد أنها جاءت من الكتب المقدسة وبعبارة أدق من أولئك الذين كتبوا الكتاب المقدس فالمؤمنون لا يرون الكتاب المقدس مجرد كلمات عن الله بل أيضا يمثل لهم كلمة الله فالإله هو مؤلفه فضلا عن كونه شخصيتة الرئيسية وسواء كان الأقدمون الذين كتبوا الكتاب المقدس قد أبدعوا الله أو إكتفوا بتدوين وحيه فإن عملهم هذا حقق نجاحا باهرا فمنذ آلاف السنيين وهو يتلى جهارا كل إسبوع على جمهور يتلقاه بكل جدية فمن الصعب أن نجد للكتاب المقدس نظيرا فى الأدب الغربى أوفى الآداب الأخرى .
تساؤل قد يطرحه البعض أين القرآن من طرح مايلز ؟
هنا يجيب مايلز : لم نشير للقرآن لأن المسلمين لا يعتبرون القرآن أدبا بل يحتل لديهم منزلة ميتافيزيقية خاصة تماما ،أما اليهود والمسيحيين ففى الوقت الذى يجلون فيه الكتاب المقدس فإنهم لا ينكرون أنه عمل أدبى أيضا لذلك من الممكن تناوله من هذه الناحية دون الوقوع فى المعصية .
الله كما يحاول مايلز أن يظهره هو مزيج من شخصيات عديدة فى خلق واحد والتوتر القائم بين هذه الشخصيات جميعا يجعل من الله أمر عسيرا يصعب التوصل إليه .
ينظر مايلز للكتاب المقدس على أنه أحد كلاسيكيات الأدب العالمى وبما أن الله أو الرب الإله هو الشخصية الرئيسية فى هذا الكتاب يقول مايلز ((لايعنينى الكتابة مع أو ضد الرب الإله بوصفه واقعا لايطاله الأدب )) فهو يتحدث عن الله بإعتباره شخصية أدبية .
يشير مايلز قائلا : السرد الذى يمثله الكتاب المقدس العبرانى ليس سردا واحدا مستقلا فقبل منتصف النص مباسرة ينقطع السرد ، والتالى يكون كلمات أو خطب ألقاها الله وثانيا كلمات أوخطب ألقيت له أو عنه بصورة من الصور وثالثا صمت مديد ثم أخيرا ذلك الإستئناف المقتضب للسرد قبل القفلة الختامية ، وهكذا فالتشويق السردى من سفر التكوين إلى سفر الملوك الثانى يعقبه بعد ذلك نوع أخر من التشويق أشبه بالتشويق الذى يشعر به المحلفون فى المحكمة .
فبعد أن يخلى الفعل مكانه للقول فى الكتاب المقدس فإن القول يخلى مكانه للصمت فكلمات الرب الأخيرة هى تلك التى قالها لأيوب الكائن البشرى الذى تجاسر على تحدي قوته الأخلاقية لا قوته المادية وعلى الرغم من أن رد الله الساحق والحاسم يبدو وكانه يسكت أيوب فإننا نجد بعد هذا السفرأن أيوب هو الذى يسكت الله بصورة من الصور فالله لن يتكلم مرة أخرى بعد ذلك وإنما سيزداد الكلام عليه ، وحتى فى سفر إستير حيث يواجه شعبه عدوا يحاول إبادته فإننا نكاد لا نجد له أى ذكر ونرى اليهود يتغلبون على هذا الحطر من دونه
تنقلنا هذه النقلة من الفعل إلى القول ثم إلى الصمت ما يمكن ان نسميه سيرة لاهوتية ، فقراءة الكتاب المقدس بطريقة متسلسلة دقيقة تكشف لنا التعاقب والتطور فى شخصيته الرئيسية ألا وهى الرب الإله .
توجد فكرة لا يكف كتاب الكتاب المقدس عن ترددها (( أننا لا نستطيع أن نكون مفهوما عن الله بتعابير بشرية )) ، لكن مايلز يرى أن إزاحة التركيز عن الفاعلين البشر وتسليطه على الفاعل الإلهى هى النقلة المنهجية الأساسية فى إعادة قراءتنا هذه، وهى السبب الذى يدعونا إلى إعتباره نوعا من السيرة ، فلابد أن تظهر شخصية الفاعل الإله عبر مجموعة من الأسئلة النقدية الأكثر إلتصاقا بذاته والمختلفة عن أسئلة البحث التاريخى ، فلماذا خلق الله العالم ؟ لماذا سارع إلى تدميرة إبان خلقه ؟ لماذا تحول فجأه إلى محارب على الرغم أنه لم يبدى أى إهتمام بالحرب لفترة طويلة ؟ ما العوامل التى لاحت له حين بدا عهده مع بنى إسرائيل على وشك الإنتهاء ؟ كيف عاش حياته ككائن من غير أب أو أم أوزوجة أو بنيين ؟ لا يطرح البحث التاريخى مثل هذه الأسئلة ولا حتى يحاول الإجابة عنها أم النقد فيفعل .
وللحديث بقية مع سفر التكوين وماذا سيروى لنا الإله عن ذاته .



#جيهان_خليفة (هاشتاغ)       Gehan__Khalifa#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشهد من الحياة اليومية فى ظل الموت اليومى
- الإله (( النفس )) كما تراه أبكار السقاف فى الدين فى مصر القد ...
- أونو مسار التنمية فى اليابان غير صالح للدول النامية
- من الحب فى زمن الكوليرا إلى الإختباء فى زمن الكورونا
- الفتوحات الاسلامية سيوف من شهب كما رآها المغلوبون
- متلازمة السياسى والدينى فى شرقنا الاوسط المعاصر


المزيد.....




- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- لوموند: المسلمون الفرنسيون وإكراهات الرحيل عن الوطن


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جيهان خليفة - الإله يروى سيرة