أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد ياسين - المفكر الإسلامي محمد ابو القاسم حاج حمد ونظرته الدونين للأبناء خارج إطار الزواج















المزيد.....

المفكر الإسلامي محمد ابو القاسم حاج حمد ونظرته الدونين للأبناء خارج إطار الزواج


محمد ياسين

الحوار المتمدن-العدد: 6540 - 2020 / 4 / 17 - 00:08
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا ريب بأن الاحتقار والعنصرية من أبغظ الظواهر في تاريخ البشرية، خصوصا وأنهما أكثر من مجرد موقف فكري ضد مجموعة من معينة من الأشخاص وفق مبدأ الأرشفة والتصنيف، فهما نظرية وممارسة غالبا ما تتجسد على أرض الواقع لتخضبه بشتى ألوان العنف والإقصاء والاستعباد.
المفكر الإسلامي السوداني "محد أبو القاسم حاج حمد" المتوفى سنة 2004، والذي عرف بمعارضته الشديدة للفهم الفقهي لنصوص الوحي، وعرف أيضا بنقده اللاذع للعقلية الفقهية التقليدية؛ لأنها -في نظره- استوعبت النصوص الدينية بمنهجية تجثو عليها ضلالات العرف الثقافي المليئ بالمناقص والمخازي، وكذلك العرف اللغوي الذي يوظف اللغة توظيفا ضيق الأفق، ما أحجب عن الفقهاء إدراك الفرق بين الاستعمال البشري للمفردات اللغوية وبين الاستعمال الإلهي لها متعاشين عن "إحكام المفردة القرآنية" و "الألسنية والمنهجية" ..إلخ.. من المصطلحات التي استخدمها حاج حمد في توصيف العوار الذي أعمى الفقهاء عن الإرتقاء إلى المقصد الإلهي الذي كان حريا بهم عوض النزول به إليهم حسب تعبيره.
كل هذه العوامل أفضت في نظره إلى تشكل فقه أصولي ضعيف فكريا وأخلاقيا، مليئ بالقصور والتقصير والتعصب والعنصرية والميز والإحتقار وكل مثالب الوجود .
ومن المنطقي أنك عندما تلاحظ إطلاقات الرجل وتعميماته على الفقهاء المتمثلة في اتهامهم بالعنصرية و الميسيوجينة واضطهاد المرأة واحتقارها، ( على الرغم من أن ثمة فقهاء لم يكونوا عنصريين ألبتة، لدرجة أن بعضهم ذهب إلى نبوة النساء مثل مريم العذراء، ومنهم ابن حزم والقرطبي وغيرهما) .
عندما تلاحظ استماتته في الدفاع والذود عن حقوق المراة ونبذه لأي نظرة دونية اتجاهها ودعوته لتوسيع مجال حرياتها عبر صياغة عناوين جميلة من قبيل "وحدة النفس البشرية" ؛ فإنك حضوريا ستجزم بأنه بعيد كل البعد عن هذه التهم الرذيلة ذات الطابع العنصري والاحتقاري التي وجهها لخصومه (حتى الملفقة والمعممة منها ).
عندما تلاحظ الدعاية التي قدمها لحسه الأخلاقي والإنساني مثلما قال عن نفسه في إحدى لقاءاته : أنه في وقت سابق من حياته إبان إقامته في لبنان كانت مشاهد الدمار والجوع وموت الأطفال وتفحمهم في مخيمات اللاجئين بسبب القصف تسائل ضميره الإيماني في كل مرة حتى نشأت عنده شكوك واسترابة في رحمة الله واشتدت به الأزمة واستشرت الشكوك أكثر وأكثر إلى أن غدت معضلة أخلاقية توافق الطرح الأبيقوري المشهور (الرحمة الكلية تعارض العلم والقدرة)، لكنه في النهاية لامس الحكمة من ذلك وعاد إلى يقينه المطلق بالإله.
كل هذه المواقف تورث فيك انطباعات إيجابية عن الرجل وتوقع في نفسك يقينا تاما بأنه من أبعد الناس عن التورط في امتهان كرامة إنسان أو سحقها، لكنك وبمجرد المرور على كتابه " تشريعات العائلة في الإسلام" (والذي لم أقرأ منه إلا فقرات قليلة كما هو الحال مع معظم مؤلفاته) حتى تتلاشى تلك الصورة المثالية عنه وينقشع أمامك فكر موغل في قذارات العنصرية والإنحطاط، ففي الكتاب المذكور يحط محمد حاج حمد من كرامة الأبناء الذين يولدون خارج إطار الزواج، ويحتقرهم بطريقة تنم على عنصرية وخبث وحيف لا تطيق الكلمات وصفها، إذ ييصفهم بأنهم مفسدون ولا يمكن إصلاحهم، علاوة عن كونهم بهائم ومن غير روح !!
يقول في الكتاب المذكور : ((ابن الزّنا قابل “بحكم أنّه لا روح فيه” لأنّه يعيث في المجتمع فسادًا وليس حسابه كحساب ذوي الأرواح، غير أنّ مشكلته الكبرى تظل في عدم قدرته على التّسامي الرّوحي لأنّه لا روح له، وإن صَلُح كان في ذلك الخير كلّه وإن أفسد فإن ذلك أقرب إلى طبيعته البهيمية)) !!
ويستدل لنظريته الشاذة هذه عن طريق تحريف معاني بعض الآيات القرآنية ويحملها ما لا تحتمل، حيث لا توجد آية واحدة في القرآن تقول بأن الأبناء الذين ولدوا خارج منظومة الزواج بهائم أو أنهم من غير روح، ما يعني بأن حاج حمد متلبس هنا بالسفسطة، أو أنه يعاني الذهان والاستسقاط .
فلابد أن يكون قد توصل لهذه الإستنتاجات التي أبانت عن نظرته الدونية اتجاه فئة بريئة من الناس من خلال طريقين لا ثالث لهما:
الأول وهو طريق الإستدلال العقلي الذي لا مناص فيه من البرهنة أولا على وجود شيئ اسمه الروح (مهما كان مفهومها عنده) ، ثم ثانيا إثبات الفرق بين الأبناء خارج الزواج وبين بقية البشر من حيث النوع والعنصر والخصائص.
والطريق الثاني هو الإستدلال البياني القرآني والذي لم يقدم فيه هو الآخر أي دليل يتسم بالمضوعية، إذ لا توجد أية آية قرآنية تصرح بما استنتجه محمد حاج حمد.
علما بأن هذا الطريق القرآني، هو الذي يجب أن يتحوط فيه ويتورع عن التسرع في استصدار الأحكام واستنباطها بدون موضوعية، لأن القرآن يعتبر الروح أمرا غيبيا (( قل الروح من أمري ربما وما أوتيتم من العلم إلا قليلا)) .
فهو على كل حال إذا كان يقصد الروح التي قصدها القرآن فإنها أمر غيبي، وإن كان يقصد مفهوما آخر للروح فيلزمه البرهان بصرف النظر عن التناقضات التي سيقع فيها ذاتية كانت أو موضوعية، وعليه، فإن محمد حاج حمد عليه أولا أن يثبت لنفسه الروح ويقنعنا بأنه يمتلك روحا قبل نفيها عن (الأبناء غير الشرعيين) .
بحسب هذا المنطق الأخرق، والمعيار الباطل الذي وضعه، لك ان تتصور صديقي القارئ أن إنسانا عظيما مثل "ليوناردو دافنشي" بكل فذوذيته وموسوعيته وإغداقاته على كثير من المجالات الإنسانية، هو في نظر محمد حاج حمد مجرد بهيمة ومن غير روح، فقط لأنه ولد لأبوين غير متزوجين!! بينما حاج حمد و "أدولف هيتلر" وغيرهما من العنصريين، هم كائنات زكية مليئة بالروحانية وقادرة على الإرتقاء الروحي والبذل الفكري والأخلاقي!
كل ما قاله محمد حاج حمد يبقى مجرد اجترار و تأييد منه لنظرية "فطرية الخطيئة وجبريتها" ؛ لأن الروح عنده شرط للحرية كما قرره في كتابه "حرية الإنسان في الإسلام" كونها -أي الروح- خارجة عن قوانين الطبيعة التي تحكم على ثلاثية البدن والحواس والغريزة، ليبقى الإستنتاج المنجز والبسيط بالنسبة له، هو : أن كل من ولد من أبوين غير متزوجين فهو مجبور على الإفساد مجبول عليه، لأنه مجرد من الروح التي هي السبيل الوحيد لإرادة حرة تصارع الشهوات في واقع محكوم بقوانين المادة .
فالموجودات تنقسم عند حاج حمد إلى أربعة : كائنات تتكون من البدن فقط وهي الجمادات، وكائنات تتكون من البدن والحواس وهي النباتات، و كائنات تتكون من البدن والحواس والشهوة والروح وهم البشر على اختلاف اشكالهم ولكن لا ينتمي إليهم الإبن غير الشرعي! وأخيرا هناك كائنات تتكون من الجسد والشهوة والحواس وهم صنف البهائم وهو نفسه الصنف الذي حشر فيه هذا المتخاذل (غير الشرعين) في هراركية جائرة و وضيعة .
وطبعا نحن نعرف أن تقسيم الموجودات على هذا النحو هو أمر سبق إليه أفلاطون وأرسطو وغيرهما، كما أنه معروف في علم المنطق وموجود في كل كتبه في باب الكليات الخمس، فحاج حمد لم يأتي بشيئ جديد وإنما مجرد قص ولصق مع بعض التحوير والبهارات السفسطائية، ولعل الشيئ الجديد الوحيد الذي أتى به ويستحق عليه براءة اختراع، هو تصنيف الناس الأبرياء مع البهائم وازدراؤهم في ماهيتهم وهويتهم و وجوديتهم، فقط لأنهم ولدوا بطريقة غير رسمية!
وعلى الرغم من هذا السبق، فلابد أن لحاج حمد سلف يتأسى به ويأخذ عنه، فتاريخ ازدراء الناس طويل عريض ولا يوجد كائن تعرض للإهانة مثلما تعرض لها الأطفال الأبرياء الذين وجدوا أنفسهم فجأة مثلقين بخطايا آبائهم مسلسلين بجريرة لم يرتكبوها .
ولما اتضح لنا بجلاء؛ أن حاج حمد لم يستنبط نظريته العنصرية من النص القرآني ، فإنه من الحري بنا تتبع هذه النظرية الخطيرة لمعرفة من أين أتى بها ؟ لندرك وبسهولة تامة، بأنها من المسائل الخلافية عند الفقهاء حيث قال بعضهم بأن الأبناء غير الشرعيين مجرد نطف خبيثة وبالتالي لا يمكن أن تتخلق منها نفوس طيبة تسعى إلى الخير والصلاح، ومن هؤلاء القائلين بهذا القول نجد للمثال لا الحصر، الإرهابي الدجال المسمى ابن قيم الجوزية في كتابه "المنار المنيف" حيث قطع لهم باستحقاقهم للجحيم .!
ويقل هذا الخلاف حدة وشدة عند فقهاء الشيعة، حيث ذهب السافل ابن ادريس الحلي وآخرون إلى الحكم بكفر أبناء الزنا حتى لو أظهروا الإسلام!!
وفوق ذلك كله، فإن الفقه الشيعي اخترع جملة من الشروط لدخول الجنة ومنها "طيب الولادة"، وعندهم رواية من أغرب الغرائب تؤكد أن الأعمال الصالحة لا تهم ولا تنفع صاحهبها إن ولد بطريقة غير شرعية، جاء في كتاب بحار الأنوار للمجلسي: "لو كان أحد من ولد الزنا نجا، نجا سائح بني إسرائيل»، قيل له: وما كان سائح بني إسرائيل؟ قال: «كان عابداً، فقيل له: إنّ ولد الزنا لا يطيب أبداً، ولا يقبل الله منه عملاً، فخرج يسيح بين الجبال، ويقول: ما ذنبي؟" [ج5/286] .
فبالله عليكم أهناك إجحاف بعد هذا ؟ الرجل كان عابدا زاهدا لكنه مولود من الزنا، وعندما علم بأن ابن الزنا لا يطيب جن جنونه وساح في الجبال يناجي الله بهستيرية ويقول مستغربا: وما ذنبي أنا يا رب كإنسان صالح ألا أنجو من النار لذنب ؟! لا والمضحك هو تتمة لهذه الرواية ذكرها البحراني في كتابه "الحدائق الناضرة في أحكام العثرة الطاهرة" حيث يرد الله على هذا الإنسان المحطم وكأنه خصيم له ، ويقول له : أبواك أذنبا وزنيا ثم غفرت لهما، لكنك انت رجس ولحمك نجس !!
ثم يعلق البحراني على القصة قائلا: " أقول: أنظر إلى صراحة هذا الخبر في أن منعه وطرده عن الجنة إنما هو من حيث كونه ابن زنا" !؟.
فبشرفكم هل ثمة كلمات كافية لوصف هذه المهازل ؟ هل هناك تشويه للإنسان وللإله أكبر من مثل هكذا فكر ؟! لا والعجيب أنهم لا يخجلون من أنفسهم وهم يصدعون رؤوس أمنا بشعاراتهم عن الروحانية والقداسة ؟ فأي روحانية في مثل هذا الكلام أخبروني أرجوكم !؟
وعليك أن تعرف بأن طيب الولادة الذي هو شرط لدخول الجنة ليس المقصد منه أن تولد بموجب زواج شرعي فقط، بل يجب أن يكون أبواك يأكلان الحلال لمدة لا تقل عن أربعين يوم من يوم الجماع الذي حبلتك أمك منه، فضلا عن وجوب أن يكون المال الذي يشتري به والدك الطعام ويتزوج به مخمسا وشروط أخرى .
(ولمن أراد الإطلاع على مزيد من هذه الغرائب، فعليه بالمقالة السابقة ) .
وطبعا هؤلاء الفقهاء صاغوا النظرية بناء على بعض الأحاديث التي ضعفها كثير من أهل الإختصاص كإبن حزم، وقطع آخرون بوضعها واختلاقها، ومنهم الملا علي القاري وابن طاهر والحافظ ابن الجوزي الذي قال بأنها أحاديث موهونة الأسانيد منكرة المتن وتتعارض مع أصل ثابت من أصول الدين (( ولا تزر وازرة وزر أخرى)) .
عودة إلى حاج حمد الذي لا ينفك عن التشنيع على الفقه والفقهاء ويقدح في أخلاقهم ويتهمهم بالعنصرية واضطهاد الشرائح المستضعفة، قبل ان يتضح بانه يسرق منهم ويعيد تدوير أفكارهم باسم الفكر هذه المرة لا باسم الفقه التقليدي، فها هي كتب الأحاديث أصبحت مرجعا عنده بدون تدقيق وبدون تمييز بين سقيمها وسليمها، تلك الكتب التي قال في كتابه "ابستموجيا المعرفة الكونية " بأنها مجرد تلمود يشبه التلمود اليهودي وأنها مجرد كتب تعج بالإسرائليات التي تنظر إلى كل شعوب الأرض بدونية، فها هو يكرع من تلك الكتب نفسها وينهل، بل وينهل ربما من الإسرائليات الحقيقية حتى؛ لأن ثمة رأي قديم يقول بأن احتقار الأبناء غير الشرعيين تسرب إلى الفقه الإسلامي عن طريق الإسرائليات، جاء في كتاب الدر المنثور للسيوطي : ((عن الشعبي قال: ولد الزنا خير الثلاثة، إنما هذا شيء قاله كعب هو شر الثلاثة))[3/411] .
فهذا الشعبي الذي ينتمي إلى رعيل التابعين رفض صحة حديث ((ابن الزنى شر الثلاثة)) وقال بأنه مجرد اختراع من كعب الأحبار الذي كان قد تحول من اليهودية إلى الإسلام وضل متأثرا بالتراث الإسرائيلي.
حاج حمد كان يرصف به أن يرأب بنفسه عن الوقوع في مثل هذه العنصرية الغير مبررة، وكان من الأنسب لو سخر فكره في ضرب العنصرية في جوهرها وانتقادها بكل تمظهراتها وأشكالها وليس الكيل بمكيالين، لاسيما وأنه يدرك تمام الإدراك كيف يشعر الإنسان المزدرى وكيف يتألم وكيف يعاني إن أوقعه حظه العاثر في مجتمعات عنصرية لا ترحم .
محمد حاج إنسان إفريقي وينتمي إلى عرق بشري ببشرة سمراء لا فرق بينه إطلاقا وبين أي عرق آخر، ومع ذلك تعرض هذا العرق إلى عنصرية بغيظة وتم احتقاره وازدراؤه وتهميشه، على مدى تاريخ طويل من الظلم في مجتمعات مختلفة، فعلى محمد حاج حمد أن يفكر في فظاعتة العنصرية وقبحها قبل أن يقارفها ويمارسها ، عليه أن يفكر انه هو نفسه لو كان قد قدر له التواجد في المجتمعات العنصرية فكيف سيكون وضعه ؟!
فلو كان حاج يبرر عنصريته للأبناء غير الشرعيين بالأحاديث الموضوعة، فإنه سيكون نفسه عرضة للعنصرية والإقصاء، وما أكثر الروايات الموضوعة التي جرى اختلاقها في عصور التدوين ضد الأبرياء فقط لأنهم ولدوا ببشرة سمراء، ومنها للتذكير لا للحصر " الأسود اذا جاع سرق وإذا شبع زنا" و "لا تزوجوا الزنج فإنهم خلق مشوه " ..وغيرها من الأحاديث التي استنكرها وحم عليها بالوضع كثير من المحدثين والفقهاء .
وإن كان محمد حاج يبرر عنصريته باسم الفكر والعلم فسيجد نفسه مرة أخرى ضحية مفترضة للعنصرية، وسيجد مثلا الفيلسوف دفيد هيوم يصنف بكل قبح وفظاعة أصحاب البشرة السمراء في ذيل البشرية وينظر إليهم بدونية مجحفة وإسفاف ، فبحسب هيووم ونظرته العنصرية الدونية فإن محمد حاج حمد لا اعتبار له ولا لأفكاره وكتاباته .
وفي علم "اليوجينيا" توجد الكثير من النظريات العنصرية ضد الإنسان وتدعو لمنعه من الإنجاب بحجة أن نسله غير صالح للطبيعة أو المجتمع فقط لأنه ولد ببشرة سمراء!! ، وهذه النظريات هي ما تولد عنها تعقيم الزنوج في ألمانيا وإبادتهم، وهي نفسها ما تولد عنها قرارات جد خطيرة ومؤذية للانسان، مثل قانون "نورمبرغ 1935" الذي كان يهدف إلى التطهير العرقي .
فحاج حمد كان عليه أن يرأب بنفسه عن هكذا أحكام ونظريات لا يمكن أن تكون لها أدنى إضافة سواء للفكر او المجتمع، لاسيما وأنه هو نفسه كان من الممكن ان يكون ضحية محتملة للميز والعنصرية والإزدراء المجحف والظالم لو تواجد في مجتمعات معينة، فالعنصرية هي العنصرية ويجب محاربتها في جميع تمظهراتها دون أية ازدواجية، وعدم الإتساق هذا هو ما وقع فيه حاج حتي تكسرت عظامه .
لن أتحدث عن نتائج بث نظرية ساقطة وبغيظة كهذه في المجتمع وكم ستضر بهذه الشريحة التي تعاني غالبا التشرد والتشرذم والحرمان من دفئ الأسرة وعواطف الأمومة والأبوة والأخوة والتي هي غرائز طبيعية لا تفرق بين من ولد بموجب وثيقة الزواج ومن ولد بعلاقة أخرى.
لكن أيعرف محمد حاج هذا ما معنى أن يقول لإنسان بأنك بهيمة وأنك ليس بمقدورك أن تكون صالحا للمجتمع أخلاقيا وفكريا أو لتطبيق تعاليم الإله مهما حاولت ؟ وماذا سينتظر منه بعد أن تقنعه بهذا الكلام التافه والمتهافت ؟ طبعا إن قدر له الفشل فكريا وأخلاقيا فستكون أنت المسؤول الأول عن فشله، لأنك افقدته الثقة بذاته وامكانياته، وأن يفقد المرء الثقة في نفسه فهذا معناه بأنه سيسقط وسيلازمه الفشل في كل تجاربه فكرية وأخلاقية و وجدانية، فهذا أمر معروف في علم النفس ب " تأثير غوليم" ولا يوجد عاقل على الأرض ينكر هذه الحقيقة.
فهذه إذا هي نتائج العنصرية الحتمية ومجانيها : تهميش وإقصاء واحتقار واستبعاد واستعباد وإبادة، وسلب للروح المعنوية للإنسان قبل سلبه الروح التي يبقى بموجها في الحياة للاسف الشديد،
شتان بين محمد حاج الذي يقول بأن الأبناء غير الشرعين أشرار مفسدون بالفطرة وغير قادرين على النجاح الأخلاقي ، وبين بارون دي هولباخ الذي يقول: بأنه لا يوجد إنسان يولد شريرا .
وشتان بين محمد حاج الذي يقول بأن الابناء غير الشرعيين كالبهيمة العاجزة فكريا وبين برتاند راسل الذي يقول بأنه لا يوجد إنسان ولد غبيا .
هذا هو الفرق بين المفكر الحقيقي الذي يحارب العنصرية قلبا وقالبا وبين المفكر الذي ينهى عن خلق وياتي بأقبح منه كما قال أبو الأسود الدؤلي.
طبعا هذا بصرف النظر عن كون لا وجود لمقارنة أصلا من حيث القيمة بين فيلسوفين عظيميين، مثل راسل و دي هولبلخ، وبين حاج حمد الذي ليس هو في خضرتهما إلا كذرة من الغبار أمام السموات والبحار .



#محمد_ياسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف ينظر الفقه الشيعي للمخالفين
- لماذا يتراجع الملحد عن أفكاره عند اقتراب الموت ؟
- نظرية العذاب الأبدي تسير نحو الأفول الأبدي
- الدوافع الدينية والنفسية للإرهابي
- غرائب الفقهاء : مسائل خيالية وأجوبة ذهانية وهلوسات
- غرائب الفقهاء: حيل شرعية وشبهات


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد ياسين - المفكر الإسلامي محمد ابو القاسم حاج حمد ونظرته الدونين للأبناء خارج إطار الزواج