أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم عبدالله - قراءة نص مقبرة المدينة / بقلم : طالب زعيان














المزيد.....

قراءة نص مقبرة المدينة / بقلم : طالب زعيان


كريم عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 6539 - 2020 / 4 / 16 - 21:50
المحور: الادب والفن
    


قراءة نص مقبرة المدينة
للشاعر كريـــــم عبـدالله
بقلـم : طالــــب زعيـــان
النص الأدبي ربما يكون يوما ما وثيقة تاريخية وشاهدا على حالة ايجابية أو سلبية قد حصلت في زمان ومكان معينين لأن الأدب مرآة المجتمع هكذا أراد كريم عبدالله من نصه وصف حالة بما رأته عيناه وشغلت عقله تلك المقبرة ظاهرها جماد لكن تحتها أرواح وأحلام خطفها الموت وهنا يتساءل ما سبب الموت؟!
بدأ نصه بحرف ( ألا ) من حروف التنبيه في اللغة العربية بمعنى انتبهوا هناك أمر مهم أو فاجعة ما (ألا ترى معي ) هنا الخطاب جاء للمفرد الواحد لكنه في الحقيقة هو خطاب للجميع وهذا من جماليات اللغة العربية وذكاء الشاعر , كان واثقا من خطابه حين قال (بأنَّ المقابرَ كلّها هادئةً) ضمن العبارة توكيدين والتوكيد من أساليب اللغة العربية الذي يقطع الشك لدى المخاطب فأتى بالتوكيد بـ( أن , كلها ), ثم يتحول الخطاب إلى صيغة الاستفهام المجازي للتعجب (أنظرْ كيفَ تنمو كلَّ يومٍ للآنَ تشتاقُ كثيراً لأخبارِ الحروب ) أنظر بمعنى انتبه وذلك لهول الفاجعة يكرر الشاعر الانتباه .. ( كيف تنمو) كيف من أدوات الاستفهام في اللغة العربية تسأل عن الحال لكن هنا جاءت للاستفهام المجازي الذي خرج للتعجب التعجب من هذا الأمر, والشاعر حول المقبرة إلى كائن حي باستخدامه الأفعال المضارعة ( تنمو , تشتاق ) جاء بهما مجازا والمجاز من أساليب البلاغة حيث أن النمو والاشتياق للكائنات الحية وليست للجماد وهذا يدل على قوة لغة الشاعر البلاغية .....
تضمن النص تشبيها جميلا والتشبيه من الأساليب البلاغية في علم البيان (صمتها كشاهداتِ القبور فاغرة فاها لا تشبعُ أبداً) استخدم أداة التشبيه الكاف ( كشاهدات ) والشاهدة هي حجر مستطيل يوضع على القبر يكتب عليها اسم المتوفى وتاريخ وفاته حيث شبه صمت المقبرة كشاهدات القبور لا تشبع .. الجميل أن المشبه به جاء من نفس المكان أي من المقبرة يدل على خيال الشاعر الواسع.
يستخدم الشاعر ( كم) (كمْ هي رحيمة تحتظنُ الوافدينَ إليها وتنادي هلْ مِنْ مزيد ) تسمى هنا كم الخبرية للكثرة بأن المقبرة تستقبل أمواتا ليس لها حصر لكنها لا تشبع تبقى تنادي وتريد المزيد لكن الشاعر كان ودودا معها حين قال (رحيمة تحتظنُ الوافدينَ ) وصفها بالرحمة والاحتضان الذي في دفء ومحبة وكلمة الوافدين الوافد يأتي من اختياره وليس جبرا لاحظ كيف تلاعب بالألفاظ ويستمر بذلك المفردات التي جعلته مكانا للفرح وليس للعزاء " يتغنّى الحفارونَ" " ويبددُونَ وحشةَ الأرضَ" " فتستبشرُ الفؤوسَ بزائرٍ جديدٍ " ثم ينهي هذا الفرح بعبارات مؤلمة
" أنّهم تركوا خلفهم ملذات الحياةِ " كمْ هو مؤلمُ هذا الفراق"
لم يبق لدينا منهم كما يقول الشاعر سوى الوثائق الشخصية والذكريات " فقطْ هي الوثائقُ الشخصيّة تؤرّخُ كمْ لبثوا بيننا والذكريات تؤرشفُ أماكنهم" يكرر الشاعر في النص ( كم ) الخبرية لأنهم أصبحوا خبرا من الماضي " كمْ لبثوا بيننا "
من العبارات الجميلة في النص " هجرتهم الطويلة " جملة اسمية تدل على الثبوت وعدم التغيير أي بمعنى باقون في هجرتهم وكلمة الهجرة تعني الخروج من مكان إلى مكان أخر أو من حياة إلى حياة أخرى..
" لا يملكونَ مفاتيحَ العودةِ " تصوير جميل جدا بأسلوب النفي بأداة ( لا ) لا يملكون
هناك حسرة وتمني لدى الشاعر وهم بعيدون عن مباهج الحياة وحتى من بروجها الخضراء
" حتى المروجَ الخضراءَ مِنْ حولها يا ليتَ ينابيعها تومىءُ للشمسِ ألاّ تتثاءبَ فوقَ قبورها الهامدة " نجد هنا أسلوب أخر من أساليب اللغة العربية التمني وهو أمر لا يرجى حصوله بـ( ليت) يا ليت ينابيعها تومئ للشمس بمعنى تطلب من الشمس وهذا أمر مستحيل
بعد أن كان كريم عبدالله رقيقا بعباراته وخيالاته الجميلة على الرغم الحزن الذي يحمله في داخله لكنه يثور في النهاية ولم يحتمل ذلك الوجع بأساليب مختلفة من اللغة منها التعجب الذي يتعجب من دروب الرحيل قائلا " ما أضيقَ دروبَ الرحيل وهي ترددُ الأنينَ !" ثم يعقبه بالتوجع والحسرات ..."آهٍ هنا تتوارى أسماؤهم في المنعطفاتِ المفجوعةِ بالغياب "
وبأسلوب أخر النداء الذي يدل على الضيق والحزن بـ ( أيها ) أطلق عليهم الهابطون والهبوط هو النزول الاضطراري أو الإجباري بأنهم انتقلوا من حياة إلى حياة أخرى ليست بإرادتهم نادهم بصورة متقابلة جميلة فيها الحزن.....بعد أن نخرت أسماؤكم = كأني أسمع أصواتكم
" أيّها الهابطونَ إليها بعدما نخرتْ أسماؤكم الحربَ كأني أسمعُ أصواتكم تضمّدها لفافاتِ نازفةٍ "
وينهي الشاعر نصه بالاستفهام بـ( هل ) قائلا:
هلْ تخيّلتم أنَّ يوما ما ستبعثونَ مرةً أخرى ويهديكم هذا الخرابَ أمنياتكم المسلوبةِ ؟
يعلم أنهم لم يبعثوا مرة أخرى ولذلك اختار لفظة تخيل أي شيء من الخيال والأحلام التي لم تتحقق أبدا لكن شوقه لهم دفعه لهذا السؤال.



#كريم_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البُعد النفسي ودلالاته في المفردة الشعرية بقلم : كريم عبدالل ...
- لغة المرآيا والنصّ الفسيفسائي بقلم : كريم عبدالله – العراق 3 ...
- البوليفونية وتعدد الأصوات
- تجلّيات اللغة في القصيدة السرديّة التعبيريّة
- على صهوةِ ( المطعم التركيّ )* يستيقظُ الفجر
- لنْ أكلَّ مِنْ هذا الهوس
- صدر في بغداد عن دار المتن للنشر والتوزيع كتاب ( جماليّة الصو ...
- قنابل الدخان تُبلسمُ جراحاتِ الزمنِ
- خيولُ ( جواد سليم )* الجامحة / يوميّات تشرينيّة ٌ مِنْ ساحةِ ...
- مطرٌ على جبهةِ النهار
- توهّجُ المشهد الشعري في نصوص تقليلية لل الشاعرة : رحمة عنّاب ...
- قراءة في قصيدة ( ثورة ُ الصمت ) للشاعر : كريم عبدالله – بغدا ...
- نصّ الشاعرة : سهام الدغاري – ليبيا – بعنوان : أنساب بين أنام ...
- مونولوج سومريّ
- الأيروسية في القصيدة السردية التعبيرية / بقلم : كريم عبدالله
- جمالُ صوت المرأة في السرديّة التعبيريّة ثانياً : لغة المرآيا ...
- جمالُ صوت المرأة في السرديّة التعبيريّة بقلم : كريم عبدالله ...
- العاطفة في القصيدة السردية التعبيرية ( أشواقٌ صائمةُ .. نموذ ...
- قراءة سريعة لنصّ : سوسان جرجس بقلم : كريم عبدالله .. بغداد – ...
- اللون في الصورة الحسيّة في نصّ (غضب الأحمر ) للشاعرة : سهى س ...


المزيد.....




- باتيلي يستقيل من منصب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحد ...
- تونس.. افتتاح المنتدى العالمي لمدرسي اللغة الروسية ويجمع مخت ...
- مقدمات استعمارية.. الحفريات الأثرية في القدس خلال العهد العث ...
- تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي
- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم عبدالله - قراءة نص مقبرة المدينة / بقلم : طالب زعيان