أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عدنان حسين أحمد - العراقيون مع الحرب وضدها في آنٍ معاً














المزيد.....

العراقيون مع الحرب وضدها في آنٍ معاً


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 458 - 2003 / 4 / 15 - 00:00
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    



•  / أمستردام

يعيش العراقيون حالة غريبة من الازدواجية في تحديد موقفهم من الحرب التي دخلت يومها السادس والعشرين. فهم " مع الحرب وضدها في آنٍ معاً! "وربما يكون من المناسب أن نستحدث مفردة " ضدْمَعْ " من دمج النقيضين " ضدّ و مع " للإشارة إلى حالة التناقض التي تتلبس كل مواطن عراقي نبيل وهو ينشطر متوزعاً بين ذروة الفرح نتيجة لسقوط الدكتاتورية، وذروة الحزن على أرواح العراقيين التي أزهقت تحت قنابل الغزاة الذين اجتاحوا العراق من دون أي تفويض من الأمم المتحدة. العراقيون رقصوا، وهللوا، وغنوا عندما تداعت تماثيل صدام في المدن العراقية تباعاً، كما تداعى فكر البعث النازي المشؤوم، ولكن الحزن كان يدمي قلوبهم في الوقت ذاته وهم يرون رعاع الناس ينهبون كل ما تقع عليه أيديهم، فلم يتركوا وزارة، أو جامعة، أو مدرسة، أو دائرة خدمية، أو متحفاً إلا وكان عرضة للنهب، والتخريب وكأنهم ينتقمون من حكم الطاغية، ومن أنفسهم أيضاً! فكيف نفسر للعالم سرقة المتاحف العراقية التي تضم الُلقى والآثار العراقية لمدة ستة آلاف سنة؟ وكيف نؤول سرقة الجامعات وإحراق كتبها، ومصادرها، ومراجعها العلمية؟ والغريب أن جيوش الاحتلال اكتفت بالتفرّج على هؤلاء الغوغاء وهم يسلبون كل شيء في رابعة النهار على الرغم من أن المسؤولية القانونية تقع على عاتق الدولتين المحتلتين اللتين غضتا الطرف عن هذه العمليات التخريبية التي قدمت صورة مشوهّة عن شعب الرافدين الذي اخترع الكتابة، وسنَّ القوانين، و شيّد أول مدينة في التاريخ، وصنع العجلة، وكتب أولى الملاحم الشعرية. لم تَرُقْ للكثير من العراقيين هذه الصورة المؤسية وهم كثرما ينخرطون في بكاء حار أمام شاشات التلفزيون التي تلتقيهم على مرأى العالم أجمع. فالعراقي أسمى من أن يتحول إلى سارق لتراث شعبه، ولص لمقتنيات دوائره الحكومية في مشهد مخجل يضطرك لأن تستدير بعينيك إلى زاوية ما، أو توهم نفسك أن ما يحدث ليس في العراق، وإنما في دولة يحكمها قانون الغابة ليس إلا. العراقيون فرحون، بل منتشون لأنهم يعشقون الحرية التي لم يشعروا بطعمها ذات يوم، ويتطلعون بعين اللهفة إلى الديمقراطية التي لم يمارسوها على أرض الواقع بعد أن غاب هامشها الضيق في العهد الملكي. العراقيون يقوّضون التماثيل ويسحلون رؤوسها في الشوارع والساحات العامة بفرح كرنفالي غامر وكأنهم لم يفرحوا من قبل. غير أن هذا الفرح لا يعني أنهم مع الاحتلال " ربما يكون هناك نفر ضال مريض يقبل بفكرة الاحتلال " لكن الناس الأسوياء لا يرضون الغزو، وربما سيتحملوه لبضعة أسابيع أو بضعة اشهر لحين استتباب الأمن، وانتقاء الحكومة الانتقالية المؤقتة التي يقبل بها الشعب العراقي. أما إذا طال أمد الاحتلال أو تواجد القطعات " المُحررة " حسب زعمهم أكثر من ستة أشهر فعلى الأنكلو - أمريكان أن يعيدوا النظر في تواجدهم الذي لا تبرره الأعراف والقوانين الدولية. وقد بدت معالم التذمر واضحة في تصريحات المواطنين العراقيين الذين يُعربون عن رغبتهم في رحيل هذه القوات وجلائها بأسرع وقت ممكن. فنحن مع رحيل الدكتاتورية، وقبر الاستبداد إلى غير رجعة، ولكننا لسنا مع وجود الأجنبي مهما كان لونه، وطريقة تفكيره، مثلما نحن لسنا مع النماذج المعارضة التي تنسجم مع رؤية الأمريكان لمستقبل العراق خاصة، والشرق الأوسط عامة. لقد صودر العراق لفترة طويلة من الزمن، وينبغي ألا يُصادر بعد الآن. فالتكنوقراط العراقيون المعتدلون هم الأحق بقيادة دفة السفينة العراقية التي تقاذفتها أمواج المصالح الفردية، وأحلام العسكر الذين لا يفكرون إلا بهيبة الموكب الرئاسي متجاهلين، أو متناسين أن كرسي السلطة الوثير هو أكبر مسؤولية تُلقى على كاهل رجل الدولة الأول، وخادمها الأمين الذي ينبغي أن يتخلى عن ملذاته الشخصية، ويقتطع الجزء الأكبر من وقته الشخصي خدمة للعامة من الناس بحيث يصبح رمزاً للتضحية، والتفاني من أجل العراقيين المسكونين بهواجس الخوف، والموت الجماعي مذ جاءت طغمة البعث المستبدة التي عاشت طوال فترة حكمها خارج التاريخ، ونحن نعلم علم اليقين بأنها جاءت بقطار أمريكي، وغادرت في جوف دبابة أمريكية اسمها إبرامز أو برادلي، أو في جوف طائرة حديثة اسمها أباتشي أو منكاتشي نسبة إلى الفلاح العظيم علي عبيد منكاش الذي أسقطها بطلقة من بندقيته القديمة البرنو كما ادعى نجم الحرب الأنكلو - أمريكية - العراقية محمد سعيد الصحاف الذي غاب بمعية القيادة العراقية في رمشة عين وتركونا نتخبط في التأويلات التي أرشدتنا إلى ثلاثة احتمالات لا رابع لهما، وهي إما أن يكون صدام وزمرته يعيشون في الأنفاق السرية التي حفروها منذ ثلاث عشرة سنة، أو أن الجزء الأكبر منهم قد مات في قصف القنابل الذكية لحي المنصور، بينما تلاشى ما تبقى من فتات القيادة " المخزية " في القرى والأرياف النائية، إن لم يغادر الجميع في جوف طائرة المنكاتشي التي سقطت من دون أن تصاب بأذىً يعيقها من الطيران ثانية. 

 



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبادة الآلهة المزيفة
- سقوط النمر الورقي
- الدعاية والدعاية المضادة في الحرب على العراق
- سيئول ستشترك في الحرب ضد العراقمن أجل تعزيز علاقاتها بواشنطن
- مسرحية - المتشائل - في لاهاي
- حفل فني لمارسيل خليفة في هولندا
- منتدى الصحفيين العراقيين في ملتقاه الثاني. . توصيات، وميثاق ...
- هولندية مرشحة للبرلمان تتطاول علي شخصية الرسول (ص) - أمستردا ...


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عدنان حسين أحمد - العراقيون مع الحرب وضدها في آنٍ معاً