أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - رضا كارم - وماذا إذا كان الاغتصاب مجندرا ؟ عمل المجتمع وخياره














المزيد.....

وماذا إذا كان الاغتصاب مجندرا ؟ عمل المجتمع وخياره


رضا كارم
باحث


الحوار المتمدن-العدد: 6536 - 2020 / 4 / 13 - 20:31
المحور: ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
    




لا يبدو أنّه ثمّة انفصال بين حدث اغتصاب فتاة تونسيّة منذ أيّام على أيدي مجرم، وجزء كبير من التّعليقات في العالم الافتراضيّ الّتي تناولت الجريمة من زوايا مكرورة تعوّد عليها الرأي العامّ. وتشير الوقائع منقولة عن بعض المدوّنين وبرنامج تلفزيّ، أنّ الضّحيّة توجّهت يوم 20مارس إلى محطّة نقل برّي لتسلّم حاسوبها، فاعترضها شخصان من عصابة واقتاداها عنوة إلى مكان مهجور أين اغتصبت بعد محاولة فرار فاشلة خلّفت لها كسورا بعمودها الفقريّ.
وقد تفاعل بعض النّاشطين مع الجريمة، وأثمر هذا التّفاعل تخصيص حصّة تلفزيّة أماطت جزءا من اللّثام عن جريمة الاغتصاب. لكنّ تعليقات كثيرة تلت البرنامج جرّمت الفتاة، ومنها كلام مدرّب تنس يدرّب الفتيات جاء فيه: "أنتم تتركون لنسائكم وبناتكم حرّية اختيار ملابسهنّ وتتركون لهنّ حرّية التّنزّه والخروج من البيت ثمّ أنتم تبحثون عن المساواة بين النّساء والرّجال... إذن، هذه نتيجة قراراتكم تلك. من تخرج من بيتها عليها تحمّل مسؤوليّتها. الزمن بيوتكنّ لقد تسبّبتم لنا في العار، أنتنّ لا دين لكنّ ولا انتماء لملّة".
تعليقات بلا عدد نشرت على صفحات التواصل تكشف أنظمة التّمثّل عند جزء واسع من المجتمع. لقد مررنا من التّعامل مع جريمة من التّضامن الطّبيعيّ والتّلقائيّ مع الضّحيّة إلى محاولة طمس معالم الجريمة ثمّ إلى تبريرها وتجريم الضّحيّة. وكشف السّياق البطركيّ الذي تنزلت فيه الحادثة عن جندرة العنف و ممارسة التّمييز داخله: بين ضحيّة /ذكر نتعاطف معه فورا، وضحيّة /أنثى نسائلها فورا، في أغلب الأحيان. ونتذكّر منذ سنوات ماذا حدث مع الفتاة الّتي اغتصبها أعوان شرطة، وما مضمون تعليقات أهل السّياسة في زمانه ومجموع مبرّراتهم للجريمة.
إنّ العقل ذاته، عقل التّبرير الذّكوريّ الّذي لا يرى في المرأة غير سلعة تكمّل بنيان الرّجولة مازال يشتغل في واقعة الحال. وهو يحدّد فضاء المرأة (المنزل) وعلاقة الرّجل بها (التّحكّم) ويعيد طرح مسألة الحرّيات الفرديّة طرحا جندريّا (حرّية اللباس وحرّية التّنزّه ليست متاحة للمرأة). فماذا يعني العار؟ أليس العار اعتبار الاغتصاب شأنا يمكن تفهّمه؟ واعتبار الضّحيّة مجلبة للعار، ألا يشير هذا المنطق التبريري إلى تواصل عمليّة اغتصاب الفتاة على أيدي المجتمع: رجالا ونساء يشاركون في الجريمة دون تحفّظ، ويكتبون سطور الهيمنة الذّكوريّة بعد أن تم دخلنتها فغدت جزءا من بنية العقل عندهم /هنّ؟
تشكّل تعليقات جمهور التّبرير العابر للجنادر هيكلا خطابيّا لصناعة الاغتصاب ومأسسته سوسيولوجيّا باعتباره جريمة يشترك في صياغتها المجرم والضّحيّة. وهو مواصلة لوطء الضّحيّة وعرض جسدها والإشارة إلى "فتنتها" و"عريها" بما هي حجج إدانة المغتصبة ووسائل تأثيمها. وهي إذ تزيّنت وامتكلت جسدها الخاصّ وانفلتت من التّكميم الاجتماعيّ، تكون قد هيّأت السّبيل لتشكيل ضحيّة ذكوريّة أعياها الكبت ولن يكون تصعيدها جريمة كبرى بقدر ما هو ضرورة بيولوجيّة وزينة زيّنها الشّيطان ورسّختها "الفاتنة الّني أسرته بجسد يتمايل". فكان أن "ارتوى" من ظمإ وكانت "ماء زلالا" أطفأ وهيجه. وربّما أصلحنا ذات البين وعقدنا قرانهما؟ ومن يدري، لعلّها فاتحة خير.
تعيد الحادثة فتح نقاش أصليّ يأبى الحضور باعتباره أصلا لكلّ نقاش: إنّها قضيّة موقع الدّين من الحياة. ينبغي أن نتسلّح ببعض الصّراحة لقول ذلك. مادام الدّين يقنن طريقة دخولنا بيت الخلاء مراحيضنا ويتدخّل في عوراتنا وسوءاتنا ونظافتنا ويضع شروطا عليا لأنظمة لباسنا وطعامنا وشرابنا وخطابنا وممارساتنا، فإنّنا نحتاج إلى إعادة استنطاق هذا الموقع المستبدّ للدّين. ولكنّ الأمر لا يتوقّف عند هذا، فإنّ الرّجولة المسيطرة الّتي تقبلها أغلب النساء عن طيب خاطر ويمارسها الرّجال دون ارتباك عقلانيّ، تتجاوز كلّ الأديان وتتّصل بأصول بعيدة في التّاريخ ومازالت فاعلة بقوّة في عصرنا. ولذلك سنحتاج أيضا إلى مساءلة الهيمنة الذّكوريّة في يوميّاتنا مثلما نسائلها في ما نكتب وما نفكّر فيه.



#رضا_كارم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية التمثيلية او الحرية : حتمية الثورة في تونس
- صناعة المؤسسة و اكتساب الطبيعة
- مأساة النمذجة في عقل المسلم الأرثوذكسيّ.
- الخيارات محدودة: إنسان أو دولة .
- الإقليم يتغيّر و السعودية تكتشف الجريمة فجأة
- دولة إسلامية ردّا على دولة إرهابيّة
- النّسيان :جوهر الأزمة الإنسانيّة
- 17ديسمبر و صيحة أخرى
- حول الإصلاح التّربويّ
- فوضى الأسئلة و مشروع السّؤال
- امرأة مهمّشة ،إنسان مستعبد
- بورقيبة التاريخي لا بورقيبة المفبرك في معامل الإديولوجيا
- الجبهة الشّعبيّة بحاجة إلى -فضيلة القتل- أو عليها انتظار-رذي ...
- المثلّث الخبري المعرفيّ : من يملك الحقيقة يسيطر على التّاريخ ...
- 23أكتوبر في مقاهي الهزيمة القرار، و الهزيمة المختارة
- العشرون من مارس 56: بنود -استقلال دولة- أو شرعنة احتلالها؟من ...
- لماذا هي كتابات أخرى؟ و لماذا يعلو الصّوت؟
- التوافقات الطّبقيّة تشكيل من خارج دائرة الحرمان لموجبات عناص ...
- لكن الكاميرا سقطت
- المعركة عميقا ، الصّراع متواريا ، المقاومة هناك أيضا


المزيد.....




- مقتل امرأة وإصابة آخرين جراء قصف إسرائيلي لمنزل في رفح جنوب ...
- “لولو بتدور على جزمتها”… تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر ناي ...
- “القط هياكل الفار!!”… تردد قناة توم وجيري الجديد 2024 لمشاهد ...
- السعودية.. امرأة تظهر بفيديو -ذي مضامين جنسية- والأمن العام ...
- شركة “نستلة” تتعمّد تسميم أطفال الدول الفقيرة
- عداد جرائم قتل النساء والفتيات من 13 إلى 19 نيسان/ أبريل
- “مشروع نور”.. النظام الإيراني يجدد حملات القمع الذكورية
- وناسه رجعت من تاني.. تردد قناة وناسه الجديد 2024 بجودة عالية ...
- الاحتلال يعتقل النسوية والأكاديمية الفلسطينية نادرة شلهوب كي ...
- ريموند دو لاروش امرأة حطمت الحواجز في عالم الطيران


المزيد.....

- جدلية الحياة والشهادة في شعر سعيدة المنبهي / الصديق كبوري
- إشكاليّة -الضّرب- بين العقل والنّقل / إيمان كاسي موسى
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- الناجيات باجنحة منكسرة / خالد تعلو القائدي
- بارين أيقونة الزيتونBarîn gerdena zeytûnê / ريبر هبون، ومجموعة شاعرات وشعراء
- كلام الناس، وكلام الواقع... أية علاقة؟.. بقلم محمد الحنفي / محمد الحنفي
- ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر / فتحى سيد فرج
- المرأة والمتغيرات العصرية الجديدة في منطقتنا العربية ؟ / مريم نجمه
- مناظرة أبي سعد السيرافي النحوي ومتّى بن يونس المنطقي ببغداد ... / محمد الإحسايني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - رضا كارم - وماذا إذا كان الاغتصاب مجندرا ؟ عمل المجتمع وخياره