أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نبيل عودة - فلسفة مبسطة: فكر الشعب المميز جلب الكوارث لنفسه وللإنسانية














المزيد.....

فلسفة مبسطة: فكر الشعب المميز جلب الكوارث لنفسه وللإنسانية


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 6536 - 2020 / 4 / 13 - 10:28
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


عرف عن الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشة من القرن التاسع عشر، رفضه لثوابت الايمان المسيحي ولكل الأخلاق السائدة. بالطبع لن أدخل في جوهر الصراع بين نيتشه والكنيسة المسيحية. نيتشه توهم انه يرى ظاهرة مهمة وبالغة الخطورة على العقل البشري، تسود بعض الفئات الاجتماعية المتعصبة لفكرة او لشخص ما يدغدغ ميولهم، وقد أطلق نيتشه على هذه الظاهرة تعبير " أخلاق القطيع ".. لأنها تطرح أطيقا غير طبيعية من وجهة نظره (وهي ظاهرة تتكرر في مجالات عديدة أهمها المجال السياسي، وفي الخضوع غير المبرر لأنظمة فاسدة)، وذهب نيتشه نحو ايجاد أطيقا جديدة بعيدة عن الأطيقا الكنسية (الدينية)، سماها " الرغبة بالعظمة". وان الوحيد غير العادي الموجود خارج "أخلاق القطيع" هو النجم الأعلى، أي السوبرمان، شخصا مميزا، أو مجموعة مميزة، وكم نحن شهود لمثل هذه الظواهر في عالمنا اليوم. حسب نيتشه يظهر "السوبرمان" كل عدة عقود أو قرن، وهو شخص (أو حزب أو منظمة أو عصابة مافيا مثلا) يحق له حسب عقله، ان يعبر بحرية عن قوته الطبيعية وتفوقه على القطيع. طبعا هذا لا ينفي انه هو شخصيا قائد القطيع. بالطبع نيتشه كان أشبه ببطل افلام الكاو بوي الطليانية (السباغتي) الذي ينتصر بكل الأحوال بقوته الخارقة ولو واجهه جيش من عشرات المسلحين.
لذا ليس بالصدفة ان نيتشة كان المفضل لدى زعيم الرايخ النازي، الذي قاد شعبه وشعوب العالم لكارثة انسانية رهيبة من أجل ابراز عظمة الفوهرر، او رغبة الفوهرر بالعظمة، بكونه السوبرمان لأرقى عنصر اثني ظهر فوق الأرض. وما زلنا نعاني من هذه البدع بأشكال مختلفة حتى اليوم، حتى من ضحايا السوبرمان النازي!!
وقد إتُهم نيتشة بكل شيء سيء في المانيا الجديدة، من العسكرية المجنونة وحتى الملفوف المكبوس بشكل لا يرضي ذوق الطعام عند الألمان.
بالطبع كلنا نعرف مصير الرايخ وزعيمه ومصير المانيا النازية وايطاليا الفاشية واليابان العسكرية، ومصير شعوب اوروبا وآسيا وشمال افريقيا وانعكاس فكرة السوبرمان على سياسة العالم حتى اليوم بنسختها الأمريكية، التي أبقت قصدا دول الشرق ما دون الرقي ليبقى "السوبرمان الدوري" مسيطرا وعظيما، أحضروا لنا المتفوق الدوري ونحن نيام وما زلنا، جاء هذا المتفوق على شاكلة الحركة الصهيونية ليبقى العرب في إطار القطيع. ولكنه ليس موضوعنا الآن !!
المستهجن ان بعضنا ما زال يؤمن بالنيتشية ويتصرف حسب مفاهيمها، دون ان يفهمها ودون أن يعرفها ودون ان يفهم ان فكر الوهم الاستعلائية قاد شعوبا عديدة الى الانحطاط، ويبقي شعوبا في قاع الرقي بأوهامها القاتلة انها تملك أرقى حضارة ... وأن النيتشيين الجدد يحركهم ظنهم انهم يتمتعون بالتميز البشري عن بقية أبناء شعبهم وتحركهم مشاعر الاستعلاء على القطيع.
الموضوع ليس سياسيا فقط وليس اجتماعيا فقط. هذه الظاهرة تنتشر على الأخص بين أشباه المثقفين المتكاثرين في ظل أزمة الثقافة العربية والفكر العربي، وسيادة الفكر الغيبي، فكر الخرافات والشعوذة، فكر تغييب العقل وتغييب المنطق، فكر التهريج بلا أي حس انساني أو القدرة على فهم سليم للواقع والوسائل النضالية الأكثر ملاءمة وتأثيرا في ظروف بالغة التعقيد والتركيب.
هناك حقا من يملك قدرات فكرية قد تتطور لو تخلص من الحلقات المغلقة التي تقيد فكره، لكن مجرد دخول النيتشية الى فكرهم وسيطرتها على عقولهم وتصرفاتهم، بوعي او بدونه، تحيلهم الى نرجسيين مغرورين، مضرتهم أكثر من فائدتهم وصمتهم وعزلهم مكسبا كبيرا لمجتمعاتهم.
من المؤسف أيضا ان الكثير من المثقفين في أيامنا نيتشيين (من نيتشه) في عقليتهم وتصرفاتهم، لكنهم ينسون أو يتناسون انهم عاشوا جل عمرهم كأفراد من القطيع ولم تتحرر ذهنيتهم من روح القطيع. ان النيتشية لا تظهر بقرار شخصي وحسب توقيت، بعد ان طار أكثر من نصف العمر داخل القطيع. انما هي مسار لمن يفتقد القدرة على التفكير ويدور في حلقة مفرغة من المقولات غير القابلة للنقاش، ومن العقائد التي توهمه انه سوبرمان في كل نشاطه وعقائده وكتاباته.
يعتبر فريدريك نيتشة من الفلاسفة غير العقلانيين، دعا في وقته الى القضاء على القواعد الأخلاقية القائمة ونعتها باللاأخلاقية. كان يرى بالفن والأخلاق مجرد ترياق من سموم "النيهيلية" ( العدمية )، التي تعني حسب نيتشه ان القيم الرفيعة تفقد قيمتها وتوازي حسب تعبيره الانحطاط ، اتهم بذلك الأخلاق الدينية والنظريات الانسانوية على حد سواء ، بما في ذلك النظريات الدمقراطية والاشتراكية التي بدأت تنتشر في فكر النهضة الأوروبي ، طور مذهب " ارادة السلطة " حيث يسيطر الأفراد " الأقوياء " القادرين على خلع الحواجز الأخلاقية ، هكذا توصل الى فكرة الإنسان الأعلى ( السوبرمان ) نافيا الأخلاق تماما ، وهي ما أعجبت كل الحركات الفاشية وجعلت من نيتشه زعيمهم الروحي وفيلسوف منهجهم القمعي والديكتاتوري الاستبدادي والكارثي على شعوبهم في الحساب الأخير .
ملاحظة هامة: من المهم الإشارة الى ان معظم الباحثين بفلسفة نيتشه يرفضون الربط بينه وبين الفكر النازي، ويعتمدون على قوله " أرتجف عندما أفكّر في كل هؤلاء الأشخاص غير الجاهزين بعدُ لتلقّي أفكاري، ومع ذلك سوف يستغلّونها لسلطتهم" ويؤكدون ان نيتشه كان يكتب لإنسان المستقبل. رغم ذلك جرى الربط بين فلسفة نيتشه والأيديولوجيا النازية، وان النازية اقتبست فلسفتها من النيتشية، عن الإنسان الأعلى والقوة والشجاعة والنبل، وان الفلسفة أنجبت شخصيّة هتلر، النازية اعتمدت على القوة والاستعلاء القومي، وهي ظاهرة تتكرر في وقتنا بأشكال مختلفة.



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة مبسطة: راتسيوناليزم
- جولة شعرية مع الشاعر د.فهد أبو خضرة
- مسرحية: -الملح الفاسد-
- الدخان بلا نار سياسة إسرائيلية بامتياز
- صفات الشعوب
- 8 آذار يوم المرأة العالمي: رؤية متشائمة لمكانة المرأة العربي ...
- ملاحظات: فكر الحداثة وتسخيره لثقافة ماضوية
- البتول...!! (قصص من الأدب الساخر)
- مع الأديب المهجري د. جميل الدويهي في روايته -طائر الهامة-
- حركة نقدية بدون نقد وبغياب الناقد الجاد
- الفصل الثالث للمسرحية الانتخابية: هل من بديل في النهج بدون ف ...
- لنقد الأدبي كمعيار فكري وابداعي وفلسفي
- الإبحار الى حافة الزمن مع الأديب د. جميل الدويهي
- صفقة القرن: هل هي تغطية أيضا لتاريخ النكبة المرعب؟!
- حق الشعب الفلسطيني هو حق قومي وليس ديني
- يوميات نصراوي: في ذكرى وداعك: ستبقين أمي ..!
- صراع سياسي في كوستاريكا
- يوميات نصراوي: مدمن الخمر والقس
- يوميات نصراوي: الطريق الصعبة الى الاستقلال الفكري
- القصة القصيرة عند الأديب الفلسطيني نبيل عودة هل هي نوسطالجيا ...


المزيد.....




- مشهد صادم.. رجل يتجول أمام منزل ويوجه المسدس نحو كاميرا البا ...
- داخلية الكويت تعلن ضبط سوداني متهم بالقتل العمد خلال أقل من ...
- مدمن مخدرات يشكو للشرطة غش تاجر مخدرات في الكويت
- صابرين جودة.. إنقاذ الرضيعة الغزية من رحم أمها التي قتلت بال ...
- هل اقتصر تعطيل إسرائيل لنظام تحديد المواقع على -تحييد التهدي ...
- بعد تقارير عن عزم الدوحة ترحيلهم.. الخارجية القطرية: -لا يوج ...
- دوروف يعلّق على حذف -تليغرام- من متجر App Store في الصين
- أبو عبيدة: رد إيران بحجمه وطبيعته أربك حسابات إسرائيل
- الرئاسة الأوكرانية تتحدث عن اندلاع حرب عالمية ثالثة وتحدد أط ...
- حدث مذهل والثالث من نوعه في تاريخ البشرية.. اندماج كائنين في ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نبيل عودة - فلسفة مبسطة: فكر الشعب المميز جلب الكوارث لنفسه وللإنسانية