أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدرعاشور - قصة قصيرة (الخيطُ الخفي)














المزيد.....

قصة قصيرة (الخيطُ الخفي)


حيدرعاشور

الحوار المتمدن-العدد: 6535 - 2020 / 4 / 11 - 19:22
المحور: الادب والفن
    


كرسَ ما تبقى من عمرهِ كي يمحو الماضي، ويزيل من ذاكرته اسماءٌ قبيحة ويحتفظ بآخرى. لم يكن كاتبا ابدً، ولم يدع أنه ناجحا في مسيرته مطلقاً. لكن حروف كلماته كانت تشكل رؤية خاصة به يفتقدها الكثيرون، ويتحسسها أصحاب الذوق الرفيع. يصدم احياناً من سخرية من يحبهم ويعدهم اصدقائهِ حين يعتبرونه ضعيفاً ولا قدرة له على الابداع. وهناك من يعده شخصا أكل الدهر وشرب عليه دون أن يحقق ذاته ويدعي أنه يكتب ولا جديد له بل هو بعيد كل البعد عن كل ما يخص الكتابة. ربما يكونوا على حق فهو لم يدافع يوما عن نفسه فكيف يدافع عن انتاجه الجمالي؟!. هو نفسهُ لم يتعرف الى نفسهِ. فكل مكان يعمل فيه ينقسمون زملائه الى اربع اقسام. الاول يعجب به جداً ويحذر العمل معه، والثاني يُكون معه صداقة ينهل منهُ ما يمكن الاستفادة من معرفته. والثالث يلبس قناع الاخوة والصداقة والزمالة ويشهر به اينما يجلس ويسقطه بعيون الآخرين بكل وقاحة وخسة وتفاهة والغريب يُقبلهُ بحرارةٍ عند كل لقاء. والرابع يعلن عن عداوته له بكل تفاصيل العداوة. ربما يكون سبب ذلك الغيرة من النجاح والتنافس على الاصلح عملا. الحقيقة ان الاقسام كلها يربطها الخيط الخفي العالق في عقولهم هو (خيط الغيرة). والمدهش ظهور قسم خامس من النفوس، لم يرَ مثلها قط، غريبة في تركيبتها المغولية تجمع في جوّفها من جيف ما تزكم الانوف. وفي عقلها عقد لا هي موسمية ولا تشبه طيف التوحد بشيء. التعامل معها يسير وسهل جداً، لكن لدغتها ليس مميتة بل هي تشوه كل جميل فيك من خلفك – لم تتراءى لك حتى في الحلم.
الآن انت الأقرب الى ذاتك وتعترف بين نفسك أنك جبان، غارق بين المقدس الذي تحب والمندس في باطن المقدس، وتقر بشجاعتك فقط في خيالك. والشيء الوحيد الذي لاتهابه هو الموت. تتضرع ان يرضى الله عليك حتى تصل الى أمنية انفصال روحك عن جسدك بأمان على سديم المقدس.. وأنت تعتقد أن كل يوم في حياتك يوماً اخيراً، وكل يوم تدوس بقدميك أشياء كثيرة، وتصمت ازاء ضجيج المتبجحين بالأنا، وتتحمل كلمات جريحة غالبا ما تحدث نزيفاً في قلبك. يعتقدوك جبانا وخائفا، وأحمقاً، وأخرقاً. ايا كان رأيهم فلا تثريب عليهم، لأنك تتغافل وتتغابى كل يوم من أجل نعمة المكان المقدس الذي أنت فيه، وتحث خطاك ببطء نحو الجنة، تخشى ان تتصادم مع القبيحين وتضل الطريق. لقد تجرعت الأمرين من أجل ان يثبت الله لك قدم صدق في المكان. كنت في السابق تبحث عن الله فترى نفسك، الآن تبحث عن نفسك فترى الله في كل جميل وطاهر ونقي. وتبغض كل سيء وشرير وتكره أن يؤذيه الله بسببك.
الآن وأنت في هذه الغرفة الطاهرة بمكانها المقدس، ها هنا تفكر في كل شيء ما عدا الخيانة والكذب والنفاق والتنافس غير الشريف. ترسم جمال عملك بلا تباهي أو رياء. وترى اشياء كثيرة رائعة وأخرى لا تمد للمكان بصلة، لقباحة أفعالها المرئية والخفية، انها تخترق الحق بلون الباطل. ولو كانت ثمة سلطة لديك لخرجت من جبنك وأظهرت قوتك, لضربت الباطل ونصرت الحق.. دهشت حينما صدمك أحد المتعالين كنت تحسبه انسانا ناضجا ففتحت له صدرك ومنحته بعض اسرارك. كان هو القسم الخامس الذي ابصرت ضوء شره عدة مرات وتغالط نفسك من أجل تاريخه الجيد. غاب كل شيء عن عينيك وأنت تسمعه، يستقبح عملك ويشيد بأخلاقك، لشخص كان يعدك من المميزين. السمع خلط عليك الاشياء وعرت الجرأة امامك قبح النقد ألتشويهي فاذا بك تراهم أعمق مما يروك، وقتذاك أرتبت بعينيك ابتسامة حزينة تعلن عن عري تفكيرهم وأستغابتهم رغم كرمك بإهداء فكرك بخط يدك لمن طعن كلماتك دون ان يقرأ فكرك. وحينما تفاجئ بابتسامتك قال : لا يصح ان تصدر كلاما بسيطا وأنت كاتب للكلمات. حزت بي لعلعة السؤال فقلت : انت لم تقرأ بعينيك بل قرأت بأذنيك.
أثرت أجابتك الهادئة، وجعلتهما اضحوكة. الخامس كان مغتماً ناقماً بوجه ضحوك، وأنت كنت صبورا. هو فعل ذلك غيرة وحسداً من أجل أن يأخذ عليك انطباعا سيئاً، وأنت كنت تقابله بكل كياسة ودماثة ورباطة جأش. منذ ذلك اليوم تغيرت وهيمن عليك الصمت إلا عند السؤال، وصرت تتعمد الانزواء والابتعاد. ومن دون ان تعلم صار أهل الغرفة ينقسمون باسمك. وأنت تكسب الجميع بسبب طريقك النبيل وقدسية المكان.



#حيدرعاشور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة ( الخيطُ الخفي )
- فاض هذا العالم بالمهرة من الكذابين
- قصة قصيرة( يرى نفسهُ)
- مصانعُ لإنتاج الكذابين
- لعبة الحياة والنوايا الصادقة
- الاخلاق التجارية
- الانتخابات ...قرار كل مواطن
- معرفة سلوك الاخرين
- المجرب لا يجرب..فهم للسلوك السياسي
- العراقيون في ذمة المرجعية الدينية العليا ....!
- صوتُ ظل
- مواقف مشهودة....!!
- الوعي المتخيّل في رواية ( تراب ادم)... للقاص طالب عباس الظاه ...
- الحشد انتصر (بكفائية) السيستاني ..بامتياز
- الاعلام وتجارة الشعارات
- فوضى العراق جنون...
- كل العشق لكربلاء الحسين ..!
- خطوة مفترضة للحكومة ..!
- كائنات - الزهايمرات- والكشف المخاتل...قراءة في المجموعة القص ...
- مطار كربلاء الدولي ...نجاح باهر نحو العالمية


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدرعاشور - قصة قصيرة (الخيطُ الخفي)