أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الحسين شعبان - من دفتر الاختفاء القسري














المزيد.....

من دفتر الاختفاء القسري


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 6534 - 2020 / 4 / 10 - 16:14
المحور: حقوق الانسان
    


عبد الحسين شعبان
قلّة من الذين اختفوا قسرياً عُرف مصيرهم، فقد ظلّ المرتكبون حريصين على إخفاء كل أثر لهم.
إن خبر اختفاء الناشر والإعلامي مازن لطيف، صاحب دار ميزوبوتيميا، والإعلامي والكاتب توفيق التميمي في بغداد، يعيد إلى الأذهان ملف الاختفاء القسري الذي ظل يتضخم باستمرار، حيث يعاني 88 بلداً منه، وامتد خلال العقود الأربعة الماضية إلى معظم القارات والبلدان، منها العراق ولبنان وسوريا وليبيا والجزائر والمغرب وإيران وتشيلي والأرجنتين والعديد من دول أمريكا اللاتينية وبعض دول آسيا وإفريقيا، ولم تسلم منه بلدان متقدمة مثل فرنسا، ولعل جيلي يتذكر حادث الاختفاء القسري للمهدي بن بركة من مقهى ليب في باريس.
وأستطيع القول: إن قلّة من الذين اختفوا قسرياً عُرف مصيرهم، فقد ظلّ المرتكبون حريصين على إخفاء كل أثر لهم، وباستعادة أسماء لامعة اختفت قسرياً منذ سنوات طويلة نذكر المهدي بن بركة 1965، موسى الصدر 1978، صفاء الحافظ وصباح الدرة وعايدة ياسين 1980، عزيز السيد جاسم 1991، عز الدين بحر العلوم وعدد من عائلته وعائلة آل الحكيم 1991، شبلي العيسمي 2011، والاستثناء في ذلك هو معرفة مصير منصور الكيخيا الذي اختفى منذ عام 1993 في القاهرة، حين كنّا في اجتماع للمنظمة العربية لحقوق الإنسان، ومنها نُقل إلى طرابلس بصورة سرّية حسبما انكشفت القصة لاحقاً، ومكث في معتقل سرّي لغاية عام 1997 وتوفي بعدها.
الكيخيا لم يُدفن حينها، وإنما استبقي في ثلاجة (برّاد) لغاية عام 2011، وكُشفت ملابسات اختفائه بعد أن أدلى عبدالله السنوسي مدير المخابرات السابق باعترافاته. وقامت الدولة - الثورة بتكريمه في حفل مهيب (ديسمبر / كانون الأول عام 2012)، ووجه حينها رئيس الوزراء علي زيدان ورئيس المؤتمر الوطني محمد المقريف دعوة إلى كاتب السطور لحضور الاحتفال الرسمي الذي أقيم تكريماً له، وسبق لي أن أصدرت كتاباً عنه (1998)، بعنوان «الاختفاء القسري في القانون الدولي - الكيخيا نموذجاً».
وفي كل عام بين ديسمبر / كانون الأول وشباط / فبراير، وما بعده أستعيد ظاهرة الاختفاء القسري وملابسات العديد من الحالات التي اشتغلت عليها، من زاوية حقوقية وفلسفية واجتماعية وأخلاقية وقانونية، فالمرتكبون في السابق والحاضر يراهنون على النسيان وذبول الذاكرة، ولا سيما بمرور الزمن، فتضعف المطالبة بتبيين مصير المختفين قسرياً، وتتلاشى القضية تدريجياً، بل ويصبح الأمر مجرد ذكرى، ولهذا فهم يعمدون على التعتيم، ويثيرون غباراً من الشك لإبعاد الموضوع عن دائرة الضوء وإبقائه في دائرة الظلّ، ولعلهم يأملون أن تتآكل القضية مع مرور الأيام، وذلك في إطار دورة الزمن وازدحام الأحداث.
وكنتُ أتساءل مع نفسي عند كل حالة اختفاء قسري، لماذا تمارس سلطة رسمية أو جهات تابعة لها أو بمعرفتها مهمات أبعد ما تكون عن وظائف الدولة، وكأنها أقرب إلى مهمات «عصابة»، فتخفي أثر مواطنة أو مواطن أعزل، وتضيّع سبل الاهتداء إليه، أو الاستدلال على مكانه، ومن ثم معرفة مصيره، وبإمكانها إلقاء القبض عليه، وتقديمه إلى القضاء إذا كان «متهماً» بارتكاب «جريمة» ما، أو اقترف مخالفة ما، عوضاً عن إخفائه قسرياً في جنح الظلام، علماً بأنه لا يملك إلا الامتثال للإجراءات القانونية.
ويسأل الرأي العام: لماذا تستبدل الدولة بوظيفتها، وهي حفظ وتنظيم حياة الناس وضمان أمنهم وممتلكاتهم وتطبيق النظام العام، وظيفة جماعة خارجة على القانون، في حين أن مسؤولياتها تأمين التطبيق السليم للقانون على الجميع؟ وهل تستطيع الدولة أن تتذرع بعدم معرفتها؟ وهل بإمكان المسؤولين فيها إعفاء أنفسهم من المساءلة؟ وأين هي التحقيقات اللازمة؟ فتلك أسئلة برسم الدولة والقانون والقضاء.
إن ارتكاب جريمة «الاختفاء القسري» تعني انتهاك قواعد الشرعة الدولية لحقوق الإنسان في أكثر من محور، سواء لحقوقه الفردية أو لحقوقه الجماعية المنصوص عليها في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، ويمكننا مقاربة ذلك من خلال:
1- حق الحياة والحرية والأمان الشخصي.
2- الحق في ظروف احتجاز إنسانية، أي عدم التعرّض للتعذيب أو المعاملة القاسية أو الحاطّة من الكرامة.
3- الحق في الاعتراف بالإنسان شخصية قانونية، فالاختفاء القسري يحجب عن الإنسان الحق في إعلان شخصيته، لأنه مجهول المصير والمكان.
4- الحق في محاكمة عادلة.
5- الحق في حياة أسرية طبيعية.
وكانت الأمم المتحدة قد أولت قضية الاختفاء القسري اهتماماً متزايداً، ففي عام 1979 أصدرت قراراً بعنوان «الأشخاص المختفون» وفي عام 1980 أنشئ الفريق العامل المعني بمتابعة حالات الاختفاء القسري، وفي عام 1992 أصدرت إعلاناً أطلقت عليه «إعلان بشأن حماية الأشخاص من الاختفاء القسري أو غير الطوعي»، معتبرة ذلك جريمة مستمرة باستمرار مرتكبيها في التكتم على مصير الضحايا، وهي جريمة ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم، ولا يستفيد مرتكبوها من أي قانون عفو خاص. واعتمدت اتفاقية دولية في عام 2006 نصت على منع الجريمة والتحقيق في معاقبتها تماشياً مع قرارها رقم 39 الصادر في عام 1994، والذي عبّرت فيه عن قلق المجتمع الدولي إزاء استمرار هذه الظاهرة.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الهندوية- وروح غاندي
- اليوم العالمي لمعرفة الحقيقة
- ماذا بعد الاتفاق الأمريكي مع طالبان؟
- الدرس الصيني
- عن فكرة الحوار والتكامل والأمم الأربع
- هل «الوطنية» من إرث الحرب الباردة؟
- مقدمة الطبعة الثانية لكتاب الهوية والمواطنة - الحاجة إلى الإ ...
- السرّ الأكثر علانية - العراق يتجه إلى المجهول
- د. شعبان: في العراق، لا بدّ من اعتماد آليات توحيد ديمقراطية ...
- الشيعة والشيعية السياسية- مقاربات سسيوثقافية -
- العنف الراديكالي
- التربية على الدولة المدنية
- لينين.. كراكوف وأوشفيتز
- طارق الدليمي: -الصديق اللّدود-
- «الصفقة» من منظور الداخل «الإسرائيلي»
- -قفص الدجاج -و - القوة الناعمة-!
- اقتصاديات الثقافة
- مجلة الهدف (الفلسطينية) في حوار شامل مع الدكتور عبد الحسين ش ...
- الهند وإدارة التنوع الثقافي
- «إسرائيل» وقفص الاتهام


المزيد.....




- رئيس لجنة الميثاق العربي يشيد بمنظومة حقوق الإنسان في البحري ...
- بعد تقرير كولونا بشأن الحيادية في الأونروا.. برلين تعلن استئ ...
- ضرب واعتقالات في مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في جامعات أمريكية ...
- ألمانيا تعتزم استئناف تعاونها مع الأونروا في غزة
- تفاصيل قانون بريطاني جديد يمهّد لترحيل اللاجئين إلى رواندا
- بعد 200 يوم من بدء الحرب على غزة.. مخاوف النازحين في رفح تتص ...
- ألمانيا تعتزم استئناف تعاونها مع الأونروا في قطاع غزة
- العفو الدولية تحذر: النظام العالمي مهدد بالانهيار
- الخارجية الروسية: لا خطط لزيارة الأمين العام للأمم المتحدة إ ...
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي بتهمة تلقيه رشى


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الحسين شعبان - من دفتر الاختفاء القسري