أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - سمير الزغبي - فيروس كورونا: ميكروفيزياء الوباء و خلخلة مشروع الحداثة














المزيد.....

فيروس كورونا: ميكروفيزياء الوباء و خلخلة مشروع الحداثة


سمير الزغبي
كاتب و ناقد سينمائي

(Samir Zoghbi)


الحوار المتمدن-العدد: 6532 - 2020 / 4 / 8 - 18:08
المحور: ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات
    


المقدّمة:

هل اضحى المشروع الديكارتي ومنطلقات كلّ فلاسفة العقلانية الحديثة و كلّ المشروع الفكر الحداثي اليوم في أزمة، سيّما و أنّ وضعيّة الإنسان المعاصر أضحت متأزّمة، بفعل الانحسار الكوكبي الذي يعيشه الكائن في ظلّ التفشي الميكروفيزيائي لوباء الكورونا فيروس؟
أضحى التهديد بالموت مباشرا و علنيا و يلاحق الكائن حيثما ولى وجهه. و لأول مرة في التاريخ المعاصر تشعر البشرية بالضعف أمام ظاهرة لامرئية و ميكروفيزيائية . لم تشهد البشرية وضعا أنطولوجيا مثيلا. فقد تصورت الإنسانية أنها ملكت الأرض و السماء، و سيطرت على أجزاء الكون في مجملها. لكن فيروس كورونا أعاد كل الحسابات و سيدفع إلى العديد من المراجعات.

1- ميكروفيرياء فيروس كورونا

لا أحد منّا قادر على رؤية فيروس الكورونا إنه ميكروفيزيائي لا نراه بالعين المجرّدة و لا أحد قادر على معرفته حتى افتراضيا.و لكن البشر كلّه يخشاه، فله قدرة ميتافيزيقيّة على التفشّي و الانتشار دون ظهور فيزيائي، فهو ضار بالبشر أشدّ مضرة و إلى حدّ الموت و لكن دون أن يترك آثارا ظاهرة للعيان.
فيروس كورونا لا يُبقي و لا يذر وحيثما ولّى الإنسان وجهه يواجهه الفيروس، فقد هاجم معاقل أعتى الدول تقدّما في التكنولوجيا و الطب و هتك الاقتصاديات المتطوّرة، و شلّ الحركة في كلّ الاتّجاهات وقلب كلّ الموازين و وضعنا في اتّجاه الهجرة المعاكسة، من المدينة إلى الريف ومن الدول المتقدمة إلى الأوطان المفقّرة التي لفظت فقرائها إلى الخارج. الكل لا يعود إلى منزله فقط ، بل إلى موطنه وإلى وطنه.
إنّنا نعايش انقلابا جذريّا للمفاهيم و تحويلا في أسس القيم transmutation des valeurs. زرع الوباء الهلع والرعب في كلّ مكان ولدى كلّ إنسان.
أسوار روما العاتية و الصلبة انهارت أمام هذا الفتّاك اللاّمرئي. لم تنفع صلوات بابا الفاتيكان و لا دعوات المسيح. هلع و رغب في عاصمة الأنوار و خوف من أمام وخلف "قوس النصر" ، أمبراطورية نابليون بونابرت Napoléon Bonaparte لم تعد قادرة على تحمل المواجهة. رائحة الموت انتشرت وشلّت جميع مرافق الدولة الصحية منها على الخصوص ومن فضل كورونا أنه كشف هشاشة المنظومات الصحية التي أهملت لصالح منظومة الإنتاج والاستهلاك
صراع مباشر و علني بين الرغبة في الحياة و فواجع الموت. إيذانا بنهاية عنتريات ما يسمى بالقوى العظمي التي تفنّنت في قهر الشعوب و سلب الحقوق.

-2 -خلخلة مفهوم "مركزيّة الإنسان في الكون"
أصبحت مركزيّة الإنسان في الكون محلّ تشكيك و ريبة، و هيمنة المعرفة العلميّة على العالم أصبحت مقولة متهافتة؟ ألا ينبؤ الأمر بنهاية الصراع بين الإنسان و الإنسان و توجيه الصراع بالأصح بين الإنسان والطبيعة كما بشّرت بذلك فلسفة كارل ماركس.
لقد بان بالمكشوف أنّ الثورة التي قادها الزعيم ماو تسي تونغ لم تكن ثورة تخصّ الشعب الصيني بمفرده و إنّما أبعادها كونيّة، تخصّ الإنسان في بعده الكوني. لم تكن الثورة الإشتراكية لسنة 1949 ثورة في مستوى ما هو اقتصادي فحسب، بل إنّها ثورة فكريّة و ثقافيّة. بشّرت بالقيم الإنسانيّة العليا. التي تدحر الصراع المشؤوم بين الإنسان و الإنسان لتختزله في صراع أزلي بين الإنسان و الطبيعة، و لا يقصد الصراع بمعنى المنازعة و التدمير ، بل له معنى تقدّمي أي مزيد تسخير الطبيعة لما هو إنساني. و جعلها طيّعة ومرنة. براديقم الهيمنة و إنتزاع الحقوق و تشريد الشعوب، أصبح براديقما لا جدوى منه اليوم، في ظل ميكروفيزياء كورونا، الذي يتهدّد البشريّة جمعاء و بدون تمييز. لقد أفسدت منظومة " الربح و الزيادة في الربح" حياة البشر، لأنها تعتقد في كونها "حقيقة مطلقة" ، لكنها نسيت و تناست حقيقة الحقائق.
صراعات و تناقضات الإنسانيّة في ما بينها لا تشكّل قدرا حتميّا، و إن قبلها الفكر ، فذلك لا يكون إلاّ باعتبارها مرحلة جزئيّة من التاريخ ، وهي مرحلة في اتّجاه السلب لكي يكون التاريخ تقدّميا بالأساس.
لم يعدْ العالم اليوم يسير وفق منطق الصراع الأزلي ببين البشريّة، فقد تبيّن بالكاشف أنّ قوى الصراع تتغيّر في اتجاهات مختلفة و في ظلّ موازين قوى متغيّرة. قوة الإنتاج و تطويع تحرّك التاريخ و تجعل الإنسان في وضع أحسن مما هو عليه. لا يفرّق العظماء بين العلم و الحياة، و لآن العلم وُجد من أجل أن نعيش أفضل العوالم، كان لا بدّ من علم يحررنا من الأنانويّة ، و منطق الربح المفرط.


كانت الشرارة الأولى لفيروس كورونا، في جزء محدّد من الجغرافيا الممتدّة لجمهورية الصين الشعبيّة. وبدأ يفعل أفاعيله، إلاّ أنّ الإستراتيجية السياسية و التكنولوجيات الطبيّة الصينيّة المعاصرة قامت بحصره في مستشفى هو الأعظم من مستشفيات العالم، لم يكلّف صناع القرار و مهندسي الإستراتيجيات في الحزب الشيوعي الصيني سوى بضع أيّام لتركيزه في مدينة ووهان. فحاصر الصينيون الوباء بكلّ قوة وأنهوا مفاعيله في مدّة وجيزة.



#سمير_الزغبي (هاشتاغ)       Samir_Zoghbi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسرحة السينما في فيلم -جنون-: دروب و تباينات
- دولوز والسينما أو الفيلسوف وظلّه
- جيل دولوز و لحظة البدء: تفكير الفلسفة في السينما
- فلسفة المشهد وجماليات التعذيب في مؤلف - المراقبة والمعاقبة- ...
- السينما الفلسطينية إبداع فكر أم وحي المقاومة؟
- الواقعية الجديدة في السينما الإيطالية
- المسرح بين نظرية الإلزام و مطلب الإلتزام
- فوضى الجسد و إمبراطورية الرغبة في فيلم الدواحة
- الماويون في النيبال مواجهة للملكية أم للإمبريالية ؟
- المشهد وتعبيرية الجسد في السينما التونسية
- معقولية الصورة في الجماليات المعاصرة
- دراما الصراع بين الموت و الحرية في فيلم - ما نموتش Mill Feui ...
- أحداث يوم 9 أفريل 2012: دعوة إلى المؤامرة أم إستراتيجية للهي ...
- سيميولوجيا الصورة الإشهارية
- مدخل إلى تقنيات السينما-السينما ذاته
- إشكالية الهوية و الاختلاف في السينما العربية
- بداية النهاية و دكتاتور جديد يحذف من التاريخ نهاية القذافي
- ساحة للشهيد محمد البوعزيزي في باريس.كيف نفهم هذا الحدث؟
- الإستهلاك و إستراتيجية الهيمنة الليبرالية
- الثورة التونسية : صعود البروليتاريا الجديدة و تأزم البورجواز ...


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- جائحة الرأسمالية، فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية / اريك توسان
- الرواسب الثقافية وأساليب التعامل مع المرض في صعيد مصر فيروس ... / الفنجري أحمد محمد محمد
- التعاون الدولي في زمن -كوفيد-19- / محمد أوبالاك


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - سمير الزغبي - فيروس كورونا: ميكروفيزياء الوباء و خلخلة مشروع الحداثة