أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - موفق السقار - الصورة والخيال عالم الصورة “الصورة الكبيرة لا شكل لها”















المزيد.....

الصورة والخيال عالم الصورة “الصورة الكبيرة لا شكل لها”


موفق السقار

الحوار المتمدن-العدد: 6532 - 2020 / 4 / 8 - 02:31
المحور: الادب والفن
    


كريستوف فولف ترجمة د. موفق السقار
عالم الصورة
“الصورة الكبيرة لا شكل لها”
في الوعي اليومي، نفترض أن نظرتنا للعالم طبيعية وليس هناك بديل لها. إن طريقتنا في رؤية العالم تبدو موثوقة ومتينة، تمنحنا الأمن والقدرة على التصرف. من الصعب علينا فهم أن ترتيب أحاسيسنا لم تكن دائما هكذا، كما نعرفها اليوم، بل هي نتيجة لعمليات تبادلية تاريخية وثقافية. سوف نوضح هذا كالتالي، في عصر النهضة ومع تطبيق المنظور وبروز النظرة المسيطرة كانت البداية التي نتج عنها حدوث تغيير جوهري في العقلية، وهذا ما ميز تصورنا للعالم في العصر الأوروبي الحديث بحقيقة أن العالم يواجه الإنسان ككائن وبالتالي أصبح صورة، ومثال ذلك أننا عندما ننظر للطابع الثقافي لنظام الحواس الأوروبي من منظور ثقافة أخرى، فإنه يوضح الطابع التاريخي الثقافي للصور الأوروبية وإدراكها بشكل أكبر إذا افترضنا مثلاً أنها تقدم في صور الثقافة الصينية ونظامها الإدراكي.
عالم الصورة:
لا يزال من الصعب فهم أن طريقتنا في رؤية العالم كصورة وفي صور هي مشروطة تاريخياً وثقافياً. لقد رأى هيدغر بالفعل هذه الحقيقة عندما أكد أن إدراك العالم كصورة هو نتيجة للتطورات التاريخية التي نطلق عليها العصر الجديد، في حين أن الإنسان القديم نظر اليها كجزء من المادية والطبيعة، والإنسان في العصور الوسطى اعتبرها جزءاً من العالم الذي خلقه الله، بينما يخرج الإنسان الحديث من هذا التضمين عندما ينظر إلى العالم باعتباره صورة. لا يأخذ الإنسان صورة من العالم ويعممها باعتبارها صورة للعالم، بل العالم نفسه يصبح صورة. يذكر هيدغر في مقالته صور العالم في عام 1938:” لكن لا يوجد حتى الآن قرار حاسم في طبيعة الصورة. نحن على دراية بشيء ما هذا لا يعني فقط أن وجودها متصورُ لنا، ولكن هذا يشمل ما ينتمي إليها وما هو بداخلها، فهي كنظام يقف أمامنا، ولتكون صورة يتردد صداها فيجب أن يكون فيها معرفة خبر، الاستعداد للتأهب والاستعداد لها. وحيث يصبح العالم هو الصورة، فإن الوجود ككل يكون فيها، وفيها أيضا يوجه الإنسان نفسه ويضع فيها ما يريد أن يراه أمامه وبالتالي يريد أن يظهر نفسه فيها ذا قيمة. صورة العالم إذا لا تفهم أساساً بأنها تعني صورة من العالم، بل إنها العالم كصورة يأخذ منها الكل ككل وهي الأولى والوحيدة، بقدر ما يطرحه الإنسان المنتج المبتكر “(هيدغر، 1980، ص 87).
بطريقة غير معروفة حتى الآن، يضع الإنسان نفسه في مواجهة العالم، إنه يحاول أن يصنع لنفسه صورة من العالم، يمكنه من خلالها توجيه نفسه وفهم ذاته في هذا الواقع الجديد. مع هذا الموقف المشار إليه حديثًا، يصبح الكون عالمًا من الأشياء، ويطور الإنسان علاقة جديدة مع نفسه. “كل كائن بشري يسعى أن يضع نفسه في المحيط الإنساني كجزء من كل، له كيانه الذاتي الذي يتعامل به مع عالمه. إن التاريخ البشري يؤكده هذا الحدث ليس فقط لتحليل أثر رجعي جديد مقارنة مع السابق وإنما واقعاً جديداً ينتمي إلى العالم الذي أصبح صورة” (المرجع السابق، 1980، ص 90).
في العلاقة بين العالم وعلاقة النفس مع بعضهما البعض في العصر الحاضر، أصبح العالم صورة، وأصبح الإنسان موضوعًا. كلما انتصر الإنسان أكثر على العالم، كلما تشكل الموضوع، وكلما أصبح الانخراط مع العالم أكثر تحول إلى أنثروبولوجيا. “إن التشابك بين العمليتين هو أمر حاسم لجوهر العصر الحاضر، بأن يصبح العالم صورة والإنسان يصبح هو الموضوع، وفي الوقت نفسه يسلط الضوء على العملية البدائية للتاريخ الحديث، وهو أمر سخيف تقريباً في المظهر الأول، إذ كلما أصبح العالم متاحًا وأكثر شمولاً، كلما كان الكائن موضوعاً أكثر موضوعية، وكلما كان الموضوع أكثر موضوعية، أي كلما ازدادت أهمية الموضوع، أصبح عالم التعليم والعقيدة أقل استقرارًا وتحول إلى تعليم الإنسان من خلال الأنثروبولوجيا” (المرجع السابق، 1980، ص 91).
وبالتالي، فإن طريقة النظر إلى الصور وفهمها ليست مسألة جمالية فحسب، بل أيضا علم أنثروبولوجيا، وأنثروبولوجيا تاريخية. وهذا الفهم الجديد للعلاقة بين الموضوع والصورة يمكِّن من ظهور الفن وعلم الجمال بالمعنى الحديث. ويرتبط ظهور هذا النظام الفرعي الثقافي ارتباطًا وثيقًا بهذا التطور. كما أن في العديد من الثقافات الأخرى، لا يوجد مجال علمي آخر يعرف مجال الفن بشكل مماثل وله تأثير دائم على فهم الصورة.
مما لا شك فيه، تتطلب هذه النظرة مزيدًا من الفهم لهيدغر. ومع ذلك، في سياقنا، يمكن أن يكون بمثابة حجة لفهم الطابع التاريخي الثقافي لفهمنا الغربي الحديث للصورة. واعتمادا على السياق الثقافي، تم تجربة الصور بطرق مختلفة، حيث كان ينظر إليها بشكل مختلف في “تاريخ الفن” (بيلتنغ) عن عصر النهضة وعن وقتنا الحاضر، إذ اختفت الحدود بين صور الفن وصور الحياة اليومية، وظهرت صورٍ جديدة تحت تأثير الوسائط الرقمية.
نماذج وأنواع الصور:
يفسر الناس أنفسهم والعالم ليس فقط من خلال اللغة وإنما أيضا بالصور. ليس فقط الاستعارات التي تتداخل بين اللغة والصورة وبين الصور اللغوية والأيقونية، إذ تكمن الصور الحقيقية وغير الحقيقية بين الدقة والتجريد، إنها تسمح بتضمين العالم وتجسيده؛ ويتم تسخيرها بين عالم المعقول والمخيال، أنها تقدم تمثيلات دون استنفاد، وهي مادة إعلامية يتم تشخيصها من خلالها، وتملك شخصية خاصة، وعلى الرغم من هذه الميزات، إلا أن الصور ليست هي نفس الصور، فهذا يعتمد على المعايير التي يمكنها تمييز العديد من أنواع وأشكال الصور ويمكن تطوير العديد من وجهات النظر لتصنيفها وفهمها. بالإضافة إلى التمييز بين الصور اللغوية والأيقونية وبين صور العرض والتمثيل والمحاكاة، تلعب طبيعة وكثافة الخيال دورًا مهمًا في إنتاج وتمييز الأنواع المختلفة من الصور. وهنا نطرح تساؤلات تخدم المعايير، هل تظهر الصور شيئًا، أم هي تجسيدات للعالم الخارجي في عالم الإنسان الداخلي؟ هل هي نتيجة للخيال الإبداعي أو الإنتاجي؟ إلى أي مدى يمكن تحديد تاريخها الثقافي وقدرتها على التعبير عن شيء ما وتمثيله؟
يمكن النظر إلى الصور على أنها تمثيلات مفهومة وثيقة الصلة بالإدراك، والتي تشير إلى مظاهر الأشياء ومرتبطة بنتاجاتها، وتظهر الصور بمجرد أن يخرج المرء نفسه من الأدراك الداخلي، وهنا يمكنه تمييز مفهوم الصور الأخرى، التي خلصت اليها البحوث التجريبية التقليدية إذ لا توجد تمثيلات للمفاهيم والأفكار المجردة، والتي ليس لديها نقطة انطلاق في صور الإدراك. بين المفهومين يكمن الموقف الذي بموجبه يأتي المعيار الحاسم للصور، وهو أنها تجعل الناس والأشياء الغائبة “حاضرة” بمساعدة الخيال. وهكذا تقف الصورة بين إدراك الأشياء وتصور الأشياء المدركة. وعليه تفهم الصورة بعلم النفس المعرفي على أنها “نموذج تصور روحاني” و “من خصوصياتها الحفاظ على المعلومات الإدراكية بشكل يتسم بمساواة هيكلية عالية التصور” (دينس، 1989، ص 9).
ومن أجل جعل الغير مرئياً بشكل مرئي، تحتاج الصور إلى وسائط، ومن أهم وسائل الصور هو جسم الإنسان ، فمع حواسه وحركاته، يخلق صورًا حسية متعددة، وبمساعدتها يتحول العالم الخارجي بأشكاله إلى عالم الإنسان الداخلي الذي تتشكل الصور فيه، كما تتداخل الحواس من خلال إدراك العالم وتخلق نوعاً من التعقيد الحسي، فكلما ازدادت أهمية “الصور” أو بالأحرى آثار اللمس والشم والذوق في الجسم، ازداد تقييم هذه الحواس تدريجياً في العلوم الثقافية (ميخائيل و فولف، 1984؛ كامبر وفولف، 2014) وهذا يتضح من الأهمية الخاصة للسمع والرؤية والصور الصوتية والبصرية المنقولة عن طريق هذه الحواس، وكذلك ثنائية القطب البصرية والصوتية على أساس تداخلهما المتبادل (باراغرانا، 2007 ).
تضاف إلى ذلك صور الحركة السينو-موتورية (الحسية الحركية)، والتي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بخيال الحركة وهي ذات أهمية خاصة لمخيال الجسد. ونظرًا لأن صور الحركات تجد المواقف والإيماءات وغيرها من أشكال التعبير الجسدي ليست وحدها المدخلات في صور العالم الداخلي؛ فإنها تعتبر أيضا جزءاً من “ذاكرة الحركة”، والتي تلعب دوراً مركزياً في الرقص والرياضة (باراغرانا، 2010). بالإضافة إلى ذلك هناك الحركات المرتبطة مع ردود الفعل الجسدية وحركات العضلات وصور التعبير الجسدي الذي تولده العواطف، والتي فيها تكون عمليات المحاكاة المدركة والصور الجسدية معبرة عن المشاعر والتغيرات التي تصاحبها، وهنا تلعب هذه الصور في تشكيل الذات وصورة البشر دورًا مركزيًا.
يلعب الترابط بين الصور الصوتية والأيقونية دورًا مهمًا في التنمية الثقافية، ليس هذا فقط، فالصور البصرية واللغوية تركز بشكل رئيس على أجزاء مختلفة من الدماغ (شانجوس، 2002). كما لديها أيضا علاقة مختلفة مع الأشياء، في حين أن الصور الأيقونية المقابلة لجميع التفسيرات والتمثيلات للأشياء التي ترتبط بها، تفتقر للإشارة الحسية في الصور اللغوية الناجمة عن علامات تقليدية تعسفية، وهي ذات طابع تجريدي مختلف عن الصور البصرية التي يوجد بها علاقة تمثيل لعالم البشر والأشياء، وبينما ترتبط الصور الرمزية مباشرة بالحدس، وتولد الصور اللغوية أولاً حدسًا داخليًا، فإن الصور الأيقونية تقدم علاقات رمزية، وتنشأ الصور اللغوية على مدار الكلام والكتابة والقراءة. عند الكلام، هناك تداخل مستمر بين العلامات اللغوية والصور الداخلية التي تنشأ من خلال الحديث، فالصور الأيقونية واللغوية تشير إلى بعضها البعض وتكمل بعضها البعض بمساعدة الخيال، وهذا يؤدي إلى إنشاء كلامي لغوي من خلال استعادة الصور الداخلية عبر تشكيل المؤثرات التي تم إنتاجها في صور لغوية أعطت معنى للكلام. وهنا نتساءل كيف يمكن فهم العلاقة بين الصور الأيقونية واللفظية، وكيف يمكن تشكيلها؟ ينظر إلى هذا بشكل مختلف في تاريخ هذه العلاقة، والتي ما زالت تشكل أهمية مركزية في علم اللغة وعلم الصورة اليوم.
اعتمادا على المعيار الأساسي فإنه يمكن تطوير أنواع مختلفة من الصور، وقد اقترح ميتشل في عام 1994 تمييز الصور بالطريقة التالية:
• الجرافيك: اللوحات والرسومات وغيرها؛
• البصري: مرايا، إسقاطات؛
• الإدراك الحسي: البيانات الحسية، “الأشكال”، المظاهر؛
• العقلي: الأحلام، الذكريات، الأفكار، الصور الذهنية (phantasm، الفنتازيا)؛
• اللغوية: الاستعارات والأوصاف (ميتشل، 1994، ص 20).
لم يأخذ ميتشل في الاعتبار الصور المتحركة والرقمية التي أنشأتها وسائل الإعلام الجديدة. لذا تجدر المحاولة لدمجها وتصنيفها في علم الصورة، وهكذا فإن انعكاسات ميتشل تشير إلى التصنيف الذي يتضمن خصوصيات وسائل الإعلام الجديدة، وفي الوقت نفسه يجعل من الممكن إعطاء اتجاه حول تنوع الصور في عالم استهلاك الصور في وقتنا الحاضر (غروص كلاوس، 2004، ص 9). نبدأ من الاختلاف الأساسي داخليًا وخارجيًا: يمكن تمييز الصور غير المادية داخل جسم الإنسان والتي يكون جسم الإنسان الوسيط فيها من الصور اليدوية المولدة خارجيًا، ومن بين الصور التي تم إنشاؤها يدويًا، يمكن تمييز الصور الثابتة والمتحركة. بينما يختلف الوضع مع الصور الفنية التي تتطلب أجهزة والتي يمكن تمييزها عن الصور الرقمية. فيما يلي نعرض التصنيف التالي للصور:
الصورة رقم1: ميديا الصور غروص كلاوس2009 ص9

في حالة الصور الذهنية، يمكن تشكيل مجموعات فرعية وفقًا لعلاقتها بالزمن (الحاضر، الماضي، المستقبل)، إلى درجة الوعي (حالة اليقظة والنوم) وإلى درجة حقيقتها (صحيح، كاذب، وهمي) (فونين بيرغر، 1995). المجموعة الأولى تتعلق بالسؤال عن كيفية تمييز الصور الإدراكية والصور الذهنية من الذاكرة. وعن الدور الذي تفعله على سبيل المثال الصور الداخلية للذاكرة في الإدراك؟ إلى أي مدى يمكن تحديدها؟ ما هو الدور الذي تلعبه رغبتنا في الطريقة التي ننظر بها إلى العالم؟ بالفعل في الإدراك، هناك ازدواجية (محاكاة) للصور، والتي تنتج عن صور عقلية التي يصبح فيها العالم الخارجي هو العالم الداخلي، ومن الأمور المثيرة للجدل في السؤال، إلى أي مدى وصلت نوعية الأشياء “الخاصة” والبشر في العالم الداخلي للصور؟ وإلى أي مدى تعتبر هذه العملية “عملية بناء” تعتمد بشكل أساسي على المتطلبات التاريخية والثقافية الجماعية والفردية؟ فمن غير القابل للجدل أن كلا الجانبين هما التأسيس للإدراك. لكن السؤال هو كيف يتم توزيع نسب هذه الجوانب؟ الجواب العام على هذا السؤال غير ممكن، فقط يكون في تحليلات الحالة الفردية التي يمكن أن تحدد العلاقة بين جانبي الإدراك، في هذه المحاولة، يواجه المرء بعض المواقف مثل تلك التي تحدث مع مادلينا بروشتاين Proustian Madeleine، حيث لا يستطيع المرء بعد الآن أن يقرر ما إذا كان هذا هو الإدراك أو الذاكرة، إذ من الممكن أن تكون صور الذاكرة مختلفة تمامًا، ففي بعض الحالات، يتم تذكر الأشياء التي تشير إليها الذاكرة ككل؛ وفي حالات أخرى، يمكن الوصول إليها فقط في مقتطفات من الذاكرة. وفي البعض الآخر، تختفي تمامًا من الذاكرة أو تخزن فيها بشكل سطحي. في مثل هذه الحالات يصبح من الواضح كيف يتم إعادة بناء الصور في الذاكرة مراراً وتكراراً بطريقة مختلفة. من الواضح لدينا الآن أن عمليات المحاكاة تلعب دورًا مركزيًا هنا. وبهذه الطريقة، يمكن وصف عملية إعادة بناء الذاكرة بأنها عملية محاكاة، حيث يشير الشخص المتذكر إلى الأثار الموجودة، ويخلق ذاكرته في وضع مشابه لها، وبما أن هذه هي عملية إعادة بناء، فمن نافلة القول إنها ستكون مختلفة دائمًا. في هذه السياقات، تلعب العمليات الحركية دورا هاما فهي تسهم في نشأة وإعادة تشكيل الذاكرات، وإلاهم من ذلك هو التأطير الاجتماعي للذاكرة وإدراج العوامل الاجتماعية الحالية في الذاكرة) هالبفاكس (. فقط بشكل محدود يمكن أن تنشأ ذاكرة الصور من الوعي، وكثير منها تميل إلى اتباع ديناميكيات “ذاكرة لا إرادية”) برغسون (، حيث الاندفاع والعفوية والقفزة من الخيال يلعب دورا مركزيا.
تؤدي صور الإسقاط الموجهة إلى المستقبل إلى إدخال الخيال بطريقة خاصة. إنها تتعلق بالتخطيط التصويري للمواقف والأفعال والسلوك الاجتماعي التي لم تصبح حقيقة واقعية. هذه الصور الاستباقية تعتبر “كأنها تشخصية”، وهي تعمل كما لو كانت محتوياتها حقيقية مع إنها لم تتحقق. تتضمن التخطيطات المستقبلية هذه صورًا للتجارب الماضية التي تمزج بين الصور الجماعية والفردية، ويمكن أن تحتوي صور الإسقاط هذه على مخرجات مختلفة، قد تؤدي الحاجة إلى العمل أو الرغبة الداخلية والغريزة إلى ظهور صور استباقية. وفي كثير من الحالات، تلعب الرغبة الداخلية دورًا مهماً بشكل خاص.
من صور الرغبة والإسقاط هناك خطوة صغيرة للوصول إلى الصور اللاواعية وصور الليل وأحلام اليقظة. إن صور الأحلام تخدم فقط تحقيق الرغبة، وهذا لا يكاد يكون مقبولا اليوم. صحيح أنها تستخدم في كثير من الأحيان للتعامل مع الصراعات وحل المشاكل، لكن في الحقيقة لا تقتصر على هذا الأمر. ذلك أن صور الأحلام هي أشكال للتعبير والتمثيل حيث تلعب فيها اللحظات الجماعية دورًا مهمًا. حتى إذا لم يكن أحد يشارك أفكار كارل يونغ على التثبيت الجسدي للأنماط، فإن مسألة وجود صور الأحلام العالمية(دوراند و باشلارد و يونغ) ذات أهمية في البحث الأنثروبولوجي، ذلك أن هذه الصور وخلفياتها تؤثر على عواطف وتوجهات الناس في العالم، كالنماذج أو المخططات، إذ تشكل هذه الصور الإدراك وتنتج الصور بمساعدة الخيال وكذلك تعمل على توليد مخططات حياتية، ويتم فيها أيضا الجمع بين العام والخاص، وبالإضافة إلى القوى التي تخلقها وتنظمها الصور الداخلية، يمكن تمييز الأنواع المختلفة من الصور الدائمة، وبالمثل فإن النظرة الأولى تقوم بعملية البناء الإنتاجي للصور، التي يكتفي نطاقها من إنتاج الأيقونات ويؤدي إلى إنتاج صور للإعلان. كما تعمل الصور أيضا كنماذج تساعد على تبسيط العلاقات المعقدة، وهذا ينطبق أيضا على الصور النمطية والصور التحضيرية، وعدم قبول المواقف والأحداث التي تغطيها أحكام غير عادلة.
من هذه الأنواع المختلفة من الصور الذهنية يمكننا تمييز الصور التي تستخدم وسيلة لتصبح مرئية ومادية، فقد تظهر الصور على سوائل مثل الماء أو على الحجر أو على القماش والورق والفيلم، وما إلى ذلك؛ كما يمكن أن تكون ثابتة أو متحركة. ومع ذلك، يمكن أيضا إنشاء الصور من خلال أشكال التمثيل، بالإضافة إلى ذلك تخدمها الأجسام والمعالم والأثار الناتجة والمرتبطة بنقطة مرجعية أو كلمة دون الحاجة إلى نسخها، وهذه النقطة المرجعية يمكن أن تكون مرئية أو وهمية. كما أن للأشكال مرجعيات تشمل أيضا الرسم الأولي والمخططات المختلفة والصور الظليّة والتبسيط من خلال الأشكال الهندسية مثل الأرقام والرسوم البيانية والرسوم التوضيحية والخطط والخرائط. يمكن أيضا تحديد الاختلافات بين الصور من خلال الاختلافات في الإنتاج الفني في خاماتها ووسائل تنفيذها المختلفة، ويتراوح نطاقها من أدوات بسيطة مثل قلم الرصاص والفرشاة وصولا إلى جهاز الكاميرا العادية والكاميرا الرقمية والصور الحاسوبية. ويمكن أن نبحث كذلك علم الصور وموضوعاتها في علم الاستنساخ التصويري وأصوله. وتعتبر صور المرآة من بين أبسط وأقدم أشكال الاستنساخ التصويرية، يليها بعد ذلك طباعة الكتاب والصورة واليوم نجد أحدث الأشكال الجديدة لإنتاج الصور في الوسائل الإعلامية التكنولوجية الجديدة، وبغض النظر عن المعايير التي يتم اختيارها لتقسيم عوالم الصورة، فإن لكل معيار جزءا تحليلياً لكل من تعقيدات الصور (فونين بورغر، 1995، ص49).



#موفق_السقار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جوزيف بويس و توسع مفهوم الفن


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - موفق السقار - الصورة والخيال عالم الصورة “الصورة الكبيرة لا شكل لها”