أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل عبدالله - قصيدةُ المَحْفَل، لذّة الحضور و استمناء الكتابة














المزيد.....

قصيدةُ المَحْفَل، لذّة الحضور و استمناء الكتابة


عادل عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 6531 - 2020 / 4 / 7 - 23:51
المحور: الادب والفن
    


" قصيدةُ المَحْفل "
لذّةُ الحضور و استمناء الكتابة

¬¬أعني بقصيدة المحفل، المشهد الاجتماعي الكامل الذي يضمّ الشاعر و الجمهور و المكان و الزمان المتمثّل بالمناسبة المخصصة لوقوفِ شاعرٍ خلفَ منصة من أجل إلقاء قصيدة على الجماهير الحاضرة لهذه الغاية .
قصيدة المحفل إذاً، و كما افهمها من خلال واقع الحال السائد، نوعٌ شعري خاص، له مقوماته النفسية و الاجتماعية و الثقافية و الإبداعية، مثلما له أسلوبه الخاص في إعلان الشاعر عن نفسه.
و لئن بدا لوهلة أولى أنّ هذا النمط من الشعر لا يختلف عن سواه من الأنماط
الشعرية، فإنّ غاية المقال هذا، هي بيان هذه الخصوصية و كشف أبعادها المتعددة و على النحو التالي:
أولاً: يمثّل المشهد الشعري هذا بكلّ عناصره الحاضرة، استعادةً للمشهد العربي القديم لعلاقة الشعر بالجمهور، المشهد الذي سبق لتاريخ الأدب العربي أن حدّثنا عن نسخهِ الأولى، تلك التي وردتْ تحت عنوان "سوق عكاظ" تارة، و معلقات الشعراء العرب و المربد تارة خرى. و معنى هذا، مع فارق الزمان الحضاري، أنه ذات المشهد الذي يجمع اليوم، الشاعر العربي المعاصر الى الجمهور في جميع مهرجاناتنا الشعرية الحاضرة.
بعبارة أخرى، إنّ الشاعر العربي المعاصر يستعيد الآن من خلال هذا الموقف نوع علاقةٍ بدائية بدوية كانت تجمع الجمهور الى الشاعر، مشهداً و أطرافاً حاضرة و حماساً و علاقة نفسية و اجتماعية.
ثانياً: في مثل هذا الموقف وحده، أي في الطريقة التي تجمع الشاعر الى الجمهور، ثمة مزيّة نفسية خفيّة – يفرضها اختلاف مكان الشاعر النسبي عن جمهوره – تَعقدُ لصالح الشاعر نوعا من التفوق و التميّز، مفاده التفرّد المكاني لمنصة الشاعر، مقابل السواد من الناس الذي يجمعهم مكانٌ آخر، مثلما هو اختلافه عنهم لحظة القراءة. و مثل هذه اللحظة الفريدة يعمل على تغذيتها و مدّها بالحضور و التماسك، تفاعلُ الجمهور و هتافهم تعبيرا عن مشاعر الاعجاب بهذا البيت أو ذاك من القصيدة، كلّما استدعتهم عبارة شعرية الى مثل هذا التفاعل، و هي اللحظة الأكثر سعادة في ذات الشاعر، مثلما هي العنصر المحرّض المسقبلي لكتابة المزيد من القصائد من أجل الحصول على المزيد من هذه اللحظات السعيدة .
ثالثاً: يستعير المشهدُ هذا من مشاهد أخرى، و في ميادين اجتماعية مختلفة الكثير من نوع حضورها، قدر تعلّق الأمر بعلاقة الجمهور بمن يقف أمامهم معادلاً بنفسه وحدها كفّتهم الجمعية كلّها، أعني إنه يستعير من فن الغناء، مشهد وقوف النجم أمام جمع غفير من الناس و هم يتفاعلون طرباً و انسجاماًمع اغنيته، مثلما يستعير من المشهد السياسي وقوف القائد أو المسؤول السياسي في لحظة مخاطبته لجمهوره من خلال منصة تذكّره على الدوام بسلطته الخاصة مقابل من لا حظّ لهم من السلطة مثله.
بل إنّها تستعير من منبر رجل الدين حضوره الوعظي الصائت أمام جمع الصامتين، مع فارق مضمون تلك الخطابات بطبيعة الحال
رابعاً: قدر تعلّق الأمر بخصوصية هذا النوع من القصائد، لا بدّ لنا من القول بأنها نوع قصائد مختلفة جدا عن سواها من قصائد الشعراء غير المحفليين، من حيث أنها تفترضُ الجماهير سلفاً، ابتداءً من لحظة شروع الشاعر بكتابته للقصيدة، حيث يتخيّل الشاعر عقب كلّ بيتِ شعر ينجزه نوع تفاعل الجماهير المفترض مع هذا البيت بطريقة يمكن تسميتها " الاستمناء الإبداعي " ذلك الذي يسبق زمنيا لحظة حضوره الواقعي أمام الجمهور.
و معنى هذا بعباراتٍ أُخر، أنّ الجمهور هنا يشارك الشاعر في تأملاته الشعرية، و معناه أيضاً، أن قصائد المحافل هذه، تكتب على وفق ذائقة الجماهير و عند حدود فهمها للابداع، مثلما معناه أخيراً، أنّ القصائد التأملية العميقة، قصائد الكشف الوجودي و المعرفي، القصائد التي تخاطب الإنسان في الأزمان كلّها لا وجود لها و لا جمهور في هذا المشهد المحافظ. باختصار شديد، إنّ حضور هذا المشهد القديم في حياتنا الإبداعية الحالية، يمكن عدّه دليلا على تراجعها، بسبب من اشتباك هذه الحياة المعاصرة مع فتوحات جبّارة لكل من العلم و الفلسفة، و هو أمر لا يستطيع هذا النوع من القصائد التعبير عنه، بسبب رغبة الشاعر في الحفاظ على عنصري الهتاف و التصفيق، الرغبة التي قد يخسرها، في مغامرته كتابة قصيدة كلّية، تخالف أعراف المشهد و قوانيه العاملة .
خامساً: قدر تعلّق الأمر بي، لا أخفي عليكم حرجي الكبير من الظهور في مشاهد كهذه، بل أنني أفضلّ رجم الجماهير للشاعر بالحجارة لكونهم لا يفهمون قصيدته، على التصفيق له تعبيرا عن الاعجاب بها.



#عادل_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاث مقالات فلسفية قصيرة
- بائع الموت المتجوّل - قصائد في تحايث الموت و الحياة
- هدنةٌ في حروب العِلم على الدين، الاختصاصات غير المتداخلة
- أدورنو و صناعة الثقافة - بحثٌ في الأساليب الرأسمالية للتسلّط ...
- قُطّاع طريق الفلسفة
- هل كان آينشتاين ملحداً؟
- الدينُ و العِلم - الإيمانُ و الإيمانُ المقابل
- لماذا لا تحدث المعجزات الآن؟ بحثٌ في عبارة لآينشتاين
- أدونيس، معالجات الناقد الأدبي لموضوعات المفكّر - القسم الثان ...
- أدونيس، معالجات الناقد الأدبي لموضوعات المفكّر
- دولُ الورق، بين الفكر و السياسة
- (العودُ الأبدي - إرادةُ القوّة ) قراءة في البُعد الأخلاقي لف ...
- الجابري - طرابيشي بحثٌ في حوار المروّض و الأسد
- فضائح العقل الملحد - خيمةُ الزواج و خيمة داوكنز
- بائع الإلحاد المتجوّل - سبعة مداخل نقدية لكتاب - وهم الإله - ...
- بائع الإلحاد المتجوّل - سبعة مداخل نقدية لكتاب - وهم الإله -
- هل الإلحاد موقف معرفي أم أخلاقي ؟
- فضائح العقل الملحد - دراسة في تهافت الحجج العلمية و الفلسسفي ...
- مرثية الشعر لنفسه
- أسوة بالرياضيين عندما تنضب مواهبهم، لماذا لا يعلن المبدعون ا ...


المزيد.....




- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل عبدالله - قصيدةُ المَحْفَل، لذّة الحضور و استمناء الكتابة