موفق السقار
الحوار المتمدن-العدد: 6531 - 2020 / 4 / 7 - 01:01
المحور:
الادب والفن
مقدمة:
"إنه من الأهمية أساسا العمل على تطوير مفهوم الفن في كل كائن بشري، بحيث يصبح مشكلا و مصمما بصريا فاعلا في بلورة جوهر الحياه، هكذا يكون الكائن الاجتماعي“ جوزيف بويس.(Susanne Grabisch, 2002 )
تبحث هذه الدراسة في معنى "توسع مفهوم الفن" عند جوزيف بويس, و يشير هذا المعنى الى التوسع في الممارسة الفنية المباشرة والمتداخلة في المجتمع الانساني حيث تزداد وحدة واهمية الفن والحياة معاً حيث تنطوي هذه الفرضية على التعبير الفني الحر كما هو في الدادائية الجديدة (Neo-dada) او الواقعية الجديدة (Neo-realisme), وايضا تظهر بشكل جلي في اعمال الفنانين لما لهم من دور فعال في توسع مفهوم الفن, بالإضافة الى ذلك تدخل انواع مختلفة من فنون الاداء مثل Fluxus) (Happening, و (Performance)وهنا نجد في هذا المفهوم تداخل حدودي عملي ممزوج بين الفن والحياة معا.
يرتكز عمل جوزيف بويس على مفاهيم واسعة للإنسانية والفلسفة الاجتماعية والأنثروبولوجيا "علم طبائع البشر" حيث توج ذلك من خلال استحداث المفهوم الموسع للفن ومنهج النحت الاجتماعي باعتبار أن المجتمع هو عمل فني كبير حيث دعى في نهاية السبعينات إلى العمل الابداعي في المشاركة الاجتماعية والسياسية. يعتبر جوزيف بويس اليوم من الفنانين العالمين المهمون والأكثر تأثيرا في القرن العشرين.
ربط جوزيف بويس توسع مفهوم الفن بالنحت الاجتماعي Social Sculpture)) الذي يدخل في جميع الاشياء التي يستعملها الانسان, كذلك جميع افعاله في كل مجالات الحياة, باعتبار ان العمل الفني وسيلة تربوية ووسيلة تشكيل اجتماعي ذات رؤية جديدة(Harlan, V, 1986) .
ايضا كذلك يعتبر توسع مفهوم الفن, ودوره في العملية التعليمية من الاهميات الاساسية التي ركز عليها جوزيف بويس, حينما قال: "ان اكون معلماً ذلك هو اكبر واجمل عمل فني (Buschkühle, C, 1997), انه يعتبر تربية الجيل الناشئ النقطة الاهم في عملية التشكيل الاجتماعي, ذلك ان التربية من خلال الفن هو الهدف الاسمى التي سعت وتسعى مفاهيم الفن على مر العصور بكل اصولها ومحتوياتها ان تطبقها في العملية التعليمية .(Buschkühle, C, 1997)
يعتبر توسع مفهوم الفن من اهم الإنتاجات الفنية للفنان جوزيف بويس, حيث صاغ في الستينيات من القرن الماضي مفاهيمه النظريه الرئيسه المتعلقه بالوظيفه الاجتماعيه و الثقافيه و السياسيه و إمكانات الفن. وقد كان الدافع لدى بويس لصياغة هذه المفاهيم اعتقاده الكامل بالقدرات اللامحدودة للإبداع الانساني, حيث كان مقتنعاً بامكانية إحداث ثورة تغير بتوسيع مفهوم الفن و حدوده و امكانياته.ان هذا المفهوم له ارتباط وثيق بعلم الانثروبولوجيا، الذي يبحث في الانسان و تاريخه و تأثيراته و ميراثه.وأفكار بويس لمفهوم الفن الموسع بمعناه التقليدي تعني تحقيق تكامل أفضل في الواقع الحياتي فالفن عند بويس إذاً ليس بصيغة لوحة فنيه، معرض فني أو مسرح، موسيقى، انما هو تفاعل وابداع ومعاملات اجتماعيه(Stachelhaus, H, 1987) .
صورة رقم 1 بويس يزرع شجراً مع الناس في الشوارع
يظهر لنا تاريخ الفن كيف كان الناس في العصور القيمة(العصر الحجري) ينقشون ويشكلون على الجدران تبعاً للأحداث اليومية، و يمكن تفسير ذلك في أن رسوم الجدران كانت وسيله للتفريغ الوجداني أي إنه تعبير عن المشاعر، ووسيلة كتابية لتسجيل الأحداث اليومية, وأيضا وسيلة استكشافيه و فكرية و تعليميه من خلالها تعرف بها الانسان الأول على احتياجاته, في زمن لم تكن تعرف فيه الكتابة و ألاهم من ذلك أنها كانت نشاط إجتماعي تخاطب الفطرة الانسانيه بضرورة العمل والأبداع. من هذا المنطلق نستطيع القول انها مسألة تتعلق بخلق الانسان وتبرر وجوده في هذا العالم، ذلك إن الانسان الأول لم يكن لديه فكرة بأن رسومة يوماً ما سوف توثق وتصبح تحت علم تاريخ الفن. مثال أخر نجدة ايضا في الفن الإسلامي الذي كان تجريدياً بالدرجة الأولى، حين حرم الإسلام رسم الجسد البشري و توجهت الطاقات الإبداعية للناس الى خلق نوع من التوافق الابداعي مع المنافع الاجتماعيه بشكل بعيد عن التجسيد وأقرب الى تحوير الاشكال الفنيه وتجريدها واظهار منافعها، و يبرز ذلك جلياً في القصور و الحمامات، النقوش و الخزف... وهذا يؤكد أن الفن موجود في النفس البشريه وذا صلة وثيقة وفاعله.
صورة رقم 2
The Taking of Christ, 1602. Caravaggio
National Gallery of Ireland, Dublin
لم يقتصر مفهوم الفن الموسع عند بويس على توجهات البشر الى الفن بشكله الجمالي المجرد وانما عودت الفن الى اصله الاجتماعي او اصلة الانساني(Schata, P Rappmann, R, 1984) ، أذا الهدف من الفن هو تربيه اجتماعيه مؤثرة يكون اساسها الابداع وذات مفهوم واضح. هذا الهدف كان دوماً الهدف الأسمى الذي سعى اليه الفنانين على مر العصور، مثال على ذلك كان فنان عصر النهضة كارفاجيو يجمع الناس في الشوارع والساحات العامة بغرض وضعهم نماذج للوحاته الفنيه التي كانت تصور أحداثا قصصيه من الإنجيل، فهدفه الاول كان توصيل فكرة تعاليم الدين المسيحي للناس وليس فقط أعمال فنيه فاقدة لعملية التربيه الاجتماعيه.و هذا أيضاً ما قام به (Michelangelo) مايكل انجلو عندما أنجز عمل تمثال النبي موسى، فأراد أن يظهر أن المجتمع الذي يعيش فيه بحاجة الى شخصيه رياديه مثل هذه الشخصية (النبي موسى)، لكن بعد ذلك كسر جزء من التمثال لأنه اصابه خيبة امل في إن يكون عمله ألفني حيويا ذا تاثيراَ إجتماعياَ. ذلك أن هدف عملة الفني كان الحيوية الابداعية الفنية التي تنتج فكرا مؤثرا لها قدرة على التغيير في المجتمع. مثال أخر في فن المسرح عند الكاتب الانجليزي شكسبير الذي كان لدية رؤيا في نقل فكرة المسرح إلى الحياة, عندما قال : "إن العالم كله مسرح وجميع الرجال والنساء هم مجرد ممثلين " .(Binder, D. 2010. S. 29)
صورة رقم 3
موسى هو تمثال من الرخام من أعمال الفنان مايكل انجلو 1513-1515 يمثل فيه النبي موسى
أن المفهوم الموسع للفن عند بويس هو بالأساس يلامس فكرة النحت أو التشكيل الاجتماعي فهو ينظر الى أن المجتمع بشكل كامل كعمل فني عظيم يمكن تشكيله أو اعادة تشكيله, كتب بويس عام 1973 " في توثيقه لمعرض دوكومنتا في كاسل المانيا أن معظم الناس يعتقدون أن الفن ينبغي أن يفهم فكرياً أن هذا التعايش قد انقرض بالفعل, لذا يجب أن نبني مصطلحات اخرى لها علاقة بمسألة الوعي العام بهذا يمكن ان نتكلم بحرية عن علاقات القوى الأخرى(Harlan, a.o S.39,1984) .
توسع مفهوم الفن: دور الفن في حصة الفن المدرسية
في أواخر الستينات وصف بويس موقفه من توسع مفهوم الفن في العملية التعليمية بما يخص حصة الفن في المدرسة, (Buschkühle) بوشكولا يصف هذا المعنى مشيراَ الى أن هناك تناقض صارخ للاهمية الفعلية للفن في العملية التعليمية المدرسية, حيث كانت بالنسبة لبويس تعني المسؤولية الكاملة و يرى أيضا أنه يجب على الفن أن يكون أصعب المواد في المحتوى الدراسي في العملية التعليمية بدلاً أن يكون في ممارسته المعتادة مهان من قبل التلاميذ والمعلمين(Buschkühle, C, 1997
صنف(Günter Regel) غونتر ريجيل مفهوم توسع الفن وتطور اساليب التدريس عند بويس في مقالته "جوزيف بويس والتحدي الحالي لنظرية تعليم الفن" ، حيث يمكن تلخيصها في العناصر الرئيسة التالي(Günther Regel, 1992) :
افكار بويس لتوسع مفهوم الفن تركز بشكل مطلق على التربية وتطور الفرد من خلال صيغ تعليمية متنوعة لجميع البشر, حيث ان الخصائص الملازمة التي تتمثل بالطاقة الداخلية والخارجية ، يمكن التعامل معها بمعزل عن الظروف المحيطة وتؤثر بوجوده, و يمكن تربية الفرد كخامة يمكن تشكيلها او اعادة تشكيلها بصيغة معينة. اشار بويس أيضا أن على الإنسان أن يتعلم جيداً أي انه يمكن صياغته بشكل كامل من جميع الجوانب وهذا يؤدي إلى تشكيله كما يشكل الطين ( اللين ، القابل للتشكيل ) وفي العملية التعليمية اليوم يتم تشكيل اي تربية الأطفال بشكل خاطئ .
الشرط الأساسي للعملية التربوية عند بويس, ثورة النظام التعليمي حيث أنه تنبأ بالتغيرات في الهيكل التنظيمي بحيث تصبح محتوى وأساليب التعليم في المدارس والجامعات مستقلة استقلالاً تاماً عن الدولة .
التربية الفنية عند بويس هي تعليم انثروبولوجي بقوله :"حينما أقول كل إنسان فنان هذا صياغة مخففة, كون الإنسان لديه الحرية وإلا بداع, لذلك أنا أقول نعم وأيضاً لا بأن كل انسان مشكلاً بصرياً أو بالاخص نحاتاً. أنا اعني هنا نظاماً حديثاً والتي اسميها الأنثروبولوجيا والتي هي ذات صلة انسانية بمصطلح الفن و هذا يعني سياقات العلوم الانسانية: كل البشر يملكون عبر التاريخ وعبر المناهج الدراسية والثقافية والاجتماعية والفن والفلسفة ، علم النفس ، علم الاجتماع ، علم البيئة وعلوم الدين منهج فردي فني .هذه التخصصات توفر محتوى تعليمي و منهجية متعددة الاساليب في تعليم الفن, بذلك يصبح هذا التخصص من أصعب المواد الدراسية. و يذهب إلى أبعد من ذلك موضحاً ارادته لالغاء حصة الفن المعزولة وادخالها في جميع مواد التدريس في تعليم اللغة ، الجغرافيا ، الرياضيات .. الخ. ليكون الهدف الرئيس عند بويس الوصول بالبشر الى الوعي بانهم يتربون ويتعلمون من خلال مناهج تعليم الفنون.
أن عملية التغير في العملية التعليمية في مجال الفنون تحديداً هي تحول الفن إلى تربية الحواس أو بالاحرى خبرة اعضاء الجسد كالرؤية والشم واللمس والحركة الخ ، وأيضاً تعليم التفكير المنفتح المرن ، التفكير الذي يرتبط مع المعرفة والخبرة الشخصية بحيث يمكن تحقيق ذلك من خلال دمج التدريب المتعدد الاختصاصات في كافة المجالات ان هذا التفكير يحتوي في تعقيداته اللامحدودة على القدرات ليس فقط للتعرف على الواقع ولكن أيضاً للانتاج وهذا يكون في المقام الأول.
يفسر بويس ايضاً وظيفة مدرس التربية الفنية حيث ذكر انه "ينبغي للعلاقة بين التعلم التعليم أن تكون منفتحة ويجب أن تعود مجدداً" وفقاً لبويس يجب على المعلم أن يعلم الطلاب او التلاميذ على القدرة على اكتشاف انفسهم وتنمية ذاتهم بحيث يؤدي ذلك إلى انتاج وتطوير ثقافة فردية خاصة بهم. و يمضي بويس قدما في قوله "على معلم الفن ان يتثقف ويتعلم اكاديميا بشكل عالمي (Universal) "اي ان يكون منفتحاً و مطلعاً على مختلف الثقافات والحضارات الانسانية. هذا يعني ايضا انه يجب عليه أن يعرف كيف يربط اختصاصه مع التخصصات الاخرى . الشيء الآخر في هذا المجال فإن تعليم الفنون يتطلب مستوى عال من المرونة المنهجية إذا يجب على المعلم أن يكون(Uomo Universal) أي انساناً ملمُاً ومثقفاً في شتى انواع العلوم. فالتركيز الاساسي في تدريس الفنون عند بويس يتمحور في نهاية المطاف على حقيقة أن المعلم هو فنان, فلا يكفي أن يعرف كيف ينتج أو يشرح تقنية فنية أو أسلوب معين بل اكثر من ذلك فهذا يتطلب قدراً من الخبرة الفنية الفردية للمعلم حتى يكون باستطاعته أن يقود الدرس على اساس المفهوم الواسع للفن .(Weber, C, 1991)
توسع مفهوم تعليم الفنون و تحمل المسؤولية الاجتماعية .
مفهوم بويس Social Sculpture)) النحت الاجتماعي يفسر على أن المجتمع بأكمله هو عمل فني عظيم. ذلك أن كل كائن بشري يمكن أن يساهم في العملية الابداعية, لأنه يعتقد بأن كل انسان هو فنان لذلك فإن بويس كرس ثلاثة مبادئ على هذا النحو : الحرية, الديمقراطية ، الاشتراكية ، جميعها تحمل مصطلح "اشتراكية ديمقراطية حرة " ، وعلى ضوء ذلك فان بويس يقصد أن كل شخص في كل فعل هو كائن اجتماعي مشارك في التشكيل البصري أو المعماري ، إذا قوة البشر تكمن بحيوية الخيال القادرة على صنع تصور مستقبلي, و تعليم الفن يهدف إلى التعليم الاخلاقي, وان التعليم لا يؤدي فقط الى تعلم حق تقرير المصير والحرية الشخصية ولكن يؤدي أيضاً الى تعليم الديمقراطية و تحمل المسؤولية الاجتماعية (Bodenmann-Ritter,C, 1972). أذاً فتعليم الفرد يؤدي في النهاية إلى إعادة تشكيل المجتمع وصولاُ إلى المثالية الاجتماعية وبناء الفكر الجمعي كاساس للحرية الديمقراطية, هذا هو تصور المدينة الفاضلة لفلسفة بويس الفنية التي تتركز على الفن ونظريات التعليم.
ان المفهوم الموسع للمصطلح الفني لا يوصف بالمعنى التقليدي للفن وانما جميع النشاطات الانسانية التي تواجه البشر في حياتهم وافعالهم وانتاجاتهم وتطورهم والتي بدورها تكون ذات تأثير مباشر على العالم. والانسان كفرد اجتماعي يعتبر مغير نشط. إذا الفن عند بويس هو أن الاعمال الفنية والجمالية والسياسية والبيئية والاخلاقية مرتبطة بالناحية التعليمية و بعلم الطاقات البشرية التي تبدأ من الفن إلى التعبير المحمُل بالحركة والتغير, إذا الفن هو داخل البشر, هو داخل الكائن الحي كطاقة تأثير وتأمل وفكر انساني متحرك . ان البنية الاساسية للمدينة الفاضلة في المنهج الفني عند بويس اساسها الخطط التربوية. لقد كان لبويس الرغبة في "فهم عميق لطبيعة الإنسان وعلاقته مع الكون" والوصول إلى "داخل العقل" كمسألة الصلاحيات التكوينية للإنسان و قد ركز على التوسع والادراك لامكانيات التشكيل البصري وكسر عادتها التقليدية الضيقة المرتبطة بالجمال بشكله السطحي فالجمال هو بهاء الحق و هذا يظهر كيف أن الجمال والمعرفة عند بويس لهما ارتباط عمل واحد مع بعضها البعض .(Bodenmann-Ritter, C, 1972)
صورة رقم 4 صورة رقم 5
المشروع الفني ٧٠٠٠ شجره سنديان
يعتبر هذا المشروع من الاعمال الفنية الأكثر شهره للفنان جوزيف بويس التي قدمها في معرض دوكمانتا كاسل المانيا عام ١٩٨٢. زرع بويس بمساعدة اعداد من المتطوعين على مدى عدة سنوات ٧٠٠٠ شجره سنديان جنبا إلى جنب في مواقع مختلفه من مدينة كاسل. ركز المشروع على الفهم العام لمفهوم الفن الموسع في البيئه المحيطه بهدف تحقيق الاستدامه الحظرية في الشوارع العامة وقد تطور هذا المشروع الفني المثير للجدل ليصبح جزء من مدينة كاسل. حيث يقول بويس " اردت ان يخرج الجميع الى الشوارع ويبدأوا بوضع رموز الشراكة الاجتماعية بهدف الاستعداد لتجديد الحياة الانسانية داخل جسم المجتمع البشري وهذا يؤدي الى بناء سياق المستقبل الايجابي",J,1985) Stüttgen(.
انشأ بويس في معرض "دوكمانتا" السابع الذي يعتبر من اهم المعارض للفن المعاصر في العالم مجسم نحتي بيئي كبير في ساحة "فريدريكوم" بجانب صالات العرض في كاسل. يتكون التكوين النحتي من سبعة الاف حجر بازلتي, كل حجر مجسم بشكل مثلث عملاق, في اعلى الانشاء وضع بويس اول شجرتين لبداية المشروع الاتي يعتبران الاساس لبداية مشروع سبعة الاف شجرة. حيث يقول بويز ان كل حجر يعتبر نصب تذكاري وجزء من الحياة. توزعت اجزاء التكوين النحتي في جميع مناطق مدينة كاسل حيث زرع بجانب كل حجر من هذه الاحجار شجرة, باع بويس كل حجر من ذلك التكوين النحتي ب500 مارك(Franz, J. 1995) .
صورة رقم 6 جوزيف بويس يحمل ارنباً ميتاً
كيف يشرح الانسان اللوحات الفنيه للارنب الميت (Performance) 1965 ؟
في جاليري (Schmela) شميلا بيدسولدورف, المانيا. اغلق بويس جميع الابواب من الداخل وبقي زوار المعرض خارجا وبقي هو يحمل ارنبا ميتا في الداخل كان يمكن فقط للزوار المشاهدة عبر النوافذ, كان بويس يغطي وجهه بالعسل والرمال الذهبية, واخذ يتجول في المعرض ويشرح للأرنب الميت اللوحات الفنية حيث كان يحمل هذا الحيوان على يديه ويتكلم معه وكأنه في نقاش, واستمر في ذات الحركة من لوحة الى اخرى. وبعد ثلاث ساعات ادخل بويس الزوار الى المعرض وجلس هو والارنب الميت على الكرسي وظهره للجمهور عند مدخل المعرض.
شرح العمل:
يوضح هذا العمل الانجاز الكبير في مصطلح توسع مفهوم الفن, السخرية في معتقدات " شرح العمل الفني" من خلال حقيقة شرح الاعمال للجمهور بطريقة صامتة.ان ما يميز هذا العمل العلاقة التي اظهرها بويس بين التفكير والتحدت والتشكيل, حينما قال انا احاول ان اعرض نبضات القوة التي تتدفق من الكلمات المفقودة والتي تعبر عن روح توسع مفهوم الفن (Müller, M. 1994).
ان ادراج اللغة والكلام في الفنون التشكيلية يأتي في كيفية شرح اللوحات الفنية للأرنب الميت بشكل واضح حيث يحمل الارنب دلالات رمزية شاملة في جميع الاديان على مر الزمان, فالارنب في الاساطير اليونانية القديمة يرمز الى افروديت الهة الحب, وعند الرومان والجرمان رمزا للخصوبة, وهو ايضا رمزا ليوم القيامة عند المسيحيين, فالعمل الفني (Performance) الذي قام به بويس يفتح افاقا للتحليل الفني وهذا ما كان يريده ,تواصل لا متناهي مع الرمزية الحيوية للأرنب الميت وهذا يعني ايضا الرمزية المعاصرة "النهضة والتطور" وما يعزز هذا التصور هو القناع الذي كان يرتديه بويز اثناء الحدث, حيث كان الذهب رمزا قديما للنقاء والحكمة, وايضا الشروق والقوة للشمس, والعسل هو تقليد هندي جيرماني يدعو للتجديد والتنشيط (Müller, M. 1994) ويمكن تلخيص عمل بويس الفني,بان العلاقة بين الانسان والارنب والتي تشمل المعنى لمصطلح الفن الذي يعزز فهم البشر لطبيعة الفن, حيث من الملاحظ دائما عملية الصمت التي تنتاب الناس حين مشاهدتهم لمعرض فني او بالاحرى اعمالا فنية تشكيلية, وهذا الصمت يدل على عدم الفهم لمعنى ومضمون العمل الفني. وفي وقت اعتاد فيه الناس على فهم العديد من الظواهر المحيطة " العلمية,الثقافية, الاجتماعية,...الخ". ْ يعتبر هذا العمل انطلاقة حقيقية من الدادائية الممزوجة بين الحركة ل (Fluxus) والعشوائية وان مايميز هذا العمل هو ادراج الحياة اليومية واحداثها المتنوعة في العمل الفني.
الخاتمة
تعريف المفهوم الموسع عند بويس هو الفن الاجتماعي او الفن الذي يشمل المجتمع بشكله العام اي العمل الفني الفعلي هذا يعني أن كل شخص مرتبط بمسؤولية تجاه المجتمع بأسره. بهذا فان مفهوم التربية الفنية الموسع يأثر في توسيع نطاق الوعي السياسي و الاجتماعي للتلاميذ, والذي يطرح كموضوع من خلال المنافسة الصفية و يساهم في فهم الواقع الاجتماعي والذي بدوره يقود إلى معرفة مفهوم الحرية ومبدأ تقرير المصير ، فضلاً عن ذلك ايضا يوفر مستوى فهم للتلاميذ لمعرفة المتطلبات السياسية المحددة مثل اصلاح النظام الاجتماعي ان هذه المناقشات تتناول مسائل مثل :
هل للفن اي أهمية في مجتمعنا؟
هل يمكن للفن أن يساعد على ثورة في المجتمع؟
ان مفاهيم بويس تثير مسألة تنامي الوعي الاجتماعي والسياسي و ترتكز على اسس تزايد التساؤلات حول دور وظيفة الفن والفنان في المجتمع ؟ تتزامن هذه التأملات في الوقت نفسة في نقاط عدة حول مفهوم بويس "التوازي بين النظرية والتطبيق" والتي ترتكز أولاً على مفهوم الفن والحرية وثانياً مع الجامعة باعتبارها التعليم العالي وثالثاً دور الدولة.
يحتاج تثقيف البشر في مفهوم التشكيل الاجتماعي وجعله اكثر من مجرد بدعة أن نفعُل مبدأ أن كل شخص في داخله فناناً ومشكلاً اجتماعياً بصرياً, وهذا يثير التساؤل حول الاساليب الممكنه لعمل ذلك. لذا فمن المهم تطوير مناهج تعليم الفنانين أو المشُكلين الاجتماعيين لكي تفتح افاقاً ودفعا جديداً لدور الفن في التعليم بشكل خاص والحياة بشكل عام.
نبذة عن الفنان جوزيف بويس
ولد الفنان جوزيف بويس في كريفيلد عام 1921 في المانيا. انتقلت عائلة بعد ذلك الى (Kleve) وهي مدينة صناعية في منطقة الراين السفلى في المانيا على مقربة من الحدود الهولندية. نظر اليه اساتذته كموهبه خاصة في الرسم والموسيقى في المدرسة الابتدائية الكاثوليكية (Katheolishe Volksschule) وكان يذهب خارج المدرسة لزيارة استوديو الفنان والنحات الفلمنكي اخيلن مورغات. كما اعجب بويس بأعمال ادوارد مونش ووليام تيرنيز و اغست رودان بالإضافة إلى ذلك طور اهتمامه بالعلوم والتقنيات الطبيعة وكان لديه الرغبة بأن يكون طبيباً للأطفال وظهر ذلك عندما نظم النازيون حرق لكتب في باحات المدارس في 19/5/1939عندها قام باخفاء كتاب في نظام الطبيعة لكارل فون لينين من كومه الكتب المحروقة, لكنه بعد ذلك درس الفنون حيث انضم في عام 1940 إلى مجموعة من الفنانين للتعلم عند الرسام هانس أمرز في (Kleve) . في صيف عام 1945 التحق بويس بأكاديمية الفنون في دوسلورف وتخصص في التجسيم النحتي الضخم.(Reinhard, E, 2007), قام ما بين عام 1947 -1949 في انتاج الافلام الحيوانية مع المخرج Heinz) (Sielmannهاينز سيلمان و (George Schiminsk)جورج شمنسكي وكانت تجري أحداث الافلام عن ايقاع الحياة في الغابة في بيركن فالد في مدينة لونيبورغ هايده. اكمل بعد ذلك في عام 1951 – 1954 (الماستر شولير) في دوسلدوف و هذا يعادل البكالوريوس في المانيا. بعد ذلك انطلق في العمل الفني وفلسفة الفن والحياة ، توفي في 23/8/1986 في دوسلودف حيث كان استاذا للفنون في اكاديمية دوسولدورف (Susanne A, 2008).
المراجع:
Binder, D: "No body ?s perfect": Theaterarbeit mit ehemaligen Drogenabh„ngigen: Hilfe f r eine cleane Lebensbew„ltigung. Diplomica Verlag, Germany 2010
Bodenmann-Ritter, C: Joseph Beuys - Jeder Mensch ein Künstler. Gespräche auf der documenta Ullstein. Germany 1972
Buschkühle, C: Wärmezeit: zur Kunst als Kunstpädagogik bei Joseph Beuys. Lang. Frankfurt am Main, Germany, 1997.
Die Welt als Spiel: II. Kunstpädagogik: Theorie und Praxis künstlerische Bildung.
Oberhausen, Germany, 2007
Franz, J: Saur, Allgemeines Künstlerlexikon. Die Bildenden Künstler aller Zeiten und Völker, Bd. 10. K.G. Saur, München/ Leipzig. Germany 1995
Harlan, V Rappmann, R Schata, P: Soziale Plastik: Materialien zu Joseph Beuys: Aufl. - Achberg : Achberger Verl. Germany 1984
Harlan, V: Was ist Kunst? Werkstattgespräch mit Joseph Beuys, Urachhaus. Germany 1986
Günther Regel: Kunst und Unterricht. 159. Germany 1992
Müller, M: Wie man dem toten Hasen die Bilder erklärt. Schamanismus und Erkenntnis im Werk von Joseph Beuys. (Dissertation) VDG Weimar, Germany 1994
Reinhard, E: Joseph Beuys. Rowohlt, Reinbek bei Hamburg. Germany 2007
Stachelhaus, H: Joseph Beuys. - Düsseldorf : Claassen. Germany 1987
Susanne A: Joseph Beuys, Düsseldorf. Hatje Cantz, Stadtmuseum Düsseldorf, Ostfildern. Germany 2008
Susanne, G: Erziehung zur Freiheit?: Anmerkungen zum Humanismus im Werke von Carl R. Rogers und Joseph Beuys. Hildesheim. Germany 2002
Stüttgen, J: Über Joseph Beuys und jeden Menschen, das Erdtelephon und zwei Wolkenkratzer über 7000 Eichen, 7000 Steine und ein schwarzes Loch, Free International University (FIU), Düsseldorf. Germany 1985
Weber, C: Vom "erweiterten Kunstbegriff" zum "erweiterten Pädagogikbegriff": Versuch einer Standortbestimmung von Joseph Beuys. Frankfurt. Germany 1991
Willisch, S Heimberg, B: Joseph Beuys. Das Ende des 20. Jahrhunderts. Die Umsetzung vom Haus der Kunst in der Pinakothek der Moderne München. Schirmer/Mosel, München. Germany 2007
#موفق_السقار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
