أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ابراهيم بسيوني - التدين الشكلي














المزيد.....

التدين الشكلي


محمد ابراهيم بسيوني
استاذ بكلية الطب جامعة المنيا وعميد الكلية السابق

(Mohamed Ibrahim Bassyouni)


الحوار المتمدن-العدد: 6530 - 2020 / 4 / 6 - 03:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما يتمسك أي مجتمع بالدين الشكلي المظهري ويتفاخر بأنه مجتمع متدين فأنه يسعى بذلك إلى الارتكاز على مفهوم أن الآخرين الذين لا ينتهجون مسلك التمسك الشكلي بالدين أناسٌ منحرفون ويسيرون إلى الهاوية ومعدومي الأخلاق، وليس هناكَ أقسى من أن يسعى المجتمع الغارق بثقافة التدين الشكلي إلى أن يضع الفرد تحت المراقبة الدينية الدائمة ويصبح الفرد في هذه المجتمعات يحمل هاجس التدين المظهري في كل تصرفاته ومسلكياته ويحسب حسابا ً لمراقبة المجتمع الدينية له طوال الوقت وربما في كثير من الأحيان يتمظهر بالهيئة الدينية خوفا ً من نظرة المجتمع له وليس شرطا ً مدى اقتناعه بتلك المسلكيات الشكلية المهم لديه أن يكون المجتمع راضيا ً عنه دينيا.
المجتمع الذي يؤدي طقوسه الدينية المظهرية الشكلية الخالية من القيم الروحية والمعاني العميقة يؤسس لمفاهيم مغلوطة ويرى إنها صحيحة ولا يشوبها الخطأ أو الشك فمثلا عندما تقول الآية القرآنية (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) يجدون أن الصلاة بحد ذاتها كشكل متعارف عليه من حركات تعبدية تحقق النهي عن المنكر والفحشاء بمجرد أن يؤديها الفرد ولذلك ما يقترفه الفرد بعد أدائه للصلاة من منكر لا يعتبر منكرا ً لأنه قد أدى الصلاة التي أصبحت في ثقافته مجرد تأديتها بشكلها العادي المظهري قد حصنته من المنكر والفحشاء.

وحينما يتطرف المجتمع في التمسك بالدين الشكلي تظهر واحدة من أكثر الثقافات سوءا ً وهي ثقافة إبراز الهوية الدينية في إطارها المقدس والأفضل ويصبح تحديدها تعني عداوة لثقافة الآخرين. ومع ضعف الإيمان يقويَ التطرف وصار التدين شكليا ازدحام المساجد مع كثرتها، إطالة اللحى وتقصير الجلابيب وارتداء الفتيات النقاب. وحين يصير الدين شكليا يصبح هو المحدد الوحيد للهوية، وهنا يتبلور مفهومٌ للآخر فضفاض يساوي بين الأجنبي الغربي وابن الوطن المسيحي والعلماني فيضع الكل في خانة الأعداء الذين يصبح قتالهم واجبا (سيد قطب قسم العالم كله مسلمين وجاهليين فقط).
ولذلك نجد أن المجتمع الغارق بالتدين الشكلي يثور سريعا ً من انتشار أية ثقافة أخرى تختلف عن ثقافته الدينية ويسارع بقمعها والتطاول عليها والانتقاص من معانيها ويصفها بالخروج عن الدين والأخلاق وما نقرأه ونشاهده ونتابعه من أقوال الإسلاميين المتزمتين وتصرفاتهم دليل على استغلالهم للدين وضرب الآخرين به وفرض مفاهيمهم عليهم من خلال تحريم الحفلات الغنائية وتحريم الاحتفال برأس السنة وتحريم تهنئة أخواننا المسيحيين بعيدهم وقائمة طويلة من الممنوعات بحجة إنها ضد الدين وضد ثوابت المجتمع الدينية وذهبوا بعيدا ً في رفضهم لحق الآخرين في اعتناق ما يشاءون من طريقة في حياتهم ورفض التعددية الفكرية والدينية ومَن يجد أن حياته تنسجم مع فكرة عدم التدين كان عليهم أن يعلنوا عليه الحرب والإقصاء والنبذ والطعن في أخلاقياته وضميره.



#محمد_ابراهيم_بسيوني (هاشتاغ)       Mohamed_Ibrahim_Bassyouni#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا قدمنا للشباب
- جمهورية فايمار
- متطلبات العصر
- ضرائب للصحة والتعليم والبحث العلمي
- اهتموا جدا بالطاقم الطبي
- قد يكون التنفس أو التحدث كافيين لنشر COVID-19
- أطباء يقولون إن الفيروس التاجي يتحول ولديه الآن 8 سلالات
- الادوية الاستقصائية المستخدمة لعلاج COVID-19
- دراسة جديدة علي ‏SARS-CoV-2 يمكن أن تساعد في تفسير انتشاره ا ...
- لابد من نهاية لعمر الانسان
- وباء شلل الأطفال القاتل وأهميته لفيروس كورونا COVID-19
- الحالة الراهنة والتنبؤ بالسيناريو المستقبلي للدول لوباء COVI ...
- فعالية هيدروكسي كلوروكوين في المرضى الذين يعانون من COVID-19 ...
- إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA تمنح موافقة عاجلة بالسماح ...
- الفيروس التاجي يصيب كبار السن وكن العلماء ليسوا متأكدين من ا ...
- الانسانية هي الانسانية
- ما يحدث في عالم البترول اليوم
- مرض التاجية (COVID-19)
- اختبار COVID-19 الجديد المعتمد من قِبل إدارة الأغذية والعقاق ...
- اكتشاف خريطة التفاعل بين البروتينات والبروتينات البشرية للسا ...


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ابراهيم بسيوني - التدين الشكلي