أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسن عزيز الياسري - خيمة الادارة والاقتصاد














المزيد.....

خيمة الادارة والاقتصاد


حسن عزيز الياسري

الحوار المتمدن-العدد: 6529 - 2020 / 4 / 5 - 22:51
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


     صعدت على الطريق مستأجرا صاحب تكتك وهو شاب في مقتبل العمر ، والظاهر انه يعمل على طريق دائرتي التي تقبع غير بعيد عن ساحة الطيران وسط بغداد ، فسألته عن وجهته ومكان عمله فقال بأنه يعمل على طريق شارع النضال المؤدي الى ساحتي الطيران والتحرير ونظر لي عبر المرآة وقال اطمئن فانت على طريق عملي ، فتبسمت بوجهه ، ولعله كان منتظرا مني السؤال  عن الاجرة .
شعرت وقد اطربت مسامعي ودغدغت مشاعري بشيء من الفرح والحزن في آن واحد اغنية وطنية عبر جهاز التسجيل الخاص به ، كنا قد سمعناها قبل اعوام قليلة تصرمت وهي خطاب مقاتل لوالدته من ارض احد معاركنا التي لا تنتهي ، حيث يقول مخاطبا اياها  :

بخاصرتي خنجر لو سيف بركبتي ..
لو حشمت يا خوي ما اعوفن اختي ..

لو بالعلم ملفوف لو بيدي ارفعة ..
كاتب عهد عالروح وبدمي اوقعة .. يا يمة ،

فبدأت اصابعي وجزء من ذراعي بحركة راقصة من حيث لا اشعر منسجما مع الحان تلك الاغنية الوطنية الحماسية التي تغنت بحب الموصل الحدباء اثناء تحريرها من رجس التطرف ، مستذكرا تلك الايام التي لا زال ثراها رطبا في الذاكرة ، رجال وأشباه ، موت وحياة ، وجوه ومواقف ، قلوب ودماء ، وداعٌ وامنيات راحلات ، فقطع سفري القصير صاحب التكتك قائلا : (( عمو ابدل الاغنية ، شو انت تركَص وتبجي )) .
لعله لا يعلم بأن الطير يرقص مذبوحا من الالم .

تحية حب وعرفان وسلام لتلك الوجوه الطيبة والقلوب التي نزفت على ارض الموصل وصلاح الدين والانبار وساحات التظاهر والاعتصام وكل جزء من ثرى عراقنا المتسلح بدماء ابناءه البررة ، ولكل من صدح لسانه ودمه ضجيجا عراقيا خالصا بالولاء ونزف فؤاده قبل جسده دما وطنيا خالص الانتماء .

وصلت الى وجهتي واعطيته اجرته وزيادة لانه يحمل عبئا اخر غير اعباء نفسه وعائلته ، هو عبئ بعض من زملاء دربه ورفاق مسيرة علمه من اخوته المتظاهرين في خيمة الادارة والاقتصاد ،  مقابل المطعم التركي او جبل اُحد كما لا زال يحلو للبعض تسميته .
لعل التضحية ونكران الذات وتفضيل الاخرين على النفس وسط هذا الواقع البائس المرير والمستقبل المجهول ، هي بحق ميزة لا يتخلق بها سوى الكبار واصحاب الرسائل الانسانية الكبرى ، فلولاهم لاستحالت ارض الكوكب الى بلقع او عدم .

لا زالت وقفا في احدى زوايا ذاكرتي منذ الطفولة تلك المحادثة الشيقة التي قرأتها في كتاب العبرات للشيخ مصطفى لطفي المنفلوطي مع احد الاشخاص الذين كتبوا له ، حيث يسأل الشيخ مستغربا : لماذا لا تكتب عن السياسة والسياسيين وشؤونهم ، كشأنك في الكتابة عن الاخلاق والاجتماع ؟؟
فأجاب الشيخ : بأنه لا يكتب عن السياسة واهلها كونه من اشد الناس بغضا بهم كبغضه للغدر والخيانة والسرقة ، وانه لا يحب ان يكون سياسيا لانه لا يريد ان يكون جلادا  !!!
فلا فرق (( برأيه )) بين السياسي والجلاد ، الا ان هذا يجلد فردا واولئك يجلدون امة .
فلا يستطيع المتصدي للسياسة ان يكون سياسيا الا اذا كذب في اقواله وافعاله وكان منافقا وخائنا للامانة بأمتياز .

ونحن نعيش ازمة جائحة كورونا ، بكل الارتباك والتوتر والهلع والاذعان لواقع صحي تعسٌ ومرير ، تذكرت ما فعلته وزيرة الصحة السابقة بتوقيعها لعقد شراء ما يجعلني اترفع عن ذكره هنا احتراما بالذين ذكرناهم ولعيون القراء كذلك ، ولننعش ذاكرتنا بالسؤال عما فعلته هذه الوزيرة في زمن بائس يحكمنا فيه الأراذل والجوعى ، بأسم السياسة والسلطة ومفاهيم كاذبة اخرى طيلة اكثر من ١٦ عاما ، وكيف تمت مسرحية استجوابها الهزلية في مجلس النواب المعفر بالنزاهة والشفافية ، فصل مكرر لفصول رواية الفساد المتعاقبة .

رحمك الله يا شيخ ، ما ادركنا سر ما جادت به قريحتك الا بعد ان رأينا بأم اعيننا وعشنا بكامل وعي حواسنا تجارب هؤلاء المشوهين القادمين عبر الحدود ، كوارث ومآسي وخطايا طالت شعبنا الطيب المغلوب على امره ، موتا وذلا وتهجيرا ومرضا وحاجة ، فكانوا خونة الامانة بأمتياز .



#حسن_عزيز_الياسري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لغات  مشتركة بين انتفاضتي شعبان وتشرين ) شذوذ المفهوم بين ال ...
- شعارات فضائية .. الحسين يجمعنا !!
- لغات  مشتركة بين انتفاضتي شعبان وايلول ) الشذوذ بين النظرية ...
- مقاطعة بني سفيان .. إحتراق من نوع آخر


المزيد.....




- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسن عزيز الياسري - خيمة الادارة والاقتصاد