أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - قاسيون - اللقاء الأخير.....














المزيد.....

اللقاء الأخير.....


قاسيون

الحوار المتمدن-العدد: 1581 - 2006 / 6 / 14 - 08:51
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


العمر قصير بمعيار الزمن، وهناك فرق مابين العمر والحياة. العمر يقاس بالسنوات أو بالأشهر.لكن الحياة تقاس بالتجارب والخبرة ، والتفاعل الحي والتأثير المتبادل.
وعمرك يا أبا المجد بمقياس الزمن هو حياة زاخرة بالعطاء والوفاء، هي حياة تميزت في الكثير من الأحيان كونها صانعة الحدث.،مليئة بالتجارب ، فطوبى لك ،وطوبى لعمر كانت حياته طويلة وغنية.
كان لقائي الأخير بأخي المرحوم سهيل قبيل وفاته بليلة واحدة كنا في غرفته في المستشفى وحيدين، طلب مني أن نجلس معاً على المقعد المجاور لسريره، بصعوبة استطعت رفع قدميه المتعبتين وسرنا خطوات وما أن اقترب من المقعد حتى ارتمى ليأخذ وضعية المستلقي والجالس بآن واحد.. كانت نظراته تجول وتبحث في تفاصيل ما حوله.ثم نظر إلى جسده ، ومن ثم إلى قدميه ليرى شرايين الدم التي بدأت تتفجر مشكلة بقعاً حمراء اللون وكأنها تنذر بحلول الآجل.أمسك بيدي وضغط عليها بكل ما استطاع من قوة، وكأنه أراد أن يقول لي أنه ما زال قوياً وزاد من الضغط حتى أدركت أن هنالك خواطر ما تتفاعل في داخل هذا الجسد الضعيف والمنهك والقوي بآن واحد.
وبصوت متقطع بادرني القول: يا أخي ... انظر إلى هذا الجسد !!! وفعلاً نظرت إلى جسده من أخمص قدميه حتى عيونه المتعبة. آلمني صمتي.... لكنه تدارك ذلك بقوله: هذا الجسد ما عاد يعنيني بشيء ، انظر إليه إنه في طور الفناء.
أجبته بهدوء وأنا أعلم وهو يعلم أن كلماتي هي الآن للمجاملة فقط، لأن الحكم قد صدر (من بعد عمر طويل يا أخي )..
التفت إليّ وابتسامة الألم تزين ثغره المصفر. وتابع... صدقني بمقدار ما يموت هذا الجسد فإنه ينتابني شعورً بأن عقلي وذاكرتي قد كبرت وأصبحت قوية بشكل أصبحت معه أتذكر كل شيء قرأته، كل شيء كتبته حتى صرت أشعر بثقل توارد الأفكار والحوادث، إن رأسي أصبح ثقيلاً جداً ....
وفجأة نظر إليّ بدهشة قائلاً هل قرأت آخر مقال كتبته؟. أجبته لم أقراه ...... هز برأسه وبنبرة قوية وكأنه استجمع قواه الكامنة التي أصبحت نادرة في جسمه المتعب، وبصوت منهك أعلمني أن المقال كان تحت عنوان (الشيوعية أقوى من الموت) سألته عن قصده وأنا أمسح على رأسه وعلى وجنتيه وقلبي كاد يتقطع... صمت طويلاً وتابع قوله: قد تموت الأجساد وتفنى لكن أصحاب النظرية الشيوعية من العمال والفلاحين والفقراء والمساكين سيبقون أحياء جيلاً بعد جيل ، والشيوعية هي ا لنظرية التي مهما تغيرت الأحوال السياسية والاقتصادية والاجتماعية ،ستبقى الوحيدة التي تدافع عن مصالحهم بصدق وأمانة، لهذا فإنّ الشيوعية هي أقوى من الموت .وعاد الصمت مرة أخرى سيد الموقف، وغارت العيون المتعبة وتلاحقت الأنفاس التي ترافقت بشخير بسيط، ومن جديد مسك أصابعي وشدّ عليها وهو يراقب بقع الدم التي ازدادت انتشاراً على ساقيه، تكسرت وتلعثمت الكلمات في فمي وما عدت أدري كيف أبدأ الحديث ،ودموعي المتدفقة من عيوني حبستها بقوة حتى أتعبتني لأنني كنت أدرك أن بكائي لا معنى له أمام صموده وتحدّيه الألم.ومرة أخرى التفت أليّ قائلاً: هل تعلم يا أخي أنني تخلصت من ساعة اليد لأن الزمن ما عاد يعنيني بشيء، الليل ، النهار ، الصبح ،والظهر والعصر أصبحت بالنسبة لي مسميات لا معنى لها.والمادة ما عادت تعنيني بشيء. اشعر وكأنني تحررت من قيود كثيرة ، أصبحت أكثر حرية .وتابع صمته بقول جملته الأخيرة (هل أنت حزين يا زهير؟) نظرت إليه وقلت في نفسي آه... لو تعلم كم كنت أتمنى في تلك اللحظة أن أفديك بشيء من عمري، لكنها مسيرة الحياة، وهل يحزن الإنسان عندما يرى هذا الفكر وهذا التحدي، وهذه الحياة المليئة بما يفخر به كل من عرفك يا أبا المجد. فطوبى لحياة كانت كلها عطاء.
■ زهير قوطرش



#قاسيون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ندوة الثلاثاء الاقتصادي د. ابراهيم العيسوي:تفكيك العولمة ...
- عضو مجلس الشعب زهير غنوم في حديث لقاسيون:آن الأوان لمحاسبة ا ...
- كي لا نخدم أعداءنا.. مجاناً
- تحت شعار «إلغاء الدعم التمويني:المواطن يدفع فواتير الفساد وع ...
- دور الدولة الاقتصادي في ظل اقتصاد السوق الاجتماعي..الاقتصادي ...
- التقاعد المبكر - مرة أخرى لماذا!
- الجمعيات والمنظمات الأهلية التطوير والتحديث أيضا إلى الوراء؟
- الحكومة تتحمل كامل المسؤولية عن ارتفاع أسعار الأراضي والعقار ...
- محاورة مع الرفيق كمال إبراهيم - الدور الوظيفي ووعي الذات ووح ...
- كل أيار وأنتم ......
- تقرير هيئة الرئاسة لمؤتمر الشيوعيين السوريين الحادي عشر
- وثيقة المهام البرنامجية التي أقرها المؤتمر
- الخطة العاشرة على الطاولة الاقتصادية
- توضيح من اللجنة المنطقية للحزب الشيوعي السوري في حمص-قاسيون-
- ويتحدث الوزراء عن «الدلال» الذي يعيشه المواطن!!
- الخطة الخمسية...الامتحان العاشر لمجلس الشعب
- في مجلة أبيض وأسود:ما الذي يحدد طبيعة النظام الاقتصادي؟
- د. قدري جميل في حوار حول الخطة الخمسية العاشرة:معدلات النمو ...
- العصر الأمريكي ... شراسة، وصراعات طائفية دموية
- تعويم الليرة مطلب العولمة لتسهيل النهب والسيطرة


المزيد.....




- السعودية.. ظهور معتمر -عملاق- في الحرم المكي يشعل تفاعلا
- على الخريطة.. دول ستصوم 30 يوما في رمضان وأخرى 29 قبل عيد ال ...
- -آخر نكتة-.. علاء مبارك يعلق على تبني وقف إطلاق النار بغزة ف ...
- مقتل وإصابة مدنيين وعسكريين بقصف إسرائيلي على ريف حلب شمال غ ...
- ما هي الآثار الجانبية للموز؟
- عارض مفاجئ قد يكون علامة مبكرة على الإصابة بالخرف
- ما الذي يمكن أن تفعله درجة واحدة من الاحترار؟
- باحث سياسي يوضح موقف موسكو من الحوار مع الولايات المتحدة بشأ ...
- محتجون يقاطعون بايدن: -يداك ملطختان بالدماء- (فيديو)
- الجيش البريطاني يطلق لحى عسكرييه بعد قرن من حظرها


المزيد.....

- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد
- تشظي الهوية السورية بين ثالوث الاستبداد والفساد والعنف الهمج ... / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - قاسيون - اللقاء الأخير.....