أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - عن الموت والفكر الميت














المزيد.....

عن الموت والفكر الميت


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 6528 - 2020 / 4 / 3 - 14:05
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الفكر الغيبي منذ بداياته الأولى استند إلى فكرة "العدم" ليبني مشروعه الأيديولوجي عن "الخلق" وحدوث العالم وظهور الكائنات في لحظة زمانية معينة أختارها الكائن المطلق، ولكنه بعد هذه اللحظة المؤسسة للوجود بأسره، لحظة بداية الخلق، يختفي "العدم" بعد ذلك نهائيا من الحياة ومن الفكر، ويصبح "الموت" ذاته مجرد إنتقال من الحياة الدنيا إلى الحياة الآخرة، أي إنتقال من حالة وجود أرضي مؤقت إلى حالة وجود سماوي دائمة وأبدية. الحسين بن علي بن أبي طالب قال مخاطباً أنصاره يوم عاشوراء: « صبراً بني الكرام ، فما الموت إلاّ قنطرة تعبر بكم من البؤس والضرّاء الى الجنان الواسعة ، والنعيم الدائمة ، فأيّكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر؟ ». وهذا التراجع الفكري عن تقبل فكرة العدم والخواء راجع بطبيعة الحال إلى صعوبة إحتمال هذه الفكرة وكونها باعثة على القلق والألم واليأس والخوف من الفناء وهو ما يؤكده إبن مسكويه في"رسالة في الخوف من الموت" حين يقول «لما كان أعظم ما يلحق الإنسان من الخوف هو الخوف من الموت. وكان هذا الخوف عاماً، وهو مع عمومه أشد وأبلغ من جميع المخاوف، وجب أن أقول: إن الخوف من الموت ليس يعرض إلا لمن لا يدري الموت على الحقيقة، أو لا يعلم أين تصير نفسه..» ليستنتج أن جهل "خلود" النفس هو سبب الخوف، وهذا الخوف هو الذي حمل الحكماء على طلب العلم أينما كان ويقول: «فلما تيقن العلماء ذلك واستبصروا به وهجموا على حقيقته وصلوا إلى الروح والراحة، هانت عليهم أمور الدنيا كلها، واستحقروا جميع ما يستعظمه الجمهور من المال والثروة واللذات الخسيسة». وهذه التفرقة بين الروح والنفس والجسد هي الفكرة الأساسية المبنى عليها كل الصرح المعماري الغيبي، حيث الموت ليس شيئاً أكثر من ترك النفس استعمال آلاتها المادية أي بدنها، والنفس - حسب المنظور الغيبي - جوهر غير جسماني، وبالضرورة فإنها أزلية وغير قابلة للفساد، وحين تغادر النفس جسدها، فإنها تصبح نقية وشفافة وسعيدة، ولا سبيل إلى فنائها، لأن الجوهر لا يفنى، حيث لا ضد له، وما لا ضد له لا يفسد حسب ما يقول مسكويه في رسالته. ومنذ البدايات الأولى للفكر الإنساني، كان "العدم" المتجسد في فكرة الموت والفناء حاضرا في أغلب الأساطير والقصص القديمة التي تحاول بطرق مختلفة القضاء عليه وإنكاره كليا لأنه يجعل الحياة غير محتملة ولا مبرر لها طالما هي محدودة ومنتهية، ها هو جلجامش يتألم بعد موت إنكيدو "ماذا عساي أن أفعل، وإلى أين اتجه، إن الموت قد تمكن من لبي وجوارحي، أجل، في مضجعي يقيم الموت، وحيثما أضع قدمي يربض الموت". وفي الديانة الهندوسية مثلاً، الموت هو مرحلة من مراحل دورة التناسخ، التي تنظمها وتسيرها "الكارما" الخاصة بكل فرد والتي هي قانون الجزاء والعقاب الذي يثاب به الميت على حسناته ويعاقب على أفعاله السيئة في أطوار تناسخه المتتابعة، بمعنى أن الإنسان لا يفنى بعد موته بل يظل باقيا في صور مختلفة للمادة حسب أعماله. أما الموت عند البابليين والسومريين فهو أيضا ينفي فكرة العدم والفناء حسب ما ذكرته النصوص القديمة، وينتقل الميت إلى ما يسمى عند السومريين بالعالم السفلي، وكانوا يعتقدون بأن روح الميت لا تفنى، بل تتمثل في شبح يدعى "أدمو" يرافق الميت في رحلته إلى العالم السفلي ويظلُّ ملازماً له، لذلك يشترط أن يُدفن الميت حسب المراسيم والطقوس الدينية المنصوص عليها، وإذا لم تتوفر هذه الشروط تحول هذا الحارس الشبحي روحاً شريرة تخرج من عالم الأموات وترعب الأحياء وتثير الهلع في قلوبهم.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن النمل وكلام الله
- القلب الخفي لعدوى الكوفيد
- كوفيد ١٩
- الله كعدو شخصي
- العقل الديني مرآة العقل الذكوري
- في إنتظار البداية
- الصخرة
- يقظة السيد نون
- زمن الموت البطيئ
- رحيق الشوك
- العجل الذهبي
- موت السيد نون
- قلق السيد نون
- هواجس السيد نون
- رسالة إلى - ثوار- ليبيا
- السلطة الدينية وغسل الدماغ
- ثورة بروميثيوس
- عن الرفض والتمرد
- وتفقد الوردة حمرتها خجلا
- الإرهاب والثورة


المزيد.....




- رئيس وزراء فرنسا: حكومتي قاضت طالبة اتهمت مديرها بإجبارها عل ...
- انتخاب جراح فلسطيني كرئيس لجامعة غلاسكو الا?سكتلندية
- بوتين يحذر حلفاء أوكرانيا الغربيين من توفير قواعد جوية في بل ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 13 ...
- رئيس جنوب إفريقيا يعزي بوتين في ضحايا اعتداء -كروكوس- الإرها ...
- مصر تعلن عن خطة جديدة في سيناء.. وإسرائيل تترقب
- رئيس الحكومة الفلسطينية المكلف محمد مصطفى يقدم تشكيلته الوزا ...
- عمّان.. تظاهرات حاشدة قرب سفارة إسرائيل
- شويغو يقلّد قائد قوات -المركز- أرفع وسام في روسيا (فيديو)
- بيل كلينتون وأوباما يشاركان في جمع التبرعات لحملة بايدن الان ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - عن الموت والفكر الميت