أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - عبد الرحيم التوراني - كارل ماركس يصافح كورونا...!














المزيد.....

كارل ماركس يصافح كورونا...!


عبد الرحيم التوراني
صحفي وكاتب

(Abderrahim Tourani)


الحوار المتمدن-العدد: 6527 - 2020 / 4 / 1 - 18:26
المحور: ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات
    


من منا لا زال يشك في أن البشر دخل مرحلة جديدة لا تشبه سابقاتها عبر التاريخ الكوني، وهل هناك من يجادل في فرضية أن هذا الوباء سيكون له تأثير كبير على العالم؟!
فلم يعد الكلام والحديث عن المستقبل مجرد فكرة بألوان الافتراض، بعد أن ولجنا واقعيا باب المستقبل. عندما سمعنا رنات جرس الباب وفتحنا، فإذا بنا أمام ساعي المستقبل وبيده رسالة موجهة إلى العالم، لما تهيجنا أحرفها، وجدنا بها كلمة واحدة لها نفس النطق والمضمون والسحنة والدين، وله نفس أعراقنا وأدياننا، وهي ذاتها في كل اللغات الحية منها وتلك الميتة: كاف واو راء واو نون ألف... "كورونا".
***
كلما انخرطنا في مراكمة المعلومات حول هذا الوباء نجد أنفسنا نغرق في سرمدية اللايقين، ماثلين أمام عتبات الرعب وانكسارات الروح.
هكذا نقضي ساعات يومنا، ننام ونصحو على كورونا، لم يجد الناس يوما، منذ بدء الخليقة أنفسهم مجتمعين على التفكير في موضوع واحد، كما نعيشه هذه اللحظة، نشرات الأخبار على القنوات والفضائيات والمواقع غزاها واحتلها الفيروس الشرس، أقفلت الأجواءـ صارت المطارات كصحاري موحشة تعوي فيها الرياح كذئاب موجوعة، ويلعب فيها الغبار مع الأتربة والحصى لعبة "خذ وهات". ولا أرض أنجى من أرض. فإلى أين تلوذ؟! أغلق كل بلد على نفسه، واعتقل الأشخاص أنفسهم داخل زنازن، كانت قبل قليل تسمى بيوتا وفيلات وشققا وإقامات وقصورا. صار الجميع يصحو مبكرا ليتناول وجبة فطوره خبزا مدهونا بزبدة ومربى وعي الزمن الأخير وقهوة النهاية. يقول أصحاب اللحى عندنا إنها "علامات الساعة" ويطالبوننا بالتوبة، ليكتشف البعض أنه كافر من كفرة قريش.
وتفتش راقصة مخضرمة عن وجهة القِبلة، يتخيل لها أن ما تصنعه بجسدها الرشيق وهي تسيطر على التواءاته وانحناءاته كالنحات، هو الفعل الشيطاني الذي جلب كل هذا الوباء. فلا تعرف المسكينة عدد الركعات فتبكي. وهي تسمع عن ما ينتظرها في الآخرة صحبة امرأة أبي لهب التي "في جيدها حبل من مسد".
***
لا شيء يتحرك ، باستثناء الأخبار والمعلومات حول الوباء المنتشر بسرعة الفيروس نفسه، دون أن يعرف أي شخص حقًا المزيد عن طبيعته أو مسافات فتكه الآتية.
أتذكر قطعة كنا نحفظها في المرحلة الابتدائية بعنوان "الحيوانات المرضى بالطاعون"، ولم نكن نعرف أنها تعود للكاتب الفرنسي لافونتين، إذ لم يخبرونا بذلك في الكتاب المدرسي التي أعده الطنجاوي المرحوم أحمد بوكماخ في سلسلته الخالدة "أقرأ". وها أنا أحاول الآن قراءة ذلك النص البعيد المقتبس عن "كليلة ودمنة للشهيد عبد الله بن المقفع، فأقرأه هكذا: "البشر المرضى بالفيروس"، ولماذا أستبدل الحيوانات بالبشر، أليس البشر من الحيوانات؟ حيوان ناطق أو عاقل، أو ضاحك، الى ما ذلك من الأوصاف التي نزعم أنها تنقص حيوان الغابة وحيوان الدار، مثل القطط والكلاب، هو في النهاية كائن مصاب.
***
تأخر كورونا في الوصول، وكان رؤوفا بنا، فلم يدخل علينا إلا بعد أن اخترعنا الأنترنيت وأجهزة الحواسيب والأيفون والهواتف الذكية، فجاء ليختبر ذكاءنا المزعوم، بل ليختبر جشع الرأسمالية وقد بلغت أعلى درجات الوحشية، فأوقف الدوران الهائل لمصانع الأسلحة القاتلة، التي لا يتوقف أزيز محركاتها، وتدور بسرعة فاقت دوران الأرض بالمجرة الشمسية.
كورونا تحدت مصانع الأسلحة ونشرت الرعب الكبير غير المسبوق، الذي ليس قبله رعب على وجه البسيطة، أو تحت صفيحة السماء. رعب يقتل من غير دم، فلا أحد تمكن من القبض على المجرم أو تشخيص ملامح القاتل بدقة. ولا توجد هناك أداة القتل، إذ ليس بيده سكين ولا مسدس ولا ساطور أو قطعة حجر أو قارورة ترياق مسموم. من يستطيع منافسة هذا القاتل المتسلسل، وقد أودى بحياة الآلاف، من غيره يجيد القتل والانسلال كالهواء غير المرئي؟ ولا ذئاب أو ثعالب مفترسة أو دببة بأبوابنا، شوهدت أوضبطتها الكاميرات المعلقة.
***
لم تعد الرأسمالية صالحة للعالم، يقول صديقي اليساري. أما رفيقتي التشكيلية، وقد نسيت لوحتها الجديدة غير مكتملة، فقد اقترحت أن علينا استدعاء ذلك الرجل المثقف الفقير الساكن في شقة صغيرة بوسط لندن، إن اسمه كارل ماركس، هو من باستطاعته أن يسعفنا اليوم، ويعيد صياغة جديدة للاشتراكية التي أطلقها على الناس وذهب لينام نومة محتضر فوق أريكة، فلم يصدق أحد أنه مات. أخبروه أن الناس اليوم بحاجة إلى أدواته، لا لحيته أو جبينه العريض، ولا بأس إذا تنازل وقام بتعديل مفاهيم نظريته العلمية. فالمجتمعات الآن، مستعدة للتغيير من دون كومونات ولا بولشفيك أو منشيك ولا من يحزنهم بدكتاتورية البروليتاريات و"المركزية الديمقراطية".
***
إنها لحظة موغلة في الخيال، ولن يمكن تجاوزها إلا بالخيال، وقد صار التعليم عن بعد، والعمل عن بعد، والتحيات كلها عن بعد، ولا مجال لإمساك يد بيد، أو للقبلات. فكيف يزيد البعاد متانة الروابط ويؤسس لعلاقات إنسانية حقيقية، أذكت التضامن وزرعت المحبة بين الناس، وها هم يجربون ويرتجلون الحب والمحبة عن بعد، فوجدوها أنها هي الأصل، وغيرها مصنع مثل أكل المعلبات.
***
خرج مانديلا من السجن ليغير النظام العنصري في بلده، وقبله خرج أحمد بنبلا، وغيرهما كثيرون، من السجن إلى مسك مقاليد الحكم في بلدانهم، كذلك سيخرج الناس من حبسهم وحجزهم ليغيروا أنفسهم بأنفسهم، ليغيروا الحياة الفانية بحياة منبعثة من الحياة..
فالتفت حواليك وقم بتغيير ما بك.
غير نفسك.



#عبد_الرحيم_التوراني (هاشتاغ)       Abderrahim_Tourani#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سأخجل من موتي إذا حدث على يد كورونا... !!
- رسالة إلى صديقي الكاتب إدريس الخوري في زمن الكورونا
- ثرثرة فوق جسر نهر الكورونا
- كورونا تجهل موقع العالم!
- روح إيفانكا تنبح في البيت الأبيض
- من قتل عمر بنجلون؟!
- ألا لا يجهلن أحد علينا..!
- قصة قصيرة: على حافة موال تيزي نتيشكة*
- جمهور الكرة لا يقرأ جورج أوريول بل يشرب -الروم- ولا يقرب الأ ...
- محمد زفزاف السينمائي الذي جاور هوليوود ..!
- انتخابات تونس: قيس سعيّد الرئيس الخامس للجمهورية التونسية!!!
- انتخابات تونس: مرشحون على الجدران والشارع في همومه وأشباح بن ...
- رائحة شحم في الساطور
- أغنية الصّباغ الذي هوى الآن
- التمرغ في تراب التكريم!
- أقصوصة: سبب عدم وصول صاحب التاكسي
- حلويات بن لادن
- الموت يغيب المناضل الأممي باتريس بارا ... نهاية رجل شجاع
- مقابلة مع المناضل الأممي ضد العولمة باتريس بارا Patrice BARR ...
- غياب: رحيل الصحفي المغربي عمر الأنواري.. نجم آخر ينطفئ بعيدا ...


المزيد.....




- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...
- السعودية.. فيديو لشخصين يعتديان على سائق سيارة.. والداخلية ت ...
- سليل عائلة نابليون يحذر من خطر الانزلاق إلى نزاع مع روسيا
- عملية احتيال أوروبية
- الولايات المتحدة تنفي شن ضربات على قاعدة عسكرية في العراق
- -بلومبرغ-: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائ ...
- مسؤولون أمريكيون: الولايات المتحدة وافقت على سحب قواتها من ا ...
- عدد من الضحايا بقصف على قاعدة عسكرية في العراق
- إسرائيل- إيران.. المواجهة المباشرة علقت، فهل تستعر حرب الوكا ...


المزيد.....

- جائحة الرأسمالية، فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية / اريك توسان
- الرواسب الثقافية وأساليب التعامل مع المرض في صعيد مصر فيروس ... / الفنجري أحمد محمد محمد
- التعاون الدولي في زمن -كوفيد-19- / محمد أوبالاك


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - عبد الرحيم التوراني - كارل ماركس يصافح كورونا...!