أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - عبد الرحيم التوراني - سأخجل من موتي إذا حدث على يد كورونا... !!














المزيد.....

سأخجل من موتي إذا حدث على يد كورونا... !!


عبد الرحيم التوراني
صحفي وكاتب

(Abderrahim Tourani)


الحوار المتمدن-العدد: 6527 - 2020 / 4 / 1 - 10:40
المحور: ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات
    


منذ إعلان انتشار الفيروس في العالم، أصبحت لا أستطيع أن أحدد أو أصف ما هو عليه حالتي، أو قُلْ: حالاتي. حالات شعور متناقضة صارت تنتابني وتجتاحني في آن واحد كعاصفة محملة بالرمال والأتربة وبالغبار والحجارة والأشجار وكل ما تصادفه أمامها وتردمني تحت الرعب والشجاعة والجبن والإقدام والحمق...
هي حالات ما بين الحزن الغامض والخوف والفزع والقلق والوحدة والهدوء والسكينة والمرح، واللامبالاة حتى.
دخلت ما سمي ب"الحجر الصحي" طوعا قبل أن تقرره السلطات المعنية وتدعو إليه، وقد عودت نفسي قبل عام أو عامين، على المكوث والعزل والاختفاء والاعتكاف في البيت. تماما مثل مريض أو ناسك أو مطارد هارب. فيصعب العثور علي أو التواصل معي..
أجلس في البيت، أرافق كتبي وأسطواناتي وألواني، لا أضع الكتاب إلا لأفتح الأنترنيت، أما التلفزيون فأنا في شبه خصام معه من أعوام. على شفتي دندنة بكلمات للشاعر الكبير محمود درويش:
"في البيت أجلس
لا سعيداً لا حزينا
بين بين
ولا أبالي
إن علمتُ بأنني
حقاً أنا ...
أو لا أحدْ !".
وسرعان ما أجد أن درويش لا يعبر عن حالتي/ حالاتي ... بالمطلق الذي أسعى إليه..
أغمض عيني يائسا وأغفو، ثم يسعفني دائما "لاعب النرد"، يوقظني، يدثرني بأجنحته الحالمة، أرثي ذاتي في ذاته قبل الأوان، يحثني على الإسراف في الحلم وأن أخيب ظن العدم:
أَنا مثلكمْ
أَو أَقلُّ قليلاً...
(...)
أَمشي / أهرولُ / أركضُ / أصعدُ / أنزلُ / أصرخُ /أَنبحُ / أعوي / أنادي / أولولُ / أسرعُ/أبطئ / أهوي/ أخفُّ / أجفُّ / أسيرُ / أطيرُ / أرى / لا أرى / أتعثَّرُ/ أَصفرُّ / أخضرُّ / أزرقُّ / أنشقُّ / أجهشُ / أعطشُ/ أتعبُ / أسغَبُ / أسقطُ / أنهضُ / أركضُ / أنسى/ أرى / لا أرى / أتذكَر / أَسمعُ / أبصرُ / أهذي /أُهَلْوِس / أهمسُ / أصرخُ / لا أستطيع / أَئنُّ / أجنّ /أَضلّ / أقلُّ / وأكثرُ / أسقط / أعلو / وأهبط / أدْمَى/ ويغمى عليّ .

مع فيروس كورونا عاد الشاعر ليزرع على شفتي تساؤل:
- مَنْ أَنا لأخيِّب ظنَّ العدم؟
بل من نحن؟! لنقضي على الفيروس اللعين. نحن الشعوب المتخلفة المستهلكة المقموعة المستعمرة الجاهلة المريضة الموبوءة بالديكتاتوريات والقمع والطغاة والطغيان والأحكام القراقوشية؟؟!!!
كيف السبيل إلى غسل عقولنا من الجهل والتخلف أولا، قبل غسل الأيدي بالماء والصابون ومسحها بالمعقم؟؟!!
وها نحن نقوم باحتجاز أنفسنا واعتقال ذواتنا طوعا أو قسرا، وقد تحولت غرف النوم إلى زنازن والبيوت إلى معتقلات بنوافذ وبالكونات، نحاول أن نحاكي الأقوام التي تنشد وتغني وتفرح، فيسبقون إلى تكميم أفواهننا بنشيد وطني لست من المجمعين على كلماته ولحنه. فأين المفر من العدم؟
العالم يخسر كل يوم أعدادا كبيرة من الأقرباء والأحباب والأصدقاء، ولا بلد أحسن من بلد..
لا نملك إلا خوفنا وحزننا وأملنا بالقضاء سريعا على الوباء والإفلات من العدم.
تعددت الأسباب والموت واحد، أي.. نعم، لكني أصارحكم أني سأخجل من موتي إذا كان على يد فيروس كورونا. هو موت لا يتمناه أحد حتى للأعداء. ياه.. ها أنا أكتشف أن لفيروس كورونا "يد" طويلة أما أعين البشر الحسيرة، فأخاف أكثر على يدي، وأخاف على عيني من يدي، فأقوم لأنظف كفي من جديد للمرة بلا رقم هذا الصباح.
الجميع يتملكهم الخوف والفزع والهلع، حتى وهم يتبعون الإجراءات الوقائية للحماية من الفيروس، ويتنقبون بالأقنعة الصحية، ويتعقمون بالنظافة الزائدة أحيانا. وأنا، مثل غيري كثيرون، نؤمن بالسيطرة قريبا على كورونا بواسطة العلم والعلم والعلم، مثلما سيطر الإنسان على أوبئة وجائحات قبل كورونا. كالطاعون وانفلونزا الطيور وانفلونزا الخنازير وإيبولا وغيرها من الأوبئة الفتاكة.
أحيانا أحن إلى الخروج للجلوس في المقاهي ولقاء الأصدقاء والتفرج على المارة وهم يعبرون رصيف العالم ، لكن لا مجال.. وقد ألغى الفيروس تفاصيل الحياة العادية، وحرم المصافحة والعناق مثل ظلامي من مجاهل الخرافة والغيب.
ما يزعجني هو تناقل الأخبار الزائفة بشأن الفيروس والتهويل من الأرقام والحالات وتزييف الوقائع والأخبار المتصلة بانتشار الفيوس. يزعجني أكثر هؤلاء الغيبيون من الإخونجية ومن ضعاف العقول، ممن يملأون رؤسهم الفارغة و رؤوس بعض الناس بالتفاهات وبالخزعبلات والخرافات الدينية، والدين منها براء كما يقال.
"كورونا"، إذن، فصلٌ جديدٌ في نزاع البشرية مع البقاء في الحياة على هذه الأرض. ولا يزال على هذه الأرض ما يستحق الحياة. أو كما وصف أحد المفكرين العراقيين عندما قال: "كورونا التجربة الأولى في حرب عالمية بيولوجية طويلة وبديلة عن الحرب النووية، وهذه التجربة تأتي كبداية لتحقيق مايسمى (ثقافة دايفوس)، وأن كوكبنا لا يمكن أن يتسع ويوفر الرفاهية لأكثر من مليار إنسان (هو المليار الذهبي)، وهو يضمُّ: سكان أمريكا الولايات المتحدة وكندا، وسكان غرب أوروبا إلى أوسترا ليا واليابان .. والباقي إلى الجحيم والعدم.
أووف.. فات وقت الهجرة إلى "العالم الذهبي" وقد أقفل أجواءه ومطاراته، فما العمل؟
حتما سيهزم العلم كورونا، كما ستهزم الشعوب خارج "المليار الذهبي" أباطرة الأبرتايد والميز الكوروني الجديد.
رغم كل شيء، علينا أن نتدثر بدفء أنفاسنا، نتمترس وراء الأمل، ونسرف في الحلم لنخيب ظن العدم.
نعم ستخيب الحياة ظن العدم.



#عبد_الرحيم_التوراني (هاشتاغ)       Abderrahim_Tourani#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة إلى صديقي الكاتب إدريس الخوري في زمن الكورونا
- ثرثرة فوق جسر نهر الكورونا
- كورونا تجهل موقع العالم!
- روح إيفانكا تنبح في البيت الأبيض
- من قتل عمر بنجلون؟!
- ألا لا يجهلن أحد علينا..!
- قصة قصيرة: على حافة موال تيزي نتيشكة*
- جمهور الكرة لا يقرأ جورج أوريول بل يشرب -الروم- ولا يقرب الأ ...
- محمد زفزاف السينمائي الذي جاور هوليوود ..!
- انتخابات تونس: قيس سعيّد الرئيس الخامس للجمهورية التونسية!!!
- انتخابات تونس: مرشحون على الجدران والشارع في همومه وأشباح بن ...
- رائحة شحم في الساطور
- أغنية الصّباغ الذي هوى الآن
- التمرغ في تراب التكريم!
- أقصوصة: سبب عدم وصول صاحب التاكسي
- حلويات بن لادن
- الموت يغيب المناضل الأممي باتريس بارا ... نهاية رجل شجاع
- مقابلة مع المناضل الأممي ضد العولمة باتريس بارا Patrice BARR ...
- غياب: رحيل الصحفي المغربي عمر الأنواري.. نجم آخر ينطفئ بعيدا ...
- الصحافة المغربية في حداد.. عبد القادر شبيه: نجم إعلامي ينطفئ ...


المزيد.....




- مدير CIA يعلق على رفض -حماس- لمقترح اتفاق وقف إطلاق النار
- تراجع إيرادات قناة السويس بنسبة 60 %
- بايدن يتابع مسلسل زلات لسانه.. -لأن هذه هي أمريكا-!
- السفير الروسي ورئيس مجلس النواب الليبي يبحثان آخر المستجدات ...
- سي إن إن: تشاد تهدد واشنطن بفسخ الاتفاقية العسكرية معها
- سوريا تتحسب لرد إسرائيلي على أراضيها
- صحيفة: ضغط أمريكي على نتنياهو لقبول إقامة دولة فلسطينية مقاب ...
- استخباراتي أمريكي سابق: ستولتنبرغ ينافق بزعمه أن روسيا تشكل ...
- تصوير جوي يظهر اجتياح الفيضانات مقاطعة كورغان الروسية
- بعد الاتحاد الأوروبي.. عقوبات أمريكية بريطانية على إيران بسب ...


المزيد.....

- جائحة الرأسمالية، فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية / اريك توسان
- الرواسب الثقافية وأساليب التعامل مع المرض في صعيد مصر فيروس ... / الفنجري أحمد محمد محمد
- التعاون الدولي في زمن -كوفيد-19- / محمد أوبالاك


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - عبد الرحيم التوراني - سأخجل من موتي إذا حدث على يد كورونا... !!