أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سمر يزبك - عودة المثقف الحر














المزيد.....

عودة المثقف الحر


سمر يزبك

الحوار المتمدن-العدد: 1577 - 2006 / 6 / 10 - 11:11
المحور: حقوق الانسان
    


المثقفون سيضربون عن الطعام.
المثقفون الذين أدركوا أن انحيازهم للإنسان ودفاعهم عن حريته وكرامته، قد آن آوانه،
لن يكفيهم ليل السجن، بل سيتألمون نهاراتهم ولياليهم، جوعاً.
لا أعرف أي مشاعر اختلطت في روحي، بين الفرح والحزن، الخطيئة والعجز. وانا أقرأ هذا الخبر، شعور لا يشبه إلا الاحتضار، وهذا المدى المسدود على السراب، والذي يحاول المثقفون في سوريا، وبعناد، واصرار شجاع على خرقه، ليمهدوا الطريق نحو فتح ثغرة في جدار الظلام المطبق .
إنهم وراء قضبانهم، بين يدي الجلاد، لا يخشونه، يعبرون عن موقفهم، يعترضون وهم بين الأنياب، ونحن هنا في الخارج نتابع أخبارهم اليومية. أخجل من حريتي، وأنا أتلقف الشمس والضجيج والتلوث في دمشق، أخجل من اللقمات الصغيرة على طاولة طعامي، وأنا أتخيل ميشيل كيلو الرجل الستيني الهادئ، والصديق"الأب" الحاني، وهو جائع في زنزانته مع رفاق جوعه: علي العبدلله ، فاتح جاموس، أنور البني، محمد العبدالله، محمود عيسى، خليل حسن ، نضال درويش... وأخرين
أخجل من الخيانات التي نعتاد عليها كقهوة الصباح، بدءاً من علاقتنا بالكلمة، وانتهاء بالحب
اخجل من قلمي، وأنا احاول كتابة سطر جديد في روايتي
وتتبرأ مني المفردات
وتمارس علي سطوة، وغواية الجوع الذي سيعذبهم في سجونهم.
أخجل لأننا هنا، جالسون، لا نعبر عن موقف، معهم، ولو بكلمة، ولو بجنون ما، فكل ما سنفعله هنا متهم ضرورة بالجنون، أخجل أن اجلس في مقهى الروضة المحبب إلى قلبي في دمشق، والتقي بمثقفين ينتظرون وينتظرون، ويثرثرون ويخافون ويتوقعون، ويغتب بعضهم بعضا، ثم يرتشفون قهوتهم وذعرهم، ويتمادى البعض من أشباههم، والذين صنعتهم أجهزة الأمن، ويطلقون بياناً استنكاريا ضد اعلان _دمشق_ بيروت_ ويستجدون اطلاق سراح المثقفين، ويخونون في مقالاتهم كل مثقف خالفهم الرأي، يتحول المثقفون الى خونة، وسجانيهم الى حماة الوطن، هذا ما فعله المثقفون هنا ،فكيف لا أخجل؟
ولم يكن غريباً رؤويتهم وهم يصرخون كأبواق للسلطة، ويعمدون إلى تخوين المثقفين المعارضين علناً، وعلى شاشات الفضائيات بالأسماء، ودون أدنى خجل، ويتمادون كل يوم بتوجيه أصابع التخوين لكل من تسول نفسه أن يرفع قلمه في وجه آلة القمع، ولم يكن غريباً أن يصدروا بيانات التخوين ضد بعضهم البعض، لأنهم يتماهون مع الذات الكبيرة، ولا يمثلون أي قيمة خاصة بهم لوحدهم، الذات العليا، الواحدة الوحيدة التي يمشي كل شيء بأمرها، الذات التي صنعتها آلة الخوف، وصنعت منها الأقنعة، الأقنعة التي يتباهون بها لحصولهم على أكبر قدر من الحظوة والمنفعة الشخصية على حساب مصلحة سوريا، ولم يكن غريباً في السنوات الماضية أن يتحول القناع الى جزء من الوجه، عندما بدأ الحديث عن المثقف وهامشيته وعمالته، وتحويله الى قيمة فائضة عن الحاجة ، كما روجت السلطة لذلك، وكما روج المثقفين أنفسهم عن بعضهم البعض، فذلك ما أرادته السلطة وعملت عليه لعقود مضت، ليتحول الصوت المتفرد إلى حاجة منفرة في المجتمع، ومرتبطة بالكذب والخداع والحكي، ولأن الحكي والعقل والخيال، لا قيمة لها، فهذه المجتمعات بدورها، تجعل من المثقف لا قيمة له، ولكن هذه القيمة الجديدة للمثقف نهضت من جديد، وحاولت في السنوات الأخيرة استرداد دورها التاريخي، فالمثقف هو صاحب الدور الفاعل في تحريك المجتمعات الراكدة، وعلى المثقفين أن يكونوا أصحاب دور في بناء مجتمعاتهم، وعلى أصحاب الأقنعة أن يفهموا هذه القضية؛ ليس للعسكر الحق المطلق والوحيد في حكم المجتمع السوري، وليس لهم وحدهم حق الاحتفاظ بأرواحنا وحياتنا كحيوانات ضمن مزرعة كبيرة، وأصحاب الأقنعة الذين تحولوا الى آلة قمعية أشد فتكاً من الآلة العسكرية نفسها، لايتخلون فقط عن دورهم الإنساني الحقيقي الذي يتوجب عليهم كمثففين، وهو المطالبة بقيم الحق والحرية والجمال ، بل ويرسمون البشاعة، ويروجون ويجملون مواقف النظام المستبد، كان الأجدى بالنسبة للمثقفين الذين خونوا، وأصدروا بياناً ضد اعلان دمشق بيروت، أن يخجلوا من أنفسهم وهم يشهدون شجاعة السجناء الذين يعترضون بالجوع، ويدافعون عن حريتهم في الانتماء الى أفكارهم.
تحيةً.. لللمثقفين السوريين في سجونهم، وهم يعودون مع غيرهم، خارج القضبان، بالمثقف الحر والفعّال الى سوريا




#سمر_يزبك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وثيقة بصرية عن الاعتقال السياسي
- عقول خلف القضبان
- المرأة في المؤتمر الموازي لمنتدى المستقبل
- إنهم يقتلون النساء
- قانون الأحوال الشخصية في سوريا: بين التعسف والمصادرة
- المثقفون وحراس الكراهية
- حكي النساء
- هل نترك الباب مفتوحاً لاحتواء الثقافة إلى الأبد؟
- من ينقذ التلفزيون السوري من الشعوذة؟
- سمير قصير ودموع اميرالاي
- الاعلام العربي: قلق الهوية وحوار الثقافات
- نحن السوريون:مالذي سنكتبه
- دمشق تدعوك
- المثقف بين الإتباع والإبداع
- سينما... يا بلدي
- الصورة التلفزيونية وفصام الواقع
- الطوفان في بلاد البعث
- سيناريو كاميرا:انطون مقدسي وخديعة الغياب


المزيد.....




- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...
- إسرائيل: قرار إلمانيا باستئناف تمويل أونروا مؤسف ومخيب للآما ...
- انتشال 14 جثة لمهاجرين غرقى جنوب تونس
- خفر السواحل التونسي ينتشل 19 جثة تعود لمهاجرين حاولوا العبور ...
- العراق.. إعدام 11 مدانا بالإرهاب في -سجن الحوت-
- السعودية ترحب بالتقرير الأممي حول الاتهامات الإسرائيلية بحق ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سمر يزبك - عودة المثقف الحر