أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حديث عن عائشة: الفصل الخامس عشر/ 4














المزيد.....

حديث عن عائشة: الفصل الخامس عشر/ 4


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6525 - 2020 / 3 / 28 - 22:13
المحور: الادب والفن
    


كان عمر السيدة أديبة عشرة أعوام، عندما رافقت أبويها إلى الزبداني على أثر ما صار يُعرف على لسان العامّة ب " طوشة الشام "؛ أي أحداث فتنة 1860. منذئذٍ، اجتازت محناً كثيرة وهيَ في مكان إقامتها ذاك، وأكثرها تسبب بها رجالٌ غير أوفياء؛ بحَسَب ما كانت تردده. كذلك نجت من مهلكة الحرب العظمى، التي أتت بالمجاعة والوباء بحيث قضت على ثلث سكان بلاد الشام. سنوات الحرب الأربع، قضتها في كنف صهرها، زعيم الحي الكردي الدمشقي، ثم آبت إلى بلدتها الجبلية بمجرد جلاء الأتراك عن سورية. لكن محنة واحدة لم يكن في الوسع التغلب عليها، وكانت قد ابتليت بها مؤخراً: اختلاط ذاكرتها ومسلكها، بسبب الخَرَف، ما جعلها تذوي رويداً روحاً وجسداً.
كذلك وجدها الأحفادُ، القادمون من دمشق في سيارة قريبهم صالح. في حقيقة الحال، أنهم لم يلتقوا بها في خلال أيام أربعة سوى مرة واحدة، وكان ذلك عقبَ وصولهم إلى دارها. إبراهيم، ابنها الكبير، سبقَ أن انتقل مع امرأته إلى الدار كي يتوليا العناية بالعجوز المريضة. اضطرا إلى حجزها في حجرتها بالقوة، بسبب تعدد حالات خروجها إلى السوق ومن ثم ضياعها هناك. على الأثر، تفاقمت حالتها وكانا يعمدان إلى إطعامها بأيديهما كون شهيتها أضحت شبه معدومة. الزوجان، استقبلا الأقارب بحفاوة قائلين أن وجودهم سينفخ الروحَ في البيت الكئيب. لقد زوّجا أولادهما الثلاثة الكبار، ولم يبقَ سوى أصغرهم. كانا من اللطف أيضاً، أنهما طلبا من صالح البقاء في ضيافتهما. وإنه هوَ مَن اكتشفَ موت السيدة الأديبة، التي كانت في صباح يومٍ تال جالسة على الأريكة في الترّاس ووجهها باتجاه مشهد الوادي، الضاج بالحياة.

***
بقيَ الأقاربُ في الزبداني لحين انتهاء العزاء، وكان صالح قد تعهدَ إحضارَ سارة ورجلها بسيارته. كانت الابنة في غاية الحزن، لكنها دهشت لرؤيتها الحشدَ الكبير في جنازة والدتها. ربما لم تكن قد وعت قبلاً تعاظمَ عدد أفراد عشيرتها من جهة الأب، بالنظر لبعدها عنهم في دمشق واقتصار زياراتها للبلدة في فصل الصيف باستثناء سنوات الحرب العظمى. من ناحية أخرى، ندمت لمطاوعتها فكرة الزوج بإرسال عيشو إلى البلدة بغيَة التخفيف من حزنها وكربها. إذ كانت وفاة الجدة نكأً لجرح الابنة الثكلى بزوجها وابنتها، عبّرت عنه بانفعال شديد تسبب في انهيارها أرضاً. على ذلك، طلبت الأم من موسي أن يعود مع شقيقته وابنتيها في سيارة صالح بمجرد انتهاء اليوم الأول من العزاء.
" عثرتُ على هذه المجموعة من الحلي والمجوهرات في علبة تخص المرحومة، وهيَ ستكون من نصيبك "، هكذا فاجأ إبراهيم شقيقته الوحيدة لما كانا لوحدهما في حجرة الوالدة الراحلة. أرادت سارة أن تعترضَ، بيد أن شقيقها أوقفها بالقول: " بل إنه حقك، أختاه. لقد استفدتُ لسنوات من قطعة الأرض المتبقية لنا، وأنتِ رفضت مقاسمتي مردودَ غلالها "
" يعلم الله أنني لا أطلب سوى أن تستمر علاقتنا الأخوية بعد رحيل الوالدة، وأن تكون دارها مفتوحة لأحفادها كما ذي قبل "
" بالطبع، بالطبع.. هذا أقل شيء علينا الالتزام به، لأن صلة الرحم مقدسة ومباركة "، رد إبراهيم بحرارة. في مساء اليوم نفسه، غبَّ انفضاض العزاء، أخبرت سارة رجها بموضوع الحلي والمجوهرات علاوة على مضمون المحادثة مع شقيقها. ثم اختتمت بالقول: " سأنفق جزءاً من هذا الميراث على رحلة الحج، لأنه حان ميقاته، والباقي أزوّج به الأولاد ".

***
حسينو، كان كما علمنا ثالث أبناء سارة، وأضحى في سنّ مَن يبحثون عن رفيقة العُمر. لكن أطواره الغريبة، جعلته بمنأى عن التفكير بزوجة. لم يكن لديه هم سوى كنز المال، وكأنما ذلك هوَ هدف حياته. في المقابل، اقتنع بعمله المتواضع كناطور لبستان مملوك من لدن آل شمدين آغا، الذين شغل شقيقه الكبير لديهم فيما مضى وظيفة وكيل أعمال. ثم انضم إليه شقيقه الأصغر، " مستو "، الذي سئم من تعلم مهنة النول لدى سلو، المعروف بغلظة قلبه وقسوته. مستو كان في الحادية عشرة، فيه الكثير من ملامح أمه الجميلة ورقتها. تصرفه، قوبل باعتراض الأب واستيائه. ثم سكت على مضض، بعدما ساندت سارة ابنها بالقول: " سلو يعامله بفظاظة، وهوَ فتى حسّاس وخجول ". ثم أردفت بنبرة حزينة: " أولادك لم ينهلوا العلم مثلك، وأنت لم تشجعهم على أيّ حال ".
أصغر الأولاد، " جمّو "، بقيَ متحملاً العمل في نول شقيقه الكبير وكانت رغبته أن يصبح معلم كار. كان متعلقاً بشقيقه الأكبر، موسي، وكثيراً ما رافقه إلى بعض قرى الغوطة، كونها مملوكة لمعلمه، علي زلفو آغا. أربع سنوات على الأثر، وسيستقبل الآغا في داره الكبيرة مجموعة من المنفيين، الهاربين من بطش أتاتورك، ما أتاح لوكيل أعماله توثيق صلته بأحدهم؛ وهوَ " جلادت بك "، حفيد الأمير بدرخان.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث عن عائشة: الفصل الخامس عشر/ 3
- حديث عن عائشة: الفصل الخامس عشر/ 2
- حديث عن عائشة: الفصل الخامس عشر/ 1
- حديث عن عائشة: بقية الفصل الرابع عشر
- حديث عن عائشة: الفصل الرابع عشر/ 3
- حديث عن عائشة: الفصل الرابع عشر/ 2
- حديث عن عائشة: الفصل الرابع عشر/ 1
- حديث عن عائشة: بقية الفصل الثالث عشر
- حديث عن عائشة: الفصل الثالث عشر/ 2
- حديث عن عائشة: الفصل الثالث عشر/ 1
- مدام بوفاري، في فيلم لكمال الشيخ
- حديث عن عائشة: بقية الفصل الثاني عشر
- حديث عن عائشة: الفصل الثاني عشر/ 2
- حديث عن عائشة: مستهل الفصل الثاني عشر
- جريمة كاملة
- حديث عن عائشة: بقية الفصل الحادي عشر
- فردوس الفقراء
- حديث عن عائشة: مستهل الفصل الحادي عشر
- جريمة مجانية
- حديث عن عائشة: بقية الفصل العاشر


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حديث عن عائشة: الفصل الخامس عشر/ 4