أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - عادل بن حمزة - أحداث 16 ماي بالمغرب :تأملات هادئة في مسارالانتقال الديموقراطي بالمغرب















المزيد.....

أحداث 16 ماي بالمغرب :تأملات هادئة في مسارالانتقال الديموقراطي بالمغرب


عادل بن حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 1577 - 2006 / 6 / 10 - 11:09
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


من كريان سنطرال إلى كريان طومة:
تأملات هـــادئة في مسارالانتقال الديموقراطي بالمغرب
" الديموقراطية لا تحتل وجدان الناس إلا إذا اتخذت شكل ورقة رابحة وعاملٍ مؤكدٍ في الرقي بالجماهير وتطويــرها"
غي هرمي


لقد عاش المغرب هزة عنيفة جراء الأحداث الإرهابية التي كانت الدار البيضاء مسرحا لها يوم 16 ماي الذي يصادف (…)ذكرى صدور الظهير الاستعماري المعروف تاريخيا بالظهير البربري، ويلتقي كل منهما في السعي إلى هز استقرار المغرب من خلال بث بذور الفتنة بين مكوناته الثقافية، السياسية، الاجتماعية والدينية.إننا نملك الآن مسافة مقبولة عن الحدث-الجريمة مما يمكننا من قراءة الوقائع ب"حياد" ولو أن الحياد في قضايا مصيرية تهم الوطن يبدو صعب المنال .
لقد شهد المغرب جرائم سياسية متعددة خلال التاريخ المعاصر، تورط في بعضها النظام السياسي القائم وفي بعضها الآخر تورطت قوى سياسية مختلفة متصارعة وهنا نستحضر بعض النماذج منها:المناضل الاستقلالي عبد العزيز بن إدريس بتحناوت، المناضل الاتحادي المهدي بن بركة بباريس، المناضل النقابي عمر بن جلون بالبيضاء، المناضل الطالب ايت الجيد بن عيسى بفاس..إنها أمثلة دالة تفصل بينها فوارق كبيرة من قبيــل القنا عات السياسية والفكرية ومرتكبي كل جريمة، ولكنها تتقاطع في فعل القتل الذي يوحدها كتتويج لقنا عات سياسية من خلال الاغتيال السياسي الذي يصادر بطبيعته الحوار والاختلاف كملامح أساسية في كل بناء ديموقراطي اعتمادا على مقولات شمولية تارة باسم فهم خاص للدين أو فهم تعسفي للصراع السياسي، تتوسل من خلالها إضفاء مشروعية مفقودة على ممارسات إرهابية صافية السلالة .
انه لمن المؤكد أن بناء الديموقراطية يتطلب نفسا طويلا وإنها لا تمنحنا حلولا نهائية في أية مرحلة من مراحل التاريخ، فهي بقدر ما تمنحه من ثقة لمؤيديها فإنها في الوقت نفسه تمنح خصومها مبررات تقويضها ورفضها وهي بهذه الصفة تكسب قوتها من حيث هي نتاج التراكم التاريخي للبشرية فكرا وممارسة الموسومان بالنسبية والتاريخية، بحيث تظل دائما بحاجة إلى رعايتها ومراقبتها، لان الديموقراطية لا تدخل خانة النهايات والانتخابات الرئاسية الأخيرة في فرنسا دليلنا على ذلك حيث استطاع" لوبين" أن يصل إلى الدور الثاني أمام ذهول الفرنسيين وكل الديموقراطيين في العالم مما استدعى حملة واسعة قادتها كل أطراف المجتمع الفرنسي لوقف الخطر المحدق بالديموقراطية في فرنسا متجاوزة في ذلك خلافاته السياسية و الأيديولوجية ونفس الشيء وقع في هولندا والنمسا، وقبل ذلك لا ينبغي أن ننسى أن "هتلر"بلغ قمة هرم السلطة في ألمانيا على أساس انتخابات ديموقراطية ونزيهة ولذلك فان "الديموقراطية تتحدد على نحو أوضح بالا عداء الذين تقارعهم، أكثر مما تتحدد بالمبادئ التي تدافع عنها" حسب الآن تورين.
إن موضوع الديموقراطية والانتقال الديموقراطي موضوع أكثر تعقيدا مما يعتقد البعض، والبلدان التي تأخرت في القيام بتسوية تاريخية لمسالة السلطة والديموقراطية، تجد نفسها اليوم أمام تحديات كبيرة تهدد كل التوافقات التي يمكن أن تبنيها الأطراف الداخلية لبناء الصرح الديموقراطي، ذلك أن عملية الانتقال لم تعد شانا داخليا سواء في توسيع الهامش الديموقراطي أو في تحجيمه وهذه حقيقة محزنة لكنها تشكل أمرا واقعا يجب التعامل معه بعقلانية وبراغماتية، فاغلب بلدان الجنوب تعرف منذ انهيار جدار برلين حركات جماهيرية للمطالبة بالديموقراطية، غير أن طغيان المقاربة السياسية والقانونية لعملية الانتقال الديموقراطي تصطدم بواقع اقتصادي واجتماعي متدهور ولا يظهر في الأفق "المعولم" غير المزيد من التدهور، وهو ما يتناقض مع أبجديات الانتقال الديموقراطي ألا وهي الاستقرار الاجتماعي وتوسع الطبقة الوسطى...كما أن تصاعد الخطاب المطالب بالديموقراطية في بلدان الجنوب يتزامن مع فتح نقاش فلسفي عميق في الغرب حول الديموقراطية، التي أصبحت تعيش أزمة في موطن ميلادها التاريخي خاصة وأن البناء الديموقراطي في أوربا كان وليد صراع قوى الإنتاج المختلفة وجسد الإرادة القوية للبرجوازية الصاعدة، بالتالي فان نتائجه الاقتصادية والاجتماعية على مستوى الشعوب لم تكن بالإلحاح الموجود الآن لدى كل شعوب البلدان التي تسعى إلى تحقيق الديموقراطية في ظل أجواء دولية عرفت تضييقا على استقلالية الدول وهذا ما يفسر أن الانتظارات اكبر من الحصيلة، هكذا ظهر خطاب النهايات (نهاية الديموقراطية، نهاية التاريخ....) كما أن توسع منطق "السوق"أصبح يشكل تهديدا حقيقيا للديموقراطية، إضافة إلى ذلك فقد أضحت شكليات الديموقراطية والتي يطالب بها بشدة في الجنوب مثل الانتخابات الحرة والنزيهة محط تشكك في الغرب نفسه، وهنا نستحضر الانتخابات التشريعية في كل من النمسا وهولندا وبعدها الانتخابات الرئاسية في فرنسا.
هذه المقدمة كانت ضرورية على اعتبار أن الكثير من تصريحات المسؤولين في تعقيبهم على الأحداث الإرهابية ل16ماي انصبت على أن المقصود من هذه التفجيرات هو وقف عملية الدمقرطة والتحديث التي يعرفها المغرب..إن مثل هذا القول يستدعي الكثير من الملاحظة على اعتبار أن الديموقراطية والتحديث عملية غير مكتملة البناء تعترضها عوائق بنيوية ما فتئت القوى الوطنية والديموقراطية تنبه إليها منذ استقلال المغرب، ولكن دعونا نتأمل بعض الوقائع الأخرى والتي عرقلة فعليا المشروع الديموقراطي لسنوات طويلة، مثلا قضية الامتيازات والاختلاسات والفساد المالي في عدد من المؤسسات العمومية والتي أهدرت فيها ثروة مالية طائلة كان بإمكانها إنشاء العديد من المرافق الاجتماعية السكنية، الاقتصادية والتعليمية...إن أسوء ما يمكن أن نتجه إليه في حالة الانفعال هي قتل الديموقراطية باسم الدفاع عنها وكلنا يعلم أن العديد من الأطراف داخل الدولة كانت ولا تزال غير متحمسة لتجربة "التناوب"على محدوديتها، وتتحصن في مواقع استراتيجية هامة، مناسبة هذا القول هو أننا أصبحنا أمام خطابات تنظِر للاستئصال والإقصاء من موقع الدفاع عن الديموقراطية والحرية، هنا يجب أن نكون واضحين من خلال دعوتنا للدولة بعدم الرحمة والتسامح تجاه خفافيش الظلام الذين ارهبوا الدار البيضاء ومن خلالها الوطن، لكن دائما في إطار دولة الحق والقانون لان الديموقراطية الحقيقية قادرة على مواجهة خصومها وأعدائها دون أن تتنازل عن قيمها ومقوماتها الأساس وهذه مسالة ثابتة بالممارسة من خلال تجربة أسبانيا مع حركة ايتا الانفصالية، اليابان مع الجيش الأحمر الياباني، إيطاليا مع الألوية الحمراء، ايرلندا مع الجيش الجمهوري وكولومبيا مع أقطاب كارتيل مدلين وحلفائهم من"الشيوعيين"..فالحل هو المزيد من الديموقراطية خاصة في بعدها الاجتماعي حتى تزول كل الاحتقانات التي تغدي التطرف والإرهاب.

من الكريان سنطرال إلى كريان طومة

لقد كان غلاة الاستعماريين ينعتون المرحوم محمد الخامس بملك الكاريان سنطرال وهي عبارة كانت تحاول عبثا النيل من قيمته الوطنية وارتباطه بخلايا المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي و يعطي لنا التاريخ المعاصر للمغرب دروسا بليغة في الوطنية والمقاومة احتضنها الكاريان سنطرال والعديد من الأحياء الشعبية في الدار البيضاء وفي غيرها من المدن المغربية، لكن ماذا قدمت الدولة لهذه الكريانات والأحياء الشعبية طيلة سبعة وأربعين سنة هي عمر استقلال المغرب؟ لماذا تفاقمت ظاهرة الكاريان خاصة مع بدية العمل بميثاق 1976 للجماعات المحلية ؟ماهي نتائج طغيان المقاربة الأمنية على المقاربة التنموية في ما يتعلق بالتجمعات السكنية بالمدن الكبرى؟ كيف نفسر غض الطرف لسنوات على أشكال التعايش مابين "الخطابات" المتطرفة داخل الكريانات والأحياء الشعبية كالدعارة والمخدرات والتطرف الديني والجريمة المنظمة ؟ هل مسالة بناء المدن والتجمعات السكنية مسالة محض تقنية تخص المهندسين المعماريين والطبوغرافيين والتقنيين ؟ أين هو مكان علماء الاجتماع وعلم النفس الجماعي والمساعدين الاجتماعيين وعلماء التربية؟ أليست مدننا الكبرى والدار البيضاء نموذجها الصارخ هي في الواقع مجمع للمتناقضات الصارخة، فماذا يجمع مثلا حي كاليفورنيا بكاريان طومة أو السكويلة...لقد تحولت مدننا الكبرى في جانب كبير منها إلى قرى كبيرة ليس فيها من المدينة سوى الاسم توزع على ما يشبه غيتوهات معزولة ومنسجمة ذات نفس "خلدوني" قبلي، إذ نجد "دوار جبالة"، "حومة صحراوة"، "دوار الشلوح"... لقد ساهم في تكريس هذه الوضعية وتعقيدها الوضعية الكارثية التي تعيشها البادية المغربية مما يؤدي إلى الهجرة غير المنظمة للمدن، إذ أن العالم القروي يعيش وضعية مأساوية منذ سنوات عديدة، فهو لم يحض بالعناية اللازمة في جميع القطاعات وأصبح في وضعية المغرب غير النافع، فالمغرب أصبح يسير بسرعتين مختلفتين حد التناقض وتلعب دورة الجفاف دورا سلبيا في هذا الموضوع، إضافة لذلك تعرف البادية المغربية تحولات أساسية تتعلق بهويتها فالإحصاء الفلاحي لسنة 1998 أشار إلى أن ربع الاستغلاليات الفلاحية يديرها شيوخ (أكثر من 65 سنة)، وحسب إحصاء 1996-1997 فان مستوى الأمية بالنسبة لشريحة أعمار القوة النشيطة تبلغ %80 وسط العاملين بقطاع الفلاحة والمياه والغابات والصيد البحري، أما فيما يتعلق بحجم الاستغلاليات الفلاحية وتوزيعها فان 55 منها تتوفر على اقل من 3 هكتارات، أما توزيعها ف1 من الفلاحين يملكون 25 من الأراضي الفلاحية وأكثر من ثلث الفلاحين النشيطين لا يملكون أي شبر من الأرض كما تميز القطاع الفلاحي في السنوات الأخيرة بهيمنة المنتجين الفلاحيين أصحاب الرأسمال القادمين من المدن للاستثمار في البوادي والاستفادة من الإعفاءات الضريبية وقضاء عطلة نهاية الأسبوع، وهم في الغالب من أصحاب المهن الحرة وكبار البيروقراطيين بحيث تحول العديد من الفلاحين إلى خماسة و رباعة في أراضي أجدادهم الشيء الذي دفع العديد منهم للهجرة إلى المدن خاصة مع بداية الثمانينات، ولم تستطع الدولة أن تدمج القادمين الجدد بل تم استعمالهم كاحتياطي انتخابي في كل الاستشارات التي عرفها المغرب من طرف"مافيا" بعض المستشارين الجماعيين، وغالبا ما يستقر هؤلاء النازحون في هوامش المدن في شروط لاإنسانية ويشتعلون عادة في مهن ذات مدخول هزيل نظرا للامية مما يدفع البعض منهم للانحراف بمختلف أشكاله الممكنة. فكيف تحولت الكاريانات من مصدر الهام للوطنية والمقاومة إلى وكر لكل الظواهر المريضة والحاطة بكرامة المواطن، إننا نطرح هذه القضية من منطلق الدفاع عن مقومات المواطنة والديموقراطية والحداثة، إذ أن هذه المقومات يجب أن تتجسد ماديا في الواقع المعيش أما مادون ذلك فهو مجرد إنشاء وكلام بلى بعد سوسيولوجي مفارق للزمن الاجتماعي وهو ما يغرق فيه جزء من النخبة التي تفضل مناقشة القضايا المصيرية للشعب المغربي في فنادق خمسة نجوم لا يستطيع ذوي الدخل المحدود ولوجها فضلا عن الذين ليس لهم دخل رغم أنهم موضوعها بامتياز، إن الإرهاب الذي هزالمغرب لايمكن تفسيره بالفقر، كما لايمكن تفسير الدعارة بالفقر إذ هناك الدعارة الراقية، ولايمكن تفسير تعاطي المخدرات بالفقر فهناك العديد من الأغنياء يتعاطون لمختلف أنواعها ولايمكن تفسير الجريمة بالفقر فهناك المافيا.. لكن الفقر في غياب المواطنة الحق والعدالة الاجتماعية، يمكن أن يكون عاملا مساعدا على كل هذه الانحرافات لان الفقر يمنع الاختيار و قد يولد مشاعر من الحقد والكراهية تستطيع الإيديولوجية أن تحولها إلى جهنم منصبة على الجميع دون تمييز، و"لا بيير" يقول:" إن الأيديولوجيا تقدم للمرء أسباب الحياة.كما تقدم له الأسباب التي تجعله يضحي بحياته من أجلها،وتقدم في نفس الوقت الأسباب التي تدفع المرء لان يضطهد ويقتل .إن الأيديولوجيا قاتلة... "وكل الإيديولوجيات قاتلة عندما تريد أن تكون شمولية ومالكة للحقيقة ولا نسبية ولا تاريخية..لقد تبين من خلال الأحداث الأخيرة أن اغلب الانتحاريين لم يتجاوزوا في الغالب التعليم الابتدائي ما يعني أن الأمية وانخفاض المستوى التعليمي من شأنهما تسهيل مأمورية الاستقطاب بالنسبة للمتطرفين المخططين، لكن بالمقابل أليس عبد الكريم الشاذلي أمير المكفرين، دكتور في الفلسفة(...)؟ أليست أغلبية المغاربة تنتمي لصف الأمية "بامتياز" فهل كل المغاربة مشاريع كاميكاز ؟أم أن الحقيقة هي أن الشعب المغربي كان أول من تصدى للإرهاب من خلال الحراس البسطاء في كل من دار أسبانيا وفندق فرح وسائق الطاكسي النحيف البنية، وساروا في مسيرة البيضاء كجواب حضاري على دعاة الفتنة وهو مالم تعرفه جميع البلدان العربية والإسلامية التي عرفت الإرهاب من قبلنا، إذ اعتبر البعض فيها أن الصراع هو مابين الأنظمة والإرهاب وهو خطئ في التحليل على اعتبار انه حتى لو سلمنا بحقيقة وجود الصراع، فانه يجب أن لا ننسى أن الشعوب هي حطب هذا الصراع، وما جرى في المغرب لا يدخل سوى في حلقة العنف الأعمى، أما الصراع من اجل التغيير فهي عملية مستمرة في الزمن وقدمت الحركة الوطنية الديموقراطية تضحيات جسيمة في سبيل كسبه لبناء دولة المواطنة الحقة والتي نضع اليوم أيدينا على قلوبنا خوفا من الإجهاز على أسسها تحت مبررات واهية من أولئك البواسين على حد تعبير ذ عبد الجبار السحيمي، الذين يريدونها جنازة يشبعون فيها لطم في مستقبل الوطن كما سعى من قبل أو فقير من خلال أحداث الدار البيضاء (...) عام 1965 حيث دخل المغرب في دوامة لم يخرج منها إلا وهو منهك وأضاع سنوات في العنف والعنف المضاد كان من الممكن استثمارها في البناء والتنمية، وهذا البناء لايمكن بنائه سوى بسواعد كل أبناء المغرب بمختلف توجهاتهم ومرجعيا تهم، فلا مجال للإقصاء باسم صحيح الدين أو باسم صحيح الحداثة والديموقراطية وان يظل المجال السياسي مجالا للصراع بالآليات الديموقراطية بعيدا عن أي تأويل ديني للممارسة السياسية مع ضرورة الاستناد على مقومات هويتنا المشتركة المرتكزة على الإسلام، الامازيغية، العربية وكل القيم الإنسانية التي هي تراكم لكل الحضارات البشرية قديما وحديثا.
السلفية الجهادية، الهاردروك واميلشيل

قبل اشهر تزامن اعتقال أفراد من السلفية الجهادية مع محاكمة ما عرف ب"عبدة الشيطان" أو الموسيقى المحرمة وهي بحق تحفة محاكمات بداية القرن في المغرب، مع أحداث املشيل الاجتماعية..ما يوحد معتقلي السلفية الجهادية ومعتقلي قضية"عبدة الشيطان" هو انتمائهم لنفس الجيل لهم اهتماماتهم المتباينة بحكم الفارق في المستوى التعليمي والاجتماعي ويوحدهم رفضهم المبطن أو المعلن للنموذج المغربي، واعتقد أنها ضريبة عولمة القيم والذوق وعدم الاهتمام بالثقافة الوطنية والهوية المغربية في مناهج التربية والإعلام وتقديمها بإصرار في أشكال فلكلورية منفرة، هي أيضا نتيجة لتراجع الوعي النقدي لدى الشباب بالرغم من أننا نعترف بأنه ليست هناك هوية خالصة، وقد تفاعل المجتمع المدني مع القضيتين، فشكلت لجنة لدعم معتقلي "عبدة الشيطان" المزعومين، وطالبة الجمعيات الحقوقية بتفعيل المساطر القانونية في قضية السلفية الجهادية بل ذهبت المناضلة خديجة الرويسي إلى حد الإضراب عن الطعام دفاعا ضمان المحاكمة العادلة ووقف الاختطافات التي تحدثت عنها الجمعيات الحقوقية وبعض العائلات..بالمقابل كانت أحداث املشيل يتيمة فلا لجنة للدعم ولا ندوة صحفية ولا وقفة أمام البرلمان وكأن ما وقع في املشيل وقبلها في دمنات لا يستحق الالتفات إليه مع العلم أنها انعكاس لمشاكل اجتماعية حقيقية ويومية وبالتالي أخطر من اختيار موسيقي معين أو من فهم خاص يتستر وراء الدين لقضاء مآربه السياسية، فهل حركية المجتمع المدني لا تنشغل فقطسوى بالقضايا المدينية وان البوادي عليها أن تواجه قدرها مع فساد بعض رجال السلطة والمنتخبين معزولة عن أي دعم ؟لكن بالمقابل هل تسمح الشروط الذاتية والموضوعية للمجتمع المدني بان ينخرط في كل القضايا المطروحة على المجتمع في ظل انعدام الإمكانيات واستمرار منطق التطوع والهواية؟أليس من الواجب على الدولة أن تلتفت إلى المجتمع المدني المواطن الذي يؤطر آلاف الشباب بإمكانيات، هزيلة في الوقت الذي تغدق فيه العطايا على أشباه المجتمع المدني من قبيل جمعيات السهول والهضاب ؟ الغريب أنه بعد الأحداث الإرهابية ل 16 ماي ارتفعت بعض الأصوات قليلة الحياء تصرخ في وجه الأحزاب السياسية والمنظمات الشبيبية وتلومها عن تقصيرها (كذا) في تأطير الشباب، مما يشجعه على إتباع الأفكار الهدامة..أين كانت هذه الأصوات عندما كانت السياسة طريقا للموت والاختطاف وفي أحسن الأحوال للنفي ؟ أين كانت هذه الأصوات عندما كانت تخرب الأسر ويتم قطع مورد العيش عن السياسيين والنقابيين وتشرد عائلاتهم ويضيع مستقبل أبنائهم، في الوقت الذي كانت الطريق تفتح على مصراعيها في وجه البواسين ودعاة العام" زين"؟ دلوني رحمكم الله على السياسة والوطنية في مناهجكم الدراسية ؟ فقلما شاهدنا العلم الوطني خارج ملاعب كرة القدم وحلبات ألعاب القوى، حتى أن البعض ذرف الدموع يوم مسيرة الدار البيضاء وهو يشاهد ألوان العلم الوطني تضلل المسيرة؟هل تعلم هذه الأصوات أن منظمة الشبيبة الاستقلالية ومن خلال منظماتها الموازية تؤطر أزيد من30 ألف من الشباب والأطفال على امتداد المملكة ب"منحة" سنوية لا تتجاوز 30ألف درهم لا تغطي حتى مصاريف "الفطوكوبي"؟ في حين تتوفر جمعيات أخرى على إمكانيات مهولة ومقرات من فئة خمسة نجوم ولا يتجاوز " نشاطها "محيط الرباط الدار البيضاء وتصر دائما على عقد" أنشطتها" في الفنادق وأندية النخبة..على هذه الأصوات أن تصمت، فللوطن رب يحميه ومناضلون قادرون على الصمود كيفما كان الخطر، والأحزاب الوطنية اليوم مدعوة للالتحام من أجل الدفاع على المشروع الديموقراطي الحداثي الذي يجد فيه الجميع ذاته من اليمين إلى اليسار أما مادون ذلك فقل على المغرب السلام،فلا ديموقراطية بلا طبقة وسطى مساندة ولا ديموقراطية بدون مقاولة مواطنة وعمال يتوفرون على الحد الأدنى للعيش.



#عادل_بن_حمزة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هدم تازممارت: سادية اتجاه الماضي الحاضر والمستفبل


المزيد.....




- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا
- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - عادل بن حمزة - أحداث 16 ماي بالمغرب :تأملات هادئة في مسارالانتقال الديموقراطي بالمغرب