أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حكمت الحاج - الكيخوتي أو فارس الظل الحزين_ مونودراما شعرية















المزيد.....



الكيخوتي أو فارس الظل الحزين_ مونودراما شعرية


حكمت الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 6525 - 2020 / 3 / 28 - 00:52
المحور: الادب والفن
    


(مونودراما شعرية من مسرح اللامعقول بمثابة ستاند آب تراجيدية) مهداة إلى جلال حمودي
تأليف: حكمت الحاج
تبدأ المسرحية بوصف شخصية (ألف لام ميم) وهو رجل على مشارف الخمسين. أستاذ مادة المسرح في إحدى المدارس الثانوية، وقد فشل في كل شيء، التدريس والتأليف المسرحي والتمثيل والإخراج والعلاقات الاجتماعية والزواج والسفر والدراسات العليا، لكنه نجح بشكل مميز في شيء واحد ألا وهو فقدان التركيز. إنه يهذي طوال الوقت ويكلم نفسه مسترجعا ما يعيشه ويسمعه ويتذكره من قراءاته السابقة. وعندما يدخل أحدٌ مَا عليه فهو يتوقف عن الكلام وينشغل بإظهار نفسه مفكرا باحثا عن معنىً ما أو كلمةٍ شاردة، دون جدوى، فانقطاع الجسور بينه وبين الآخرين لا يمكن رأبه مهما حاوَل وفَعَل. لقد فقَدَ عقله جراء قراءته لكتب الفروسية وروايات ألكسندر دوماس وميشال زيفاكو وجرجي زيدان وحسنين بن عمو وقلة النوم والطعام، ويقرر جراء ذلك أن يترك منزله وعاداته وتقاليده ويشد الرحال كفارس شهم من العصور الوسطى يبحث عن مغامرة تنتظره. وقرر أن يتسلح بأفكار قديمة مرتدياً قبعة والده البالية مع قطه الأسود "غوست" ذي الوبر الكثيف. وخيلت له الفنادق المتواضعة التي كان يحل فيها وكأنها قلاع وقصور شاهقة الارتفاع ليصب عليها جامّ غضبه الطبقي. وقد وُصف بـــ "فارس الظل الحزين" لأنه كان حزينا طوال الوقت مع أنه قد صادفه الكثير من الحظ في مغامراته الخيالية هذه حيث كان البطل الذي يدفعه جوهر الخير والمثالية، ويبحث عن تقويم الأخطاء التي ارتكبها الآخرون ومساعدة الفئات المحرومة وتعيسة الحظ من الأرامل واليتامى والمساكين، معيدًا بذلك دور الفرسان الجوالين. وارتبط بحب عذري جارف مع السيدة "آيدينا" من نفس المنطقة التي كان يسكنها، من طرف واحد. و"آيدينا" في الواقع هي امرأة ذات انحدار ريفي متواضع لكنها غالبا ما تكون حسنة المظهر جذابة وتفوح منها روائح العطور الفرنسية الغالية مع ابتسامة الموناليزا.

يُفتتحُ العرضُ بموسيقى من نمط "الهارد روك" سرعان ما تخفت تدريجياً مع ظهور الشخصية.
- لماذا تفكر؟ (تظهر شخصية الأستاذ "ألف لام ميم" من خلال ظلام الخشبة، وتسلط عليه حزمة ضوء قوية وهو يقف في منتصف المسافة).
- (الأستاذ) إنها سفينة شاردة من عُباب دِجلةَ، ولكنَّ دِجلةَ هي مُقلةُ حسناءٍ تفترش رَمْلَةَ الجانب الغربي من دِجلةَ، والى جوارها حديقة مليئة بالمسرات ينبع منها طريق متعرج يسير عليه بساطٌ يسابق الريح اللطيفة.
- (القناع 1 ساخرا) أنت ذو حماس وحمية، وإخلاصك موظف لخدمة أصحاب الفضل عليك.
- (الأستاذ ملطفا الجو) نعم، أنا أعمل بالريح اللطيفة.
- (القناع 1) وها أنت ذا تصل الصفر بسرعة.
- (الأستاذ) أي صفر؟ صفر الامتحانات؟
- (القناع 1) نعم. صفر الامتحانات المرعب.
- (الأستاذ) آه يا أمي، يا أمي أيتها البعيدة، كم كنت أساهم في تعذيبك دون أن أدري!
- (قناع الأم) ما هذه النتيجة يا ولد؟
- (قناع الابن) صفر في الإنشاء يا أماه.
- (قناع الأم) فَكِّرْ في هـــذا يا ولد! ها نحن قد وصلنا ضميرَنا، وضميرُنا يقودنا ليذهب بنا بعيدا بعيدا بعيدا. هل أنت أيضا؟
- (قناع الابن) كم يوجد منا هناك؟
- (قناع الأم) لا أحد.
- (قناع الابن) وماذا يوجد هناك؟
- (قناع الأم) لا شيء.
- (الأستاذ) هذا كلام عمومي والأحسن أن نتحدث عن ظرف طارئ يتحكم بالمصائر. ولكن هؤلاء القادة لهم وجهات نظر مختلفة بعض الشيء.
- (القناع 1) هل تقول إنها مُخْتَلَقَة؟
- (الأستاذ) مختلفة.
- (القناع 1) مختلقة.
- (الأستاذ) مختلقة مختلقة.
- (القناع 1) لا. مختلفة.
- (الأستاذ) حسنا، لا فرق لا فرق.
- (القناع 1) هل أصبحتْ لك نظرة مختلقة للحضارة وللعواطف السامية؟
- (الأستاذ) أنت تتلاعب بالألفاظ.
- (القناع 1) أنا لا ألعب بالكلمات.
- (الأستاذ) هنالك أشياء سامية، لا أنكر هذا. وهنالك رأي قُلتهُ البارحة في اللغات العامية. أنت تسميها "الدَّارِجات"، ليكنْ فالدَّرَّاجات تسلك نفس الطرق الموحلة المؤدية إلى الحديقة الوارد ذكرها أعلاه مع الصبية إياها، وكل هذا يسبب إساءة إلى السيد "جوزيف" جارنا المصاب بمرض وحيد القرن، ووحيد القرن حيوان يطلع في التلفزيون وليس فرنا وحيدا لصنع الكعك.
- (القناع 1) يبدو لي إن هذا المرض لا شفاء منه.
- (الأستاذ) كل مساء يطل علينا على مَدِّ البصر.
- (القناع 1) من؟
- (الأستاذ) السيد جوزيف.
- (القناع 1) تقصد يوسف؟
- (الأستاذ) ذلك السيد يوسف إلى درجة أننا لم نعد نعرف له شكلا ثابتا من الناحية الأخلاقية. ذات يوم جاءني مبتهجا وأقنعني بالانضمام إليه في رحلة سياحية في القطار، وطوال الطريق كان لا يتكلم.
- (القناع 1) لماذا؟
- (الأستاذ) قال انه يريد أن يركز على الطريق. وفي الوقت الذي قدَّم لي فيه كوباً من الشاي الساخن على حسابه في عربة الطعام الملحقة بالقطار، غزا ملك الأحباش جزيرة في دلتا مصر وهدم السد العالي.
- (القناع 1) شنو يعني؟ والله ما فهمت؟
- (الأستاذ) قال إنه يسافر دائما بالطائرة، وهذه أول مرة يركب فيها القطار ولكن "إيشْ نْسَوِّيْ للظروفْ"، قال.
- (القناع 1) الظروف! حلو كثير.
- (الأستاذ) وأخيرا نزل المسافرون، فركبنا سيارة أجرة تدفع بنا إلى فندقٍ فيه حمام زاجلٌ زاهٍ لونُه، وحروفٌ ساكنةٌ في صندوق موحد مع أحذية قديمة على سبيل الاستعارة.
- (القناع 1) عجيب! هل هذا صحيح؟
- (الأستاذ) إنه مَاْسٌ حقيقي يستطيع الإنسان على ضوئه تمييز الحق من الباطل حتى وإن كان الحق غير محتمل الوقوع أو مشابها للباطل في أحيان كثيرة.
- (القناع 1) هكذا يفعل الناس: يسيئون الظن بك على مرأى من الجميع. نظرُك ضيق. كذلك سمعُك، رغم أنك من مواليد عام 1957، إلا أنك قد كرست نفسك للأبحاث الصخرية، تريد الآن تغيير الضمائر في الحفلات والمباريات وما شَاكَلَ ذلك.
- (الأستاذ) عذرا، لقد وصلْنَا ضَميرَنَا.
(ارتجالات شعرية يقوم بها الممثل الرئيسي، أو مقتطفات ومحفوظات لقصائد تبدو وكأنها تأتي لا على التعيين بينما تكون هذه الأشعار قد تم اختيارها بعناية ما بين المؤلف والمخرج والممثل الذي يفضل أن يكون شاعرا في الوقت عينه).
- (الأستاذ) فَكِّرْ في هذا.. فَكِّرْ في هذا!
- (قناع البائع) الفتاة فمها كبير. قارنهُ بشيئها الصغير. لا تضحك. الكلاب في الصيف تفتح فمها من شدة الحر لأنها لا تملك مسامات في جلدها. وهكذا ترى ان المسألة باتت جد مفهومة، عدا عن كونك بريئا بعض الشيء وهذا ناتج عن تربيتك المنزلية المرشوشة بالمبيدات.
- (الأستاذ) كم تريد ثمنا لهذا الرأس؟
- (قناع البائع) رأس صديقك؟
- (الأستاذ) كلا كلا، إنه جاري.
- (قناع البائع) إنه ناقم عليك.
- (الأستاذ) لا عليك لا عليك. أنا كذلك.
- (قناع البائع) أوووه أنتَ لا تعجــِّل بالسفر إلى السعادة.
- (الأستاذ) أمامَنا قبةٌ مذهبةٌ.
- (يظهر السمبازا، وهو متملق أكول كثير الكلام لكنه جدّ خدوم، كان التقطه "ألف لام ميم" منذ بداية رحلته البطولية) لماذا أتيتَ أنتَ ووبخته توبيخا شديدا؟ دع البائع وشأنه إنه شيخ محنيّ الظهر قام برحلة ذات مرة إلى تركيا بالقطار ولما عاد من الرحلة لم يكن هو هو. لقد ضاعت روحه في القطار. وعندما احتفل أهله بعودته وسألوه أن يحدثهم عما شاهده هناك، راحَ يحدثهم عن القرن الثامن عشر وقال إنه عصر الأنوار أما القرن التاسع عشر فإِنه "ما يسوى عندي فلسين".
- (الأستاذ) هكذا قال؟ ما يسوى فلسين؟
- (قناع السمبازا) بشرفي العظيم هكذا قال.
- (الأستاذ) نعم نعم بشرفك العظيم. وأنا سأصدق. يا أيها التاريخ تعال وسجـِّل.
- (قناع السمبازا) أما أنا فلا أفهم في التاريخ أي شيء. قرأتُ فقط قصة من جزأين كانت كبيرة الحجم وبطلها اسمه "الكيخوطي" أو "الكيخوتي" أو "الكايخوطي" أو ما شابه ذلك. وكان "الكيخوطي" هذا عنده خادم سمين ثرثار اسمه "سمبازا". وقد سافرا كثيرا متلازمين برفقة بعضهما البعض مثل رجل وظله.
- (الأستاذ) يقولون إن الذي يموت ولا أحد خلفه، تدفنهُ البلدية على حسابها. ألا ترى معي أننا مقصرون من ناحية الفلوس؟ بالله عليك إذا مُتْنَاْ وصرنا ترابا، فبأيّ وجهٍ سنلقاهم؟
- (قناع السمبازا) حسنا يا صاحبي خذ كتابي، الجزء الثاني منه، وارتكب سرقة بحقّ سرب عصافير قد أُوْسِعَ ضربا.
- (الأستاذ) كان الكيخوتي يحارب طواحين الهواء.
- (قناع السمبازا) مع السمبازا أم لوحده؟
- (الأستاذ) لقد كانت الأجراس كلها تدقّ بعنف وهي طائرة.
- (قناع السمبازا) يطير النسر عاليا كما تعلم، وينقضُّ على الفريسة بلمح البصر.
- (الأستاذ) حينما يكون السكون شاملا أشاهد فيلما عن خادمة تسرق مالَ سيدها. ولكون هذا العمل حراما فإنه لا يدوم. تفتح الشباكَ وتصرخ "حرامي حرامي" وهي تقصد حرامياً جاء برغبته إلى السلطة ذا شكيمة صعبة.
- (قناع السمبازا) ولكن ما لنا ولهذا كله؟ بربي ابعدني عن السياسة!
- (الأستاذ) نرجع إلى حكايتنا، أقصد صاحبنا. قلنا إنه رجل لا إرادة له وقد أخبرته برغبتي العنيدة في شراء مركب شراعي يسير بقوة الغيوم والسُّحُب ولا أقول السَّحْب، فهذه بالفتح والسكون وتلك بالضّمِّ والضّمِّ.
- (قناع السمبازا) هل ترى المنارة الـمـَلْويَّة؟ مَلْويَّة سامراء؟
- (الأستاذ) لِمَ لا تذهب لملاقاة الطبيب؟ إنه رجل طيب، وقد أخذني إلى المتحف وأراني بنفسه ما كان يحدث كل يوم في بلاد "سومر" و"أوروك" و"أَكَدْ" و"ما بين النهرين". ولكن الطبيب صار يتحدث مع المرشد الآثاري بصوت خافت عن حبال الإنعاش وكيف أن النسر لكي يعيش طويلا عليه أن يقيم في جبال الريف حيث الهواء الفصيح.
- (قناع السمبازا) ولكن كيف يعيش نسر من دخله فقط؟ إنه لا يكاد يملك قوت يومه ليعيش على مؤن الحرية؟ وإذا شَحَّتْ الأضاحي والنذور فهل سيقسم انه سيثأر لنفسه؟
- (الأستاذ) لا يسعنا إلا أن نتمنى له الشفاء العاجل. خذْ باقي نقودك.
- (قناع السمبازا) هات.
- (الأستاذ) لقد وَصَلْنَا ضَميرَنا.
- (قناع السمبازا) حقاً؟
- (الأستاذ) صدقاً.
(ارتجالات شعرية ومقتطفات ومحفوظات واستشهادات يقوم بها لاعب الشخصية الرئيسية على خشبة المسرح، ومن المسموح للممثل الاستعانة بكتب أو بأوراق تتضمن القصائد التي سيتم إلقاؤها لكن في أدنى الحدود)
- (الأستاذ) مَن أنت؟ قل لي ما هي حكمتك؟ قل لي وماذا أنت؟ ما كيمياؤك؟ من الذي نقد عناصرك حتى أصبحت تحاك منك الأهواء والفتن؟ هل أنت المتواري عن الشفقة؟ هل أنت أسير السيدة؟ هل أنت طبال الطبل الحديدي؟ إن كنت من أهل الأرض هل أنت نافخ البوق فأين مستقرك؟ قل لي هل أنت الراهب في كنيسته الحرة؟ إن كنت من أهل السماء هل أنت القيصر بلا تاج ولا عرش فأين نجدك؟ هل أنت الخاضع لقانون مطربي بغداد عازفي الظلم والاعتساف؟
- (قناع السمبازا) في هذا الجو الخانق ماذا تفعل؟ تلوي عنقك كالوردة الذابلة. تفكر في الأمس فيهرب، وفي الغد فيتراجع إلى الحاضر.
- (الأستاذ) يجب أن أتذكر الآن وبعد كل تلك السنين
خنجر أكادير المرصّع بالفضة حتى الغمد
كم كانت رائحة الموت منتشرة في المكان
تشمها كنت رائحة الموت
تلمسها أنت تعضّها
بين أسنانك رائحة الموت
عندما تطبق فمك على الحقيقة رائحة الموت
تلك أم امرأة تتمشى من حولك تثير فيك ألف رغبة ورغبة
دارها البيضاء بيضاء
لا غبار عليها ولا صدى من أيامك الغابرة يسكن جنباتها
آه يا آيدينا
أيتها الجميلة بيد الموت اضربي طبل الرحيل
اطعني بالغدر يا آيدينا..
- (قناع آيدينا) خذني معك أيها الفارس. فرسي يعربية كفرسك وسيفي حلم هادر. وأنا مثلك أعشق القتال. فإذا أعوزني عدو حاربتُ ظلي، وظلي عنيد يا فارس الظل الحزين كطواحين هوائك.
- (الأستاذ) إنّها شيمة الغدر يا عدوى الثقيل إنّني أرديت عمرا في انتظار المستحيل.
- (قناع آيدينا) لكني أراك أيها الفارس طائرا
وأراك أيها الطائر شجرة
وأراك أيتها الشجرة وطنا
وأراك أيها الوطن صخرة
وعلى الصخرة قرن مكسور.
- (قناع السمبازا) آه لقد تعبت من الدول الصغيرة ذات الثقافات المميزة وتعبت من الأبطال الذين مثلك.
- (الأستاذ) أناديك أناديك أتوسّل إليك أستحلفك بالله يا ابنة الفرات أو يا أخت دجلةَ هلاّ ظهرتِ لنا من جديدٍ يا بعد أمّي ويا بعد عيني هلا ظهرت لنا اظهري اظهري هيا اظهري يا رسامة الحظ العاثر. آيديناااااااا!
- (قناع السمبازا) ها هو يهذي كالعادة في مثل هذه المواقف تتخيله سكرانا وما هو بسكران.
- (الأستاذ) كان هذا هو جوابي على سؤالك: كيف ستقضي الوقت على هذه السكك الحديدية؟ أما موظف الكمارك فلا أعرف ماذا أقول له.
- (قناع السمبازا) لقد جلبت معك أغراضا كثيرة.. قلت لك رَكِّزْ على الصغائر والغوالي.. وأنت كنت تقرأ في كتاب لم أستطع أنا إنهاء جزئه الأول في خمس سنين. أنت تسرع في طلب العلم يا صديقي. قال كيخوطي قال. أي كيخوطي يا رجل؟
- (الأستاذ) لقد لَوَّحَ لنا رجل من سطح إحدى البيوت في قرية حدودية. كنا في القطار ولم نفهم الرسالة. ولكنني اليوم أستطيع أن أنقل لك فحواها ببساطة رغم أنك منزعج ووقتك ضيق.
- (قناع السمبازا) بالله عليك ناشدتك أن تخبرني ماذا قال!
- (الأستاذ) باختصار قال لنا الرجل الملوح بيده إن الدون-كي-خو-تي هذا كتابٌ غير مُنْتَهٍ. فقلت لنفسي بعد اطلاعي على هذه الشفرة، ولا أُخفي عليك أنني الآن فرحٌ كمن ينزاح عنه حمل ثقيل، قلت لنفسي يا رجل، توقفْ عن القراءة فورا.
- (قناع السمبازا) وهكذا توقفت عن القراءة؟
- (الأستاذ) نعم وهكذا توقفت عن القراءة.
- (قناع السمبازا) لا يا رجل.. هل أنت جاد؟
- (الأستاذ) هذا ما أحببت أن أوضحهُ لك حتى لا تشعر أنك متخلف عن غيرك من ناحية الثقافة العامة المطلوبة جدا هذه الأيام خاصة وإنك مزمع على ارتكاب حالة تـَرقٍّ وظيفي عما قريب.
- (قناع السمبازا) هلْ وصلْنـَــا ضميرَنـــا؟
- (الأستاذ) أي ضمير يا هذا؟ أنت حتى الكتاب لم تقرأه! ولم تعرف من هو الكيخوطي ولا السمبازا؟
- (قناع السمبازا) وأنت يا متمشدق هل عرفت من هو السيد جوزيف؟
- (الأستاذ) لا.
- (قناع السمبازا) إذن لا!

(ظلام تام لثوانٍ، ثم يضاء المسرح تماما)
(ارتجالات شعرية ومقتطفات ومحفوظات واستشهادات يقوم بها لاعب الشخصية الرئيسية على خشبة المسرح)

- (الأستاذ) والآن... (يأتي بكرسي دوار دون مساند ويقترب من الجمهور مواجها له ومخاطبا إياه بكل ألفة). الكتاب أبو الجزئين اللي حكيتلكم عليه قبل شوي، ظهر الجزء الأول منه عام 1605، بينما ظهر الجزء الثاني عام 1615 والحقيقة انه مؤلف هذه المسرحية دخل السجن مرتين أيضا. واحدة في عام 1957 والأخرى في عام 1977. قالوا انه كان مختلسًا للمال العام بعد ثبوت وجود مخالفات في حساباته. وقالوا انه لعب بالسياسة شوية وقام بتوزيع مناشير ضد السلطة القائمة حينذاك وكان مع بعض الرفاق في زقاق مظلم يكتب شعارات مضادة على حائطٍ إسمنتي عندما هربوا وتركوه لوحده بين أيدي رجال الشرطة الذين ابتكروا معه ولأجله طرقا للتعذيب مخصوصة منها النفخ بمنفاخ الدراجات الهوائية ومنها الجلوس على قناني الكوكاكولا ليخرج بعدها كائنا لا علاقة له بالسياسة لا من قريب ولا من بعيد على الإطلاق. ذاك ما حصل في الماضي وربما لا يهمنا في مجمله ولكن الذي يهمنا هو انه في السجن الثاني له وُلدت رواية دون كيشوت كما أشار في مقدمة العمل. ولكنه في الوقت ذاته لم يتضح مقصده من كونها تمت كتابتها وهو سجين أم استلهم الفكرة هناك فحسب. وتعد هذه الرواية أول عمل يزيل الغموض حول تقاليد التعذيب داخل السجون لمعالجتها الصورية للأمر.
- (الأستاذ) أنا.. (ينهض من جلسته ويركل الكرسي بقدمه بقوة ليجعله يدور لفترة لوحده) أنا الخمسيني النبيل المفلس دائما أقيم في قرية صغيرة اسمها العالم كنت مولعا بقراءة الكتب بشكل كبير. كنت أصدق كل كلمة من هذه الكتب على الرغم من أحداثها غير الواقعية أبدا. فقدت عقلي من قلة النوم والطعام وكثرة القراءة. وهكذا قررت أن أترك منزلي وأهلي وناسي وعاداتي وتقاليدي، وأن أشد كفارس شهم قادم من عصور الكتب الوسطى أبحث عن ذاتي. أنا فارس الظل الحزين بخيالي الفياض أحول كل العالم الحقيقي المحيط بي إلى عالم جديد. قادر أن أغير لغم الحضارة هذا هو اسمي فارس الظل الحزين.
- (قناع السمبازا) وبما انه متلاعب كبير ويشهد على ذلك تاريخه السجني فقد استطاع إقناعي أنا المواطن البسيط الزوالي بمرافقته لأكون حاملًا لأدباشه وأغراضه بل وخادما له بصراحة، وذلك في مقابل تعييني حاكمًا على جزيرة لامبيدوزا في البحر الأبيض المتوسط. ولسذاجتي وجهلي فقد صدقته طبعا. لكن المشكلة مش فيا أنا المشكلة في تلك المسكينة العزيزة آيدينا وهي السيدة النبيلة الراقية أصيلة أرياف مدينتنا المترامية الأطراف. لقد أقنعها لتكون موضع إعجابه وحبه عن بعد دون علمها نافيا أن يكون هذا نوعا من الحب العذري أو الحب من طرف واحد. آيدينا يا مسكينة. آيدينة يا مسكينا.
- (الأستاذ) تنح جانبا (متقدما من عمق المسرح تتبعه بقعة ضوء حتى يصل مقدمة الخشبة) لقد تُرجمتْ هذه الحكاية إلى اللغة العربية مرارا. لكن أجودها كانت ترجمة شيخ الطريقة عبد الرحمن بن بدوي. وأنا ألفت النظر بهذه المناسبة إلى أن التأثير الأندلسي يبدو واضحًا في هذه الرواية، والتأثيرات العربية بشكل عام من حيث ظهور ملامح من أبطال القصص العربية والإسلامية أمثال سيف بن ذي يزن وعنترة بن شداد والظاهر بيبرس وحمزة البهلوان وعلي الزيبق. وروى الكاتب الموريسكي إبراهيم طايبيلي من طليطلة، والذي عرف سابقًا باسم خوان بيريز وهو واحد من أشهر الكتاب في تونس عقب الطرد النهائي للعرب عام 1611، أنه قام بزيارة لأحد منافذ بيع الكتب في ألكالا وأشار إلى دون كيشوت باعتبارها العمل المهم في ذلك الوقت. هذا الكاتب مهم جدا في تاريخ تونس الموريسكي، أقصد إبراهيم طايبيلي، ولا أقصد سيرفانتس، لكن التوانسة لحد الآن غير مهتمين به للأسف، ولأسباب باتت معروفة للقاصي والداني وكلكم تعرفونها.
- (قناع السمبازا) والقاصي والداني يعرف أيضا بأنك قد أصبت بالجنون من جراء قراءتك لكتب الفلسفة والحكمة القديمة من الصين إلى اليونان، وإن الحمار الذهبي لأبوليوس هو كتابك المفضل.
- (الأستاذ) أنا فارس الظل الحزين أقاتل ضد العمالقة وطواحين الهواء وضد الشياطين ذوات الأذرع الهائلة وضد المفسدين في الأرض حيث أرشق رمحي باتجاههم أمحقهم وأزيل شرورهم وأملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت جورا. أنا حتفهم ألجُ البيوت عليهم، وأغري بقتلهم البطانة والحاجبا.
- (قناع السمبازا) ههههه (ساخرا متهكما) فرفعتك أذرعها في الفضاء ودارت بك وطرحتك أرضًا ودكت عظامك. أتذكر كيف أنك اعتقدت بوجود جيش جرار يملأ الجو غبارًا وضجيجًا، فاندفعت لتخوض المعركة التي أتاحها لك القدر حتى تثبت شجاعتك ويخلد اسمك، ولكنه في الحقيقة كان مجرد قطيع أغنام، وانتهت المعركة بمقتل عدد من الأغنام وعن سقوطك تحت وابل من أحجار الرعاة فقدتَ على إثرها أسنانك الأمامية.
- (الأستاذ) ما أنا إلا قصيدة هجاء موجهة إلى قومي وقوميتي، وهذا الهجاء يجعل مني شخصًا معاديًا لوطني وصولا إلى كوني ناقدا للمثالية الكاذبة ومنافحا ضد الحروب التي يخوضها العسكر هنا وهناك في هذا العصر أو ذاك.
- (قناع السمبازا) مسكينة آيدينا! تعالي واسمعي تعالي وافرحي يا آيدينا.. مسكينة آيدينة!
- (الأستاذ) بصراحة يا أصدقائي هي فعلا مشكلة من كل النواحي. فأنا في هذه المسرحية التي تشاهدونها الآن في التو والساعة، متداخل في السرد والحكاية والتشخيص، بشكل كبير. فبوصفي أنا الراوي وأنا الكورس أو الجوقة وأنا الشخصية الأولى والوحيدة داخل النص والعرض في آن واحد، وأنا المخرج بمفاهيم هذا العصر وأنا مصمم الإضاءة بحكم عملي، وأنا مرتجل الأشعار التي تستمعون اليها، لا يمكنني إلا أن أقول بأن متن الحكاية ونص العرض الذي ترونه الآن هو ما أمكنني العثور عليه وتقديمه اليكم بكل أمانة دون حذف أو تغيير من نص نُسب إلى كاتب عربي مسلم يدعى سيدي حامد بن الجيلي مات في تونس الخضراء بداء الكورونا الذي تفشى عام عشرين وعشرين إلا أنني استطعت استعادته حتى أتمكن بدوري من طرحه للجمهور من جديد، عبر الفن ولا شيء غير الفن، منزها عن الأهواء والإحن.
- (قناع آيدينا) وسرعان ما بدأ الجنون. فلقد اعتاد السيد (ألف لام ميم)، أو لنطلق عليه اسم "ألم" اختصارا للاختصار.. ههههه.. وهذا يجوز لي في الأقل فهو حبيبي العذري.. ما علينا.. قلت اعتاد السيد (ألم) أن يخرج مرة، أو مرتين في الأسبوع في أيام الربيع خاصة إلى ظاهر البلدة، ومعه نص هذه المسرحية المسماة فارس الظل الحزين ويتّجه بامتداد الطريق الرئيسي إلى قرية صغيرة فيها مجموعة بيوت طينية محاطة بأشجار التوت والجوز. في تلك القرية الصغيرة، وفي مشاهدة التلال والوديان الخضراء، والزهور والنباتات البرية، كان "ألم" يحس بروح الربيع. وفي القرية وبعد أن يحتسي ملء طاسة من اللبن البارد، يستلقي ويروح في غفوة قصيرة. وعندما يفيق يبدأ بقراءة مائة صفحة أخرى من الكتاب الذي يحمله معه ذلك الكتاب الذي جننه وأفقده عقله، كتاب الدونكيخوتا.
- (سمبازا) أووهووو.. بدينا بالكلام الخردة.. اسمعوا.. (يتوجه بخطابه إلى الجمهور) لا تصدقوا ولا حرف مما سيقوله لكم أو ستقوله لكم. إنها كلها تخاريف وأوهام وهذيانات مريض متخرج من منوبة أو العصفورية أو الشماعية أو الخانكة حسب ما أنت جاي منين وشو هو اسم مستشفى المجانين تبع بلدك.
- (الأستاذ) ذات مساء، وبعد أن أنهيت قراءة الصفحات الـمائة الأخيرة من الرواية، تركت القرية مشيا على الأقدام، وبقيت لمسافة طويلة أفكر في أحزاني وأقارنها بأحزان أناس غيري، أنا لست عظيما لكن هم عظماء مثل الشاعر الحزين دوما صلاح عبد الصبور وقبله كان سيد الحزن الشعري هو بدر شاكر السياب وبينهما كان محمد الماغوط وبعدهم جاء فوزي كريم وغيرهم من حملة الأحلام والسقطات النبيلة. ولكن فارس الظل الحزين يبقى لوحده شامخا في الميدان. وحتى عندما كان يضحك لبعض مغامراته، كانت الدموع تنحدر من عينيه أمام مرافقه السمبازا دون أن يخجل منها.
- (قناع السمبازا) مسكين! حتى أحلامه كانت معارك. انظروا كيف يصدق نفسه بكل سهولة.
- (قناع آيدينا) ترى لماذا؟ وكيف أتت لهذا المعذب المتعب فكرة إعادة العدل إلى الأرض؟ من أين كان يستمدّ هذا الحالم الهزيل الجسد كل تلك الإرادة الفولاذية، والانضباط النفسي الصارم في المواقف اللامعقولة التي كان يقحم نفسه فيها بإرادته، أو تلك التي كان يُقحم فيها رغما عنه؟
- (الأستاذ) كنت أتكلم مع نفس وأنا أسترجع الصور التخطيطية في صفحات الكتاب لوجه الكيخوتي المرهق النحيف، ولرقبته الهزيلة، وعينيه المتقدتين. فجأةً، غمر الشارع الخالي، والسهول المترامية دوي عنيف مثل قصف رعد خريفي. جفلت للحظات ونسيت الكيخوتي، وأخذت أبجت عن مصدر الدوي. انفجر الدوي ثانية واهتزّت على إثره الأرض التي أقف عليها. شعرت بخوف شديد، وما أن استرجعت أنفاسي حتى قلت في نفسي: لو أن الكيخوتي سمع مثل هذا الصوت لكان مدّ يده بسرعة إلى سيفه. لماذا كان لا يخاف؟ ما معنى الخوف؟ وما أن أنهيت تساؤلي حتى انفجر الدوي بعنف هائل، ورأيت جسما معدنيا ضخم الشكل من خلال ضباب شفيف. انقطع الدوي، وانقشع الضباب بهدوء، وتجسّد الجسم المعدني في ضوء الشمس المائلة إلى الغروب. فإذا بسيارة ضخمة أمامي خرج منها أربعة أشخاص يلبسون زيا موحدا. تسمرت في مكاني، وعاودني خوف القرون الطويلة في الشرق المستبد. كان جسمي مشلولا وعيني لا ترى أي شيء وضاع فكري في العشب الذي تحتي الآن.
- (قناع آيدينا) إلهي، ما هذا! أيكون ذلك لأنّني فكرت أكثر من اللازم بمغامرات ذاك المعذب المسكين الأستاذ "ألم"؟ لقد رفع رأسه ورأى السيارة وقد صارت بلون العشب تماما. وبسرعة غريبة قفز الرجال الأربعة فوق الأرض، واقتربوا منه وأحاطوه بأذرعهم الطويلة التي تشبه أذرع القرود. لقد أغمي عليه، وفي هذه الأثناء رفعت الأذرع جسد ألف لام ميم عاليا في الفضاء.
- (قناع السمبازا) في هذا الجو الخانق ماذا تفعل؟ تلوي عنقك كالوردة الذابلة. تنام لتصحو على صرير الأبواب في النكبات يصير الحجر جبلا والجبل غيمة والغيمة سماءا والسماء نعيما والنعيم جنات تجري من تحتها الأنهار وفي النكبات تتساوى الظلمة والنور والمشرق والمغرب واليمين واليسار والطالع والنازل والقاعد والواقف فلا تعجبن إذن إذا صار النمر فأرا والأسد هراً وانقلب العالم رأسا على عقب.
- (قناع آيدينا) عندما أفاق حبيبي "ألـم" وجد نفسه في غرفة الإنعاش، ولم يعد يحس بأي خوف، بل أكثر من هذا، إنّ "ألم" شعر بأنّ هذه الكائنات المحيطة به والواقفة فوق رأسه هي كائنات رائعة، ولطيفة، وغير مؤذية. كانت الأجسام تتهامس مع بعضها بأصوات تشبه ضربات آلات موسيقية.
- (الأستاذ) اقترب مني جسم من الأجسام، وسحب ثلاثة أسلاك من اللوحة التي خلف رأسي ولف أحدها حول صدغي ودس النهاية المطاطية للسلك الآخر في أستي، بينما ربط نهاية السلك الآخر فوق لساني. كان مذاق السلك المربوط بلساني حلوا، ولذيذا، وذا نكهة طيبة مما جعلني أمصه، أما طرف السلك الذي كان في ثقب مؤخرتي فكان يكبر وتزداد درجة حرارته.
- (قناع آيدينا) لحظتها ولحظتها فقط قال له كبير الأجسام ذوات الأذرع القردية المحيطة به إن كل ما تفكر به أو تحدسه أو تريد قوله نحن سنعرفه. أنت تحت السيطرة بالكامل.
- (الأستاذ) اقترب أحد الأجسام، وأخذ نسختي من رواية الكيخوتي التي لا أدري كيف دروا أو احتفظوا بها، ووضعها أمام عيني وسألني بصوت صلب قوي..
- (قناع الطبيب) هذه الرواية أصلها إسباني.. لماذا تقرأها بالعربية؟ ألا تجيد لغة أخرى؟
- (الأستاذ) قليلا من الإنكليزية والفرنسية والأرمنية والآشورية والكردية.
- (قناع الطبيب) إنّ فهمك للسرعة والزمن والتلاشي فهمٌ هزيلٌ.
- (الأستاذ) بعد لحظات وضعوا أمامي جهاز آيباد كبير الشاشة ظهرت عليه مواكب كبيرة، وجماهير في ملابس ملونة، نساء جميلات يحملن باقات كبيرة من زهور البراري، ورجال بلحى طويلة يلوحون بأيديهم، وفتيات صغيرات يؤدين شعائر دينية، وهتافات من عشرات ألوف الحناجر. فوق محفة فخمة يجلس رجل نحيف حزين جامد الوجه. الموكب يسير وسط زغاريد النساء، ورقصات الرجال الدينية. يصل الموكب ساحة كبيرة. توضع المحفة بجلال فوق الأرض. ما أن يدوس الرجل الأرض بقدميه حتى تنحني الظهور، وتلامس معظم جباه الحضور الأرض. يصعد الرجل الحزين الوجه درجا، ويتجه إلى مرتفع، تتبعه ثلة من الرجال. فوق أرض مرمرية يسيرون خلف الرجل. يقترب الرجل من نصب جداري ويتكلم: أنا فارس الظل الحزين.
- (قناع الطبيب) هل ترى بنفسك؟ هل تفهم ما يجري؟
- (الأستاذ، وقد انقطعت الصور عنه) من هو هذا؟ ومن هم هؤلاء؟
- (قناع الطبيب) إنّه حمورابي يقرأ شريعته للشعب في بابل حوالي 1520 عاما قبل التاريخ.
- (الأستاذ) مستحيل. مستحيل..
- (قناع الطبيب) لماذا مستحيل؟
- (قناع آيدينا) أعرف محنتك أيها الفارس الحزين لأنها محنتي. أجلس معك على قدم المساواة لعلك تنتظر. لعلك تنفجر باكيا. لعلك تنفجر. أصلب معك على قدم المساواة وأنا غير. أنا غيرك أيها الفارس الشهم النبيل مهما باعدت بيننا الأيام. كنت سليلي وانا اليوم سليلك في الحرب كما في السلم. في العمران وفي عدمه. في السيف كما في الكتب. في غرناطة جيشنا جيوشا ورفعنا ألوية وبنينا صروحا، وفي بغداد قعدنا على الأرصفة والطرقات نحصي أصابع العابرين. في غرناطة عقدنا العزم وفي شرق المتوسط عقدنا ذنب الضب. في غرناطة جئنا لنبقى لكننا في الشرق رحنا. لقد تعبنا من المآتم أيها الفارس تعبنا من عظام موتانا تتعرى تحت عين الشمس، فأعرني سيفك أيها الفارس، أعرني سيفك.
- (الأستاذ) ألا يمكن أن أفهم؟
- (القناع 1 وقناع الأم وقناع البائع وقناع السمبازا وقناع آيدينا وقناع الطبيب كلها تصرخ بصوت واحد) مستحيل!
(ظلام تدريجي بينما ارتجالات شعرية ومقتطفات ومحفوظات واستشهادات يقوم بها لاعب الشخصية الرئيسية على خشبة المسرح، ومن المسموح للممثل الاستعانة بكتب أو بأوراق تتضمن القصائد التي سيتم إلقاؤها لكن في أدنى الحدود)

نهاية المسرحية

- هذه المونودراما -

المنظر:
مفترق طرق خارج المدينة. ثمة خيط للأفق حيث الشمس على وشك المغيب. في خلفية المسرح تنتصب ساعة دائرية عملاقة. على المخرج أن يحسب حساباته الدقيقة لطول مدة العرض مع حركة خيط شمس الغروب مع حركة عقارب الساعة بحيث يبدأ العرض بالنور وينتهي بالظلام.

الشخصيات (التي سيلعبها الشخص الواحد على خشبة المسرح):
الأستاذ وهو نفسه ألف لام ميم ونفسه السيد ألم ونفسه فارس الظل الحزين ونفسه دون كيشوت.
القناع رقم 1
قناع الأم
قناع الابن
قناع البائع
قناع السمبازا وهو نفسه سانتشو بانزا
قناع آيدينا
قناع الطبيب

مصادر الكتابة المسرحية:
دون كيشوت سيرفانتس بترجمة عبد الرحمن بدوي.
دون كيشوت خورخي لويس بورخس بترجمة إبراهيم الخطيب.
دون كيشوت رسائل اليه من يوسف الخال.
دونكي خوتا قصة لجليل القيسي من مجموعته زليخة البعد يقترب.
الكيخوطي قصيدة طويلة لحكمت الحاج من كتابه عشرون قصيدة نثر مختارة.
ملحوظات مهمة:
الفواصل الشعرية خلال العرض المسرحي من المؤمل أن تكون مختارات من قصائد الشاعر والمسرحي التونسي جلال حمودي، والذي سيكون هو في الوقت نفسه الممثل الرئيسي فيها.
سيكون الشاعر والمسرحي التونسي أشرف القرقني هو مخرج هذه المونودراما.



#حكمت_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معجزة_قصيدة يانيس ريتسوس_ترجمة
- قصيد إلى حليمة (1942- 2007)
- رعد عبد القادر الشاعر الذي فوق رأسه شمس..
- الاتصال والتغيير الاجتماعي في الدول النامية
- ستانلي كونيتز: -الكذب خطيئة ضد الشعر لا يمكن اغتفارها أبدا-
- تراثنا العربسلامي: الحداثة والقطيعة..
- الْـجَازْمَانْ الـمـُذْهِل وخطواتُ القطّ الأسود
- الكتابة بريشة التاريخ
- سلطة الممثل هي جوهر العمل المسرحي: نحو مسرح فقير..
- ثلاثون عاما على بغدادات..
- الشعر والموقف في مهرجان الشعر العربي الرابع بالقيروان
- في الشعر الحر وشعر النثر
- الحراك السلمي وكفاح اللاعنف: الشعب يريد إسقاط النظام..
- بانتْ سعادُ
- السينما والفيلسوف: الفكرة واللقطة
- يسارية متطرفة برواية عن الإسلام، ويميني متطرف يؤيد التطهير ا ...
- نقرأ من أجل غد أفضل.. حوار مع مسيري هذه التظاهرة الثقافية
- في التحليل البنيوي للأدب
- نعي الكتاب: انتهى الكلام، بدأ فكر البصر
- الملتقى العربي الثاني -وطن للأدب- يهتم بالأدبين العربي والغر ...


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حكمت الحاج - الكيخوتي أو فارس الظل الحزين_ مونودراما شعرية