أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - ليالي مصرية، الطاغوت والرجال فخري فايد















المزيد.....

ليالي مصرية، الطاغوت والرجال فخري فايد


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 6524 - 2020 / 3 / 27 - 11:44
المحور: الادب والفن
    


ليالي مصرية، الطاغوت والرجال
فخري فايد
حالة القمع التي يمر بها المواطن في المنطقة العربية تفرض/تجعل الأديب يكتب عنها، يتناولها، فهناك العديد من الأعمال التي تحدثت عن حالنا، إن كان من خلال الأعمال التي تحدثت عن الاعتقال، أو تلك التي تناولت الطاغوت، الحاكم، وبما أن موضوع الاعتقال والطغاة قاسي ومؤلم للمتلقي، فلا بد من استخدام شكل أدبي يخفف شيئا من تلك القسوة.
وهنا تكمن أهمية الشكل الأدبي في هذه الأعمال، أن إسهاب السارد في استخدام الحوار في الرواية أسهم في تسهيل تناول القارئ للأحداث المؤلمة، كما أن استخدام السارد التابع والتسلسل في الكيفية التي استخدمها "العمدة/خيشة" ليكون الحاكم المطلق، جعلته يأخذ البعد العربي والعالمي، فيمكن تطبيقه على أي طاغية، وفي أي مكان وزمان، فالراوية عابرة للجغرافيا وللزمن.
الاعتقال والتعذيب
بما أن الرواية تناول الطاغية، فلا بدأن تتحدث عن الاعتقال والتعذيب الذي يعد (ضرورة) لوجود وبقاء الحاكم والحكم:
"ـ حاول أحدكم قتل سيدنا
ـ وهل يؤخذ الكل بجريرة الفرد؟
ـ هذه أوامر سيدنا
ـ ضربني خفير بحذائه في بطني
ـ لتعترف
ـ طردت معدتي ما بداخلها وصحت به: أخي لماذا تؤذيني وأنا لم أوذك. أنت أخي في الله.
ـ تريد أن تحتويه.
ـ ..أضربوه حتى الموت إن لم ينطق باسم عميلهم في السجن" ص29و31، اللافت في هذه المواجهة بساطة السجين وسذاجة السجان، فالسجين يتحدث بعفوية، لكنها تعتمد على العقل والمنطق، بينما السجان يعتمد على فكرة أدانة السجين وانتزاع اعتراف منه، بأي طريقة، وإن لم يأخذ الاعتراف الذي يريد يقتل، هذا حال السجناء السياسيين في المنطقة العربية وفي الدكتاتوريات العالمية.
النظام القمعي يغير ويبدل المفاهيم، ففي بداية وسوله للحكم يطرح أفكار ومصطلحات، ثم، ما أن يتمكن من السيطرة على مقاليد الحكم حتى يعتبرها خارجة عن النظام:
"ـ يا أخي المحقق كان عمدة البلد يقول إنه حقاني مثلنا، نحن ناصرناه، لأنه قال إنه حامل كلمة الحق ويرفض الطغيان.
ـ ثم حاولتهم أن تقتلوه.
ـ حينما أراد الحيدة عن كلمة الحق
ـ هذا اعتراف منك
... ـ العمدة أحب محبوبتي. خطيبتي، إن كنت تبغي دقة التعبير
ـ طرق الحظ بابك.
ـ قال اتركها, أعينك خفيرا
ـ نسعد، محظوظ، كنت ستعمل مساعدا لي بدلا من رميتك هذه
ـ وصل به الأمر أن وعد بجعلي من مشايخ البلد.
ـ ـ فرحت، وافقت طبعا، محظوظ، مصيبة كنت ستصبح رئيسا وتكتب عني التقارير
ـ بل رفضت
ـ أيرفض لسيدنا طلب، غبي" ص32و33، من خلال الحوار يتبين طبيعة السجان الانتهازية، وضعفه أمام السلطة، المركز، كما أننا نجده يؤمن بشكل مطلق بالعمدة، الذي قدمه وكأنه إله "أيرفض لسيدنا طلب" ورغم أن الاعتقال يتم على أسس شخصية "رفض التخلي عن الخطيبة" إلا أن السجان يمعن في ممارسة القمع والتعذيب، حسب أوامر الطاغية:
"أن عقوبة الرفض لأوامر العمدة تتراوح بين السجن بالأشغال الشاقة مدى الحياة أو الإعدام" ص35، ورغم سخافة التهمة الموجهة، ورغم أنه صاحب حق، ومن المفترض أن يحميه القانون، إلا أن سلطة الطاغية تتجاوز كل القوانين: "...وسقط فوق ألواح الثلج مغشيا عليه، جروه خارج الحجرة، رموا به في ركن زنزانته القديمة" ص37، ورغم هذه القسوة، إلا أن إيمان السجين بالخير ما زال حاضرا، وما زال صوته عاليا متحدي الطاغوت ورجاله:
"ـ كيف يستطيع إنسان إيذاء لأخ له لم يؤذه، بل لم يره ولم يسبق له أن تعرف عليه، بل ولم يتبادلا كلمة. كيف يستطيع أن يحمل كل طاقات الحقد التي تجعل من نعليه قدما شيطان تحطمان الضلوع تطيحان بالأسنان...كيف لإنسان أن يفعل هذا بإنسان" ص38، تكمن أهمية الرواية، بهذا الصوت الإنساني العابر للزمن وللمكان، فهي تخاطب كل الناس، من هنا يمكن لأي قارئ أن يجد نفسه فيها، ويجد صوته/صرخته أيضا.
كيف يكون واقع السجن والسجناء عندما يدخل الطاغوت بنفسه، ويشرف على السجن وعمليات التعذيب؟
"
ـ العمدة
دوت الصرخة في الداخل، هرول الخفر يدفعون المعتلقين لصق الجدران فتصدهم الجدران لكن الخفر لا يكفون عن الدفع حتى أصبحت تسمع من آن لآخر فرقعة عظام الأقفاص الصدرية للمساجين.
ـ أسمك؟
ـ تعرفه
ـ ردي على العمدة يا بنت
ـ قفي يا بنت واحترمي نفسك
ـ أسمك؟
ـ أسأل أيا منهم عنه قد يكون أنسيتهم اياه لكنك تذكره فأنت مطارد به
ـ تحدثي بأدب وانظري إلى من تتحدثين
ـ هو من يحاج إلى الأدب
ـ هو العمدة
ـ سيدنا وحاكم البلد
ـ عميت منكم البصائر، بقى أن تعمي القلوب
ـ أخرسي
...ـ الآن ما عاد لك أن تفاخري بأنك عذراء
ـ يا عمدتنا نلتها فما شعرت بأنني نلتها، كنت أشعر بأن ذاتي تمتهن ذاتي.
ـ حتى أنا في لحظات رغبتي في امتلاكها كنت أخاف
ـ كل نساء مك يا عمدتنا
ـ هل هناك امرأة تقول لا. أنت سيد هذا الوجود.
ـ فقط أأمر وسترى" ص48و49و52، إن يتم الحديث عن اعتقال فتاة، واغتصابها من قبل الجلادين وأمام الطاغوت نفسه، يحمل شيء من (المغالاة)، لكن من يعرف طبيعة النظام الدكتاتوري وممارساته لا يستغرب هذا الفعل، فالأدوات التنفيذية لا تعرف إلا اطاعة الأمر والتنفيذ، لهذا نجدها تتحدث عن عملية الاغتصاب وكأنها عملية (طبيعية) فنجد المغتصب يبدي عدم مشاعره بكل موضوعية أثناء والاغتصاب وبعد الاغتصاب، وهذا الإظهار للمشاعر يؤكد على الدقة وعلى (الإيمان) بضرورة تنفيذ أوامر الطاغية كما هي، وتؤكد على حرص المنفذ على تقديم (تقرير موضوعي) عن التنفيذ.
رغم (واقعية) المشهد إلا أن السارد وضع فيه شيء من الرمزية، فالفتاة يمكن اساقطها على الوطن، حيث كان صوتها عال ويرتفع في وجه الطاغية، كما ان عدم حصل والمغتصب على ما يريد وشعوره بالخوف يحمل الرمزية، فكل (مغتصب) امرأة أو وطن يكون خائفا ولا يشعر بالهدوء، لهذا الترميز اسهم في أحداث (خرق) للواقع وتخفيف مشهد الاغتصاب القاسي على المتلقي.
الطاغية/العمدة/خيشة
إن يحدثنا السارد عن بدايات الطاغية، وكيف كان، وما فعله في صغره، وطريقة تفكيره وسلوكه، ثم كيف أصبح، والطريقة التي تعامل بها مع أصحاب الفضل عليه، تسهم في إيضاح طبيعة الشخصية المستبدة، فلا هي تمتلك أي أخلاق ولا أي قيم، وهي تعتمد على فكرة "لغاية تبرر الوسيلة" فالمهم عندها تحقيق هدفها وبأي وسيلة كانت، يحدثنا السارد عن طفولة "خيشة":
"ـ نعم يا خيشة
ـ قلت لأبي إنه من الممكن تغيير أسمي
ـ نعم. لكن الأمر ليس بالسهولة التي تتخيلا، أنه يكلف أمولا
ـ أمي تخفي نقودا من وراء أبي
ـ أعوذ بالله
ـ أستطيع أن أحضر لك صرة وتأخذ منها ما يكفي
ـ أستغفر الله يا ولدي
ـ وماذا في ذلك يا سيدنا؟
ـ أمك تسرق أباك، وأنت تسرق أمك التي تسرق أباك، فكيف تستقيم الأمور في بيتكم يا ولدي؟" ص75، السارد يشير إلى أن فساد "خيشة" نابع من البيت، من التربية التي شاهدها من أمه التي تسرق خفية عن أبيه، وهو بدوره رأى أن لا جريرة في السرقة، ألم تقم أمه بالسرقة؟، فما المانع من أن يسرق ما سرقته أمه؟، لكن في المقابل هناك صوت آخر، صوت الخير والفكر المستنير، الذي يرفض فعل السرقة، فالمعلم الشيخ يرفض فعل السرقة ويوضح أنه خطأ ويجب التوقف عن ممارسته، وكان على "خيشة" أن يتعلم من الشيخ المعلم، خاصة أنه خاطبه "يا ولدي" وبطريقة ناعمة وسلسة وليست قاسية، رغم فقره وتواضع مكانته ومكانة أبيه.
ومع هذا السلوك الجيد للشيخ المعلم، إلا أن "خيشة" يقدم على السرقة:
"ـ خذ
ـ ما هذا؟
ـ الجنيهات التي تحتاجها إجراءات تغيير اسمي
ـ هل طلبتها من أمك؟
ـ ليس من شأنك
ـ تأدب يا ولد
ـ، أعلم أنك ستشي بي ثانية عند أبي، لكن إذا حدث هذا؟ سأجعلك تندم على فعلتك طيلة عمرك.
ـ يا ولد لا يصح أن أشاركك الإثم.
ـ سأهرب من كتابك وأختبئ بين أعواد الذرة وأقذف النوافذ بالطوب حتى يهرب الأولاد ويصر كتابك خرابا...إذا لم تغير اسمي سأقذف بنفسي في الترعة بعد ما أقول لأبي أنك تتوعدني بالغرق إذا لم أسرق لك صرة المال التي حدثتك عنها، فإذا ما رميت بنفسي في الترعة ومت، رمى بك أنت في السجن" ص76و77، رغم سذاجة وبساطة منطق "خيشة" الطفل، إلا أنه يحمل الشر والتفكير المنحرف لتحقيق رغبته، فهو يهدد ويتوعد بإلصاق (تهمة) وعمل غير أخلاقي بمعلمه، مختلقا الأكاذيب، مغير الحقائق والأحداث في سبيل تحقيق رغبته لتغيير اسمه.
ثم أخذ يبدي للآخرين أنه صاحب مبدأ ويتفانى في خدمة الجماهير والوطن:
"ـ يا عمدة ألا تكف عن السير في المظاهرات
ـ لا استطيع يا سيدنا أن أخذل زملائي، هم اختاروني زعيما لهم
ـ ولكن أخاف عليك من الفشل في دروسك
ـ لا يهم
ـ سيقطع عنك البيك المعونة
ـ استطيع أن أعمل في الصباح وأردس في المساء
ـ ولم كل هذا العنت؟
ـ من أجل بلدي.
ـ نعم
ـ نعم.. البلد ستضيع إن لم تجد الزعامات الصالحة" ص82، اجابات موفقة وسليمة، وتشير إلى أن من يخرجها صاحب فكر ومنتمي لوطنه ولشعبه، لكن هل فعلا كان "خيشة" منتميا؟ أم أمه كان يظهر ما لا يبطن؟، وما يصدر عنه من قول لا يعد أكثر من خداع للآخرين؟.
بعد أن أصبح "خيشة عمدة، كان أول المتأذين "البك" الذي تطوع لتعليم "خيشة" على حسابه الخاصة بعد أن تدخل الشيخ المعلم:
"القصر يحيطه الظلام
..ـ افتح الباب
ويندفع الخفر يحطمون كل شيء
ـ أين الكل؟
ـ من تريدون؟
ـ سيدك البك يا ابن الكلب.
ـ هو في حجرته
ـ اقبضوا عليه
ـ اين زوجته
ـ بحجرتها
ـ احضروها هنا.
البك يرتعد رغم تجلده.
منامته لم تفض عنها أثار العرق
ـ نعم يا شيخ الخفر؟؟
ـ ـ أنت مقبوض عليك
ـ أنا. لماذا..
ـ هي أومر
ـ هل يعرف العمدة بها؟
ـ هو من أصدرها
ـ أين زوجتك؟
ـ ها هي ولكن رحمة بها، هي مصابة بأمراض عديدة، ثم هي هلعة كما ترى لأنها لم تعتد مثل هذه المواقف.
ـ أصمت.
كانت رغم تجاوزها الأربعين جميلة شامخة، سألها شيخ الخفر عن مجوهراتها، فأرشدته، هجم الخفر يتخاطفونها ثم استداروا إلى يديها يختطفون بالعنف ما تتحلى به.
ـ أرموها خارج القصر.
ـ فقط أرتدي ملابسي.
ـ غير مسموح
ـ استرني يسترك الله.
ـ هذا كلام نساء، الأوامر أوامر، أرموا بها إلى الطريق
...لم يعد يطيق
.. أمواله تبدد
..زوجته تهان
.. شرفه يمتهن" ص90-93، أن يقابل المعروف بالنكران والأذية، سلوك لا يأتي إلا من ليئم جاحد، السارد أراد بهذا المشهد أن يكشف حقيقة الطاغية، فهو ينتقم حتى ممن أحسن إليه، بالنا بالآخرين!، وكأن السرد يريد أن يقول أن أذية الآخرين تجري في دم الطاغية، كما أنه يفتقد لأي قيم أخلاقية، فمن يسير سلوكه هو غرزته الحيوانية التي تندفع بقوة نحو أي جسم متحرك، هكذا هو الطاغية.
وعندما يتدخل الشيخ للإفراج عن البك يجري هذا الحوار بينهما:
"ـ شيخ الكتاب. أنطق. ماذا تريد. وقتي ثمين
ـ هذا التماس من البك لتفرج عنه. لقد قبضوا عليه.
ـ أعرف
أ طردوا زوجته بملابس نومها.
ـ أعرف
ـ أسرعت لأسترها في داري
ـ تدافع عن أعدائي.
ـ هو حق العيش والملح، وسابقة العمل الطيب
...ـ أمسك بالقلم. كتب في الفراغ المحيط بالتظلم دون أن يقرأ كلمة:
" ..يفرج عنه.
رقص قلب الشيخ فرحا. لكن القلم لم يتوقف. أضاف:
"..عند الوفاة
ـ ما هذا يا عمدة، أهذا جزاء الإحسان. ما ذنب البك. ماذا فعل؟
ـ أخفض صوتك أنت في حضرتي، كم في حالك، وإلا أصابك ما هو أقسى مما أصاب البك.
... هل تذكر أيام الكتاب؟
ـ زاد الأمل لدى السيخ.
ـ كنت عفريتا يا عمدة.
ـ وكنت تضربني كثيرا, هكذا.
..ارتفعت اليد الضخمة وهوت في صفعة مباغتة على وجه الشيخ فتطاير الشرر من عينيه ولولا تماسكه لسقط منهارا" ص94-96، وحشية لا تأتي إلا ممن هو قذر، الشيخ يصاب بحالة نفسية صعبة: "أنتابه حمى مدمرة لا يدري من أين ولا إلى أين" ص97، ولم يكتفي الطاغية بما فعله بمعلمه وشيخه: "العمدة يطلبك
ـ يا ولدي لا استطيع أن أستقيم.
ـ قال أحمله إلى أن عجز عن السير. فإن لم يستطع فجره جرا.
ـ الأمر لله. ساجئ معك
ـ لا تغادر دارك ولا تذهب إلى ىالكتاب وإلا جعلت الخفر يكسرون ساقيك." ص97،.
أداة/حاشية الطاغية
تناول فيما سبق شخصية شيخ الخفر والطريقة التي تحدث، والذي اعتبر الطاغية بمصاف الله، الذي لا يجوز أن تخالف أوامره، أما بقية الحاشية فهي من نوع شيخ الخفر، ينفذون كل ما يصدر من "العمدة" بدقة متناهية، ولا يعرفون أن يقولوا "احضر"، يقدم الطاغية أثارة الرعب بين الناس من خلال تلك الأدوات الجهنمية:
" فنستطيع أن نقول لك متى يأتي الرجل امرأته" ص166، ويفرضون على الصغار أن يتعلموا: "ـ نحن أبناء العمدة، برضا العمدة نحيا.
ـ وليكن النشيد لك كل صباح.
ـ دمت يا عمدة ميت جابر.. دمت يا واهب الأرزاق" ص168، هذه الأداة تحصد المجتمع ولا تبقي فيه (نسمة حياة)، فأصبح كل شيء باسم العمدة: "ـ شارع العمدة
ـ مصنع العمدة لأدوات الكهربائية" ص171، فهذا الواقع نحده في كل مناطق الطغاة، فكل شيء باسم الطاغية، وكأن البلد له وحده ولا يوجد فيها غيره.
يتزوج الطاغية من "نشوى" والتي يضع حد لسلوكه، فتناديه باسمه "خيشة":
"ـ ألا ترى يا خيشة أنك تسرعت بزواجك مني
ـ خيشة، ما اعتدت أن يناديني أحد هكذا؟
ــ هو أسمك.
ـ لكني نسيته.
ـ هي عادتنا، لا ينادي زوج إلا باسمه
ـ زوجتي الأولى تنادني العمدة.
ـ أنا لست هي" ص179، ولا تكتفي "نشوى" بهذا بل تفعل كل ما تريد، حتى لو لم يوافق "خيشة":
"ـسأسافر يا خيشة
ـ تسافرين؟
ـ ولن أعود لك.
ـ لا تعودين.
ـ أمرت بأن يعد كل شيء
ـ لا يأمر أحد هنا غيري.
ـ أنا أمرت
ـ أنت امرأتي.
ـ لست امرأتك.
ـ حذرتك من أن تحاول امتهاني" ص187،
ـ
بعدها تحدث مواجهة بين "ميت جابر" و "الشغامة" يتم الأعداد للحرب بهذا الشكل:
"ـ نحاربهم ونجزل للخفر العطاء
ـ خزائن ميت جابر مفتوحة لك
ـ إذن سيخوض الخفر البحر وراءك.
...ـ وإذا ارتفع صوت بالاحتجاج
ـ سنقول هم من بدأوا بالعدوان فاستنفرنا فلبينا" ص193، وبعد أن تجري المعركة وتكون الغلبة للشغامة، يستمر الطاغية في غيه ونهجه:
"ـ سقط منا الكثير يا شيخ الخفر
ـ ليسقطوا فالثمن مدفوع
ـ هي حرب لا تنتهي
ـ لتستمر عشرات السنين
ـ لن نستطيع أن نحقق نصرا.
ـ أخرس لقد أمرتك بالانتصار
ـ الناس لا تجد طاعما يا عمدتنا.
ـ ليشدوا الأحزمة على البطون
ـ ...أصبح الرجال يتساءلون من أجل ماذا يموتون.
ـ من أجلي أنا، أما يكفيهم هذا شرفا" ص196و197، إذا أخذنا هذا المشهد يمكننا أن نسقطه على كل الطغاة الذين مارسوا الحرب، حتى يستنفذ كل الرجال:
" ـ أرسل غيرهم
ـ كل من جاء دوره أرسلته إلى هناك" ص198، وتنتهي الرواية بالتخلص من سلطة الطاغية وشيخ الخفر: "
ـتكاثرنا على شيخ الخفر
ـ حولنا مسدسه عن صدر العمدة
ـ أنطلق رصاصات طائشة فقتلته
...ـ لكن من قتل شيخ الخفر
ـ هو قتل نفسه" ص205و206، وهذه النهاية تسهم في التخفيف على المتلقي، وتجعله يؤمن بأن نهاية الطاغية سوداء مثله.
قبل الانتهاء من الرواية نتوقف عند دور "نشوى" المرأة التي أحدثت الخلل في موازين الطاغية، فكانت نقطة البداية لنهاية "خيشة" وسقوطه وسقوط حكمه، فالسارد أراد القول التأكيد على دور المرأة الثوري وأهمية في عملية التحرر ، وبناء المجتمع الجديد.
الرواية من منشورات نادي القصة، مصر، القاهرة، الطبعة الأولى 2008.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منذر خلف الحاج محمد سؤال أسير
- الرجال والرفض رواية المقاومة الإيطالية إيليو فيتوريني
- محمد حلمي الريشة وتعدد الاشكال
- الشيخ المجاهد عز الدين القسام -بيان نويهض الحوات-
- الأنا والآخر في الرواية الفلسطينية أمين دراوشة
- الروايات في كتاب -وجهك ولا القمر، يافا!-
- الحوار النتي
- مجموعة طريد الظل سعادة أبو عراق
- محمد كنعان
- محمد دلة والبياض غير المتكل.
- محمد داوود في قصيدة -الساعة الآن موت-
- حجم ومضمون القصيدة -نجم شحيح الضوء- كميل أبو حنيش
- الحب في ديوان مناجاة حلم سوسن حمزة داوودي
- مسرحية شجر وحجر إبراهيم خلالية
- هم ونحن في الانتظار الجميل كميل أبو حنيش
- مناقشة «كتاب الوجه – هكذا تكلم ريشهديشت»
- وجه في ظل غيمة أمين خالد دراوشة
- أثر السجن في قصيدة -في السجن- منذر خلف مفلح
- حبيبتي السلحفاة محمود عيسى موسى القسم الثالث
- القسم الثاني حبيبتي السلحفاة محمود عيسى موسى


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - ليالي مصرية، الطاغوت والرجال فخري فايد