أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حديث عن عائشة: الفصل الخامس عشر/ 2














المزيد.....

حديث عن عائشة: الفصل الخامس عشر/ 2


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6523 - 2020 / 3 / 26 - 19:53
المحور: الادب والفن
    


في أثناء عمل خلّو مع الثوار، تم إخراج ابنته كَولي من المدرسة، بينما الابنة الأصغر، خالدو، ألحقت بالدراسة عند الخوجة. جدهما الحاج حسن، هوَ مَن ارتأى ذلك، مستغلاً غيابَ الأب. صغرى البنات، " سعاد "، كانت في السادسة من العُمر حينَ لقيَ والدها مصرعه. لقد شاء هذا الأخير منحها اسمَ أمّه، التي كانت في يوم ولادتها تعيشُ مأساة الحكم بالإعدام على شقيقه الكبير. لكنه لم يهنأ بمنح الابنة حنانه ودلاله، كونه التحق بالثورة وكانت بعدُ بالكاد بلغت سنّ الفطام. في المقابل، لاحَ أنها ستغدو مستقبلاً أكثر شبهاً بأمها؛ بلون شعرها الفاتح، المنسدل على بشرة قمحية ذات قسمات متناسقة، فضلاً عن شخصيتها المتسمة بالحزم والصلابة. غير أنّ القدَرَ كان له رأيٌ آخر، فيما يتعلق بالمستقبل.
صباح يوم السفر، ملأت صغرى البنات الدنيا صراخاً وعويلاً حينَ نم لعلمها أنّ خالدو هيَ مَن سترافق أمهما إلى عمّان. عدا عن مشاعر الغيرة، المألوفة بين الأخوة المتقاربين في العمر، فإن سعاد كانت متعلقة بأمها بشدة. بعدما أعيت الطفلة الجميعَ قبيل موعد الانطلاق، اضطرت عيشو لصفعها ومن ثم حبسها في حجرة النوم. صفقت باب الحجرة وراءها ثم أمسكت بيد الابنة الأخرى ليلحقا بموسي، الذي سبقهما إلى سيارة الأجرة. ما لبثت السيارة أن انحدرت في درب الزقاق، لتنعطف عند مدخله في طريق الجادة من جهة مسجد سعيد باشا. هذه المسافة نفسها، قطعتها الصغيرة سعاد ركضاً إلى لحظة سقوطها بالقرب من المسجد. لما انتبه مَن في المنزل لفقدان أثر الصغيرة، خرجوا إلى الزقاق كي يسألوا الأولاد عنها. سرعان ما أعيدت محمولة بين يديّ أحد أخوالها، وكانت شبه فاقدة للوعي.
" ابنتكم مصابة، على الأرجح، بالحمى الشوكية "، كذلك قررَ الطبيبُ الكائنة عيادته في حي الصالحية المجاور. كان مضى على مرض سعاد أيام خمسة، عانت في خلالها من الهذيان نتيجة ارتفاع حرارتها. لكن دواء الطبيب لم يفد بشيء، فما أسرع أن لفظت الطفلة المسكينة أنفاسها وهيَ مستلقية على سريرٍ ما يفتأ يختزن رائحة والدتها.

***
انفطرَ قلبُ سارة على الطفلة، وكانت قد خصتها بالدلال أكثر من شقيقتيها. ما زاد في حزنها، التفكير بردة الفعل المرتقبة من لدُن ابنتها عيشو، التي خرجت حديثاً من حالة الحِداد على زوجها. هذا ما بثته لصديقتها، السيدة شملكان، حين اجتمعتا في أمسية العزاء. ثم قالت لها: " قبل سفر عيشو إلى عمّان مع شقيقتها، كنتُ أنوي مفاتحتك بأمر عودتها من هناك في سيارة ابنك صالح. لكنني رأيتُ آنذاك أن الوقتَ مبكرٌ، دونَ أن يخطر لي ما يخبئه القدرُ "
" سأكلم ابني في الأمر، ولو أردتِ من الممكن أن ينطلق في الغد لإحضار عيشو؟ "، ردت الأخرى. وكانت هذه منهكة من أمراض الشيخوخة، التي هاجمتها دفعة واحدة بلا رحمة. لم تكن التقت مع صديقتها سوى في المناسبات، وكان آخرها حينَ تعهّدت سارة توليد حواء زوجة صالح. غيرَ أنها زوجته الثالثة، ريما، مَن حضرت العزاء برفقة حماتها: لقد اقترنَ بها في عام أسبق، لما بر بوعده أن يساعدها في جلب ابنتها الوحيدة من بلدة عامودا؛ ثمة، أينَ أقام أخوة البنت من أبيها عقبَ فرارهم من ماردين في فترة الحرب العظمى. غبَّ مقتل الأب، رفضوا فكرة أخذ ريما لابنتها إلى الشام، قائلين أنهم لا يريدون لأختهم أن تعيشَ تحت سلطة زوج الأم.

***
في صباح اليوم التالي، ركبَ موسي مع صالح في طريقهما إلى عمّان لجلب عيشو. كانت سارة تود مرافقتهما، بغيَة التخفيف عن الابنة الثكلى. غيرَ أن حدثاً جدّ، فجعلها تصرف النظر عن عزمها. فإن بَدو جاء بنفسه إلى رجلها، يرجوه أن تتولى توليد امرأته وكان المخاضُ قد أتاها في ساعة مبكرة من ذلك الصباح. بعد مغادرة الزوج، التفت الحاج حسن إلى سارة ليقول لها بنبرة الناصح المشفق: " سيتولى موسي أمرَ عيشو، بينما أنتِ عليك الاهتمام بطفلتيها ريثما تعود من عمّان "
" أمري لله، يا حاج "، أجابت سارة. ثم همت بتغيير ملابسها، استعداداً للذهاب إلى أولئك الجيران. أردفت القول، مرسلة نظراتها عبرَ نافذة حجرة النوم: " وإنها إرادة الله، مَن قضت بمجيء روح جديدة إلى العالم بعدما غادرته روحُ حبيبتنا ".
كونها ولادتها الأولى، عانت امرأة بَدو آلام المخاض لساعات طويلة قبل أن تضع وليدها؛ وكانت طفلة. الوليدة، حدقت في القابلة بعينين جاحظتين من مفاجأة الصورة البكر للحياة، وكانت قد كفت عن البكاء عقبَ فصل المشيمة. قالت سارة لأم الطفلة، وهيَ تضعها في حجرها: " تبارك الخالق على هذا الجمال النادر، الذي لم أشهد مثيله قبلاً في أيّ من مواليد الحارة ". على الأثر، فكّرت برابعة وأن هذه الطفلة كان من الممكن أن تكون ابنتها لولا تدخل القدر وحيلولته دونها ومن أحبت.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث عن عائشة: الفصل الخامس عشر/ 1
- حديث عن عائشة: بقية الفصل الرابع عشر
- حديث عن عائشة: الفصل الرابع عشر/ 3
- حديث عن عائشة: الفصل الرابع عشر/ 2
- حديث عن عائشة: الفصل الرابع عشر/ 1
- حديث عن عائشة: بقية الفصل الثالث عشر
- حديث عن عائشة: الفصل الثالث عشر/ 2
- حديث عن عائشة: الفصل الثالث عشر/ 1
- مدام بوفاري، في فيلم لكمال الشيخ
- حديث عن عائشة: بقية الفصل الثاني عشر
- حديث عن عائشة: الفصل الثاني عشر/ 2
- حديث عن عائشة: مستهل الفصل الثاني عشر
- جريمة كاملة
- حديث عن عائشة: بقية الفصل الحادي عشر
- فردوس الفقراء
- حديث عن عائشة: مستهل الفصل الحادي عشر
- جريمة مجانية
- حديث عن عائشة: بقية الفصل العاشر
- حديث عن عائشة: الفصل العاشر/ 2
- حديث عن عائشة: الفصل العاشر/ 1


المزيد.....




- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حديث عن عائشة: الفصل الخامس عشر/ 2