أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكيب كاظم - السيد محمد سعيد الحبوبي شاعر الحياة وفقيه الجهاد














المزيد.....

السيد محمد سعيد الحبوبي شاعر الحياة وفقيه الجهاد


شكيب كاظم

الحوار المتمدن-العدد: 6519 - 2020 / 3 / 20 - 04:41
المحور: الادب والفن
    


لقد ظل الرأي الجمعي العربي ومنذ أيام الجاهلية، ينظر بعين الريبة والتوجس إلى الشعراء وشعرهم، وزعموا أن لكل شاعر شيطانا ينطقه بالشعر، وهؤلاء الشياطين يسكنون واديا قصيا، أطلقوا عليه اسم (وادي عبقر)، ولقد زاد القرآن الكريم لهذا الرأي ترسيخا، إذ قرر، والشعراء يتبعهم الغاوون، ولولا أداة الاستثناء (إلا) إلا الذين آمنوا، لوئد الشعر في دنيا العرب ولخسرت الثقافة العربية أهم روافدها، ولعل رأي القرآن في الشعر، إنما جاء تطفيفا لكيل الشعراء الهجّائين، الذين ناوأوا الرسالة المحمدية وردا عليهم ومنهم: عبدالله بن الزبعرى، وهبيرة بن أبي وهب، وكعب بن زهير بن أبي سلمى، الذي نظم فيما بعد قصيدته الاعتذارية، التي سماها الباحثون (البردة) التي عارضها الكثير من الشعراء في أزمان تلت، التي اعتذر فيها من الرسول الكريم، فخلع على الشاعر كعب، بردته الطاهرة، ولقد ورد في المأثور أن الخليفة العباسي هرون الرشيد، حث ابنه المأمون، حين وجده يقرزم الشعر، حثه على تركه، لأنه غير لائق بالوجهاء والخاصة، وسيتصادى رأي الرشيد هذا مع مقولة للإمام الشافعي، ضمنها بيته الشعري، السائر مسرى الأمثال:
ولولا الشعر بالعلماء يزري-- لكنت اليوم أشعر من لبيد
لقد خسرنا هذا الفيض الشعري، الذي جادت به قريحة رجل الدين السيد محمد سعيد الحبوبي، خسرنا هذا الفيض الذي كان يستاف من شتى فنون الشعر، ولا سيما الغزل والخمريات، وإذ يرى الباحث المصري، الدكاترة زكي مبارك، الذي عمل في معاهد العراق في ثلاثينات القرن العشرين، إن الحبوبي غادر الشعر، لأنه ما استطاع أن يكون في ضمن شعراء الطبقة الأولى، بسبب الدروس الفقهية، التي أثرت على تألقه الشعري، ومن ثم آثر الانغمار في دراسة علوم الدين، وهجر الشعر.
قد لا أميل إلى هذا الرأي الذي يطلقه زكي مبارك، في حين أكاد أكثر قبولاً لقضية مفادها أن مسألة فقهية عويصة عرضت ونوقشت، فكان رأي السيد الحبوبي راجحاً، ليصعقه قول السيد محمد كاظم الخراساني، المعروف بـ(الاخوند) وقد أحس بالخسران في هذا النقاش الفقهي: أين أنت من هذا؟ أي ما شأنك أنت والفقه والمناظرة فيه؟! إنما أنت تحسن الغزل، أوَ لست القائل:
يا غزال الكرخ وا وجدي عليك--كاد سري فيك أن ينتهكا
فكان هذا التعريض الذكي اللماح الذي ساقه الفقيه الاخوند ختام ما بين الحبوبي وبين الشعر!
لقد ظل العديد من الباحثين يذبون عن الحبوبي ويدفعون، نافين حقيقة ماورد فيها، وإنما هي خلجات شاعر وتهويماته، بوصفها لا تأتلف مع سلوك رجل دين، ولا سيما ما ورد في أشعاره الغزلية والخمرية، متناسين أن الحبوبي إنسان، وإن الإنسان مهما سما، فقد تساوره ما اسميه بـ(الضعف الإنساني) أو سمها خوالج الإنسان ونزعاته، ولن أقول نزغاته، فضلاً عن الطفل المخبوء في جوانحه، فما ضرّ الشاعر لو تغزل وأحب وعشق؟ فما هو بتمثال، بل بشر ضعيف، ولقد ضحى بعضهم بعروش من أجل امرأة معشوقة، ألم يتنازل الملك إدوارد الثامن سنة 1936، عن العرش البريطاني كي يتزوج المرأة التي عشق، واليس سمبسون؟!
وها هو احد شعرائنا الكبار، ورجل الدين المعروف، يتحدث عن أيام طفولته، وقد اعتم بالعمة وهو صبي صغير، فلم يمتع بالطفولة الغريرة، وألعابها الجميلة ولهوها البريىء، وربما لهذا ظلت تعاوده حياة الطفولة التي لم يشبعها، ظلت تعاوده في الشباب والكهولة وحتى الشيخوخة، ظلت تعاوده في صور شتى، فتارة تعاوده بالنزعة للمرح، ومداعبة الأهواء، وطورا في نفحات الغزل، التي تبدو غريبة عن رجل دين وَقِر.
ولشاعرنا المفوّه ورجل الدين المبجل هذا ديوان شعر سماه (الملخيات) وفي الذاكرة قصيدته الرائعة الماتعة (القصيدة البلاجية) وعنوانها يفصح عن محتواها، وقد زار بلاج عالية في بيروت الزاخر بالغيد الحسان.
لا يغرنك اشتعال حديثي والتهاب الحروف بين لحوني
فثلوج الشتاء ترسف في أعماق ذاتي في حيرتي في يقيني
لذا أرى أن شعر السيد الحبوبي، إنما هو تعبير عن خلجاته ونوازعه، وامتياح صادق من الذات، مع أنه قدم بين يدي شعره الغزلي والخمري، أبياتاً، اسميها أبياتاً اعتذارية، إنه يعتذر عن شعره الخمري والغزلي.
لا تَخَل ويْكَ، ومن يسمع يخل-- إنني بالراح مشغوف الفؤاد
لا بل إنه زيادة في الاعتذار، يصف شعره بـ(فسق الألسن) وإنه نهج في شعره نهج الظرفاء الفكهين.
غير أني رمت نهج الظرفا--عفة النفس وفسق الألسن
ولماذا تعتذر يا سيدي، أوَ لست إنسانا تضطرم فيه أوار الشباب ورغباته؟
حتى إذا جد الجد، ورأى السيد الحبوبي، أن بلده العراق قد تعرض للخطر، إثر نشوب الحرب العالمية الأولى، وتدنيس القوات الإنكليزية لأرض الفاو، قاد فصائل الجهاد، لكن ما كانت المعركة متكافئة، فانكسر المجاهدون، وأثر انكسار هم على نفسيته وصحته، ففاضت روحه الزاكية إلى بارئها سنة 1915 في مدينة الناصرية، التي خلدته بإنشاء ساحة تحمل اسمه الزكي.
حاشية



#شكيب_كاظم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مناقشة هادئة مع المفكر الماركسي الشهيد مهدي عامل
- ذاكرة العراق؛ عبد الحميد الرشودي يدرس حياة الرصافي وآثاره وش ...
- صورة المناضل مهدي بن بركة
- قصائد اكليل موسيقى رؤى في بنى تضاد .... النسيان مصاب بداء ال ...
- ( بم تحلم الذئاب؟) لياسمينة خضرا رواية عن العشرية السوداء في ...
- وما آفة الأخبار إلا رواتها سفير بريطاني في حضرة السلطان سليم ...
- تطهرت ريشته من سواد الحقد مارون عبود الناقد الساخر في (نقدات ...
- القسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية.توثيق صوتي لمجريات الح ...
- الراديكاليون المتعصبون والكتاب
- تمثلات الحداثة وتراجعها
- رأي محمود أمين العالم بعبد الرحمن بدوي وحسرته على ضياع الدكت ...
- (ثورة الزنج) فيصل السامر المؤرخ الموضوعي العلمي الحيادي
- الدكتور علي جواد الطاهر ورأيه في طه حسين فصول ذاتية من سيرة ...
- توفيق صايغ: شاعر قصيدة النثر الرائد حياة مكتظة بالخيبات، ومي ...
- عبد الملك نوري ما أنصف نفسه وما بحث عن الإنصاف لدى الآخرين
- ناجي جواد المحامي من أبرز كتاب أدب الرحلات
- (بدايات)أمين المعلوف إهتمام مضن ودقيق بتراث الأسرة وتاريخها
- تأريخ ما أهمله التاريخ رواية( ليون الإفريقي) لأمين المعلوف
- مدني صالح الفيلسوف ناقداً.. الناقد فيلسوفاً
- أيهما أصح علميا السامية أم العربية؟


المزيد.....




- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...
- حديث عن الاندماج والانصهار والذوبان اللغوي… والترياق المطلوب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكيب كاظم - السيد محمد سعيد الحبوبي شاعر الحياة وفقيه الجهاد