CORONAVIRS أو الحرب بين الطبيعة والإنسان...

غسان صابور

الحوار المتمدن-العدد: 6515 - 2020 / 3 / 15 - 14:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

CORONAVIRUS
أو الحرب بين الطبيعة والإنسان...

كدت أكتب انتقام الطبيعة من الإنسان... ولكني بكلماتي هذه أرفض إعطاء الطبيعة صفة سلبية.. مثل كلمة "إنــتــقــام"... والتي تبقى صفة ملتصقة بالإنسان والبشر عموما.. بدءا من أجدادنا السعادين.. حتى هذا اليوم.. رغم أن بعضا نادرا من البشر.. حاولوا إدخال مبدأ التسامح والسماح والمسامحة.. بديانتهم التي بقيت قشورا سطحية.. خلال فترات محدودة.. عبر أشخاص محدودين.. صلبوا في سبيل إدراج هذا المبدا.. ولم يعيشوا كثيرا...
أنظروا لتاريخ البشرية.. من خلق القمامات والأوساخ.. وتوسيخ الأنهر والبحار.. من قطع الأشجار وحرقها؟؟؟... من ابتدع الموت والجثث والحروب.. ومن أكل أخيه أو ابن عائلته الضعيف وسبا زوجته.. ببداية سنوات الخليقة.. أيام أجدادنا السعادين.. وعندما تطور قليلا.. قليلا.. ابتدع صيد جاره وبعض الحيوانات.. تاركا جثثها تتعفن.. وتنشر الأمراض.. تاركا برازه وبوله وقماماته بالعراء.. أو على أطراف الأنهار...
واليوم.. وبعد ملايين السنين.. ماذا تغير... على أسطحة البحار ملاين أطنان القمامات البشرية والبلاستيك.. والهواء مليء بأطنان المواد والغازات السامة والفحم والدخان القاتل... ملايين المصانع الاستهلاكية.. تبصق ملايين أطنان المواد الضارة.. ونخترع السماد السام بآلاف الأطنان..حتى ننتج آلاف وألاف أطنان البندورة بيوم واحد.. بينما كانت تحتاج من قرنين.. ثلاثة أشهر حتى تثمر وتقطف وتؤكل.. بمن يزرعها يزرعها ومن يعتني بها ويرعاها.. ومن يحتاجها من أهل قريته...
إذن لماذا تتساءلون... من أين أتى الكورونافيروس... ولماذا تثور الطبيعة... ناشرة كل يوم آلاف القتلى.. بلا علاج.. بلا دواء.. وبلا أية وقاية.. لأن هذه الطبيعة التي شوهتموها بأيديكم.. وحولتموها إلى روبوت Robot إنتاجي مسخر ضخم.. وفرضتم تسخيرها.. للتضخيم والانتفاخ وتسميم الخضار والنبات والفاكهة.. وحتى الحيوانات التي تأكلونها... كل شيء مضخم.. مفتعل.. ولم يبق من الطبيعي.. أية طبيعة... والبشر يأكلون البشر... بالحروب.. بتجارة الحروب.. وتجارة البشر... وشعوب الأسياد.. تأكل شعوب العبيد الضعيفة...
ألم تسمعوا ما يجري اليوم ببلد يسمى إيطاليا.. حيث انتشر الـCORONAVIRUS بكل مدينة وكل قرية.. المستشفيات.. مزدحمة.. مملوءة حتى بممراتها.. والجهاز الطبي.. والجهاز الطبي الأوروبي.. بلا حول ولا قوة.. ولا علاج فعال.. كاليانصيب يختار المرضى الذين يستحقون المساعدة وبعض علاج.. بما تبقى لديهم من مسكنات أو أوكسيجين... والباقون ينتظرون الموت.. كواقع مقبول.. وبعضا من بركات الفاتيكان.. والذي أغلق أبوابه واحتصن.. ضد الوباء.. وباء لا يعرف الأبواب المغلقة ولا الحدود المحصنة... لأن الـ Coronavirus أو Covid - 19 كما تغير إسمه هذا الأسبوع.. ينتقل من بلد لبلد.. بلا حدود.. ورغم الحدود المغلقة.. بالهواء.. غير آبــه بأي حاجز... مثل عواصف الطبيعة.. كل العواصف التي عجز الإنسان واستسلم أمامها.. عبر آلاف السنين...
هذه الأوبئة.. هذه الأمراض الفتاكة التي تبقى أشهرا وسنينا بلا علاج.. والتي بالتالي تعالج بعضا من الأقوياء والأغنياء.. كما يجري بالولايات المتحدة الأمريكية.. أغنى وأقوى دولة حربجية.. لا يوجد فيها أي تأمين صحي.. عكس غالب الدول الغربية والأوروبية ذات الأنظمة الرأسمالية الغنية... والتي عممت أنظمة التأمين الصحي.. لغالب شعوبها.. مع انتشار شركات تأمين خاصة.. شــرهة.. شرهة جدا.. لتأمين الفراغات التي بدأت بعض شركات التأمين العالمية تملؤها.. بعد التقلصات التي بدأت الحكومات الرأسمالية تفرضها على نظامها الرئيسي التاريخي... مما يهدد أنظمة التأمين الصحي الرسمي الحكومي.. بموجات أمركة.. تنتظرها بكل الاتحاد الأوروبي.. منظمة Black Rock الرأسمالية العالمية الأمريكية الشرهة المعروفة... لشرائها والتهامها... كما تحاول منذ سنوات التهام أنظمة التقاعد الفرنسية المعروفة... والذي جمد فرنسا بالمظاهرات الاعتراضية.. كل السنة الماضية.. وبداية هذه السنة... حتى وصول هذا المرض القاتل من عدة أسابيع.. والذي جمد الحياة.. والاقتصاد.. والمظاهرات.. ولم يـجــمــد بعد عديدا من الأنانيات البشرية.. وانطواء البشر على غرائزهم الوحشية الحيوانية...
***************
عــلــى الـــهـــامـــش :
ــ مــســاطـر بـــشـــريـــة
كتب صديق لي.. إنسان شاعر وفيلسوف وفنان.. على صفحته الفيسبوكية.. طالبا من قرائه أن يكتبوا كلمة وداع.. كأنما هذا الوباء الذي يرعب البشرية جمعاء.. بنهاية العالم... آت.. آت بسرعة.. ليعدل ويسطح الفوارق بين البشر...
واخترت مسطرتين من جملة الأجوبة التي وردت... غالبها يفجر البقايا النادرة من ضمير ما يسمى : " إنــســانــيــة "!!!...
ـ الأول يقول : من بعدي الطوفان...
ـ والثاني : ســامـحـونـا عـمـا ورثـنـاكـم إيـاه...
هذا يكفي أي تحليل أو تقييم للفكر البشري ( الإجمالي) ... بأيامنا المتعبة المريضة الحزينة هذه... وخاصة سياساتها العرجاء... وخطابات سياسييها التي لم يعد يصدقها أحد...
ــ عــجــائــب... غــرائــب
اليوم.. اليوم الأحد الخامس عشر من شهر أيارـ مايو 2020.. الدورة الأولى من الانتخابات البلدية الفرنسية.. والتي تقيم شعبية الحكومة التي تشكلت من سنتين ونصف.. إثر انتخابات رئاسة الجمهورية... وتقييم أصوات تشكيلات وأحزاب المعارضة... أصدرت الحكومة قرارا بإغلاق المطاعم والمسارح والسينمات.. وشركات صناعية وإنتاجية.. وكل مؤسسات الحضانة والمدارس والجامعات... وجمدت عديدا من المواصلات العامة... ولكن هذه الحكومة لم تلغ ورفضت أن تؤجل الانتخابات.. مع احتياطات وقائية غير مقنعة... نظرا لتفاقم وانتشار عدوى وإصابات ال Coronavirus ... ظاهرة كاملة من كركبات وتناقضات وتشابكات.. ما يجري بهذا البلد.. رغم توسع قوانينه وتقدمه.. وحضارته...
ولأول مرة.. منذ وجودي بهذا البلد.. لا أشارك بالانتخابات.. بالإضافة.. أنني لم أجد بين لائحات المرشحين من جميع الأطراف.. ومن بينهم لي أصدقاء ومعارف وعلاقات شخصية ... ولكنني لست موافقا معهم... ولأول مرة لن أخرج من بيتي.. لا من أجل تعليمات الحكومة بأن نعتصم ببيوتنا.. لفترة مجهولة.. ومع هذا يطلبون منا المشاركة بالتصويت.. رغم جماد المواصلات...
بهذا البلد...غــرائــب... غــرائــب... وعــجــائــب غير معقولة... آمل أن تتوضح... آمل قراءة توضيحات وتفسيرات مقبولة... لا همهمات غير مسموعة.. غير مفهومة.. وخاصة أن مخترعيها.. هم أنفسهم.. يموتون منها...
بـــالانـــتـــظـــار...
غـسـان صـــابـــور ــ لـيـون فـــرنـــســـا

#غسان_صابور (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات