أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - سم سقراط وأعداء الكرد















المزيد.....

سم سقراط وأعداء الكرد


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 6514 - 2020 / 3 / 14 - 11:56
المحور: القضية الكردية
    


ما يعانيه الشعب الكردي من الأنظمة السياسية، وأخرها سلطة بشار الأسد، تعيدنا إلى مراجعة أحد أهم أحداث الماضي السحيق، صراع سقراط مع سلطة أثينا السياسية، التي لم ترق إلى سويات استيعاب أفكاره وفلسفته، ومعها الشريحة المدركة التي وجدت أن مصالحها تتهدم بحضوره وانتشار فلسفته، فكانوا يرتعبون من تثقيفه النوعي لشباب أثينا ومقدونيا وإسبارطة، الحاملة لروح التجديد وبذور الحضارة، المنتقلة منذ حينها من جيل إلى أخر، دون أن تخمد فيها روحه المواجهة والطموح نحو الأفضل، كان بينهم أبناء الطغمة الحاكمة وأعضاء البرلمان، وقادة الجيش. الجدلية ذاتها تتكرر اليوم مع الشعب الكردي ما بين طموحه إلى الوطن الذي سيصان فيه أبعاد قوميته الكردية، ومواجهة إملاءات الطغمة الحاكمة في سوريا، ومثلها الصمود في وجه الأنظمة الاستبدادية الأخرى المحتلة لكردستان، المعادية للدساتير الحضارية التي تطمح الأمة الكردية تطبيقها في هذه الدول.
فعندما تجرع سقراط السم بطواعية كان متأكداً من أن مفاهيمه تجاوزت مرحلة احتماليات القضاء عليها، فلم يبالي بجسده مادة، بقدر ما ثمن مفاهيمه وأفكاره المنتشرة والتي كانت تضعضع مكانة أعداءه من الشريحة السياسية، مدركاً أن تلاميذه يحملونها بعمق وعي، وكلية الاستيعاب، وكان بينهم أفلاطون وزينفون وغيرهما الذين نشروها بكل تفاصيلها، بل وساهموا في عرض المزيد من الأفكار والفلسفات التي نهشت في النظام السياسي حينها، الفلسفة التي أصبحت ركيزة، لانتشار المفاهيم التنويرية بين الجيل الشاب للمناطق الثلاث، وبداية لنهوض الحضارة اليونانية، وظهور الإمبراطورية التي قضت، بعد عقود قليلة من موت سقراط، على الشريحة السياسية الطاغية، والمعارضة لمداركه الفكرية التنويرية والتحررية. فتناوله لجرعة السم كان نيابة عن الحركات والشعوب المناهضة للأنظمة الفاسدة، بعدمية رضوخه.
وكمقارنة جدلية، وحصر الزمن واختلاف المفاهيم، والغايات التي تلتقي والطموح إلى الحرية، يمكن القول إن تمسك الكرد بروح المقاومة وعدم الرضوخ، رغم المآسي والكوارث التي حلت بهم، هي من مورثات إحدى شعاب تلك المفاهيم، والثقافة الأبية على الاستسلام للطغاة والأنظمة المستبدة.
فبين ما تم في القرن الرابع قبل الميلاد، وبين القضية الكردية وعدالتها وسوية انتشارها عالميا، وبالصفحات الصحيحة، مع إزالة أو تنقية المحرفة والمتلاعبة بها ضمن أروقة المربعات الأمنية والتي تجاوزت قدرات الأنظمة المحتلة للجغرافيات الكردستانية، حتى تلك المدعية بالوطنية، رباط روحي؛ فرضت في الحالتين نزعة عدم الاستسلام، فمثلما حينها لم تتمكن الشريحة السياسية تحجيم مفاهيم سقراط، كذلك اليوم الأنظمة المحتلة لكردستان، وبينهم نظام الأسد، لم تعد قادرة التعتيم على الحقائق. فحديث بشار الأسد اليوم على قناة روسيا 24 وتحريفه للتاريخ الكردي في جنوب غرب كردستان، وتبجحه من خلف بوتين بالانتصارات، إلى جانب غيرها من التصريحات والتلاعب بالخدع السياسية، لن تمكنه، ولا غيره من الأنظمة المماثلة لنظامه، من إلغاء الحقائق التي أصبحت في متناول الإعلام العالمي؛ بل وإعلام السلطات المناهضة لحقوق أمتنا.
فما يقدمه اليوم حراكنا الثقافي رغم إمكانيته البسيطة مقارنة بثقل قضيتنا وديمغرافية أمتنا، والتي لهذه أسبابها لسنا بصددها الآن، وبينهم شريحة كتاب (الإتحاد العام للكتاب والصحفيين الكرد في سوريا) وعن طريق، الإعلام الحر، والأقنية المتوفرة، من خلال الإنترنيت، وحيث المواقع، ووسائل التواصل الاجتماعي، والندوات والمؤتمرات، وغيرها من أساليب النشر، قطعت سبل عديدة أمام من عتموا على قضيتنا خلال القرون الماضية، وحددوا من محاولات تشويههم المستمر لتاريخنا، والقضاء على مطالبنا، مثلما حاول سقراط وتلاميذه تغيير منهجية سياسي أثينا قبل قرابة 2300 عام. والمؤدي حينها بعد موته ليس بكثير، نهوض الجيل الجديد في أثينا، وأسسوا حضارة وإمبراطورية عظيمة في تاريخ البشرية.
تحمل الحركات الثقافية التنويرية في العالم ليس فقط مفاهيم سقراط، بل روح المواجهة والموقف، المترسخ بتناوله السم طواعية مفضلا على الهروب من السجن، المنتقلة من حينها إلى اللحظة على أكتاف أجيال عديدة، إلى أن أصبحت محكمته والحكم الصادر بحقه وصمة عار في جبين جميع الأنظمة السياسية المستبدة ومنافيقها.
ولنكن على سوية ما قدمه الفيلسوف العبقري والشجاع، على حراكنا الكردي في سوريا الانتباه بعدم السقوط في الخطأ الذي يكمن في التنازل عن المطالب القومية في سوريا، كشعب يعيش على أرضه التاريخية، وعدم الجلوس على طاولة الحوار مع سلطة مجرمة كسلطة بشار الأسد، بدون ضمانة دولية (روسية أمريكية) والتي بدونها سنخسر كحراك وشعب كل ما كسبناه داخليا وعالميا.
فالدخول في حوار مع سلطة دمشق الحالية، بدون إقناع روسيا مسبقا، بالمشروع الكردي والذي يجب أن تكون الفيدرالية أساسه، أو الابتعاد عن التحالف الأمريكي، ستمهد لعودة النظام الشمولي المجرم على المنطقة الكردية، الذي سيعيد الماضي بشكل أكثر فاشية وطغيانا.
المعادلة ذاتها تنطبق في حال الحوار مع أطراف المعارضة السورية، وفي مقدمتهم الإتلاف الوطني السوري.
وهنا الكلام موجه إلى الطرفين الكرديين اللذين يتعاملان كل من جهته وعلى انفراد، بدون توافق:
أولا، مع الأطراف الأخرى من الحراك الكردي.
ثانيا، بغياب مشروع محدد متفق عليه، يعكس متطلبات شعبنا.
فكل من لا يثق بثقل أمته، ومنطق النظام الفيدرالي، كنظام وحيد يحقق مطالب شعبنا، ضمن أي حوار داخلي أو دولي، تحت حجج طوباوية الطلب، عليه أن يدرك أن أي مطلب كردي أخر، قومي، سياسي أو ثقافي، أو غيره، وتحت صيغة مطالب الشعب الكردي سترفضها هذه السلطة والسلطات السورية المحتملة قدومها كبديل عن سلطة بشار الأسد، ولن يكون هناك على طاولة الحوارات، سوى البند المتعلق بحقوق المواطنة، ولربما السماح بفتح مدارس خاصة للغة الكردية غير مدعومة من السلطة، وإن تم إدراجه ضمن الدستور فستكون محصورة في مناطق جد ضيقة.
وليدرك الجميع أن الدستور السوري القادم، بدون اتفاق كردي على المشروع المذكور، سوف لن يتم فيه ذكر لأسم الشعب الكردي ولا المكون الكردي، بل المواطن السوري الكردي.
فما قاله اليوم بشار الأسد، والتصريحات المشابهة لها من إدارته، تثبت أن مفاهيم البعث وسلطتي الأسدين والسابقة لهم، ومعظم الأحزاب العروبية في سوريا، عن الكرد في جنوب غرب كردستان، لا تزال هي ذاتها، ولم تؤثر فيهم سنوات الحرب، ولا الدمار، والمآسي البشرية في سوريا، وستظل العنصرية في أبعد مجالاتها بل وستضاف إليها نزعة الإجرام بحق المخالفين لهم.
يتبين أن الحرب المذهبية، والأهلية، والصراعات السياسية، على مدى السنوات التسعة السابقة، خلقت نهجا فكريا-سياسيا أكثر بشاعة من الماضي، ليس فقط ضد الشعب الكردي، بل ضد المكون العربي المخالف، وضد الأقليات والمذاهب غير السنية والعلوية، أي أننا في سوريا كنا نعاني من منهجية سلطة شمولية استبدادية، ثقفت جماهيرها، وعلى مدى عقود طويلة، على التحايل، والحقد وكراهية الأخر بغطاء الدفاع عن الوطن العربي، ومحاربة الحركات الكردية، تحت غطاء التهم الكيدية، كالانفصالية، والتعامل مع الصهيونية العالمية، وغيرها، والتي على أسسها غرزت الصور النمطية المشوهة عن الكرد بين المكون العربي، لتحقنهم ضد الكرد ومطالبهم القومية، إلى أن أصبحت إتهام حراكهم بالانفصاليين جدلية مفروغة منها، والغريب أن هذه النزعة العنصرية مستفحلة بشكل خاص بين المستعربين من السوريين، كثيرا ما ترفضه المكون العربي الأصيل.
وستظل نتائج تضحية سقراط اليوناني وجرعته دون منفعة لأمتنا، وقضيتنا في جنوب غرب كردستان، فيما إذا لم نأخذ العبرة من كل ما حاط بها من مفاهيم، وغايات، وجرأة المواجهة، ووضوح الموقف ووحدة المطلب، أو على الأقل عدم التنازل عن الأساسيات القومية والوطنية، وفي جل هذه ستلام أو ستوصف حراكنا الثقافي قبل السياسي، فعليها تتوقف تنوير المجتمع، وتصحيح مسارات الثانية، خاصة ونحن في مراحل توسيع الوعي، وتعميق المدارك، واللحاق بأفكار الأنظمة الحضارية خاصة المعنية بالحرية وتحرير الشعوب.
الولايات المتحدة الأمريكية
[email protected]
3/5/2020م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول حديث بشار الأسد عن القضية الكردية على قناة روسيا 24- 2/2
- حول حديث بشار الأسد عن القضية الكردية على قناة روسيا 24- 1/2
- مصير روسيا في سوريا -2/2
- مصير روسيا في سوريا 1/2
- تركيا والدول الكبرى
- مَنْ المواطن المهاجر في الجزيرة السورية؟ 2/2
- أين تتجه العلاقات الروسية التركية؟
- مَنْ المواطن المهاجر في الجزيرة السورية؟ -1
- خطاب دونالد ترمب السنوي
- جمهورية سوريا الفيدرالية
- هل نحن الكرد مذنبون؟
- تأويل كنتم خير أمة
- مراحل التمدد العربي في جغرافية جنوب غرب كردستان- الجزء الساد ...
- مستقبل جنوب غرب كردستان - 2/2
- مستقبل جنوب غربي كردستان- 1/2
- حسن نصر الله والعتم الفكري
- موقع الكرد في الصراع الأمريكي الإيراني
- نساء الدولة الإسلامية- 2/2
- مخلفات الدولة الإسلامية- 1/2
- نجاح الدواعش في مؤتمر أستانة-14


المزيد.....




- لجنة مستقلة: الأونروا تعاني من -مشاكل تتصل بالحيادية- وإسرائ ...
- التقرير السنوي للخارجية الأمريكية يسجل -انتهاكات جدية- لحقوق ...
- شاهد: لاجئون سودانيون يتدافعون للحصول على حصص غذائية في تشاد ...
- إسرائيل: -الأونروا- شجرة مسمومة وفاسدة جذورها -حماس-
- لجنة مراجعة أداء الأونروا ترصد -مشكلات-.. وإسرائيل تصدر بيان ...
- مراجعة: لا أدلة بعد على صلة موظفين في أونروا بالإرهاب
- البرلمان البريطاني يقرّ قانون ترحيل المهاجرين إلى رواندا
- ماذا نعرف عن القانون -المثير للجدل- الذي أقره برلمان بريطاني ...
- أهالي المحتجزين الإسرائيليين يتظاهرون أمام منزل نتنياهو ويلت ...
- بريطانيا: ريشي سوناك يتعهد بترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا في ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - سم سقراط وأعداء الكرد