أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهاء الدين محمد الصالحى - عبدالرؤؤف اسماعيل غنائية الفقراء















المزيد.....

عبدالرؤؤف اسماعيل غنائية الفقراء


بهاء الدين محمد الصالحى

الحوار المتمدن-العدد: 6513 - 2020 / 3 / 13 - 21:21
المحور: الادب والفن
    


عبدالرؤؤف إسماعيل
الذات المتناثرة
غيب الموت صديقى الرائع عبدالرؤؤف ومن هنا صعوبة البحث عنه عبر أعماله خاصة وأنه فى حياته قد تعرض لمزيد من محاولات قتل الابداع داخله تحت ضغط لقمة العيش أو قهر الاخر الحميمى فأفتقد الامان ومن هنا جاءت حياته بحثا عن الامان لانه كان يتحرك بصيغة مثالية للعالم يحاول غرسها فيمن حوله ، ولكننا حاولنا كأصدقاء له ان نتذكر مجموع المواقف المشتركة التى جمعتنا به خلال الحياة الجامعية وبعض المناسبات الانسانية التى جمعتنا لماما من تعازى وأفراح وترقيات لزملاؤنا ، وذلك لان مخزون الذاكرة البشرية كمشترك مابين جيل محدد خاصة وإن كان جيلنا قد شهد جناء ثمار فترة الانفتاح الاقتصادى على بنية الحياة فى الريف الذى نحمله داخلنا اينما رحلنا .
عنوان مجموعته القصصية العودة المستحيلة تعبر عن المعاناة النفسية التى قتلت عبدالرؤؤف نبضة نبضة قبل ان يستمتع الاخرون بنسج سهام مسددة لروحه محققة نوع غير مسبوق من الاغتيال المعنوى ، فتلك العودة المستحيلة تعنى فقدان التحقق والمحاصرة بالمرض وعدم القدرة على الاستمتاع بالحياة وذلك لتباين صورة الحياة داخله والتى تكونت عبر رحلة محاولة إنتاج القيم التى تربى عليها فى ظروف مغايرة وقسوة الصراع مع ممثلى ذلك النمط الذى تألفت سهامه لتحيط بروحه معلنة ضمور روحه بحكم تقادم الحصار ، وكأننا نستحضر تشخيص دعبدالوهاب المسيرى عندما حلل علاقة المثقف الريفى بالقاهرة قاتلة الابداع صانعة النمط الغير قابل للتجاوز ، وعندما يصل لأعتاب القاهرة يكون قد تضعضت بنيته فلم يعد قادرا على الابداع وفقد الشهية ، وتتعامل معه تلك المركزية المقيتة على تقييم أخر لذاته فتكون نبرة الاغتراب ونوستالجيا الحنين للماضى خاصة مع فقدان الحميمية على مستوى دوائر الحياة الدقيقة ومن هنا كانت المعاناة فكان إهداء مجموعته رحال إلى إمرأة لم يرها ..يتمنى فيها الحياة ، فهو ينظر الى نفسه على انه كائن طبيعى لابد ان يتوافق مع بنودها ولكنه مع انانيته وبحثه عن رفاهيته قتل الطبيعة من حوله فمات لانه فى النهاية ابن لتلك الطبيعة لم لا وهو قد تشرب نقاء الطبيعة وجمالها وقدرتها على التجدد وهو ابن كفر الدير منيا القمح حيث عراقة مصر المسيحية والاسلام على التسلسل التاريخى .
كان عبدالرؤؤف اسماعيل كمثقف ريفى تمت صياغته كذات وملامح ودقة تفاصيل وإنحناءة تؤكد إرتباط بالأرض وسمرة قوامها شمس محرقة ورقة مليئة بقسوة العمل مما زرع الارض داخله ، ومن هنا فإن نقاء الحياة وتعددها قد صنع من عبدالرؤؤف نموذجا مصريا عنده قدرة على التسامح والعطاء غير المشروط خدمة للنموذج وليست مكسبا للذات ، لايعرف سوى الارض بتجسيدات المعنى للأرض وتجريداتها ويريد اعادة الحياة لنقاءها بعدما تلوثت بالسجون الاسمنتية الممولة برائحة بترول النفط النتنة ، فعبأت وقود الاغتراب ومثيرات القلق دونما دواء مساعد لتجاوز الازمة .
كانت تلك الزاوية التى تمثل المدخل لفهم شخصية عبدالرؤؤف اسماعيل كصدى متواتر فى نفوس وعقول اصدقائه ، ذلك الكاتب الذى أجاد التعبير كتابة أكثر من القول زذلك نابع من مساحة الحرية المتاحة بفعل الكتابة لأن الكاتب يمتلك ادواته أما الحديث فهو مرتبط بالمتلقى ومساحة الذكرى ونوعها ودرجة مرارتها خاصة مع ضيق الدائرة الاجتماعية فى الريف والتواتر من خلال حكايا العجائز وتندر المقاهى علاوة على امتلاء الروح بالحلم وطوفان الابداع الذى يعانيه ومن هنا جاءت قدرية المعاناة للتباين الطبيعى بين ذات مشرقة بالأمل مليئة بالابداع وواقع منمط لايستوعب ذلك المد الذى يعانيه الشاعر ، لم تكتمل متعته فى الحياة لأن ماضيه ألح على جره للخلف فعاش متنازعا بين أمل لايحتمله جسده المنهك والذى يذكره بالموت دوما وتلك الحياة الجديدة التى لم يجد لنفسه مكانا فيها .
أعماله
1- رحال : مجموعة شعرية 2009 .
2- إحتمال : ديوان شعرى 2010 .
3- أحوال : ديوان شعرى 2011 .
4- صرخة وجع : شعر 2012 .
5- سنين الضعف : شعر 2013 .
6- عودة مستحيلة : مجموعة قصصية .
7- ريح الغروب : رواية .
فكرة الرحيل كهاجس ظل يؤرق عبدالرؤؤف اسماعيل فأراد أن يكرس وجوده الادبى من خلال التتالى الزمنى للإصدارات الشعرية والقصصية وكأنه يقاوم الموت بشعره ومن هنا تكتسب حياته معانى جديدة ويقدم رؤية جديدة لالام ماقبل الرحيل ، وليعيد انتاج مأساة عجزه عن تحقق الحلم فلم يعد يستطيع الاستمتاع بما ظن الناس أنه مادة للإستمتاع لانه من عجينة أخرى هى ذات المبدع ذلك الطيف الذى يتجاوز كل حدود الجسد ليرى بنورانيته الطيف ماوراء الاحداث وكأنه ينعى ذاته ، ومن هنا انتفت الطقوس التى إصطنعها سدنة هذا المجتمع ليأتى شعره كأنه روحه تنسال :
ابكى ياعين ... بدل الدموع دم / ماانتى اللى راضية من سنين بالهم .
كان شاعرا جديرا بالتقدير لأنه نجح فى تكثيف شكل أداءه الشعرى فأجاد التقطيع الشعرى المخمس وهو تحدى يؤرق اى شاعر لأنه محصور بتيمة وشكل فنى محدد محكوم بطبيعة نشأته فى إطار مأساة البرامكة التاريخية وكمية الشعر الذى سال على أروقة بغداد حزنا على مجد قد زال ، ومن هنا جاء ذلك الشكل الذى نما فى حضن الشجن وصار صوتا للشجن عبر التاريخ ، ومن هنا تماهت ذات الشاعر الحزينة من عدم التحقق وعجزها عن تحقيق امتداد عبر الواقع الذى عانى بحكم محدوديته وعجزه عن استيعاب ىالاخر العادى فمابالك بالذات المتألقة وهى ذات الشاعر .
حمل فى روحه حب هذا الوطن منذ تفجر نبوغه وعشقه لذلك الوطن والذى صاحب حركة الدفاع عن سليمان خاطر فقد كان وطنيا يعشق تراب هذا الوطن وشعره ينطق بهذا وتفوح رائحته الدالة لمئات الاميال ولكنه مع قانون الحياة ومتطلبات الحياة الحميمية وماينتج عنها وقسوة النمط مع ركود الحياة الريفية القائمة على التقليد الكفيلة بروح الابداع ، بدأت تتسرب إليه روح القنوط حتى إضطر أن يشترى عقله وفنه وقلبه الشاعر على حساب حياته الخاصة فكانت الوحدة قدره واختياره لانه لم يستطع الاندماج فى فصيل المنمطين ، تقرر ذلك التكثيف فى جرعة شعرية يجب ان تفرغ لها حركة نقدية ليس هذا مقامها .
نحن بصدد شاعر ريفى عاشق لطين مصر تعانق سمعه أجراس الكنيسة مع صوت المؤذن بكفر الدير التى خرج منها الدكتور محمد مندور رائد النقد الادبى العربى وصاحب المرجع الاهم النقد المنهجى عند العرب .
ويبقى البعد الاهم ان الحركة الادبية هى القادرة بتجميع الايدى المبدعة والقلوب المحبة القادرة على تقديم الدعم النفسى كى تكون ظهيرا إجتماعيا لهؤلاء فى صمت ، فطين مصر قادر على التوافق مع مثيله ولكنه يرفض الغريب ويأبى أن يجذر سوقه لأنه لايرى سوى لونه الاسمر أبن حابى الخالد عبر العصور .
هل نستطيع ان نبحث عن ذواتنا التاريخية المتناثرة فى مبدعينا الذين يموتون خوفا من المستقبل وإنضمار أمام قسوة النمط الذى يحاصرنا فى حياتنا ، ولعل الحركة الادبية الناضجة القادرة على تجميع صرخات ابناءها المبدعين ضد قسوة ومركزية القاهرة قاتلة المبدعين ومستوعبة الميديا .
ولكن عبدالرؤؤف اسماعيل عاش متجذرا فى طين قريته يحمله داخله كى يحمل هموم وطنه وهموم جيله عبر أسمى رسول عبر الانسانية وهى الكلمة القادرة على ان تحيي المعانى .
ولعل صوته القائل :
الليل بيهجم بعد النهار مايفوت
والشمس تطلع تحرم عيالى القوت
وانا بحارب .. جبال الهم بالنبوت
وباموت واخاف اموت ...من الحية
الحية ساكنة ناحيتى وأنا ...كتكوت
صديقى عبدالرؤؤف انت لم ترحل فالشاعر كلمة أما ترابه فيذروه الرياح ليحيا معطرا للأرض متجاوزا أثامها .
أما الصورة الفنية والابداع الشعرى عنده فذلك أمرا ليس بمقامه
هذه شهادة كان لزاما عليها كنوع من اخلاء النفس من تقريعها المؤرق لى ونحن بصدد إعداد كتاب تذكارى عنه .
رحمه الله وكل معطاء فارس القى كلمته ورحل .
بهاء الصالحى



#بهاء_الدين_محمد_الصالحى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حامل الريف تعب
- الحوار المنقوص بين الخشت والامام
- hالعلاقات المصرية التركية 1-3
- العقل الجمعى 2-3- السادات والعقل الجمعى المصرى
- العقل الجمعى 3-3 - الحالة الدينية
- العقل الجمعى المصرى 1-3
- , وعد بالفور -1
- العامية : جدل مجتمعى ام مهارة لفظية
- الحراك الثقافى -1
- رحلة ألم مبدع دراسة فى مجموعة سيدة الجبن للقاصة منال الأخرس
- لماذا الصوفية الان
- الدولة اللبنانية الثالثة
- اثيوبيا : مابين السد والافرقة
- تجمع دول البحر الاحمر وعدن
- الاسلمة والمعرفة
- نسويق الافكار
- قانون الاحتياج
- رب ضارة نافعه
- لغة الدين


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهاء الدين محمد الصالحى - عبدالرؤؤف اسماعيل غنائية الفقراء