|
ما غاب عن الحراك الجزائري مدة عام من النضال
حمزة بلحاج صالح
الحوار المتمدن-العدد: 6512 - 2020 / 3 / 12 - 01:09
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
" ما غاب عن الحراك مدة عام من النضال "
هنالك خلط و مزج و إلتباس و عدم تفريق متعمد تارة وعفوي ناتج عن إلتباس بين إعتبار الديمقراطية كالية و تقنية و وسيلة لتحقيق التداول السلمي على السلطة ...
و بين من يريدونها كمضمون أي بمقوماتها و الأسس التي قامت عليها الديمقراطية و منها النموذج الفلسفي اللاتيني و أساسا العلمانية ..
و هنا مفترق طريق بين فئتين و نموذجين كذلك موضوع الهوية و من ثمة مثل هذه النضالات لا تخلو من نزوع ايديولوجي و انتصار فكراني و ثقافوي ..
فمثلا الحركات النسوية بأطاريحها في الغرب و الممتدة اثارها في الفضاء العربي الإسلامي و تقابلها محاولات ربما لا تتعدى الشعار من غير تأسيسات عميقة " نسوية " من نوع نسوية إسلامية " ظهرت خاصة عند نساء الحركات الاسلامية ..
و عليه اعتبر إقحام هذه المسائل في الحراك اللغة و الدين و الهوية و من نكون و مساواة الرجل بالمرأة و " الجندر " يؤثر على وحدته ..
و يقسم و يضعف الحراك و يمكن السلطة و القوى المظلمة من تبديده و إضعافه عبر خلافاته و هو في وضع هش لتوه خرج من حالة تدمير عقلي قام به النظام ...
فهي مطالب و عناصر تتعلق بالمشاريع و البرامج التي يتم التنافس عليها خلال الاستحقاقات الانتخابية اللاحقة عند الشروع في بناء الدولة و صرح الديمقراطية ..
و تحت سقفها كوسيلة للتداول السلمي على السلطة لا كفلسفة و أساس عقدي و ايديولوجي قائم على العلمنة و يقابله دمج الدين مع الدولة و الممارسة السياسية على نحو كهنوتي...
و من ثمة نحن من يحدد ملامح ديمقراطيتنا في سياقاتنا و وفق أحوالنا و هنا يتداعى مفهوم الدولة المدنية الذي لا يجب أن يتحول إلى مفهوم فلسفي بل مفهوم الي و ميكانيكي و اداتي و إجرائي يميز الدولة المدنية عن الدولة العسكرية ..
و ليست الدولة المدنية تلك التي تقزم و تحجم الدين و تضعه في زاوية طقوسية أو في قراءة سورة يسن على الأموات ...
إن الدولة الممكنة و " غير المستحيلة " لن تكون لا علمانية و لا ثيوقراطية كهنوتية توظف الدين بابتذال لمصالح طبقة معينة و تتحدث باسم الله ..
فالدين لا يوظف لكنه ناظم و إطار و سجل و سقف يؤسس لأسقف أخرى منها سقف الإنسانية ..
إنني اشتغل بمفردي على هذا المبحث و لا أكون مبالغا إن قلت بدونه لا يتحقق خلاص الوطن ...
و بامكان الحراك الجزائري حفاظا على ثراءه و تنوعه أن ينهج هذا الدرب بعد عمل تاسيسي مستقل لتعايش غير هش و متين و صلب و دائم يفعل كل مكونات الامة و يشكل فضاء التعايش على ديونتولوجيا يجب تحرير أركانها ..
إن الزعم بأن النموذج اللاتيني الباني للديمقراطية و للدولة المدنية لا و لن يكون موضوع إجماع..
كما أن نموذج الاكليروس المسيحي الذي انزاح الى الثقافة العربية الإسلامية و إلى مكونات المجتمع الهوياتية و منه " الدولة الإسلامية " و " تطبيق شرع الله " لن يكون موضوع إجماع مهما فعلنا...
كما ان موضوع الحاكمية الإلهية مقابل الإرادة الشعبية موضوع كان يجب أن يدرس و توجد له قراءة تحدد التعارض أو التكامل أو المخاطر أو التوافقات المرتبطة به ..
إنه يحتاج الى مناقشة عميقة و علمية و لا داعي للتذرع بأولويات غير هذه و الصراع مطروح ليس عند جيلي بل عند جيل جديد لا تمثله العاصمة فقط ...
بل في قلب حراك العاصمة و لا اتحدث هنا عن تلك التوظيفات التي استخدمها النظام لحاجة في نفس يعقوب و هو يحفر في المخيال و في القضايا التي لا يتحقق عليها الإجماع الواسع و العريض ..
كان الواجب أن ينبثق عن الحراك عمل نخبوي لا ينزل الى الشارع لكن يحضر لمرحلة قادمة عند انوية من النخبة العالمة و غير المتحيزة ايديولوجيا...
و يقدم مداخل للخروج من ظاهرة الإستقطاب التي مصدرها النخب المحاكاتية للنموذج الغربي و النموذج التراثي ...
و الا فسيكون حالنا كحال بقية التجارب نوفرالمناخ الملائم لثورة مضادة و نساهم في إنتاجها ...على بعض الذين يثقون أكثر من اللزوم و لا أزيد اكثر أن يراجعوا يقينياتهم في هذا الموضوع...
لقد انقضى اكثر من عام و الحراك يهمل هذه القضايا و لا أعني بذلك طرحها على نطاق غير أكاديمي و نخبوي متميز بعيدا عن الشعبويين من الجهتين...
كان الواجب ان الحراك قد قدم و حضر عملا لمرحلة إنتقالية على شكل ميثاق يحررالعقل الجزائري من الإستلاب في مظهريه...
لقد استغرق الحراك عملا سياسويا صرفا باسم الحركة الجمعوية تارة و باسم النخب اخرى و غفل عما نتحدث عنه ..
و قد يذهب بعض المستخفين الى انه هرطقة و تفلسف ليس الان وقته و نقول بأن الحراك يحمل في طياته مخاطر كثيرة و قنبال موقوتة قد تشتته و تفرق صفه و تخدم السلطة ان لم نقم بتفكيكها ...
فلا هي هرطقة و لا هو وهم و لا هو تفلسف نظري بل عين ما يعتمل في صمت و يكون سبب اعاقة التجربة الديمقراطية في الجزائر ...
#حمزة_بلحاج_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أسئلة الشك في منظومة العدم و اليقين البشري المهدد
-
الفتنة و نار الله الموقدة ..في جيوسياسا النصر العربي و الإسل
...
-
الرفاعي و فلسفة الدين و أنسنته
-
في الفساد السياسي و المالي و الإداري و التربوي..تصحيح رؤية .
...
-
لا نيابة في التفكير في الدين..
-
بوح الدواخل : معناه و رمزيته
-
في النقد العلمي عند الشيعي و السني و اعتباره فتنة و جريمة
-
في الإصلاح التربوي بلا مشروع و رؤية...
-
محمد حسين فضل الله بين قراءة إنكفائية و قراءة إبداعية تسبح ف
...
-
مناهج التعليم في العالم الإسلامي و إنتاج المعرفة..الجزائر أن
...
-
الجزائر : ما لم و لن يستطيع السيد تبون تغييره في بنية للنظام
...
-
أبو تمام ..إرتقوا ..أنا لا أنزل..
-
في نكبة و حال نخبنا القديرة من حال جامعاتنا
-
معنى الجوع و الظمأ عند النخب القديرة و المتميزة و الشريفة
-
في إيران و الشيعة و نخب السنة و الحالة الجزائرية
-
لا وثنية في شعائر الحج
-
فكر جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بين التقديس و الشيطنة
-
موضوع الثورة و الإستقلال موضوع فلسفي بامتياز لمن جهل هذا
-
في سجن العقل بعنوان جزأرة الإسلام ..
-
العمل الجماعي ..الفريضة الغائبة ..
المزيد.....
-
السيد الحوثي: عداء اليهود الشديد للمسلمين يأتي للسيطرة على ا
...
-
فرنسا: ترحيل إمام جزائري مدان قضائيا بـ-التحريض على الكراهية
...
-
الحكومة المصرية تصدر قرارا يتعلق بالكنائس
-
فرنسا ترحل إماما جزائريا بحجة -التحريض على كراهية اليهود-
-
أحباب الله.. نزل تردد قنةا طيور الجنة الجديد 2024 وفرحي أولا
...
-
حدث أقوى أشارة لتردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات وعر
...
-
هذا ما ينتظر المسجد الأقصى خلال عيد الفصح اليهودي الوشيك
-
حامل ومعها 3 أطفال.. انقاذ تلميذة اختطفتها جماعة بوكو حرام ق
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقع اسرائيلي حيوي
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|