أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبد الحسين شعبان - هل «الوطنية» من إرث الحرب الباردة؟














المزيد.....

هل «الوطنية» من إرث الحرب الباردة؟


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 6511 - 2020 / 3 / 11 - 18:31
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


في حركة الاحتجاج العربية بطورها الثاني في الجزائر والعراق ولبنان والسودان برز صراع خفي ومعلن بين مجموعتين كلاهما يتشبّث بالوطنية، وهو امتداد لصراع قديم في الخمسينات والستينات من القرن الماضي. وبغض النظر عن الاتهامات المتبادلة بالولاء الإقليمي أو الدولي، فالوطنية ستكون ناقصة ومبتورة، بل مشوّهة إذا كانت بلا حرّيات ولا حقوق، وكذلك إذا كانت تتحرّك تلبية لمصالح إقليمية أو دولية أو توظف بعيداً عن المصالح العليا للبلاد.
لقد كان صراع «الوطنية» عنواناً حاداً أيام الحرب الباردة، حين كانت الحكومات والمعارضات تتأرجح أحياناً بين معسكرين متناحرين يحاول أحدهما إلغاء الآخر، فاليساري لا يجد ضيراً في ولائه الأممي، والناصري والبعثي يجدان في ولائهما «القومي» الأساس في هوّيتهما العربيّة، في حين يتشكل ولاء الإسلامي بالانتماء إلى «الأمة الإسلامية»؛ وهكذا تكون الأممية والقومية والإسلامية عابرة للحدود الوطنية وأحياناً بتعارض مع المعيار الوطني.
إن صراع الماضي يستجد حاضراً بأشكال مختلفة، فأصحاب الولاء الإقليمي يتهمون أصحاب الولاء «الدولي»، ويغمزون التحرك للمطالبة بالحقوق والحريات باعتباره استجابة لإشارة أجنبية، والعكس الصحيح أيضاً، حين يصبح الولاء الدولي «مبرّراً» والولاء الإقليمي اتهاماً، ولعلّ مثل هذه النظرة الإسقاطية هي امتداد لإرث الحرب الباردة، فما قيمة الوطنية دون حقوق وحريّات؟ وما قيمة الحقوق والحريات حين يكون الوطن مرتهناً للأجنبي؟
وتتوزع الاتهامات بين من يحاول التقليل من قيمة الحقوق والحريات بزعم التهديد الخارجي، ولا يعني ذلك سوى الاستكانة والرضوخ والقبول بحكم الاستبداد، كما إن الاستهانة بضغط الخارج ومحاولات إملاء الإرادة والاستسلام، إنما تعرّض البلاد والحرّيات والحقوق ذاتها إلى مخاطر تتعلّق بالوجود، فهناك ترابط وثيق ومحكم بين الحقوق والحريات الذي بهما يمكن مجابهة التحدّي الخارجي وحماية الاستقلال وتحقيق التنمية المستدامة، إذْ إنّ شحّ الحقوق والحريّات يؤدي إلى إضعاف إمكانية المقاومة والتصدي للخطر الخارجي أياً كان مصدره إقليمياً أم دولياً، وتلك معادلة أثبتت التجارب التاريخية أهمية الحفاظ على توازنها ودقتها، وأي اختلال في موازينها يؤدي إلى اختلال في معيار الوطنية ذاتها.
وعلى الرغم من مضي أكثر من ثلاثة عقود على انتهاء الحرب الباردة والصراع الإيديولوجي بين الشرق والغرب إلّا أن الكثير من بقاياهما ما يزال يهيمن على المشهد السياسي الراهن وإن اتخذ أبعاداً جديدة، في حين أن الدرس الأول في الوطنية يعلّم أن لا إفراط ولا تفريط، ولا بدّ من مراعاة المصالح العليا في إطار التطور الكوني، وشرط ذلك الحقوق والحرّيات، فالعالم العربي ليس جزيرة معزولة، وإنما هو أرخبيل مفتوح على كل الاتجاهات، ولابدّ أن يتفاعل مع العالم والإقليم في إطار من التوازن وحماية المصالح وتبادل المنافع.
استعدتُ ذلك في براغ حين إلقائي محاضرة بدعوة من النادي الثقافي العراقي ارتباطاً بالتطورات التي يشهدها العالم العربي، فقد ظل الاعتقاد السائد أن مجتمعاتنا أصيبت بالشيخوخة والسبات العميق، وأن الروح الوطنية فيها خبت أو انطفأت، وأن الأنظمة الشمولية التي تحكّمت بمصائرها تمكّنت من تدجينها، وإذا بها تفاجئ الجميع، حين خرج المارد من القمقم، بشعارات بسيطة لكنها عميقة: «نريد وطناً» وحرّية وكرامة وعدالة، وتلك كانت شعارات الموجة الثانية للتغيير على المستوى العالمي التي شهدتها أوروبا الشرقية في أواخر الثمانينات من القرن الماضي.
وكانت الموجة الأولى قد بدأت بالتحوّل الديمقراطي في أوروبا الغربية، حيث شهدت السبعينات الانعطاف نحو الديمقراطية في اليونان بعد الإطاحة بحكم الجنرالات وفي البرتغال بإسقاط دكتاتورية سالازار وفي إسبانيا بعد وفاة فرانكو.
ولم يكن لحركة التغيير العربية في طورها الأول الذي بدأ في تونس ومصر وامتدّ إلى عدد من البلدان العربية (2011)، رمز قيادي أو زعيم مخلد أو قائد ملهم وفوق حدود النقد، مثلما لم يكن لها نصوص مقدسة، ولم تقم على يقينيات أو سلفيات أو وعود، فقد كانت عابرة للإيديولوجيات والاصطفافات القومية والدينية والطائفية، وتجاوزت الأحزاب الكلاسيكية ولغتها الخشبية، من خلال فعل ثوري وطني جديد ونمط مختلف من التفكير والممارسة، لاسيّما بتعمّق الوعي الثقافي والإصرار على سلمية حركتها، وهكذا بدأت تنمو في جوف المجتمع اتجاهات جديدة ترفض الوصاية والأبوية والانصياع الإيديولوجي والتاريخي بعناوينه المختلفة، فقد كان يكفي شرارة واحدة ليندلع اللهب في السهل كلّه حسب ماوتسي تونج.
ودون تفاؤل مفرط أو تشاؤم محبط، بتضخيم الذاتي على الموضوعي أو بالعكس، فإن ثمة أوضاعاً استثنائية تحتاج إلى معالجات استثنائية، وتلك تتطلّب قراءة ونقداً للواقع، لاسيّما بعد فشل المشاريع الكبرى الاشتراكية والقومية والإسلامية، وذلك من خلال توجّه وطني ذي هويّة جامعة.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقدمة الطبعة الثانية لكتاب الهوية والمواطنة - الحاجة إلى الإ ...
- السرّ الأكثر علانية - العراق يتجه إلى المجهول
- د. شعبان: في العراق، لا بدّ من اعتماد آليات توحيد ديمقراطية ...
- الشيعة والشيعية السياسية- مقاربات سسيوثقافية -
- العنف الراديكالي
- التربية على الدولة المدنية
- لينين.. كراكوف وأوشفيتز
- طارق الدليمي: -الصديق اللّدود-
- «الصفقة» من منظور الداخل «الإسرائيلي»
- -قفص الدجاج -و - القوة الناعمة-!
- اقتصاديات الثقافة
- مجلة الهدف (الفلسطينية) في حوار شامل مع الدكتور عبد الحسين ش ...
- الهند وإدارة التنوع الثقافي
- «إسرائيل» وقفص الاتهام
- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في ذكرى تأسيسها ال52
- قانون قيصر - الأمريكي-
- جريمة ساحة الوثبة
- المثقف الرؤيوي نوري عبد الرزاق: الذاكرة التاريخية والفرادة ا ...
- الكرد واللغة العربية
- الضاد تتآكل في صيغتها البليغة ومستواها الحضاري


المزيد.....




- فيديو يُظهر ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت ...
- شاهد كيف علق وزير خارجية أمريكا على الهجوم الإسرائيلي داخل إ ...
- شرطة باريس: رجل يحمل قنبلة يدوية أو سترة ناسفة يدخل القنصلية ...
- وزراء خارجية G7 يزعمون بعدم تورط أوكرانيا في هجوم كروكوس الإ ...
- بركان إندونيسيا يتسبب بحمم ملتهبة وصواعق برد وإجلاء السكان
- تاركًا خلفه القصور الملكية .. الأمير هاري أصبح الآن رسميًا م ...
- دراسة حديثة: لون العينين يكشف خفايا من شخصية الإنسان!
- مجموعة السبع تعارض-عملية عسكرية واسعة النطاق- في رفح
- روسيا.. ابتكار طلاء مقاوم للكائنات البحرية على جسم السفينة
- الولايات المتحدة.. استنساخ حيوانين مهددين بالانقراض باستخدام ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبد الحسين شعبان - هل «الوطنية» من إرث الحرب الباردة؟