أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - كهف أفلاطون والديمقراطية السورية














المزيد.....

كهف أفلاطون والديمقراطية السورية


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 6511 - 2020 / 3 / 11 - 13:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تتلخّص قصة كهف أفلاطون بأن مجموعة من السجناء تم تقييدهم في كهف منذ نعومة أظفارهم. وجوههم باتجاه جدار الكهف وظهورهم باتجاه بابه. ولا يمكنهم تحريك رؤوسهم أبداً. يمرّ من أمام باب الكهف الناس والطيور والحيوانات، وترتسم ظلالها على جدار الكهف بفعل ضوء الشمس، فيرى السجناء لسنواتٍ طويلة تلك الظلال التي لها نفس الشكل الخارجي للأجسام المعترضة للضوء. ويظنُّ السجناء أن الصور والظلال التي يرَوْنها على الجدار أمامهم ما هي إلا كائنات حقيقية. وأن الأصوات التي يسمعونها في الخارج هي أصوات الظلال المرسومة على الجدار.
يتم إعتاق أحد السجناء ويخرج من الكهف فتصطدم عيناه بأشعّة الشمس، يَنْشدِه وتتشوّش الرؤية لديه ويلتبس الأمر عليه؛ فهو لم يألف رؤية الناس والطيور والحيوانات على حقيقتها، بل كان يرى ظلالها. وبالتالي يصعب عليه تصديق ما تبصره عيناه، فالحقيقة هي تلك الظلال التي دأب على رصدها سنين طويلة. إلى أن يعتاد تدريجياً على تقبّل الحقيقة التي كانت غائبة عن مخيلته، ويقتنع بأن الظلال ما هي إلا انعكاس لصور تلك الأجسام على جدار الكهف. ويقرر العودة إلى الكهف حيث عالم الظلال والأوهام، ليحدّثَ رفاقه عن الحقيقة. ولدى دخوله حيث الظلمة، يشعر بأنَّه أُصِيبَ بالعَمَى، تماماً كشعوره عند الخروج من الكهف؛ لهذا يشعر السجناء المقيّدون أن خروجَ صاحبهم من الكهف، هو ما قاده إلى تلك الحالة من العمى والضرر؛ لهذا يقرّرون عدم الخروج من الكهف والبقاء فيه. بل والتفكير باللجوء إلى قتل أي شخص يسعى إلى إجبارهم على الخروج.
وإذا أسقطنا كهف أفلاطون على الواقع السوري، فإننا نجد أنه منذ عام 1958 وسورية تعيش في ظروف كمِّ الأفواه والبطش والتنكيل بكلِّ الآراء التي تخالف نهج السلطة الحاكمة. وبات النشاط السياسي العلني مقتصراً على الحزب الحاكم، مع بعض فُتات من الحرّيات لأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية المتآلفة مع حزب البعث، بل والمدجّنة إلى درجة انفضاض جماهيرها عنها. وأضحى وجودها وعدمها سيّان تقريباً.
وحيث أن شعبنا لم يعاصر تاريخياً إلا انخفاض منسوب الحريات المروّع، وتدخّل الأجهزة الأمنية في كل تفاصيل الحياة، جعلت الناس في حالة رعب شديد لدى الاقتراب من القوى السياسية المعارِضة. حتى أنها تعادي من يسدّد ضريبة الدفاع عن حقوقها. واعتمدت مبدأ التّقيّة والتملّق واستمراء وضعها المزري على كافة الصّعد. ودفَعَها هذا الوضع المزري إلى اليأس والتشاؤم وفقدان الرجاء من أيّ تغيير جدّي في حياتهم نحو الأفضل.
ولدى الحوار معهم مثلاً عن أن القرار الدولي (2254) المتعلّق بحلّ الأزمة السورية سيُفضي إلى تغيير الدستور، وتشكيل حكومة انتقالية تشمل النظام والمعارضة، وإلى إطلاق الحريات، وسيكون بمقدور كافة القوى السياسية التعبير عن مواقفها عبر قانون إعلام جديد، يتيح للجميع النشاط الحرّ دونما عقوبة منتظرة من قِبل الأجهزة الأمنية، التي سيُعاد هيكلتها وتحديد وظائفها بما يحقّق الأمن والأمان ويخدم مصالح الشعب. وأنه بانتهاء المرحلة الانتقالية بعد عام ونصفٍ من بدئها، ستجري انتخابات نيابية ورئاسية شفّافة ونزيهة وبإشرافٍ دولي.. يهزّون رؤوسهم مشفقين على تصوّراتنا؛ فهم لم يشاهدوا في حياتهم سوى العذابات المتراكمة و(الظلال)، وبالتالي لا يمكنهم تخيّل حدوث الأفضل، فيعقّبون بسخرية: «هذه أمنيات وأحلام.. والنظام بعد أن انتصر عسكرياً، لن يُقدِمَ على تقديم أيّ تنازل، وسيبقى الوضع على ما هو عليه إن لم يكن أسوأ!». نجيبهم بأن القرار المشار إليه في حال تطبيقه سيكون تظهيراً لتغيّر ميزان القوى الدولي لصالح القوى الصاعدة (روسيا والصين ومن يدور في فلكهما) وسينعكس إيجابياً على الوضع السوري. وأن كل المعطيات تؤكّد بأن التسوية السياسية باتت قريبة بعد تذليل الكثير من العراقيل والعقبات. يردّون باستخفاف: «لم يسبق أن طُبِّقَ قرارٌ دوليّ واحد لمصلحة الشعوب. وها هي القرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية على سبيل المثال، أمْسَتْ صفراء في أدراج مجلس الأمن».
نعم، هذا هو الواقع المرير للأسف؛ فخَيْبات الأمل المتلاحقة طوال عقود، فعلت فِعْلها في بقاء العقل السوري في عالمه المغلق. في كهفه وقيوده المفروضة عليه من الآخَر. في تلك القيود التي فرضها أيضاً على نفسه.. وسيبقى كذلك، إلى أن يُدرِكَ نورَ الشمس، ويَعِي الحقيقة، ويتخلّص من عالم الظلال.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حبيبتي حزينة!
- يا للهول! إنهم يتناسخون!
- العُنْفُ حلٌّ أحياناً
- الشَّمس
- «الكباش» الروسي التركي إلى أين؟
- لكلّ حصان كبْوة!
- براءَةُ الخصام
- أُمْنِيّة استثنائيّة
- «الأُمّ»
- عزف منفرد
- مَنْسَف لحم
- في حَضْرَةِ الغياب
- لماذا لم تُشكّل الحكومة الانتقالية في سورية؟
- قَصْرُ المُحافِظ
- من أين لك هذا؟!
- البَدْلةُ الزرقاء
- جُرْأة غير مسبوقة!
- الصحفي والمسؤول
- القلم
- بين الفكر والسّلوك


المزيد.....




- إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟ ...
- الرئيس السابق للاستخبارات القومية الأمريكية يرد على الهجوم ا ...
- وزير خارجية الأردن لنظيره الإيراني: لن نسمح لإيران أو إسرائي ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع أنبا ...
- حرب غزة| قصف مستمر على القطاع وأنباء عن ضربة إسرائيلية على أ ...
- انفجارات بأصفهان بإيران ووسائل إعلام تتحدث عن ضربة إسرائيلية ...
- في حال نشوب حرب.. ما هي قدرات كل من إسرائيل وإيران العسكرية؟ ...
- دوي انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود على إيران- وسط نفي إيراني- لحظ ...
- -واينت-: صمت في إسرائيل والجيش في حالة تأهب قصوى


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - كهف أفلاطون والديمقراطية السورية