أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - محمد داوود في قصيدة -الساعة الآن موت-














المزيد.....

محمد داوود في قصيدة -الساعة الآن موت-


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 6510 - 2020 / 3 / 10 - 23:50
المحور: الادب والفن
    


محمد داوود في قصيدة
"الساعة الآن موت"
عنوان صادم لقارئ، وهذا يصعب المهمة على القارئ، الذي يسعى نحو البياض والفرح، فكثرة مشاهد وأحداث الموت والخراب جعلته يبتعد عن الألم والقسوة، الشاعر أيضا شعر ـ في العقل الباطن ـ أنه صدم القارئ بهذا العنوان، فنجده يفتتح القصيدة بفاتحة تتناقض تماما مع عنواها:
"خمس دقائق وحفلة صمت
يسود الهدوء المكان
تنام الغرف الرقيقة بين جدرانها ‏
بسُحبٍ من غبارٍ وإسمنت"
نجد ألفاظ الهدوء، "حفلة، الهدوء، الرقيقة" لكن الشاعر يريد أن يدخلنا إلى المعاناة، وما هذه الفاتحة إلا (طعم) ليدخلنا إلى عالم القسوة، لهذا نجد "غبار، إسمنت" ونلاحظ أن هناك تركيز على الوقت: "خمس دقائق" والتي سيضاف إليها في خاتمة القصيدة "نصف" لتكون خمس دقائق ونصف"، بمعنى أن الأحداث تجري في نصف ساعة، وهو بهذا يشد القارئ إلى الوقت، فالوقت محدد بالدقائق، وليس بالساعات أو الأيام، وكأنه بهذا التحديد للوقت يجذب القارئ ويشوقه لمعرفة ماهية الأحداث التي تحسب بالدقائق.
"تدور الشظايا كنحلٍ أضاع قفيره
تتشظى المسافات أيضاً"
القسوة تكمن في "الشظايا، أضاع، تتشظى" فهنا الحديث عن المباني، عن الجماد، ورغم حجم الخراب إلا أنه يبقى خراب مادي وليس بشري، وهنا أيضا يمهدنا الشاعر للدخول إلى الخراب الأهم وصادم، الخراب الإنساني.
" فيكتب طفلٌ بدم شقيقه أغنية للمعلمة ‏
وطفلةٌ تربط ما تبقى من حريق في شعرها بحفنة طين
يمسح أبٌ عينيه من بقايا العقل في شفتيه
والأم غائبة عن بكاء رضيعها على غير عادتها ‏
"
الشاعر يقدم لنا مشهد أسرة فيها الأب والأم والطفل والطفلة، لكن المشاهد التي أمامنا ليست طبيعية/عادية بل تبدو وكأنها مأخوذة من فلم رعب، أو مشاهد من لوحة سريالية، أبعد وتتحاوز العقل، الطفل يكتب اغنية بدم شفتيه، والطفلة تربط شعرها بالطين، والأب يمسح (العقل) بشفتيه، والأم غائبة عن رضيعها" فهذه المشاهد الدامية وغير العادية بالتأكيد تصدم القارئ وتجعله يتوقف عند حجم الخراب الإنساني الذي يقدمه الشاعر.
بهذه الصورة (غير المنطقية) يجعلنا الشاعر نتوقف متفكرين فيما يرسمه لنا، وبالتأكيد سنصل إلى أن هذه الصور ما هي إلا تعبير عن حقيقة ما يجري على الأرض، وبما أن هناك أربع دولة تعاني الحروب "العراق، سوريا، اليمن، ليبيا" فيمكن لأي مواطن في هذه الدول أن يسقط الصور على واقعه.
"وعين دامعة تتفقد آخر الوقت ‏
ورقص الحمامة والقبّرة
الساعة الآن موت وربع"
يمكننا أن نجد صورة الأشلاء من خلال الأصابع، وأيضا الأحياء الذين يتفقدونها فتدمع عين وهي ترى تمزيق الجثث" وهنا نتوقف قليلا عند العين وعلاقتها بالوقت، فالمشاهد السابقة، الخراب المادي والخراب البشري حدث من خلال وقت، والشاعر يحدده لنا، بربع، لكنه لا يوضح هذا الربع، فهل هو ربع ساعة أو ربع يوم؟، وهو بهذا الذكر يريد أن يؤكد على ترابط ووحدة القصيدة.
تستوقفنا الصور (العادية) التي لازمت ذكر الوقت: "الساعة الأن موت وربع" فصورة العين الدامعة مألوفة، وكذلك رقص الحمامة والقبرة" وهذا يشير إلى واقعية الأحداث، فكل ما يجري من أحداث وما نشاهده من صور محدد بالوقت.

" تغني النوافذ للغياب كأنها في البدايات ‏
كأن روائح البارود أحلى
كأنها أقسى من زجاج الفناء في شموس الذكريات"
يدخلنا الشاعر إلى عالم السريالية والفانتازيا مرة أخرى، فيجعل النوافذ تغني للخراب!!، وللافت أن الشاعر يؤنسن الخراب المادي، فالنوافذ تغني، وأيضا يُجمل القسوة "البارود أحلى" وجعل شموس الذكريات أقسى" واعتقد أن (انعكاس/قلب) الصورة بهذا المشهد أرد به أن يعبر عن صدمته من حجم الخراب الذي حدث ويحدث.
"يهدأ صوت الحريق وتنطفئ المخدات تحت الرؤوس"
صورة متناظرة "حريق وتنطفئ، يهدأ وصوت" ولكننا إذا ما أخذنا الصورة كاملة نجدها صادمة، فالهدوء الأول غير منطيقي، ، يهدأ صوت الحريق، فالشاعر يأخذنا إلى الجحيم، "إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور" وكأن الجحيم الأرضي يتماثل مع جحيم القيامة، وهذا ما أكده عندما جعلت "المخدات تنطفئ تحت الرؤوس".
"يسقط باب تركه الجدُّ مفتوحاً في الليل
‏ ليستنشق الأحفاد روائح الصيف ‏
‏ قبل البزوغ وقبل البلوغ
يطير من رفوف الخزانة رماد دفتر العائلة والهويات
وينقضُّ ليلٌ طويل على المقبرة"
يعود بنا الشاعر إلى الصورة (العادية، المألوفة)، "يسقط باب، يستنشق الأحفاد، رماد الدفاتر، وينقض الليل" وهذا الأمر له علاقة بالوقت:
"الساعة موتٌ ونصف وخمس دقائق
ينزل الجندي من الطائرة
يعانقه الرفاق
ويضحك القائد الأعلى على الجدار
ليس من أسرار
إجازة علنية لبطل المهمة ووسام للشجاعة
سيلتقي أطفاله محملاً بالورد
سيعانقهم بعد قليل
بعد انكسار الحديد واختفاء المجزرة)"
المفارقة بين لقاء القائد لأطفاله: "محملا بالورود" وما فعله بالأطفال الأخرين الذين أمسو أشلاء مبعثرة، ممزقة.
وإذا علمنا أن كل الوقت الذي تجري في الأحداث هو "نصف" وخمس دقائق، يمكننا الاستنتاج أن نصف ساعة فقط هي الوقت الذي جرت فيه كل تلك أحداث القصيدة.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حجم ومضمون القصيدة -نجم شحيح الضوء- كميل أبو حنيش
- الحب في ديوان مناجاة حلم سوسن حمزة داوودي
- مسرحية شجر وحجر إبراهيم خلالية
- هم ونحن في الانتظار الجميل كميل أبو حنيش
- مناقشة «كتاب الوجه – هكذا تكلم ريشهديشت»
- وجه في ظل غيمة أمين خالد دراوشة
- أثر السجن في قصيدة -في السجن- منذر خلف مفلح
- حبيبتي السلحفاة محمود عيسى موسى القسم الثالث
- القسم الثاني حبيبتي السلحفاة محمود عيسى موسى
- حبيبتي السلحفاة محمود عيسى موسى
- عديقي اليهودي، القسم الثالث محمود شاهين
- الشعر في -كتاب الوجه- هكذا تكلم ريشهديشت- للشاعر محمد حلمي ا ...
- بناء القصيدة عند سمير التميمي -رأيت الحقيقة
- اللغة والألم في -القرص المربع- كميل أبو حنيش
- حلم فلسطين
- مناقشة مجموعة قصصية بعنوان رقصة الشحرور
- عديقي اليهودي، القسم الثاني محمود شاهين
- عبود الجابري تكرار
- رقصة الشحرور مصطفى عبد الفتاح
- عديقي اليهودي رواية فكرية تاريخية سياسية محمود شاهين


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - محمد داوود في قصيدة -الساعة الآن موت-