أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صديق عبد الهادي - بعض قضايا الإقتصاد السياسي لمشروع الجزيرة والمناقل الزراعي















المزيد.....

بعض قضايا الإقتصاد السياسي لمشروع الجزيرة والمناقل الزراعي


صديق عبد الهادي

الحوار المتمدن-العدد: 6510 - 2020 / 3 / 10 - 23:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعض قضايا الإقتصاد السياسي لمشروع الجزيرة/
الحلقة الخامسة
(*) مشاكل ملكية وإستخدام الأراضي الزراعية في السودان
مشروع الجزيرة نموذجاً/
(*) موضوعة أو ظاهرة الإستيلاء على الأرض/
(*) ولماذا أضحى الآن إمتلاك الأرض، وتمليكها محل إهتمام العالم؟!/

نشر البنك الدولي في عام 2010 واحدةً من أوسع دراساته حول حقوق ملكية الأرض. وقد جاءت هناك إشارة بالغة الأهمية في العرض لتلك الدراسة تقول بــــــ "أنه مع ارتفاع أسعار الأغذية والوقود الذي يخلق حوافز لشراء الأراضي على نطاق واسع في شتى أنحاء العالم، أصبح من الضروري أكثر من أي وقت مضى أن تعمل الحكومات والمجتمع الدولي على حماية حقوق ملكية الأراضي للسكان المحليين".( ) هذا يؤكد بعضاً مما ذكرناه حول أهم الأسباب التي تكمن وراء إندياح ظاهرة "الإستيلاء على الارض" وتفشيها، للحد الذي كاد فيه ذلك الإندياح ان يغطي كل أطراف المعمورة. كما وأنه في نفس الوقت يشير إلى مسئولية الدول فيما يتعلق بضرورة حماية حق ملكية الأرض بالنسبة للمواطنين. وقد وردت في الدراسة نفسها إشارة اخرى ذات مغزى تخص أمر ملكية الأراضي في السودان، وهو موضوع بحثنا هذا، حيث قالتْ،" وفي الواقع، فإن بعض المستثمرين في أفريقيا يبدون أكثر إهتماما بالمضاربة على رفع أسعار الأراضي من إهتمامهم بزراعة المحاصيل، وهم لا يزرعون بشكل كامل الأراضي التي تَملَكُوها. فعلى سبيل المثال، في السودان، حيث يشكو كثير من المزارعين المحليين من فقدان حقوق ملكية أراضيهم".( )
جديرٌ بالقول أن أمر المضاربة في الأرض لم يكن قِصراً على المستثمرين الأقحاح الذين خرجوا من بين ثنايا التنافس الطاحن للرأسمال، وإنما من بين رواد هذه المضاربة المبغوضة مؤسسات تنتمي إلى حقولٍ إنسانية على قدر ٍ من الرفعة، قد لا يتوقع الناس خوضها في وحل "الإستيلاء على الأرض"، ولكنه قد حدث، وسيظل يحدث!، "إن القول بأن "الإستيلاء على الأرض" لا ينطبق إلا في حالة الإستيلاء عليها لاجل الزراعة، هو محاولة لإستبعاد صفقات الأرض التي تقوم بها المؤسسات المالية التي نادراً ما تستخدمها لأجل الزراعة. إن معظم محافظ الإستثمار أو المؤسسات المالية تحبذ عمل نفس الشيئ، وذلك مثل فرع الإستثمار لجامعة هارفارد الذي قام بشراء 3300 هكتاراً من الغابات في رومانيا فقط لأجل بيعها بعد وقتٍ قصير لمؤسسة آيكييا Ikea بمبلغٍ قارب 50,7 مليون يورو".( )
فهذه هي جامعة هارفارد، المؤسسة التعليمية والتربوية العتيدة، المعروفة على مستوى العالم، ها هي تجعل من نفسها "مضاربةً" أو "سمساراً" إلى جانب المسثمرين في الأرض عن طريق "الإستيلاء" عليها!. لا شيئ يعقد اللسان بالدهشة، إنه الرأسمال وجنوحه الذي لا يعرف الوقار!.
عوداً على بدء موضوع السكان الأصليين والأرض، لا أكثر وضوحٍ حول قضية ملكية أرضهم ووجوب حمايتها، بإعتبار أنها تقع ضمن مسئوليات الدول، مما ورد في إعلان الامم المتحدة حول ذلك، أي "حقوق السكان الأصليين"
(Declaration on the Rights of Indigenous People),(DRIP)، والمجاز في 13 سبتمبر 2007، حيث جاء في المادة (8)(2) منه ما يلي/
"على الدول ان تقوم بتوفير الآليات الكفيلة بالحماية، وبتدارك:
ب/ أي فعل يكون الهدف منه او الغرض تجريدهم من ملكية اراضيهم، ومناطقهم او مواردهم".( )
ان هذا الإعلان الذي توافقت عليه الامم أملته ضرورة التصدي لظاهرة الهجوم الفالت على حقوق ملكية الأراضي. وهي ظاهرةٌ أصبحت تعاني منها، وبشكل أساس، مجتمعات الشعوب الأصيلة في كل انحاء العالم. وذلك أمرٌ إرتبط ولحدٍ كبيرٍ بضعف تطور تلك المجتمعات مترافقاً مع تركيز الهيمنة والقرار الذي هو في أيدي قوى إجتماعية غاشمة، إذا كان ذلك على المستوى المحلي في الدول نفسها أو على المستوى العالمي. إنه ومما لا شك فيه أن ما سلف سرده يؤكد، وللأسف الشديد، على الحقيقة المرعبة بأنه، وفي ظل العولمة الجارفة، قد تمّ إلحاق "الأرض" بالسوق الرأسمالي العالمي!. عليه، وكموردٍ نادرٍ يكون بذلك قد تم تحويلها عملياً إلى سلعة تستلزم المنافسة، وتغري بالحصول عليها!.
إنه، وعلى ضوء هذه الخلفية نحاول معالجة قضية الأرض في السودان وفي مشروع الجزيرة على وجه التحديد.
الأرض وملكيتها في السودان/
كانت ملكية الأرض في السودان، قبل ظهور الملكية الفردية والخاصة، ملكية عامة ومشاعية بين السكان الأصليين، إذا كان ذلك في دارفور او بين المجموعات النوبية في شمال السودان او في الوسط في مناطق الجبال او المناطق الأخرى، وكذلك كان الإستحواذ على خيراتها وريعها يأخذ شكلاً جماعياً هو الآخر، وربما كان ذلك مختلفاً عما هو معروفٌ من التشكيلات الإقتصادية الأخرى، "وإنما لغياب الملكية الفردية على الأرض، حيث الظروف الطبيعية، الجغرافية، والمناخية وإتساع مساحة الأرض والتركيبة القبلية، وسبل كسب العيش بالزراعة المطرية والرعي...ففي غياب الملكية الفردية على الأرض، يتخذ الإستحواذ على الفائض – أو على الريع – أشكالاً مغايرة للشكل المألوف في الإقطاع الكلاسيكي".( ) ولكن كل ذلك بالطبع كان قبل ظهور الدولة كنظام إقتصادي إجتماعي، ولو بشكلها البدائي، كتطور طبيعي في تاريخ السودان، وكتعبير عن التمايز الإجتماعي والطبقي الناتج عنه، والمصاحب له في آنٍ معاً.
إن أشكال الدولة في السودان، فيما قبل الحديثة، مثلتها الممالك والسلطنات التي شهدها تاريخه، مثل الممالك المسيحية كعلوة والمقرة وسوبا، والسلطنات الإسلامية مثل السلطنة الزرقاء او سلطنة الفونج، ثم مملكة وداي وسلطنة المسبعات وسلطنة الفور، وهي كلها شكل من أشكال الدولة التي وسمها التمايز الطبقي، وقد تجلى ذلك واضحاً، بل وكشفه بشكلٍ أوضح التطور الذي شهدته "ملكية الأرض" في إنتقالها من الشكل المشاعي إلى ظهور شكل الملكية الفردية، "ومن الملاحظ أن قيام السلطنات قد أدى إلى المزيد من الإتجاه إلى الملكية الفردية، وهو أمرٌ نابعٌ من تأمين طرق التجارة، وبالتالي الإنتفاع تجارياً من الزراعة الواسعة وظهور طبقات من رجال الدين إتجهت لإمتلاك مساحات واسعة من الأرض. ومن هنا عرف السودانيون نظام الحواكير والإقطاعيات التي يتقاسم فيها المالك والمزارع المحصول. وقد لوحظ أيضاً أن إقطاع الأرض لرجال الدين من قبل السلاطين وحكام المقاطعات قد أصبح أمراً شائعاً في النصف الثاني من عصر الفونج، ومع أن الدوافع المعلنة في وثائق التمليك والتصدق دائماً هي الرغبة في ثواب الآخرة، إلا أن المضمون الحقيقي لمثل هذا التصرف واضح، وهو ظهور رجال الدين في المجتمع السوداني كقوة إجتماعية وسياسية يدين لها العامة بالولاء، وبالتالي فإن إسترضاء هذه الطبقة من قِبل الحكام قد أصبح إجراء لابد منه، إنه لعكس القوة السياسية المستمدة من الدين".( )
إن خاتمة الإقتطاف، حول رجال الدين وموقعهم، تمثل ملاحظة عميقة وفي غاية الأهمية ، بالرغم من حقيقة أن رجال الدين ليسوا طبقة وإنما هم شريحة من طبقة ملاك الأرض. إن عمق الملاحظة وأهميتها يكمنان في حقيقة إستمرار دور رجال الدين ليس كقوى إجتماعية وسياسية فحسب وإنما كقوة إقتصادية ومهيمنة حتى يومنا هذا!. ففي ظل نظام الدولة الثيوقراطية التي أقامتها قوى الإسلام السياسي في السودان، مثلاً، أصبح رجال الدين هم قوام طبقة الرأسمالية الطفيلية المسيطرة اليوم، إقتصادياً وإجتماعياً وسياسياً.
وخشي أن يؤدي إختلاط عماله بهم، إلى دخول "بهجة الدنيا عليهم فلا يستنفرونهم للجهاد" و"يتعطل الدين" بسبب ذلك.( )
إن ظهور الدولة الحديثة في السودان جاء مع بدايات القرن التاسع عشر، وهو مرتبط لحدٍ كبير بظهور الدولة التي أسسها الإستعمار التركي- المصري فيما بين 1821- 1885. وفيما يخص الأرض، فإن حداثة الدولة ظهرت بشكل واضحٍ في مجالي إدارة الدولة والنشاط الزراعي على وجهٍ أخص، حيث تمَّ إستقدام المحاصيل النقدية، الذي تبعه ظهور السوق القائم على التبادل والتوزيع على اسس جديدة وحديثة، ومن ثم ربط السودان بالسوق الرأسمالي العالمي. إن الذي كان سائداً حول ملكية الأرض إبان هذه الحقبة من الحكم هو إعتبار أن "كل الارضي التي لا تزرع عن طريق الري بالساقية او الجرف ارضاً حكومية (ميري)".( ) ولكن، صدور ما عرف بــــ"اللائحة السعيدية للأطيان" في عام 1857 شكَّلَ ودشَّنَ أول تقنين للأرض في ظل نظام ذلك الحكم، ولربما في تاريخ السودان الحديث، ومن ضمن ما نصت عليه تلك اللائحة هو، "أن المزارع الذي يترك أرضه بدون زراعة ثلاث سنوات يسقط حقه فيها حسب الشريعة، ويمكن مدها لسنتين إضافيتين حسب ما يجيزه العرف. وعليه كل منْ يضع يده على أرض لمدة خمس سنوات وأكثر ويدفع ضريبتها للحكومة فلا تنزع ولا تسمع فيها اي دعوى. وتهدف هذه اللائحة وما تبعها من مراسم، إلى تشجيع زراعة الأراضي التي هرب أصحابها من جراء عسف النظام الضريبي".( )

.........يتبع...............



#صديق_عبد_الهادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعض قضايا الإقتصاد السياسي لمشروع الجزيرة الزراعي في السودان ...
- بعض قضايا الإقتصاد السياسي لمشروع الجزيرة الزراعي في السودان ...
- بعض قضايا الإقتصاد السياسي لمشروع الجزيرة الزراعي في السودان ...
- بعض قضايا الإقتصاد السياسي لمشروع الجزيرة الزراعي في السودان
- مئتا عام على ميلاد المفكر كارل ماركس
- -يوم الأرض-....هذا الشعار الخطر!
- مشروع الجزيرة والرأسمالية الطفيلية الإسلامية الرثة (رطاس)
- وداعاً...ايتها الشيوعية العزيزة ... في وداع فاطمة أحمد إبراه ...
- 150 عاماً على نشر كتاب رأس المال لمؤلفه المفكر كارل ماركس


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صديق عبد الهادي - بعض قضايا الإقتصاد السياسي لمشروع الجزيرة والمناقل الزراعي