أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميثم الجنابي - الأحزاب السياسية الشيعية : من ظلال الروح إلى ضلال العقل الوطني(2-3)















المزيد.....

الأحزاب السياسية الشيعية : من ظلال الروح إلى ضلال العقل الوطني(2-3)


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 6508 - 2020 / 3 / 8 - 23:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في نقد تقاليد وهوية الأحزاب السياسية في العراق(6)

إن تأمل تاريخ ظهور ومسار الأحزاب السياسية الشيعية في العراق يكشف عن طبيعة الاختلاف بين نمطين في الموقف من علاقة الإسلام بالدولة. ولا يرتقي هذا الاختلاف إلى مصاف الرؤية السياسية فحسب، بل وله أسسه الوطنية والقومية الأخرى. بمعنى أن الوعي الشيعي العراقي يسعى لتأسيس فكرته عن النظام السياسي انطلاقا من تجاربه الخاصة، بوصفه اجتهادا خاصا. ومن ثم تمتعه باستقلالية تامة بهذا الصدد. إذ تهدف هذه الفكرة إلى تفنيد مواقف السلطات السياسية، التي جعلت من اتهام العراقيين الشيعة بانتمائهم لإيران وفارس وسيلة وأسلوبا للاستحواذ على السلطة والاستفراد بها. من هنا توكيد الوثيقة على أن العراق حسب تصور الشيعة هو «جزء من الوطن العربي الكبير. وشيعة العراق في غالبيتهم عرب اقحاح تربطهم بالأمة العربية في أجزاء الوطن الأخرى مشاعر، ولغة، وآداب، وأعراق، لا يربط شيء منها بشيعة إيران. وإذ كان الإسلام الشيعي قد صاغ شخصية الفرد العراقي ومجتمعه، فإن (العروبة) شريكة هذا الإسلام في صياغة هذه الشخصية سواء في الفرد أو المجتمع». وجرى مد هذه الفكرة إلى أبعاد جيوسياسية قومية، عندما جرى التأكيد على أن شيعة العراق عرب، شأن كل عرب الدول العربية والخليج. وجرى وضع ذلك بعبارة «نحن منهم وهم منا وكلنا عرب مسلمون نشاركهم ويشاركوننا في الهمّ العربي الواحد في جميع الظروف والأدوار»، و«نحن وهم، بعد ذلك كله، أجزاء من هذا الوطن العربي الكبير نفرح لفرحهم ونحزن لحزنهم». غير أن العروبة الشيعية هي من طراز آخر، تتمثل حقيقتها التاريخية المتربية بتقاليد الإسلام ومبادئه الكونية المتسامية. من هنا تأكيد الوثيقة على شراكة الإسلام والعروبة في الرؤية الشيعية الجديدة تجاه الوطنية والقومية والدولة. فالعروبة، كما تقول الوثيقة، من حيث «لغتها وآدابها وأعراقها وواقع الصلة بين أقطارها، شريكة هذا الإسلام. فمع صياغة المجتمع العراقي، وهي عدله في بناء تقاليده وأعرافه، فهل يكون غريبا أن نجعل من العروبة أساسا آخر لبناء دولتنا الحديثة». غير أن «هذه (العروبة) ليست هي (القومية) الضيقة التي تبناها ومارسها بعض المتسلطين على الشعب العراقي» التي أدت إلى إنتاج حروب دموية ضد الأكراد وغيرهم. على العكس من ذلك أن عروبة الشيعة «هي ذلك الجسد الذي كان الإسلام روحه، تتسع لكل ما يتسع له الإسلام من أخوة وتسامح وباستطاعتها أن تحمي لغات شركائنا في هذا الوطن وثقافاتهم وحقوقهم القومية بالقوة نفسها التي تحمي بها العروبة لغتها وثقافتها وحقوق أبنائها». ذلك يعني أنها قومية تستكمل الرؤية الثقافية عن الإسلام. ومن ثم خلوها من كل رؤية عرقية أو عنصرية ضيقة. بمعنى أنها ترتقي إلى مستوى تمثل حقيقة الإسلام وأفكاره الكونية.
وشكلت هذه الأفكار مقدمة الرؤية السياسية بصدد النظام السياسي البديل، الذي جرى ربطه بفكرة الديمقراطية. حيث جرى اعتبار الديمقراطية «النموذج الأمثل لنظام الدولة المعاصرة». انطلاقا من أنها «الكفيلة بحل كل مشكلاتنا الطائفية والعنصرية، ولا يمكن لأية فئة سياسية إسلامية كانت أو قومية، أن تطبق برامجها المطلوبة دون الوصول إليها من طريق الديمقراطية والغالبية البرلمانية». ذلك يعني أن نموذج الرؤية الشيعية الجديدة يقوم في ربط إرادة السلطة بالانتخاب السياسي المباشر عن طريق صناديق الاقتراع. ومن ثم نبذ العنف. أما الحصيلة المكثفة لمواقفهم بهذا الصدد فتقوم في «قيام دولة إسلامية عربية ديمقراطية تحفظ هذا الوطن، بعربه وكرده وأقلياته الأخرى، وبمسلميه ومسيحييه، وسنته وشيعته، وراديكالييه ومحافظيه»، دولة مسالمة تحفظ «الحد الأدنى من قيمه الاجتماعية والروحية»، و«تستوعب متطلبات المعاصرة»، أي الدولة التي لا تغترب عن «قيم الأصالة» وتقوم في الوقت نفسه على ثلاثية «الإسلام، والعروبة، والديمقراطية، بحيث تتمازج هذه الأسس الثلاثة وتنفي عنها ما حمّلتها إياه بعض الظروف الاستثنائية من حدة وتصلّب».
وجدت دراما «التكتل الشيعي» انعكاسها النموذجي في مفارقة الانغلاق الداخلي والانفتاح الخارجي. وهي مفارقة لم تكن معزولة عن حجم الضغوط والإكراه الدكتاتوري، الذي اجبر الجميع على البحث عن مخارج لم تكن مطروحة في برامج الأحزاب السياسية. ومن ثم جرى إجبار الجميع على البحث عن قوى «مساعدة» و«مساندة». مما جعل من «أعداء الأمس» «أصدقاء اليوم» و«حلفاء المستقبل». وهي مفارقة لها أثرها بالنسبة لعقلنة الرؤية السياسة وحصرها ضمن معايير النفعية الواقعية. وليس مصادفة أن نعثر في الوثيقة الآنفة الذكر على تحديد لأولوية الموقف الشيعي الجديد من الولايات المتحدة الأمريكية وانجلترا والغرب عموما. إذ نعثر فيها على تقييم موضوعي لتاريخ العلاقة بالانجليز وما اقترفوه من «خيانة» تاريخية بحق الشيعة في بداية القرن العشرين، كما تقول الوثيقة. بينما تقول الشيعة، بان الولايات المتحدة ينبغي أن تعيد النظر بما اقترفته من جريمة سياسية بحقهم بعد إعطاءهم الضوء الأخضر بقمع انتفاضة عام 1991. وهي أيضا خيانة تكرر ما قام به الانجليز في بداية القرن العشرين، أي كل ما أدى إلى سقوط صورة الولايات المتحدة إلى الحضيض بنظر الشيعة. من هنا لا طريق لتعويضها بالنسبة للعراق سوى غسل هذا العار السياسي والأخلاقي عبر تقديم بديل يقابله وينفيه. من هنا مطلب الشيعة الجديد بإرجاع الولايات المتحدة إلى ساحة الدعم المادي والمعنوي الفعال للانتفاضة المختفية تحت رماد الخراب الذي أحدثته الدكتاتورية في قمعها لانتفاضة 1991. وبدون ذلك سوف يبقى «صوت الحقد في نفوس الشيعة» الذي لا يمكن تحويله إلى نغم وجداني إلا عبر ما كانوا يأملون من أميركا وحلفائها« ألا وهو دعم الانتفاضة الشعبية التي لم تمت في واقع الأمر» و«إدانة ما ارتكبه النظام الديكتاتوري ضد أبناء الشعب العراقي وضد المرجعية الدينية» وأخيرا «مدّ جسور الصلة والتفاهم بين ممثلي المرجعية الشيعية ودول التحالف لإسقاط النظام وصوغ المستقبل الذي يريده العراقيون لبلدهم».
إننا نرى هنا بروز واضح لفكرة التكتل الشيعي ووعيه الذاتي بالضد من السلطة، بما في ذلك بمعايير الموقف السياسي من التاريخ العراقي الحديث. إضافة إلى بروز التمثيل الشيعي «المتسامي» من خلال إرجاع صوت الحقد الكامن فيهم ووعيهم السياسي وإرادتهم الأخلاقية ورؤيتهم للبدائل إلى «ممثلي المرجعية الشيعية» بوصفها القوة التي يمكنها الحديث باسمهم مع الداخل والخارج فيما يتعلق بالمستقبل. وفي هذا يكمن مضمون التحول الهائل في صيرورة الأحزاب السياسية الشيعية، الذي بلغ ذروته فيما أسميته بالتكتل الشيعي، كما ظهر بوضوح وجلاء تام بعد عقد من الزمن فيما يسمى بوثيقة (إعلان الشيعة) الشهير. وهو إعلان عمم تجارب الشيعة، بغض النظر عن انتمائهم السياسية و الإيديولوجية منذ تأسيس الدولة الحديثة حتى نهاية القرن العشرين. وهي إعادة نظر نقدية بتاريخ الدولة والشيعة جعلت منها تجربة العقد الأخير من القرن العشرين وبالأخص بعد قمع الانتفاضة الشعبانية، ذات أبعاد تكوينية وتأسيسية جديدة.
فقد تحول العقد الأخير من القرن العشرين إلى ما يمكن دعوته بالعقد الأبدي الجديد الذي سنته الأحزاب الشيعية في موقفها من فكرة الدولة والمستقبل. وهو عقد تاريخي، جعل من نقد الماضي رصيد المستقبل. أما المستقبل فيقوم في بناء عراق جديد يذلل مرة واحدة والى الأبد فكرة الطائفية السياسية. وليس مصادفة أن تتراكم ما بين وثيقة 1991 و(إعلان الشيعة) عام 2002، أي في مجرى عشر سنوات العقد الجوهرية الجديدة للتكتل الشيعي حول قضايا الفكرة الطائفية والمستقبل السياسي للعراق. إذ تحولت القضية الطائفية إلى الهاجس الجوهري للوعي الشيعي السياسي، كما أصبحت مشكلته الجوهرية، ومشكلة نظامه السياسي، وأخيرا مشكلة المستقبل.
ذلك يعني إننا نقف أمام أربع قضايا جوهرية هي قضايا تراكم الوعي الشيعي الذاتي في ميدان الموقف من النفس والتاريخ والنظام السياسي والمستقبل. أما الرابط الفعلي لها جميعا فهي القضية الطائفية.
إذ نلمس تحول القضية الطائفية إلى الهاجس الجوهري للوعي الشيعي السياسي في كل الوثائق التي جرت الموافقة عليها بين الكتل والأحزاب والقوى السياسية المعارضة للدكتاتورية الصدامية. ففي ميثاق العمل الوطني المشترك المنعقد في دمشق نهاية 1990 نعثر عليها ضمن المطالب الأساسية لحركة المعارضة، كما هو الحال في الفقرة المطالبة «بإنهاء ممارسة الاضطهاد الديني والمذهبي» وكذلك «إلغاء سياسة التمييز الطائفي ضد الغالبية من أبناء شعبنا العراقي وتثبيت ذلك دستوريا». بل ونعثر في هذا الميثاق أيضا على عبارة تدرج ضمن تحقيق الحريات الديمقراطية العامة «حرية الشعائر الدينية والمذهبية». وأخذت هذه المواقف بالتحدد جغرافيا وسكانيا بعد الأحداث المأساوية التي رافقت فشل انتفاضة عام 1991. ففي البيان الختامي الصادر عن الاجتماع الموسع للجمعية الوطنية العراقية المؤتمر الوطني العراقي الموحد عام 1992 نعثر على العبارة التالية: «وبقلق بالغ تناولوا محاولات النظام لتغيير الطابع الديموغرافي لمنطقة الاهوار وتجفيف مياهها وحرمان السكان من مصادر العيش والرزق»، وعبارة «الوضع المأساوي الخطير وبخاصة جنوب الوطن وفي الاهوار». وجرى تحويل هذه الحالة إلى مطلب سياسي يسعى لسحب المنطقة من السيطرة المباشرة للدكتاتورية الصدامية. فقد تعاملت الأخيرة مع «الجنوب» كما لو أنها منطقة محتلة. من هنا مطلب دفع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 688 بحيث يمكن تحويل المنطقة الجنوبية من العراق إلى (منطقة آمنة) وبحماية دولية. كما شمل البيان الختامي على ثلاث أحكام ومواقف تسير في اتجاه الكشف عن نمو الرؤية السياسية الجديدة عند الأحزاب الشيعية بصدد الهاجس الطائفي المتحكم في سياسة السلطة الدكتاتورية. إذ نعثر في البيان الختامي على إشارة واضحة لما اسماه «بالاضطهاد والتمييز الذي تتعرض له الأغلبية العربية الشيعية» و«التجاوز على تراثها وقيمها وشعائرها فضلا عن الاعتداء على مرجعيتها» وأخيرا «الاعتداء على العتبات المقدسة في النجف الأشرف وكربلاء». أما في وثيقة البيان السياسي لمؤتمر المعارضة العراقية المنعقد في لندن بنهاية عام 2002 ، فإننا نعثر على هذا الهاجس في موقعين بارزين، الأول وهو الذي يطالب «بضرورة إشراك جميع مكونات الشعب العراقي من المسلمين الشيعة والسنة في صنع القرار السياسي»، والثاني فيما اسماه بالحرف الواضح «المسألة الطائفية وتصفية آثارها»، حيث نعثر على عبارة تتحدث عن «تعرض الشيعة في العراق» إضافة إلى الطوائف الأخرى، وعلى امتداد عقود طويلة وبالأخص في ظل الدكتاتورية الصدامية «إلى الاضطهاد والتعسف والعزل شمل حقوقهم المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والمذهبية». ونعثر على هذه الأفكار والمواقف بوضوح أتم في آخر وثيقة مشتركة مع قوى المعارضة قبيل سقوط السلطة الصدامية. ففي البلاغ الختامي للاجتماع الأول للجنة التنسيق والمتابعة للمعارضة العراقية المنعقد في صلاح الدين في بداية عام 2003 نرى تصوير العراق، باعتباره «ارض المقدسات وفيه مراقد الأئمة والصحابة الأطهار». وان عراق المستقبل يفترض في مرحلته الانتقالية «تمهيد الطريق للانتقال إلى الحياة البرلمانية والتقاليد الدستورية في ظل عراق يحترم القيم الإسلامية والشعائر الدينية والمذهبية». وأن «النظام القادم هو نظام العفو والتسامح والتصالح وإنهاء كل أشكال التمييز الطائفي»، وان «عراق المستقبل هو عراق لكل العراقيين بشيعتهم وسنتهم» وانه «عراق لكل العراقيين، لا لطائفة».
والشيء نفسه يمكن قوله عن تحول المشكلة الطائفية في الوعي السياسي الشيعي الجديد إلى القضية الجوهرية والمشكلة السياسية الكبرى والمهمة الأولوية بالنسبة للتحليل والمواقف. لهذا نراها تبرز بوضوح مع كل خطوة كانت تخطوها الأحزاب السياسية الشيعية في مواقفها البرنامجية والسياسية. ففي وثيقة البيان السياسي لمؤتمر المعارضة العراقية في لندن نهاية عام 2002، نعثر على حجم المشكلة التي جعلت من الشيعة كيانا خارجا عن العراقية والهوية العربية في الرؤية الطائفية للنظام الصدامي. من هنا تقرير الوثيقة لممارسة السلطة الدكتاتورية ضد الشيعة بالشكل الذي بلغ ذروته في واقع «التشكيك بانتماء الشيعة العرب العراقيين لامتداداتهم العربية وبلدهم العراق».
كل ذلك جعل من القضية الطائفية مشكلة النظام السياسي كما هو. وتهذبت هذه الفكرة واتخذت صيغتها الجلية في مجرى عقد من الزمن. ففي البيان الختامي الصادر عن الاجتماع الموسع للجمعية الوطنية العراقية للمؤتمر الوطني العراقي الموحد عام 1992 نقرأ الفقرة التي تقر بأنه «لا سبيل لوضع حد للتمييز والاضطهاد الطائفي وبالتالي للقضاء على الطائفية السياسية إلا بالقضاء على النظام القائم» انطلاقا من انه نظام مغترب عن الجميع، بمعنى انه لا ينبغي إرجاعه إلى أية طائفة لكونه «معاد للشعب كل الشعب»، بينما نعثر في وثيقة البيان السياسي لمؤتمر المعارضة العراقية المنعقد في لندن نهاية عام 2002، أي بعد عشرة أعوام تقريبا، دعوة مدققة فيما يتعلق بطبيعة ونوعية الطائفية السياسية للنظام، بوصفها طائفية موجهة ضد الشيعة. من هنا دعوة «المؤتمر التي تجميد ثم إلغاء الطائفية الموجهة ضد الشيعة».
لقد حدد تراكم الوعي السياسي في «التكتل الشيعي» من قضية الطائفية السياسية تحولها اللاحق إلى قضية المستقبل. بمعنى ربط مستقبل العراق ومستقبل النظام السياسي ومستقبل الحلول العامة على كافة المستويات بمهمة إلغاء الطائفية السياسية. ووجدت هذه المهمة تعبيرها السياسي الواضح ومشروعها الاستراتيجي في (إعلان الشيعة) الصادر عام 2002. فقد عمم هذا الإعلان المستويات الأربعة الآنفة الذكر للمشكلة الطائفية ولكن من خلال تقييم نقدي لتاريخ الدولة والسلطة والطوائف والقومية والنفس. وبهذا يشكل هذا الإعلان ذروة التكتل الشيعي ومضمون التحول العام والخاص في الأحزاب الشيعية السياسية قبيل سقوط الدكتاتورية الصدامية.
ينطلق (إعلان الشيعة) من أن الطائفية في العراق ليست فكرة مجردة. ومن ثم هي ليست هاجسا جزئيا، بل واقعا شاملا لحياة العراق على كافة المستويات، بدأ من السلطة وانتهاء بأبسط مقومات العيش المشترك. ومع أن هذه الطائفية التي جسدها النظام السياسي على امتداد عقود طويلة، بدأ من تاريخ إنشاء الدولة الحديثة، لم تكن اجتماعية المضمون، إلا أنها أخذت تسير أيضا بهذا الاتجاه، مما جعل منها «منظومة» وجود السلطة وآلية فعلها.
فعندما نلقي نظرة على واقع الدولة الحديثة بصيغتها الدستورية منذ 1921 وتنظيم شؤونها الدستورية والإدارية، فإننا نرى نزوعا واضحا ومتراكما للنزعة الطائفية للسلطات، بحيث تحولت «إلى منهج ثابت يحكم الحياة السياسية والاجتماعية في العراق». وهي ظاهرة لم تكن غائبة عن أعين رجال الدولة، أي أولئك الذين وضعوا مهمة بناء الدولة على أسس الوطنية السليمة من خلال مشاركة الجميع في إدارة شئونها الخاصة والعامة. إذ «تنبه عدد من زعماء العراق إلى خطورة النهج الطائفي وسياسة الاضطهاد المعتمدة من قبل السلطات، وقدروا آثارها السلبية على الواقع العراقي» كما يقول الإعلان. بل أنهم قدموا مبادرات ومشاريع رائدة تهدف إلى معالجة هذه المشكلة، كما نراها في مبادرة الملك فيصل الأول إلى الوزراء في عام 1932، وكذلك مبادرة الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء، والشيخ محمد رضا الشبيبي إلى عبد السلام عارف عام 1964. لكنها لم تجد آذان صاغية. بل على العكس من ذلك، إننا نعثر على إهمال متعمد وتجاهل يشير بدوره إلى وجود نهج سياسي بهذا الصدد. وذلك لأنه يتجاهل ما لهذا الخلل الفعلي في إدارة شئون الدولة من تمزيق للنسيج الاجتماعي والوطني. ومن ثم فهو يعبر عن رؤية خاصة ومصالح أنانية ضيقة. وهي رؤية وضعتها، السياسة الاستعمارية البريطانية المستندة بدورها إلى تقاليد السيطرة التركية العثمانية (السنيّة)، كما يقول (الإعلان) (يتبع....)



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأحزاب السياسية الشيعية : من ظلال الروح إلى ضلال العقل الوط ...
- الأحزاب السياسية الشيعية : من ظلال الروح إلى ضلال الطائفية
- الاحزب القومية الكردية: تحزب العرقية الضيق
- صعود الأحزاب العرقية (الكردية) واندثار الأبعاد العراقية
- اندثار الأحزاب التقليدية وموت الراديكالية الدنيوية
- شخصيات الخوارج الكبرى(3)
- شخصيات الخوارج الكبرى(2)
- شخصيات الخوارج الكبرى(1)
- حقيقة الخوارج وإرادة التحدي الإنساني(3)
- حقيقة الخوارج وإرادة التحدي الإنساني(2)
- حقيقة الخوارج وإرادة التحدي الإنساني(1)
- النبوة في تقاليد الإسلام والكلام(3)
- النبوة في تقاليد الإسلام والكلام(2)
- النبوة في تقاليد الإسلام والكلام(1)
- وحدة العقل والنقل في فلسفة الغزالي(2-2)
- وحدة العقل والنقل في فلسفة الغزالي
- صيرورة الاعتدال الفكري في الثقافة الفلسفية الإسلامية(3)
- صيرورة الاعتدال الفكري في الثقافة الفلسفية الإسلامية(2)
- صيرورة الاعتدال الفكري في الثقافة الفلسفية الإسلامية(1)
- البحث عن الروح الإنساني في الثقافة الإسلامية(2-2)


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميثم الجنابي - الأحزاب السياسية الشيعية : من ظلال الروح إلى ضلال العقل الوطني(2-3)