|
التربيةُ -المُنخَفِضَةُ- والتعليمُ -العالي- في العراق
عماد عبد اللطيف سالم
الحوار المتمدن-العدد: 6507 - 2020 / 3 / 6 - 20:46
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
الكثيرُ من طلبةِ كُلّياتنا القادمونَ توّاً من الإعداديّة ، يُمَزّقونَ الجغرافيا الأرضيّة إرَباً ، ويُمَزِّقونَ معها التاريخ. هذهِ نماذجُ من أجوبتهم في امتحان مادّة اللغة الإنجليزية . طالِبٌ عراقيٌّ لا يعرِفُ إلى أيِّ بلدٍ تنتمي مدينةٌ إسمها ميسان ، ولا في أيّ بلدٍ تقعُ تلكَ المدينةِ التي إسمها كركوك. أُنظروا إلى بقيّة النماذج ، وأحكموا بانفسكم. ينطبقُ هذا الوضعُ"المعرفيُّ" على جميع المواد الدراسيّة دون استثناء. أقومُ شخصيّاً ، ومنذُ خمسةِ وعشرين عاماً دون انقطاع ، بتدريس طلبة المرحلة الجامعيّة الأولى ، وفي كُلَ عامٍ أرْصُدُ هذا التراجعَ المُريعَ لمستوى وعي "التلاميذ" على جميعِ الصُعُد. وفي السنواتِ الأخيرةِ إزدادتِ نسبةُ أولئكَ الذين لا يُحسِنونَ القراءةَ والكتابةَ ، ولا يُجيدونَ عملياتَ الحسابِ الأربعِ ، ولا يستطيعونَ بناءً جُملَةٍ واحدةِ صحيحةٍ ، لا كتابةً ولا مُحادثَةً ، ولا جواباً عن سؤال. تُرى ما الذي كانت تفعلَهُ وزارةُ التربيةُ بالضبط ، لخريجي الإعداديات "الضحايا" هؤلاء ، بكادرها التربوي والوظيفي الهائل ، والذي يصلُ إلى مايقرب من 700 ألف مُنتسِب ، يعملونَ في تشكيلاتها الإدارية والتعليمية في محافظات العراق كافة (ويُشَكّلونَ مع منتسبي وزارتي الدفاع والداخلية أكثر من نصف عدد الموظّفين في العراق ، ويتقاضونَ مع اقرانهم في تلك الوزارتين نصف تخصيصات الرواتب والاجور في الموازنة العامة للدولة) ؟؟. علينا أنْ نسألَ وزارة التربية عن أسبابِ هذا الهدرِ المُفزِعِ في الإمكاناتِ والموارد ، وعن هذا التخريبِ المُفجِعِ والمُمنهَجِ لعقولِ أبناءنا ، قبلَ أنْ نسألَ وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عن أسبابِ انحرافها عن معايير اليونسكو لجودة التعليم ، وعن التزامها بضوابط الجودةِ والإعتماديّة الدوليّة ، وعن ترتيبنا المُتدَنّي "جامعيّاً" ، مقابلَ جامعات غيرنا من الأممِ والشعوبِ والدُوَل. علينا أن نسألَ وزارة التربية عمّا قامت بتقديمهِ لتلاميذها طيلة 12 عاماً ،حاسمة وأساسيّة ، في تقرير مصيرهم المهني والعلمي.. قبلَ أن تقومَ بـ "ترحيلهم" إلى الكُليّاتِ والمعاهد ، ووضعهِم على ذِمّة وزارة التعليم العالي .. وقبلَ أنْ ترمي مسؤولية تعليمهم "العالي" في رقبة الجامعاتِ التي تُطاردها الآنَ جميعُ السكاكين : سكاكينُ الأهلِ ، وسكاكينُ المُجتمعِ المأزومِ والمُنقَسِمِ على نفسه ، وسكاكينُ الساسَة الفاشلينَ ، وسكاكينُ "البيئةِ" الطاردةِ والمُعاديةِ لكُلِّ عِلْمٍ وعالِمٍ و تعليم. لَمِ يتجاوز إجمالي عدد أيّام دوام طلبة الجامعات(في مدن وسط وجنوب العراق، بما في ذلك العاصمة بغداد) ، للعام الدراسي الحالي 2019 – 2020 ، حاجزَ الثلاثينَ يوماً (كمُعدّلٍ) منذُ بداية العام الدراسي (الذي كان من المُفتَرَضِ أن يبدأ في 1 / تشرين الأوّل/اكتوبر/ 2019، فإذا بهِ يبدأُ في 12 -1 - 2020 (. كان ذلكَ وضعاً استثنائياً مُرتبِطاً بتداعيات الإحتجاجات والتظاهرات .. ثُمّ جاءتْ عُطلةُ "كورونا" المفتوحة ، لُتضافَ إلى غيرها من عُطَلِنا المديداتِ "المفتوحات" .. وسيأتي بعدها تأجيلُ الإمتحاناتِ ، وحَذفِ "العُطْلاتِ" الربيعيّة والصيفيّة ، وسيأتي بعدها "تكريمُ" الطَلَبَةِ بركلاتِ الترجيحِ في "الدور الثالثِ" .. ثُمّ ينتهي كُلُّ ذلك بـ مكرمةِ "التحميلِ " العظيم. لصالحِ من .. يحدثُ كُلُّ هذا ؟ كيفَ يُمكِنُ أنْ تكونَ لنا "سياسةٌ"تعليميّةُ سليمةٌ ، في هذه الفوضى العارمة ؟ كيفَ يُمكِنُ أنْ يكونَ لنا تعليمٌ "عالي" المستوى ، بوجود نظامٍ تربويٍّ "مُنخَفِض" المستوى ، و"هابطِ" الإمكاناتِ إلى هذا الحَدّ ؟ هل بوسعِ رئيس مجلس الوزراء الجديد ، ومجلس الوزراء الجديد .. وهل بوسع أولئكَ الذين يُقاتِلونَ بعضهم بعضاً، وهُم يبحثونَ لهم (وليسَ لنا) منذُ خمسةِ أشهرٍ عِجافٍ ، عن رئيس وزراءٍ جديد لا يخرجُ عن طَوْعِهِم وطاعتهم ، أنْ يُجيبوا على أسئلةٍ كهذه .. قبل فوات الأوان ؟
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الطبقةُ السياسيّةُ في العراق وأنغِلاقُ الحَلَقاتِ المُميتة
-
إذا كنتَ تُريدُ أن تكونَ رئيسَ وزراءٍ ناجحٍ في العراق
-
تاريخُ الغيابِ الحديث
-
كحَبّةِ قمحٍ .. في فمِ نملة
-
عاصفة قُطبيّة
-
القلوبُ حمراء والدببةُ .. والدمُ أيضاً أحمرُ اللون
-
الديموقراطيّةُ العراقيّةُ والتَسَتُّر على العار
-
تُريدونَ تحريرَ فلسطين ؟ حرِّروا أدمغتكم أوّلاً
-
رومانس قصير الأجل
-
هناك هي القدس
-
سيحدثُ شيء .. سيحدثُ شيء
-
من تلقاءِ قلبي
-
مطرُ الوحشةِ .. في الفراغِ الطَلِق
-
المَلاك والتِنّين في إتّفاقاتِ العراقِ مع الصين
-
أنا أُحِبُّكِ جدّاً.. وتوجِعُني روحي
-
أتَعْرِفونَ متى .. يحدثُ هذا
-
تاريخُ الأشياءِ اليابسةِ .. الآن
-
كَمْ أحتاجُ إليك .. في هذهِ اللحظة
-
كُلُّنا .. لسنا بخير
-
في نهايةِ كُلّ عام
المزيد.....
-
رحلة -ملك العملات المشفرة-، من -الملياردير الأسطورة- إلى مئة
...
-
قتلى في هجوم إسرائيلي على حلب
-
مجلس الشعب السوري يرفع الحصانة القانونية عن أحد نوابه تمهيدا
...
-
تحذير عسكري إسرائيلي: إذا لم ينضم الحريديم للجيش فإن إسرائيل
...
-
السفير الروسي ردا على بايدن: بوتين لم يطلق أي تصريحات مهينة
...
-
بالفيديو.. صواريخ -حزب الله- اللبناني تضرب قوة عسكرية إسرائي
...
-
وزير الدفاع الكندي يشكو من نفاد مخزون بلاده من الذخيرة بسبب
...
-
مصر.. خطاب هام للرئيس السيسي بخصوص الفترة المقبلة يوم الثلاث
...
-
-أضاف ابناً وهميا سعوديا-.. القضاء الكويتي يحكم بحبس مواطن 3
...
-
-تلغراف- تكشف وجود متطرفين يقاتلون إلى جانب قوات كييف وتفاصي
...
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|