أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام جاسم - التجرد من الحواس















المزيد.....

التجرد من الحواس


حسام جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 6506 - 2020 / 3 / 4 - 11:51
المحور: الادب والفن
    


منذ الولادة انطلقت منه الصرخات لترد على صرخاته صرخات أعلى
كأن اليأس دار في الغرفه
سحب الروح من امه و بفتح فاه للدنيا فاحت امه بفاهها للاخرة
كتب في قيد الولادة بأسم مستعار في مكان ما يسمى البوابه الشرقية
مع تمدد اقدامه نحو الزحف قامت بوادر الترحيل لمنطقته بما يعرف بمعركة الزحف الكبير
جرد من ملابسه و ترك عند الجيران بعدما علم الأقرباء باستشهاد والده
قام الجيران بالعنايه به ليس احساناً منهم بل ليعوض حياتهم بأسرة جديدة قوامها الإتباع و الاتباع .

في سن الخامسه فقد اعز ما يملك و جزء من سيادة جسدة
حرقت يداه تعذيباً بالاسيد لأنه حاول اكل الطعام خارج المطبخ
لم يترضي اب الأسرة الجديدة هذة الأفعال لذلك شوه معالمه الجغرافية و القى فيها الدمار
و مع دخوله للتعليم الابتدائي حاول فهم كلمات صعبه النطق لسانه لا يخرجها
عقله حلق حول السبورة و قطع الطبشور
نطقت نفسه بكلمة ( استعمار ) لفظ جزءها الآخير بحرف جديد و قال ( استعمال )
ضحك طلاب الصف و جلس هو خجلاً
لم يعبر عن شيء باللفظ تعابيره كانت داخلية بشكل مناجاة مكبوته و جبانه من مواجهه الأخطاء .
ترك الدراسه و هجر دفاتره الموسوسه بالحبر و الفشل و الاستهزاء
بدأ في سرقه مصارف المدن القديمة و تاجر بالعمله تحت شعار ( لا ضرر و لا ضرار ) و ( وفي أموالهم حق للسائل و المحروم )

كون لنفسه رصيد عالي من الأموال بسرعه البرق لكنه لم يتمكن من اخراجها خارج البوابه
تجمع شركائه حول مائدة العقوبات و فرضوا عليه قانون ( أنى لك هذا )
تجمدت ارصدته و هام على وجهه يرتسم الهيبه و الوقار و القوة المستعاره .
استطاع أن يعقد صفقه معهم بعدما اتم الثلاثين عاما
(ان يكون كشف الإسرار مقابل الطعام )
مع كل وجبه دسمه يكشف سراً من أسرار السلطة المالية
و يعري صفقاته و من معه
حينما ينسى يتذكر قضمه من فخذ الخروف و الديك الرومي و يسترسل بالسرد إلى أن باع ما لديه و لم تعد عنده معلومة واحده يستطيع أن يجلب بها طماطه او قطعة جبن عفن
أشارت نحوه أصابع الاتهام و تشكل مجلس إلادارة المالية ليقرر بأنه اعترف بنفسه على ذاته دون قيود
لذلك تنتقل العقوبات الى فعل ملموس تتمثل بالتخلص منه نهائيا و لكن على مراحل متعددة
علم من مصادرة الخاصه بأنه مطارد و عليه القاء القبض ليحاسب على القبض المالي السابق و جرائمة ضد الإنسانية و ضد الكون و ضد الالهه العليا ذات الأنا المنفعله
فكر في الهرب بعيدا لكنه رفض إهدار الكرامه و بدأ يقاوم عن طريق مقاومة شعبيه تنطلق من دارة لدار المشرعين
الامور تخرج عن السيطرة يتهدم منزله و يضطر للهرب فجراً
يبحثون عنه و خلفه و عن خيوط الإدلاء بمكانه او رؤيته من بعيد او قريب
يرصدون تحركاته مجدداً على بعد كيلومترات من المنزل القديم
يشهرون أسلحتهم فوق الأسطح المجاورة ينصبون له كميناً
يحاوطونه من أسفل و أعلى
تمطر السماء فجأة بالرصاص يستلقي على جسده المهشم يحبو نحو أحد الأركان الحجرية
تنقله سيارة إسعاف سوداء ليجد نفسه بلا ذراع و نص عين
تتناوب عليه الأيادي لتنقله من سرير إلى آخر يحيطة الأطباء لكنهم امام نتيجة حتميه الا وهي الاستغناء عن إحدى الاذراع و احدى العينيين
ينجو من الموت بغضبٌ حارق يستند على ممرضات الرداء الأسود
يبعد ذراعه السليم عن ملامسه مكان البتر و يحلم بالانتقام لكنه عاجز
و هل ينتقم العاجز الحائل بينه و بين الانتقام العجز الصامت

يحمل بطاقة قديمه لاحد ارقام الفقراء ممن ساعدهم في محنتهم في زمن ما
ارسل صوته لجماعته الأوفياء ليقيموا الدنيا و يزرعوا الفوضى في المدن المجاورة لمنزله و مكان اختباءه كي يتسنى له الهرب

الهروب شجاعة الهزيمة
تتجلى أمام ناظريه طرق المفخخات و طرق تطويقها لمكان الأعداء
و بلمسه مجنونه واحده انقلبت سيارته في ترعه الماء القذر و احترقت قدمه الأخرى و أثناء نقله للمشقى
قالوا له الأوفياء هذا ترحيب بسيط كي نتخلص منك
لكنه نجا بعد أن استغنى له الأطباء عن الكليه و بعض الأعضاء الجميلة التي طمع بها الدكتور المعالج و استخسرها فيه لأنه فاقد الكثير لماذا لا ناخذ منه أكثر
و بهذا الشعار
تمت قطع قدمه الأخرى و اخذت الكلى بالمقابل سراً للخارج

خرج على مقعد قديم مليء بالدماء الجافه المائله للون الورد الناشف
عندما ينام لا يحمل هم فقدانه لاقدامه السفلى بل ينظر لطرف الذراع الإيجابي الباقي لم يتم بتره رغم المعارك الطاحنه

استطاع بصعوبه ان يجد مكانا ليعيش فيه
مكان صغير شاركه فيه معدوم الحال صغير السن
تشارك معه في الاستجداء و قطعة الطعام الباهت

ناما معاً كجسدٌ واحد لم يسأل من فوق من او من تحت من
تتشابك الأجساد في الليل دون سؤال او استفسار
إلى أن جاء يوماً ليودعه في الغياب و الانتقال للتسول مع عصابه ملتزمة بالعدل و حمايه المشردين
صمت بشفاه مشقوقه و لم ينطق بحرف

احس في الليله الأولى بعد الغياب بالغربه لم يدرك هذا الشعور سابقاً كأنه يخبره بالوحدة الباردة

حاول التأقلم و رتب رصيفه ليستعد للاستجداء
نسى و مرت ايام الشتاء و رحل صيف و بعده شتاء آخر
حل الخريف و جاءه من يخبرة بتقطيع جسد المودع شريكه السابق في التشرد
تقاطعت عصابات الشارع و رموا متسوليهم لتدمير وجه المدينه العام
أثناء التدافع على ملكية إحدى الشوارع دخلت بهم سيارة مفخخه حولتهم إلى أشلاء
و ترك الشريك السابق يلفظ انفاسه في دخان رماد الشارع العام

تسللت لديه الرغبه القديمه كأنها بعثت من جديد في جسده العاجز تحررت من بئر الخوف و انطلقت شراره النشوة لأخذ الانتقام السابق

و أثناء سيره نحو الدم قبض عليه و اودع بوسط نيران لا يعرف آخرها من اولها
نيران حرب طاحنه لا يعرف فيها أحد
لا صديق و لا عدو
عين واحده و يد واحده ماذا يفعل ؟
من جلبه هنا ؟
تذكر بان لدية اللسان صرخ برعب لكن صوت القصف العارم اقوى منه
تغلغل فيه أقدام الجنود يسحقونه على ظهرة أثناء الركض في ساحه القتال و تراب احذيتهم يتلقفها انفه
يزحف كي يبتعد عنهم
استطاع الإيواء لإحدى القرى الهادئة لا صخب فيها و لا عواء
واصل الزحف ليجد مجموعة من البشر شعورهم طويلة يحملون المناجل بيد و الجماجم بيد
صرخ ليهرب سحبوه و ضغطت اياديهم على الباقي من جسده لم يجدوا معه شيء يذكر
اخذوه لقائدهم الذي حكم به بأمر السماء بأنه جاسوس ينقل أخبارهم المتقدمة لخدمه الرعيه إلى العدو على الطرف الآخر من القرية
تقرر مجلس الحقوق والحريات بأنه عاجز و لا شيء فيه يقطع كما أمرت السماء
أحد القضاه قاطعهم قائلا الجزاء من جنس العمل لديه لسان فليقطع
و هكذا كان
تركوه ينزف و رحلوا عنه
تورمت ركبتاه من الزحف و دمه لم يتوقف بعد
شق القماش الرث من صدره و وضعه في فمه ليقطع الدم المسال

غفى و حلم بأنه سليم بجسد حر قوي لا يهزم كالالهه الأسطورية العظمى
صدق الحلم و راح يحرك جسده المقطع ليستفيق على الواقع المحلي

رغبه الانتقام لم تعد مهمه فلم يعد لديه شيئا ليخسرة
لذلك قرر شراء حزام ناسف يدمر به الأعداء و يدمر نفسه كعمليه استشهادية تطوق للجنه كما قال له والده الذي تبناه بان الشهادة في دار الظلم تحقق الجنه و الأرض يجب أن يرثها عبادي الصالحون و من هنا إلى يرثوها يجب أن تتطهر من الظلم و تلك مهمتنا التربويه
فكيف بمن سرق امواله و استباح جسده ؟!!!!

تلثم بنصف عين و اتجه نحو جموع الملابس السوداء ليدخل عليهم لكنه تفاجأ باسوار غالية و عالية لا تحدث صخباً و كأنه حشره تدخل الشق المرسوم لها كي تقتات لا ان تدهم الجدار
و حينما هم بالتراجع بركبتيه المسحوقه بقطع الكارتون المقوى لمحته مجاميع السلطه و تسابقوا ليجلبوه
رمى احدهم حبلاً غليظاً على رقبته و سحبه اليهم
جردوه من ملابسه ليجدوا حزام ناسف اسفله عضو بليد لا ينتصب
داعبه احدهم بالأصابع و ضحك الجميع
ربطوا يده الوحيدة السليمه على عنقه و تمدد الحبل ليسحبوه نحو جماهير الضفه الاخرى التي تتصارخ باسم الحرية والكرامة
قطعوا الحبل بقوة لينطلق بالتدحرج وسط جموع الجماهير و ينفجر باطلاقه خاطفه لمسيل الدموع من سلاح احدهم ذو الملابس السوداء .



#حسام_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سهد التهجير /3
- سهد التهجير /2
- سهد التهجير /1
- سعادة الخيال المعاصر
- الإنتاج الوطني و مقاومة الاستعمار
- باعدت بين ساقيها !!!
- أنه الفستان (عن قصة حقيقية بتصرف ادبي )
- على هامش انتفاضة تشرين الاصيله/1
- أسئلة الأطفال البديهية و سياسة القتل / 2
- أسئلة الأطفال البديهية و سياسة القتل
- طقطقة الكعب العالي
- الممتلكات العامه ليست عامه
- الإبداع بين تشوية السمعة و الدعوات الأصولية/5
- النقاب و الهوية الانسانية
- الإبداع بين تشوية السمعة و الدعوات الأصولية /4
- الابداع بين تشوية السمعة و الدعوات الاصولية /3
- احاديث دينية في سن السادسة
- الشمس تحدق في الزقاق
- حكاوي الموت و الطفولة .... هم ذاتهم !!!!
- ثقافة التطبيل و خطيئة حواء


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام جاسم - التجرد من الحواس