أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الكبير الداديسي - التشكيل في الثقافة العربية 2 - تناسل الدلالات بين النقطة والحرف في لوحات بوخبزة















المزيد.....

التشكيل في الثقافة العربية 2 - تناسل الدلالات بين النقطة والحرف في لوحات بوخبزة


الكبير الداديسي
ناقد وروائي

(Lekbir Eddadissi)


الحوار المتمدن-العدد: 6505 - 2020 / 3 / 3 - 18:54
المحور: الادب والفن
    


التشكيل في الثقافة العربية
2 - تناسل الدلالات بين النقطة والحرف في لوحات بوخبزة


ذ. الكبير الداديسي
كنا نود إرفاق المقال بلوحات لكن الخادم لا يسمح بذلك
أمام تعدد المدارس الفنية تبرز الزخرفة والخط العربي كاتجاه يفرّد التشكيل العربي ويميزه كتعبير عن أصالة متجذرة لصيقة بالوطن والجغرافيا والتاريخ والتقاليد العريقة إنهما بكل بساطة تعبير عن هوية من خلال من خلال المزاوجة بين الحرف واللون، وتجاوز للمدارس التشكيلية الكلاسيكية ..
عندما يقف المتلقي أمام لوحات الفنان/ الخطاط التونسي لطفي بوخبزة يقف مشدوها لهذه الأنامل كيف تضرب بالريشة لتبصم على الفراغ جمالاً. وتحيل الخط ضربا من العبادة تقطر صوفية، مما يحتم ضرورة سبر أغوار ذات المبدع الخطاط/ الفنان لمعرف كيف يحيل تلك الخطوط كشفا يعتمد فيه على قواعد خاصة تنطلق من التناسب بين الخط والنقطة والدائرة، وقواعد أخرى عامة تعتمدها مختلف الفنون التشكيلية المتمثلة في اللون والكتلة لتقدم لوحات لطفي بوخبزة عالما ديناميكيا، يعج حركة تجعل الخط يتهادى في رونق جمالي مستقل عن مضامينه، ومرتبط بها في ذات الآن.
وإذا كانت حروف العربية وحركاتها متعددة (تسعة وعشرون حرفا وثلاث حركات )، فإن ما يلفت انتباه متأمل اللوحات هو تركيز لطفي بوخبزة على حرف العين، وعلى النقطة والسكون، فهل من دلالة لحضور هذه الرموز في لوحاته؟
1- حرف العين رحم التشكيل البصري السمعي، ومنبع الخير في الثقافة العربية، فالعين يحيل مباشرة على المشاهدة و على ذلك العضو التفاعلي والمستقبل الحسي الذي يلتقط الأضواء التي تعكسها الأشياء، فلا قيمة للوحة لا تراها ولا تتذوق جمالها عين، والعين أيضا تحيل على الينبوع وتدفق المياه الجوفية إلى سطح الأرض، وفي ذلك إحالة على تدفق أحاسيس الفنان على وجه ثوب اللوحة. وفي اللغة العربية حرف العين - الحرف الثامن عشر في حروف الأبجدية العربية - والحاضر في لوحات لطفي بوخبزة جعله الخليل بن أحمد الفراهيدي أول الحروف وعليه سمى معجمه الشهير ب"معجم العين" كأول معجمي عام في اللغة العربية قال فيه ابن مندور في لسان العرب : (وجد العين أَقصاها في الحلق وأَدخلها، فجعل أَوّل الكتاب العينَ) وقياس على ذلك نقول وجد لطفي حرف العين (ع) أطيع الحروف فجعلها واجهة لوحاته. ووصفها الأزهري في التهذيب قائلا (أَما العين فأَنْصَعُ الحروف جَرْساً وأَلذُّها سَماعاً) ونحن نراها في لوحات لطفي أكثر الحروف جمالا، بل يكاد يختصر الفنان بلمساته في حرف العين حضارة وثقافة أمة بكاملها، ذلك أن تشكيل حرف العين يحمل خصوصية الأقواس والقباب والعقود التي تشكل جوهر العمارة العربية الإسلامية، فتحمل كل انحناءة - تقعيرا أو تحديبا في حرف العين- المشاهد إلى عوالم الزخرفة والمنمنمات والتزاويق التي تتشابك فيها الخطوط والتوريقات لتتفرق في حيوية نابضة وفق نسقية الجزيئات والوحدات المكونة للوحة، فتقوم اللوحة على علاقات رياضية قائمة على التساوي والتضاد والتوازي وحسن توزيع الألوان وجمالية استغلال الفراغ... وما يعطي رونقا للخط العربي في لوحات بوخبزة هو مرونة الحروف حتى لتكاد تستحيل أصواتا، وقدرة الفنان على تمديد وتكثيف وتطويع الحروف وتشكيلها بريشته العريضة حسب إرادته اعتمادا على حركة وإيقاع الريشة في دقة الثراء اللوني، برؤية تمتد أفقيا تارة و عموديا تارات أخرى، وبشكل يغيب فيه المنظور والاكتفاء بالخط واللون دون ظلال واضحة في تكسير اللون.

2- وتحضر النقطة بشكل واضح في لوحات لطفي، وفي أعماق النفس إحالات على نقطة البداية ونقطة النهاية لتختزل كل لوحة حكاية. وعلى الرغم من كون النقطة من أبسط عناصر التشكيل لأنها لا أبعاد لها (لا ارتفاع، لا عمق، لا عرض، ولا طول..) ولتدخلها في كل لمسة تشكيلية، فإن لطفي بوخبزة استخدمها بأشكال وأعداد مختلفة فرادى، مثنى وثُلاث، مبتعدا عن الشكل النمطي للنقطة، ومحافظا على شكل النقطة في الخط العربي (شكل المعين) نتيجة جرة قصيرة للريشة، لتغدو النقطة في الخط العربي وحدة قياس، واصل كل الخط، فما الخط إلا مجموعة نقط متصلة، بل إن اللوحة ليس سوى نقط متجانسة.
وأن اختلفت ألوان النقط في لوحات بوخبزة، تظل النقطة في لوحاته تعطي إحساسا بجمع المتناقضات (الظل والنور، التجسيم والعمق) ، كما كان بالإمكان أن تكون النقطة في نهاية خط، أو مركز عنصر، أو التقاء خطين، أو زاوية شكل لكن لطفي بوخبزة اختار لها أن تكون في شكل عائم في فضاءات مفتوحة باللوحات لتشكل مصدر جذب بصري، وتنبيه إدراكي، كما لو كانت كوكبا أو مجرة، وتعبيرا صادقا عن حرية لا قيود لها تنشدها كل لوحة. هكذا أضحت النقطة محور اللوحات مبنى ومعني، شكلا ولونا منها البداية وإليها النهاية، مركز الدائرة وجوهر المعرفة، بداية التكوين ونقطة التلاشي، ولما توضع على حرف تحمِّله ما لا يحتمل، فنقطة الباء بداية ونقطة النون نهاية، ونقطة ماء مصدر كل شيء حي، ونقطة دم ... هكذا تكسر النقطة في اللوحة كل ما يدعيه الرياضيون والمهندسون من كون النقطة لا تملك شكلا هندسيا لتصبح دلالاتها غير متناهية. وهذا هو جوهر الخلاف بين العلم الذي يكرس رأيا واحدا والفن الذي يشرع أبواب الممكن.
3- السكون: في معظم لوحات لطفي بوخبزة يحضر الحرف ، النقطة والسكون وتغيب الحركات (الضم، الفتح ، الكسر والتنوين)، وإذا بالنقطة تتمدد قليلا لتحدث تجويفا داخليا يرسم السكون بقوة، لدرجة لا تكاد لوحة تخلو منه، والسكون بخلاف النقطة فارغ الجوهر، وهو للحروف بمثابة الصفر للأرقام، لكن قبل اصطلاح العرب على شكل رسم السكون فوق الكلمات، كان اللغويون يكتبونه بطرق مختلفة، فكتبه سيبوبه(خ) فوق الحرف بمعنى (خف). ورسمه ، آخرون (م) أو (ج) اختصارا ل"اجزم" وجُعِل تارة (ح) اختصار ل"استرح" باعتبار الوقف استراحة قبل الاصطلاح على رسم السكون صفرا أو دائرة لا شيء فيها لتطابق الصورة الشكل، وكل تلك الحروف التي اتخذت رموزا تحمل نفس التجويف والتقعير الحاضر في اللوحات ( ح خ ج ع م) بحضور أو غياب النقطة
في لوحات لطفي غالبا ما يوضع السكون مقابلا للنقطة والحرف محور تماثل بينهما، فتكون النقطة كثلة ممتلئة تخرج منها خطوط مشعة خاصة النقطة المعين، ويكون السكون - باعتباره ليس صوتا لغويا، لا ينطق لا يسمع - صفرا،لا هو حرف صامت (consonant) ولا هو حرف صائت (Vowel) لتقدم اللوحة عالما مبنيا على التقابل، تتناسل منه المتقابلات التي تخرج من رحم الحركة والسكون، وما يعكس هذا التقابل هو الألوان المعتمدة في اللوحات، التي ألفيناها بلون الصمغ الجيد سحبته طويلة نظيفة دون تقطع أو التئام. بتدرجات تعكس حرفية الخطاط، ولوحات بألوان تراب الأرض وقد امتزجت الماء بالخضرة ،
هكذا تعكس تشكيلات بوخبزة أصالة فن يمتح من جذور التاريخ والهوية، لتقدم لمسات فنية تعج بالمتناقضات بين كثافة /سواد جوهر النقطة وبياض/ فراغ السكون ، وبين انتصاب الحرف ( Phonem ) حدا فاصلا بينهما، والحرف في اللغة الحد والطرف ، لكن هذا الحرف عندما ينعطف أو يتماها مع اللوحة ويشكل تجويفا يرسما عن قصد سكونا وفراغا ابيض سحقيا لا قعر له تختزل اللوحة كل الاحتمالات، وتتناسل منها التعابير والدلالات ، وتقف الحركات ، الخطوط، الحروف .... على حواف السكون منظرة سقوط النقطة لتعلن نهاية/ بداية التكوين



#الكبير_الداديسي (هاشتاغ)       Lekbir_Eddadissi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التشكيل في الإبداع العربي 1- مسرحية ديبليكاتا
- ليلة الإبداع الفلسطيني بآسفي
- العنف الرقمي والجريمة الإلكترونية في الوسط التعليمي
- نادي القلم المغربي يحتفي بأشوطة المطر
- نور في الظلام شريط سينمائي طويل لخولة بنعمر حول الإعاقة البص ...
- مرفولوجية الخرافة المغربية ( حكاية غلاب نموذجا )
- الملتقى الوطني للحكاية الشعبية
- الأساتذة المبدعون
- افتتاح مهرجان السينما والأدب بآسفي/المغرب
- مهرجان دولي يفتح اسفي على السينما والأدب
- -دموع الرمال- فيلم يكشف ما تعرض له المحتجزون المغاربة في مخي ...
- انتخابات تونس : دروس وعبر
- هل يحق للمغربي التخلي عن جنسيته قانونيا !!
- تحليل نص شعري
- لماذا فشلت وتفشل كل الثورات العربية؟؟
- تكوين وتحسيس الشباب بحقوق النساء
- ضبابية مواجهات الدور الثاني في كان 2019+ فيديو
- احتفاء بكاتبات وكتاب آسفي في ليلة رمضانية حالمة
- شعر نغم وتكريم في الخيمة الشعرية الرمضانية نادي القلم المغرب ...
- هكذا تكلم آدم ديوان للتونسي الأسعد الجميعي


المزيد.....




- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الكبير الداديسي - التشكيل في الثقافة العربية 2 - تناسل الدلالات بين النقطة والحرف في لوحات بوخبزة