أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إقبال الغربي - الشعبوية اليوم - العوامل و النتائج














المزيد.....

الشعبوية اليوم - العوامل و النتائج


إقبال الغربي

الحوار المتمدن-العدد: 6504 - 2020 / 3 / 2 - 18:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



د إقبال الغربي .

من الضروري اليوم توضيح بعض المفاهيم و المصطلحات السياسية و ذلك للحد من التضليل الإعلامي و الشعبوي و من الأباطيل الطائفية و الجهوية و المذهبية التي تهدف إلى تزييف الوعي التقدمي و طمسه في بلداننا .
الشعبوية هي حسب تعريف جون مولر مذهب في السياسة يرى أصحابه أن نخبا منحرفة، فاسدة وطفيلية، تتصدى على الدوام لشعب متجانس وواحد، نقي و طاهر أخلاقياً، وتنفصل النخب عن الشعب بجدار صيني إذ لا يوجد بينهما أي قاسم مشترك..

هناك العديد من العوامل الموضوعية التي أنتجت الشعبوية في بلداننا

العامل الأول هو أزمة المنظومة الرأسمالية
فالتنمية الاقتصادية في المركز أو في الأطراف لم تعد تعطي الرفاهية الموعودة بل هي تفرز عكسها و نقيضها من هشاشة اقتصادية و بطالة هيكلية و تلوث و تدمير للبيئة وأمراض نفسية وجسدية من ارق و قلق و انتحار . اقتصاد الحرب و التبذير يدمر اليوم موارد البشرية و ثرواتها و يصنع أسواقا اصطناعية تتعاظم مع تعاظم أزماته الخانقة . و تحولت هذه القطاعات الطفيلية إلى كيانات سرطانية تهدد حياة البشرية . فبورجوازيات العالم أنفقت سنة 2019 مقدار 1620 مليار اورو في التسلح حسب المعهد الدولي للبحوث حول السلام في ستكهولم .
و في هذا السياق تحولت الدولة الوطنية من صاحبة قرار و سيادة إلى مجرد جهاز إداري مهمته تسيير دواليب الإدارات العامة و تنفيذ قرارات الدوائر العالمية و خاصة رغبات المركب العسكري الصناعي المتعالي عن الدول و الأوطان . فالدولة التي تخلت عن وظائفها التنموية و الاجتماعية عاجزة عن تغيير الأوضاع السائدة و قادرة فقط على إدارة الأزمات و التعايش معها .
و أنتجت هذه المناخات المأزومة ما سماح الفيلسوف الايطالي جورجيو اغمببن "الإنسان المستباح ".
الإنسان المستباح هو الذي يصعب إدماجه في الآليات الديمقراطية التقليدية . فهو ذلك الكائن الذي تجرد من ثقل أبعاده السياسية من اعتراف و تمثيل و أصبح يعيش الحياة العارية . فهو على عتبة المجتمع ألسياسيي و القانوني و اختزل في وجوده البدائي المادي همه الوحيد إشباع حاجياته البيولوجية و البقاء على قيد الحياة . هذا الإنسان المستباح الذي فقد كل اليقينيات و السرديات المطمئنة من رفاهة مادية ومستقبل امن و آمال بالثورة و بالعدالة الاجتماعية و الذي عجزت التفسيرات العلمية عن منحه معنى لحياته سيكون أرضية خصبة و ضحية سهلة للخطابات الشعبوية . فهو يجسد انهيار الحياة الانسانية كميا و نوعيا في عصرنا .

العامل الثاني هو إفلاس الديمقراطية التمثيلية .
من جهة أخرى تعتبر أزمة و محدودية الديمقراطية التمثيلية من العوامل التي غذت الشعبوية
فقد بدت ملامح الأزمة في شيوع حالة من اغتراب الجماهير عن نخبها، وميلها إلى التعبير المباشر عن مشكلاتها، وهو ما تجلى في التحركات الاجتماعية الأخيرة في لبنان و العراق و الجزائر.

وهو ما عشناه في تونس بعد الثورة عندما انفصلت السلطة – سلطة التشريع و التنفيذ – عن الجماهير التي صنعتها لحظة إطاحتها بالنظام القديم و رسمها لمعالم عالم أفضل. بنكوص الجماهير و بتواريها عن الأنظار لصالح الطبقة السياسية المتخصصة في فن إدارة و حكم البشر، انحرفت الثورة إلى الردة و الأخلاق الثورية إلى المناورة و الماكيافالية. و تحولت السياسة من إدارة مصالح العباد إلى فن التنافس على السلطة و على الامتيازات. فاهترأت صورة السياسة والسياسيين وهو ما يفسر مصدر التشاؤم و انعدام الثقة السائد اليوم في قطاعات كبيرة من الشعب و استفحال القناعة باستحالة التغيير. لأن كل تغيير ما يلبث إلا أن يعود إلى خانة البدايات بعد وقت يقصر أو يطول....
وهو المأزق الذي عبر عنه الفيلسوف اغمبين مثلا ،عندما نصح شباب الثورة التونسية بـ"أن يتصوّروا دستورًا لا يكون مجرّد استنساخ على المنوال الأوروبيّ الذي يمر بأزمة حادّة حيث انتهى به الأمر إلى خنق كلّ حياة سياسيّة."
و نذكّر هنا بحجم عزوف الشارع التونسيّ عن الانتخابات الحرة و الشفافة ، حيث امتنع أكثر من 4 ملايين و100 ألف مواطن عن الإدلاء بأصواتهم من إجمالي أكثر من 7 ملايين، كانوا مسجّلين على قائمات الناخبين، وتقهقرت نسبة الإقبال بين المحطتين الانتخابيتين من 61.8% سنة 2014 إلى 41.3% سنة 2019

العامل الثالث هو أزمة المدرسة و هشاشة تكوينها .
من العوامل التي أنتجت الشعبوية أيضا نوعية التكوين و التعليم في بلداننا و التي لم تتمكن من غرس التفكير النقدي وخلق المناعة العقلانية.و في ظلّ هذه الهشاشة المعرفية لدى شبابنا، تتنامى الشعبوية و تتلاعب باحباطات الجماهير و بمخاوفها.
وفي هذا الصدد يؤكد لنا الفيلسوف ادغار موران على ضرورة تخصيص 10 بالمائة من الوقت الدراسي لفتح الاختصاصات على بعضها البعض و لدراسة العلاقات بين العلوم الصحيحة و الاجتماعية و الإنسانية و للحفر في القضايا المتشعبة التي تطرح نفسها على شبابنا من أزمة اقتصادية إلى تفكيك العولمة إلى مسالة القيم . هذا التكوين الشمولي و المتعدد الاختصاصات يمكن المتعلم من إدراك الكل لفهم الأجزاءو سيصالح بين المعارف و مشاكل الحياة الحقيقية للشباب . وهذا هو التعليم المنشود الذي سيرفع الحواجز بين المعارف و المواد وسيؤسس رؤى مركبة للواقع، فهو الذي يبني الفكر و الحس النقدي و يصنع تعليما عميقا و متماسكا، نافعا و غير نفعي.
وفي غياب هذا التعليم و في ظلّ هذه الهشاشة المعرفية لدى شبابنا، تتنامى الشعبوية و تتلاعب باحباطات الجماهير وبمخاوفها.

ففي هذه الحقبة التي يتسارع فيها التاريخ و تهتز فيها جميع الثوابت المطمئنة يتفشى الهوس الديني و الهذيانات الجماعية لدي الخائفين من الغد المجهول . فيركز الشعبويون على الخطاب التبسيطي الذي يثير الحماس ويلهب المشاعر و العواطف. كما يراهن الخطاب الشعبوي على البدائية و الغرائزية فيعتمد على الشحن الديني والجهوي . وهو ما يهدد اليوم العيش المشترك في بلدنا.



#إقبال_الغربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التقنيات النفسية لصناعة الارهاب مدرسة الرقاب أنموذجا
- أزمات التعليم في تونس و إدارة التوحش
- رمضان و حرية الضمير في تونس الثورة
- الارهاب يفجر المواخير في تونس ، من الضحية و من الجلاد
- لماذا تنتج الكليات العلمية في عالمنا العربي الإرهابيين? مقار ...
- مقاربة نفسية و اجتماعية لظاهرة الجهاد في تونس
- الشرعية -السحرية- أو اختطاف الديمقراطية.
- التحرش الجنسي ليس قضية جنسية بل هو مسالة سلطة و نفوذ
- الثورة التونسية بين الجهويات و العروشية
- الحقائق الخفية عن ثورة الحرية
- من يكترث لدم مسيحيي العراق و دموعهم في ارض الإسلام
- الاسلاموفوبيا :محنة و فرص
- التحرش الجنسي ضد المرأة :الإرهاب المخفي
- بشرى البشير و ردود الفعل السيكوباتية
- غزة ׃المأساة و اللعنة
- من روزا لكسمبورغ إلى نهلة حسين شالي مسلسل قتل النساء
- الاختلاف في الثقافة العربية الإسلامية: دراسة جندرية
- الفضاء الافتراضي للمرأة المسلمة : دراسة مضمون بعض المواقع ال ...
- في ذكرى 11 سبتمبر , العقل و اللاعقل
- الفتاوى الهاذية بين علم النفس و التراث الإسلامي


المزيد.....




- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة
- تمثل من قتلوا أو أسروا يوم السابع من أكتوبر.. مقاعد فارغة عل ...
- تنبأ فلكيوهم بوقت وقوعها وأحصوا ضحاياها بالملايين ولم تُحدث ...
- منظمة يهودية تطالب بإقالة قائد شرطة لندن بعد منع رئيسها من ا ...
- تحذيرات من -قرابين الفصح- العبري ودعوات لحماية المسجد الأقصى ...
- شاهد: مع حلول عيد الفصح.. اليهود المتدينون يحرقون الخبز المخ ...
- ماذا تعرف عن كتيبة -نتسيح يهودا- الموعودة بالعقوبات الأميركي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إقبال الغربي - الشعبوية اليوم - العوامل و النتائج